0 974
* مما سبق ذكره , يتضح لنا جليا أن بدايتنا كانت ومازالت محرقة , لكن النهاية إن شاء الله ستكون مشرقة . انطلاقا من الحكمة البالغة : من كانت بدايته محرقة , فنهايته مشرقة . ومن رحم الألم , يولد الأمل . فلإ يأس ولا قنوط من تردى الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, لأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون . ونحن بالله مؤمنون , وبقدره موقنون , وبقدرته واثقون , وأن ما شاء الله كان , ومالم يشأ لم يكن .
لقد ضربت اليابان فى عام 1945 بالقنابل الذرية الحارقة في مدينتي ” هيروشيما ” ” ونجازاكى ” لقد كانت البداية محرقة , ولكن النهاية كانت مشرقة . فأصبحت اليابان… هى اليابان. أضف إلى ذلك أن اليابان استطاعت بعد هذه المحرقة اختراع القطار المغناطيسي المعلق Magnetically levitating train ، وهو قطار يعمل بقوة الرفع المغناطيسية ,ولا يسير على قضبان حديدية فهو يطفو في الهواء معتمدا على وسادة مغناطيسية يعمل على تكوينها مجالات كهرومغناطيسية قوية، وتمتاز هذه القطارات بسرعتها العالية التي تصل إلى 550 كم \ساعة. وتكلفة هذا القطار فقط مليار دولار . هل يأس الشعب اليابانى من الإصلاح واستسلم للهزيمة..؟*
نعم .. مصر لم تضرب بقنابل ذرية أو نووية , لكنها فى الحقيقة ضربت بما هو أنكى من ذلك وأشد . لقد ضربت مصر بقنابل الفساد المهلكة للحرث والنسل والزرع والضرع , فوصل الفساد كما صرح أحد المسؤولين السابقين للركب , وفى بعض الأحايين وصل للحلقوم من الإسكندرية إلى السلوم …! . إن جرثومة الفساد فى أرضنا تغلغلت , وفى مقدراتها تحكمت , وفى أركانها باضت وأفرخت وتكاثرت . فتحولنا من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد. وحسب التصريحات الرسمية فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فى وقت سابق، إن طبقا لبيانات آخر بحث أجراه الجهاز وأعلن نتائجه، فإن نسبة الفقر العامة فى مصر تقدر بـ26.3%، لافتا إلى أن إقليم الصعيد يعد الأكثر فقرا داخل الدولة، حيث تتراوح نسب الفقر به 50% . وذكرت التقارير انه قد تراجعت مكانة مصر في إطار دليل التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحتل المرتبة114 من بين160 دولة, بمعني أنها أصبحت تقع ضمن شريحة البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة جدا. ووفقا للإحصائيات الرسمية فإن عدد الأميين في مصر هو 17 مليون إنسان لعام 2006 أى حوالي 30% . وفى إحصائية صادرة عن موسوعة الدول قدرت نسبة الأمية في مصر بحوالي 45% من السكان لعام2000.*
إن جسد الوطن يتألم ولم نصل بعد لمرحلة استئصال الأورام الخبيثة ولابد للوطن أن يصرخ لان الجرح عميق , والورم قديم وعتيق. إننا فى انتظار يد الجراح الماهر المحترف القوى الأمين , فى انتظاره لنشاهد يده وهى إلى مواطن العلة تمتد , ولا يرهبه أن الألم على المريض يشتد , طالما أننا ننتوى السير فى بداية الطريق بجد وليس بعبث ولهو . إن الأورام هنا ليست بالضرورة خلايا سرطانية بالمعنى الاكاديمى , ولكنها قد تكون مليارات منهوبة , وصحف مسعورة , ووجوه مفضوحة ومؤامرات مكشوفة , ورؤوس أموال خبيثة , وسياسات فاشلة , وفضائيات مأجورة تتحكم فى فيما يجب أن يقال , ومالا يجب أن يقال . وكأننا نعيش فى عهد التليفزيون الأبيض والأسود ذات القناة الرسمية الواحدة التى نرتوى من معينها , وننام على توجيهها , ونستيقظ على مزاجها . لقد ولى هذا الزمن وأدبر , ولم يعد قادرا على البقاء لحظة واحدة لان الجيل غير الجيل , والثقافة غير الثقافة , والحال غير الحال . والدنيا غير الدنيا .