0 910
*
لقد كان كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كثيرًا ما يَعِظُ أصحابَه، مبيِّنًا لهم خُطورة الغُلُول والسرقة من الغنيمة، والتي تُعَدُّ بمثابة المال العام الذي يَنبغي أن يُحفَظَ من قِبَل أفراده، فقد روى الشيخان عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: ” قام فينا النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فذكَرَ الغُلول، فعظَّمه وعظَّمَ أمرَه، قال: ” لا ألفِيَنَّ أحدَكم يومَ القيامة على رَقبته شاة لها ثُغاء، على رَقبته فرس له حَمْحَمة، يقول: يا رسول الله، أغِثْني، فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبْلَغْتُك، وعلى رَقَبته بعيرٌ له رُغاء، يقول: يا رسول الله، أغِثْني، فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبلغتُك، وعلى رَقَبته صامتٌ، فيقول: يا رسول الله، أغِثْني، فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبلغتُك، أو على رَقَبته رِقَاعٌ تَخْفِق، فيقول: يا رسول الله، أغِثْني، فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبلغتُك ” . ولقد ضرب الخلفاء الراشدون المثل الأعلى فى نظافة اليد والطهارة والشفافية. فهذا أبو بكر الصديق لما بويع للخلافة حدد له الصحابة راتبه من بيت المال، ثم سلَّموه لقحة : ” ناقة ذات لبن ” ، وجفنة: “وعاء يوضع فيه الطعام “، وقطيفة: “تلبس ويلف فيها من البرد “، هذه عدة قصر الحاكم خليفة رسول الله، فلما حضرته الوفاة أمر بردها، فعنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «يَا عَائِشَةُ انْظُرِي اللِّقْحَةَ الَّتِي كُنَّا نَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا، وَالْجِفْنَةَ الَّتِي كُنَّا نَصْطَبِحُ فِيهَا، وَالْقَطِيفَةَ الَّتِي كُنَّا نَلْبَسُهَا، فَإِنَّا كُنَّا نَنْتَفِعُ بِذَلِكَ حِينَ كُنَّا فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا مِتُّ فَارْدُدِيهِ إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ» أَرْسَلْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: رَضِيَ اللهُ عَنْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبْتَ مَنْ جَاءَ بَعْدَك ” .* إن الحديث عن الفساد ونهب المال العام فى مصر, حديث ذو شجون وآلام كآلام المخاض له عويل وصراخ وبكاء . ولن تحقق مشاريع التنمية , إن وجدت , أهدافها المرجوة , وكبار اللصوص يعيثون فى الأرض فسادا . إن القطط السمان قد أكلت وشبعت حتى انتفخت بطونها وتورمت من كثرة مافيها , وعلى النقيض من ذلك , فإن السواد الأعظم من الشعب يئن تحت عجلات الفقر التى تطحن عظامه كل لحظة , حتى تحول كثير من الناس إلى هياكل عظمية كخيال المآتة لاتسمن ولاتغنى من جوع . إن محاربة الفساد ومواجهته مواجهة حاسمة مقدم على أى عمل آخر . إذ كيف يعلو البنيان يوما… وأنت تبنى وغيرك يهدم . الفساد جرثومة معدية إذا تفشت فى جسد أى مجتمع فأقم عليه مأتما وعويلا وصلى عليه أربع تكبيرات لا ركوع فيها ولا سجود ..!,