الأرشيفتقارير وملفات

آل سعود تاريخ حافل بالخيانة وقصة المملكة الأمريكية ! “الجزء الثانى “

تتالت فصول المؤامرة العالمية وخيانة النظام الحاكم ( آل سعود ) لتمر بمحطة مؤتمر مدريد للسلام سنة ( 1991 م ) من أجل التطبيع مع اليهود حيث شاركت فيه السعودية، وصدرت الفتاوى التاريخية بإباحة ذلك والتدليل عليه بالآيات والأحاديث من قبل هيئة كبار العلماء فى السعودية بعد أن كانوا قد أفتوا بإباحة دخول جيوش الصليبيين الأوروبيين والأمريكيين لجزيرة العرب بدعوى ضرورة مواجهة خطر صدام حسين ! ، ولا عجب أبداً من موقف هؤلاء العلماء فهم شيوخ البنتاجون وعلماء النظام العالمى !
ثم تابع قطار المؤامرات والكوارث ليواصل مسيره ليصل إلى مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز  ولى العهد السعودى والحاكم الفعلى للرياض أواسط عام ( 2002 ) ليعرض التطبيع الكامل مع اليهود والإعتراف الكامل بدولة إسرائيل مقابل مااحتلته سنة (1967 م ) متنازلا عن باقى فلسطين !، ولينعقد مؤتمر القمة العربى الذى حول مبادرته إلى مشروع عربى كان الغرض منه إجهاض الإنتفاضة التى انطلقت بكل قوة فى رجب ( 1423هـ ) أى قبل المبادرة بسنة !

وقام سعود الفيصل بتسويق المبادرة عربيا وعالميا ليكمل ماقام به أبوه وعمه وجده من قبل، رغم أن إسرائيل قبلت نصف المبادرة ( التطبيع والإعتراف الكامل بها ) ورفضت نصفها الآخر (الإنسحاب مما احتلته سنة 67 ) وتوجت ذلك بالإطاحة بالسلطة الفلسطينية وإعادة احتلال ماخولته إياه من الضفة الغربية وقطاع غزة وصعدت مجازرها للفلسطينيين منذ ذلك الحين، وهكـذا وضعت السعودية جميع مقدسات الأمة تحت نفوذ أسيادها ، سواء من اليهود أو أمريكا.

وخلال تلك السنين وفى أواخر ( 1990 ) وأوائل ( 1991 ) زحفت جيـوش التحالف الدولى وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لتنزل فى جزيرة العرب مليون جندى بمعداتها وآلياتها العسكرية وبوارجها وطائراتها لهدفها الرئيسي الذى أعلنه بوش الأب فى ذلك الوقت، وهو حماية آبار النفط السعودية من وقوعها تحت سيطرة صدام أو أى أحد غير أمريكا، وحينما رفض الشعب الأمريكي الدخول فى الحرب فقط من أجل البترول تغير الكلام تماماً وبدأوا بـ إدعاء تملك العراق للأسلحة النووية ووجوب المشاركة من أجل تحرير الكويت، ليبدأ الإحتلال والتمركز المنظم للأمريكان والهجمة الصليبية الحديثة على الشرق الأوسط جزيرة العرب والشام والعراق
الإحتلال المباشر الحديث، فضلاً عن تواجدهم أصلاً فى القواعد العسكرية فى قلب الأمة الإسلامية و تواجدهم بالوكالة عن طريق الطاعة العمياء من عبيدهم الحكام ومؤسساتهم العسكرية الموجودة على هيئة جيوش لبلادنا !

المملكة

من المعلوم جيداً أن مُعاداة أمريكا لاتختص بحدود ولا دول، ولكنها تختص فقط بروح الإسلام   التي تعارض مصالحها، أمريكا لاتُعادي أبداً دولة متمثلة فى حاكم وقوانين ودساتير وإن كانت حتى تظهر بدور “المطبق” لشريعة رب السماء، ولكنها تُعادي عقيدة الإسلام الملزمة لأبنائها بمقاومة كل بطش وكل مستعمر سواء كان متلون بلون المسلمين كالحكام أو كان كافراً صريحاً كما هو متمثل فى أمريكا واليهودلذلك، علاقة أمريكا بالسعودية هى من أقوى العلاقات فـ أمريكا التى تُعادي الإسلام صراحةً لابد لها ممن يُسوق لأفكارها الممسوخة بصورة “إسلامية”، وفى الوقت ذاته فـ مكان السعودية الإستراتيجى وثروتها البترولية الرهيبة تُسيل لعاب السيد الأمريكى حقاً ، فـالسعودية من أغنى دول العالم فى إنتاج النفـط، وفى الوقت ذاته يُمثل النفط لأمريكا شريان الحياة الرئيسي .
لم يقتصر دور آل سعود فى خدمة أسيادهم فقط على بسط النفوذ على المقدسات فى مكة والمدينة وتمهيد الطريق لليهود بكل سهولة لإقامة دولتهم أو كيانهم اللقيط على الأراضي المقدسة فى القدس، بل كانت السعودية ذراع حقيقي لأمريكا فى قلب الأمة الإسلامية، فكانت أرضاً خصبة للقواعد الأمريكية العسكرية ، وكانت السعودية أكبر سوق لأمريكا ، وفى الوقت نفسه هى الممول الأكبر للبترول لأمريكا، فضلاً عن دورها الرهيب فى “مكافحة الإرهاب” كمصدر ثقة ضرورى لفرض المصداقية الأمريكية فى بلاد الإسلام، ومع وصول أمريكا للسيطرة التامة على بلاد المقدسات لم يكن عجيب أبداً السيطرة على مقدراتها وثرواتها، ولا على قراراتها .

