
من روائع الأديب الكاتب
الدكتور جمال محمد
===================
عندما شرعت في كتابة هذه السلسلة ( سلسلة القصص القرآني و واقعنا المعاصر ) , كان في الحسبان و كما هو مخطط ألا تزيد حلقاتها عن الأربع أو الخمس , و لكن ما ان أبحرت في بحر القرآن قابضا علي مجاديف الحفظ و القراءة و التدبر , حتي وجدت نفسي أغوص وسط كنوز من الآيات العظام , المبشرات و الكاشفات , و كأن القرآن أنزل الآن يتحدث عما نعانيه , بل و يشرحه تفصيلا يكشف الحقائق وزيف الأمور , و يشد من عضد الفئة المؤمنة المبتلاة , و يضع طريقا مضيئا ليله كنهاره مليئا بالأمل و البشريات , بل لا ينفك ارتباطه الوثيق بعاصرنا هذا و ما نعانيه من ألم و غصة حكاية و تفصيلا , ويرسم لنا حلولا تخرجنا من واقعنا الأليم .. الي واقع مليئ بالأمل و النصر و الفرح و التمكين , مما زاد من اليقين و الايمان بمعجزة القرآن الباقية الي قيام الساعة و لو كره المشركون .
حين وصلت الي سورة الفيل , دار بالخلد ذلك التساؤل , لماذا أفردت سورة كاملة لهذا الحدث الذي وقع قبل البعثة بأربعين عاما و هو عام مولد رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام علي أرجح الروايات ؟ وقصة أصحاب الفيل لم تذكر الا مرة واحدة مثل أصحاب الحجر و أصحاب الرس , و لم تذكر في سياق آيات أخري مثل ما سبقها : و أصحاب الفيل دمرناهم تدميرا , علي سبيل المثال … و لكنه عظم الحدث و العبرة منه و ما أحيط به من مواقف بعينها , خاصة موقف عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة و السلام , الي جانب أهمية بيت الله الحرام للفئة المؤمنة الي قيام الساعة و كونه قبلة و رمز لتلك الفئة و لكن ……
لقد أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة و السلام أن حرمة دم المسلم هي أشد حرمة عند الله من الكعبة و لئن نقضت حجرا حجرا , ذلك الدم الذي أريق علي سطح الكرة الأرضية من مشرقها الي مغربها بالآلاف المؤلفة , و في بلادنا علي مدي عقود , و خاصة في أيامنا هذه , لفئة مؤمنة حافظة للقرآن تتخذه منهجا , و لم تتحرك مشاعر المسلمين و هم يرون اخوانهم يبادون و يحرقون بل أعانوا من قتلهم و شردهم غير مبالين حتي بأبسط المشاعر الانسانية الفطرية .
و ما اريد قوله هنا و قاصدا ايصاله , أن الكعبة ( و التي أصبحت الآن قبلة و رمزا فقط للمسلمين ) هي رمز للاسلام الي قيام الساعة وبقاؤه , حتي يأذن الله بنقضها علي يد ذي السويقتين عندما لا يبقي علي الأرض مؤمن واحد , فبقاؤها مرهون ببقاء مؤمنين يعزونها و يجلونها , و مجرد بقاؤها لهو دليل علي وجود تلك الفئة علي وجه البسيطة مهما دار فيها القتل و الحرق و النفي و الاضطهاد , فتلك الفئة باقية بقاء الكعبة , بل و الروح التي تسري فيها لهي أعظم عند الله حرمة من الكعبة ذاتها , و التي أصبح وجودها يقيم الحجة علي من فرط في دينه و رضي بالضيم و الذل في دينه .
نعم و أكررها , فان بقاء الكعبة دليل علي انتصار الاسلام و الفئة المؤمنة الي قيام الساعة , ذكرنا الله بذلك في سورة الفيل , حتي نتيقن من وعد الله لعباده المؤمنين بالتصرة و الغلبة مهما ” انعدمت الأسباب ” , فللأسباب رب يسببها في حينها اذا انقطع الأمل من تلك الأسباب ( المقال الهام جدا : موسي و التسع آيات و التسريبات ).