* بل أن القائد الفذ مهاتير محمد رفض تطبيق السياسات التى أوصى بها صندوق النقد الدولى أثناء
الأزمة المالية فى ماليزيا، ، وخالف سياسة تعويم العملة. وتوافقًا مع ثورة عصر التقنية قامت الحكومة الماليزية في عام 1996م بوضع خطة تقنية شاملة من أهم أهدافها إدخال الحاسب الآلي والارتباط بشبكة الإنترنت في كل مدرسة بل في كل فصل دراسي؛ وبالفعل بلغت نسبة المدارس المربوطة بشبكة الإنترنت في ديسمبر 1999م أكثر من 90% وبلغت هذه النسبة في الفصول الدراسية 45%.. م . وانشات الحكومة المدارس الذكية التي تتوفر فيها مواد دراسية تساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم واستيعاب التقنية الجديدة . والمثير للإعجاب أن مهاتير محمد كان دائمًا وفي كل المحافل الدولية يعتز بإسلامه، ويرجع نجاحه إلى تطبيقه لتعاليم الإسلام، وأنه ينطلق نحو النجاح بفهم عميق لجوهر الدين الإسلامي الذي يعلي من قيمة العلم والتقدم.. فنجده في أحد خطاباته يقول: “إن ماليزيا واثقة بأن الأمة الإسلامية يمكنها أن تكون أقوى قوة في العالم إذا توحدت، وأحسنت استخدام ثرواتها ومصادرها المختلفة“، ووضح بأن على هذه الأمة أن تنشط في تحصيل العلوم وتقتحم مجال تكنولوجيا المعلومات حتى تستطيع أن تنافس تقدم الغرب في هذا المجال الحيوي والمهم في هذا العصر .*
ياقومنا .. إن تحول الوطن إلى طوائف متصارعة , وفصائل متحاربة , وأحزاب متنازعة لن يفيد الوطن فى شئ . إن أسياخ الحديد وأكوام الرمل والطوب المتراكمة والمهملة فى عرض الشارع لايمكن أن تبنى صرحا هائلا كبيرا وهى بوضعها هذا . بل بمرور الزمن سيصدأ الحديد ويذوب الرمل ويتحطم ويتفتت الطوب وتدوسه الأقدام . لابد من بناء ماهر يضع كل شئ فى موضعه حتى يتم اكتمال البنيان حتى يرتفع ويعلو ويسر الناظرين. إن وضع كل شئ فى مكانه المناسب وفى مرحلته التى يناسبها لهو عين الحكمة . إن كل وساوس اليأس من الإصلاح هى رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه . فالنبى صلى الله عليه وسل قال : ” لاتزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لايضرهم من خذلهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك “ ولا أحد منا يدرى متى يأتى أمر الله . فقد يأتي أمر الله بياتا والقوم نائمون أو ضحى وهم يلعبون . فقدر الله لايعلمه إلا الله . إنني والله على يقين أن مصر ستنعم بالحرية والديمقراطية والتقدم والرخاء والازدهار . نعم بدايتنا كانت ومازالت محرقة بفعل فاعل , ونهايتنا ستكون مشرقة بسواعد أبناء هذا الوطن , أبى من أبى , وشاء من شاء . استظلوا بشجرة الأمل فأوراقها وارفة , وأصلها ثابت وفرعها فى السماء . واعلموا أننا نعيش لحظة كسوف الشمس المفاجئة ساعة الظهيرة , وإنها حتما ستعود لسيرتها الأولى , فاصبروا إن الله مع الصابرين .