 كيف لجأت أمريكا إلى سفك بحـور الدمـاء فى مقابل فقط السيطرة على حقول النفط ؟!

بترول

كانت تلك هي نظرة أمريكا لما أسمته الشرق الأوسط و الذي كان أحد الأسباب لتوسعاتها الإمبريالية في المنطقة، كان ذلك الشعار هو الشعار الحقيقي المُعلن أحياناً أو المخفي أحياناً أخرى لسياسة أمريكا التوسعية الإستعمارية، منذ ظهر عصر النفط وأمريكا هى أعلى الدول إستهلاكاً للنفط فى العالم ، فـ كما ورد فى كتاب دم ونفط فإن أمريكا تستهلك يومياً 20 مليون برميل نفط من إجمالي 80 مليون برميل يتم إنتاجه عالمياً .

وبعد أن أمدت أمريكا دول الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية بـ 6 مليار برميل من النفط ، خسرت أمريكا الكثير من إنتاجها المحلي، فبدأت تبحث عن مصادر جديدة للنفط غير إنتاجها المحلي ، فتوجهت أنظارها بالطبع لمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي وجزيرة العرب، بدأت بـ مقابلة روزفلت بـ عبدالعزيز بن سعود التى ذكرناها، وكانت تلك المقابلة الخطوة التى سار على دربها كل رئيس لأمريكا حتى تلك اللحظة.

كل رئيس أمريكى بعدها يأتى ليؤكد على مدى عمق وحميمية العلاقة بين السعودية وأمريكا ، لقد أمدتهم أمريكا بالسلاح والمستشارين العسكريين حتى أصبح السلاح السعودى عبارة عن مخلوق أمريكي كل ذلك مقابل حماية العائلة فى حصول أمريكا على النفط السعودى ، بعد غزو العراق للكويت أمدت أمريكا السعودية ببعض القوات من أجل حمايتها العسكرية وحينما برر ديك تشينى ذلك للجنة القوات المسلحة قال أن العلاقات التاريخية القوية بينهم وبين السعودية والتى ترجع إلى لقاء عبدالعزيز بروزفلت توجب عليهم حمايتهم، وعلى الرغم أن أمريكا هى راعية الديمقراطية الزائفة فى العالم ، فإنها لاتلتفت أبداً إلى أن الملكية السعودية التي لاتعطى شعوبها أى شيئ من حقوقهم ، ولا بأس فى ذلك، فـ منظومة الديمقراطية لاتأتى أصلاً إلا بمن يُحافظ على مصالحهم الرأسمالية ، وإذا كانت تلك الملكية تحمى تلك المصالح فلا بأس بها ! ..

النظام

كما جاء فى كتاب مذكرات القاتل الإقتصادى، أثناء حرب 73 ضغط السادات على الملك فيصل للثأر من أمريكا عن طريق سلاح البترول ، فى 16 أكتوبر أعلنت إيران ودول الخليج بما فيهم السعودية رفع سعر البترول بنسبة 70%، وفى 17 أكتوبر أعلنوا تخفيض الإنتاج بنسبة 5% كل شهر، وأعلنت بعض الدول تخفيضها إلى 10%، فى 19 أكتوبر طلب الرئيس نيكسون من الكونجرس مبلغ 2.2 مليار دولار مساعدة لإسرائيل فى اليوم التالى فرضت السعودية وغيرها حظراً كاملاً على البترول، انتهى الحظر فى مارس 1974 التى أثرت تأثير رهيب ، فارتفع سعر البرميل من 1.39 دولار فى أول يناير 1970 إلى 8.32 فى أول يناير عام 1974، رفع ذلك الحظر من مكانة السعودية كلاعب سياسي بيده سلاح كافى لخنق أمريكا بالمعنى الحرفي للكلمة ، فبدأت أمريكا فى تقوية الكوربوقراطية واتحاد اعمدتها الثلاثة ( الشركات والبنوك الدولية والحكومات ) للعمل والبحث على سبيل تسترد به أمريكا أموالها التى دفعتها أثناء الحظر ورفع سعر البترول، وأيضاً ضمان عدم تمرد السعودية على سيدتها بعد ذلك .