وكما اجتمع أصحاب الفيل لهدم الكعبة ( الاسلام ), و اجتمعت الجزيرة العربية و اليهود حول الخندق , اجتمعت العلمانية مع الناصرية , مع النصرانية , مع الصليبية , مع الليبرالية , مع الماسونية و الصليبية الصهيونية , مع اليهود وأمريكا وأوربا وسلاطين العار في الخليج , وتقاطعت مصالحهم مع الفاسدين المفسدين المنافقين و الانقلابيين و ذوي المصالح في بلادنا , للحرب علي الاسلام والهوية الاسلامية , وأقول لهم ولكم :
قالها ( غير المؤمن) عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة و السلام “للبيت رب يحميه”, ونقولها اليوم (ونحن مؤمنون بموعود لله) : “ للإسلام رب يحميه “, فقد باتت الحقيقة واضحة وضوح الشمس لمن يري ويتيقن أنها حرب علي الإسلام في مراحلها الأخيرة , ومصر في القلب , و لمن لايري ولا يعتقد , فدليلي موجود في طيات الأيام منذ قدر الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة والي قيام الساعة ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) ….( المقال السابق الهام : سورة الأنبياء و البشري العظمي ) .
و إن غدا لناظره لقريب...” وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون ” …. ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون ) , والله ناصر دينه بعز عزيز أو ذل ذليل , ولو كره المشركون ولو كره المرجفون ولو كره المنافقون و لو كره …. الانقلابيون .
للأسف من بات لا يري من خلال الأحداث السابقة و الجارية , خاصة في بلادنا من انقلاب غاشم علي الاسلام و الشريعة و الشرعية , خدمة لمصالح الصهيونية , أنها حرب علي الاسلام في أوجها و مراحلها الأخيرة , فليراجع دينه و عقيدته , بعد أن هان عليه الدم المسلم الذي هو أعظم عند الله من الكعبة المشرفة , بل و بارك اراقة ذلك الدم , مستندا الي أكاذيب منافية للعقل و المنطق و لمن كان له قلب أو ألقي السمع و هو شهيد , بل هانت عليه الكعبة و سب الرسول و الصحابة و الثوابت المعلومة من الدين , متخذا بغض فئة من الفئات و جماعة من الجماعات المحرك الرئيسي الوحيد لمشاعره و فكره و توجهاته الفكرية و العقائدية بلا دليل من كتاب أو سنة , و صدقت ربنا ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ) .
الله ناصر دينه , بعز عزيز أو ذل ذليل , و و الله اني لأجد البشري ..كل البشري ما دام الانقلابيون و علي رأسهم عجلهم الذهبي قد أعلنوها حربا صريحة و ظاهرة لا لبس فيها علي الاسلام , خافية لمن طمس الله علي قلبه … (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُون ) …. والوا أعداء الله خاصة من اليهود , بل ماضون قدما في تدمير البلاد لمصلحتهم بعد تجريف سيناء من أهلها حفاظا علي أمنهم , و ناصروا العلوي الكافر بشار الأسد و أرسلوا له السلاح لقتل أشقائنا من أهل السنة في سوريا , و باعوا البلاد بعد حرقها تمهيدا لسيطرة أولئك اليهود الملعونين علي لسان الرسل , و جففوا جميع منابع التعليم الديني و معاهد تحفيظ القرآن , و صادروا جميع أموال الجمعيات الخيرية الاسلامية بزعم مكافحة ( الارهاب ) المزعوم , و أتوا بمشايخ سوء يفسرون الدين علي هواهم , و هاهو راهب الأزهر يزور الفاتيكان للحصول علي صك الغفران و التعليمات , و غيروا المناهج تمهيدا لسلامهم الدافئ مع بني جلدتهم بعد أن حذفوا منها كل ما يتعلق بالجهاد أو حتي ( الاسلام الوسطي ) , امتثالا لتوجيهات عجلهم الذهبي ( بتجديد ) الخطاب الديني …لأن من غير المعقول أن المليار و نصف من المسلمين عايزين يقتلوا العالم عشان يعيشوا !!! , ثم تجد من علماء السوء من يصفق لهم , كما بدءوا الهجوم المباشر علي الحجاب و النقاب , متخذين الممثلات و الراقصات القدوة و الأمهات المثاليات , انتهاء بالتشكيك في البخاري , بزعم تجديد الخطاب الديني مفسرين القرآن علي هواهم , و أصبحت صلاة القيام في رمضان بالبطاقة الشخصية و درس القيام لا يتجاوز خمس دقائق , الي جانب أسر و حبس الآلاف من العلماء الربانيين متخذين الحرب علي الارهاب ذريعة , و منع الآلاف من الخطابة و اعتلاء المنابر كالشيخ محمد جبريل الذي كل ما اقترفه أنه دعا علي ( الظالمين ) ,….انها حرب صريحة علي الاسلام , و لكن هيهات هيهات , ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) .
وصلت حربهم علي الاسلام الي مصر التي هي في القلب من العالم الاسلامي , تمهيدا لمخططات التقسيم , و اقامة دولة قبطية , بعد زرعهم لذلك العميل الصهيوني , و الله سيخزيهم باذنه و حوله و قوته , لتكون مصر مقبرتهم و الصخرة التي يتحطم عليها حلمهم , ليبدأ بزوغ شمس الاسلام من مصر , يلم شعث الأمة الاسلامية كلها باذنه تعالي , و هذا توقعي قريبا جدا ليكون شاهدي مع الأيام , بعد اندحار ذلك الانقلاب الغاشم علي ( الاسلام ) , و عودة رئيسنا الشرعي فك الله أسره , قائدا للأمة …( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ . فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام ) .
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً . وَنَرَاهُ قَرِيباً .
متي أهلك الله جيش أبرهة؟
——————————
لم يهلك الله أصحاب الفيل و هم في الطريق الي مكة , و لم يهلكهم علي مشارفها , بل أهلكهم حين انقطعت الأسباب بأهل مكة ( الكفار ) وصدقوا في ( اللجوء الي الله )..المقال السابق ( سورة الأنبياء و البشري العظمي ) , و حين كان أبرهة قاب قوسين أو أدني من هدم الكعبة…. ولذلك حين نطق عراب الانقلاب و عجلهم الذهبي بما يغضب الله يوم مولد الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام , و أبدي امتعاضه من نصوص قرآنية يقصدها و يعلمها في سياق حرب معلنة ضد كل ما هو اسلامي باتت ظاهرة للعيان , ذكرت بعضا منها في الفقرة السابقة , استبشرت خيرا و تيقنت من دنو أجله و ذله , مذلة تكون درسا ان شاء الله للقاصي و الداني , هو و من شايعه من مشايخ السلطان وأهل السبوبة غير آبهين بمن يسب دينهم بل و يباركونه و يصفقون له …… فقد انقطعت بنا الأسباب , و للاسلام رب يحميه , نلوذ به فليس لنا سواه رب نرجوه و لا اله سواه ندعوه , عليه توكلنا و اليه أنبنا و اليه المصير .
ولعله قد آن الأوان , وبعد الأخذ بالأسباب , كل قدر استطاعته , و كما ذكرت عدة مرات من قبل , أن نخرج سلاحنا السري وسلاح الأنبياء والرسل و عباد الرحمن , السلاح الذي لم يحسب له المنافقون والمرجفون أي حساب , و الذي لا يملكون التعامل معه ولا التغلب عليه بأي حال فهم لا يؤمنون به….” حسبنا الله ونعم الوكيل “, و ” لا حول ولا قوة الا بالله “ نقولهما بحقهما إن شاء الله , و كما بيناه من قبل , مقيمين الليل قانتين خاشعين داعين متضرعين , فوالله أري نصرا تاقت اليه نفوس المؤمنين فوق الرؤوس , و الله غالب علي أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون , و ما كان الله مخلف وعده رسله , ان الله عزيز ذو انتقام , و قد أعلنوها من هم من بني جلدتنا حربا ضروسا علي الاسلام و كل ما هو اسلامي .
ملاحظة هامة:
========
قلتها منذ زمن … لقراءة الأحداث و فهمها كما ينبغي , عند قراءة أحداث ما , أو أخبار بعينها , عندما يذكر الارهاب , فما المقصود منه الا الاسلام , و لذا حين يعلنوها حربا علي الارهاب في كل المحافل و يتحججون به لتكميم الأفواه و النتكيل بأبناء الشعب , و حين ينقلبون علي رئيس شرعي ( مسلم ) , فما مقصودهم الأعظم الا الحرب علي الاسلام دون مواربة , و مثال لذلك : حينما يجتمع وزراء الخارجية العرب لمناقشة خطط محاربة ( الارهاب )….ضعوا كلمة ( الاسلام ) بدلا منها و اقرءوا المشهد ثانية تتضح الصورة جلية بغير لبس , ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ . وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ . وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) .
وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ .
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.
مقال راائع يسرد ويفند واقع الأمة وما يدور على الساحة وحقيقة غير المسلمين وحقيقة فئات محسوبة على الاسلام وليسوا بمسلمين انما هم فى الحقيقة متآمرين
جزاك الله خيرا
رائع كالعادة
كالعاده واقع نجده في قصص القرأن الكريم يستخلصه لنا الدكتور بطريقه سهله ومعبره .. جزاك الله عنا خيرا