أما الأموال التى ربحتها السعودية أثناء الحظر فخلقت جو من الإستهلاكية الشرهة، وسافر الأثرياء إلى الغرب، مما فتح الباب لأمريكا فى إستغلال ذلك الجو الإستهلاكى فى حل المخاوف المتعلقة بتكرار أزمة البترول، بدأت المفاوضات السعودية الأمريكية فعرضت أمريكا على السعودية المساعدات التقنية والعسكرية والنهوض بالبلد مقابل دولارات البترول ، وأيضا مقابل عدم تكرار تلك الأزمة مرة أخرى.

أسفرت المفاوضات عن إنشاء وكالة التنمية الأكثر غرابة فى التاريخ ، وهى اللجنة الأمريكية السعودية التى اشتهرت اختصارا بـ JECOR التى اعتمدت على الأموال السعودية لتمويل الشركات الأمريكية فى بناء المملكة السعودية كان الأمـر فقط يتمثل فى إغراق السعودية فى المزيد والمزيد من الديون ، بل وسحب كل ماتم دفعه من أمريكا من دولارات أثناء الحظر، أيضاً إستغلال إقتصادها وتقليدها للأسلوب الغربي بما يضمن التبعية العمياء للسيدة الشمطاء أمريكا .

النفط مقابل الحكم

سعود

بعد تكوين منظمة الأوبك فى الستينات وحظر البترول فى حرب أكتوبر ، هُددت أمريكا بأزمة إقتصادية رهيبة، بدأت بعدها فى محاولة السيطرة على الأوبك ، وكانت بوابتها لذلك آل سعـود، لم يقتصر الأمر بين أمريكا وعائلة آل سعود على إنشاء وكالة التنمية المسئولة عن إغراق السعودية بالديون، بل عقدت أمريكا مع تلك العائلة “العميلة” عقد صريح تضمن إلتزام أمريكا بحماية مصالح آل سعود وبقائهم فى الحكم مقابل النفــــط ، وسُميت تلك الإتفاقية بـ “إتفاقية النفط مقابل الحكم” .
كانت شروط أمريكا فى تلك الإتفاقية هى أن لايسمح آل سعود بتكرار الحظر النفطى مقابل التعهد بحماية الأسرة الحاكمة وبقائها فى الحكم طالما حافظت الأسرة على التعهد المُتفق عليه، ولأجل تلك الإتفاقية كان نزول القوات الأمريكية إلى المملكة السعودية أثناء حرب الخليج، وتهديد صدام للعائلات الحاكمة بدول الخليج، لم يتوقف الأمر على ذلك وفقط، فقد لجأ القتلة الإقتصاديين إلى تقديم الرشاوي للموافقة على عقود شركات أمريكية فى مجالات مختلفة، وظيفتها خلق ظروف تؤدى الى خضوع المملكة لهيمنة النخبة الامريكية التى تدير الحكومة و الشركات و البنوك ، وإغراقها فى المزيد من الديون.

فتم الإتفاق على مشروع مد شبكات كهربائية وتطوير الطاقة الكهربية فى المملكة ، كما تم الإتفاق على إنشاء شركات قمامة أمريكية وظيفتها تجميع القمام بدلاً من إستخدام السعوديين للأغنام فى ذلك، وكما قال القاتل الإقتصادى جون بيركنز: في كل حالة من واقع عملنا كانت لدينا في ترسانة وسائلنا العصا والجزرة في حالة السعودية تحديدا كانت الجزرة هي الوعد بالإبقاء على الاسرة المالكة في الحكم مقابل بيع النفط للأميركان بأسعار بخسة كانت الجزرة أيضا هي تطوير السعودية وضمان بقاء العائلة في الحكم وكنا بحاجة الى العصا حتى لا يعدل أحد عن موقفه.

لم تكتفى العائلة العميلة فقط بضياع المقدسات كما أشرنا ، ولا بالتفريط فى حقوق المسلمين فى النفط والبترول فقط ! كان دورها أكبر من ذلك بكثيــــــــر، كانت (ولا زالت) السعودية صاحبة الدور الأكبر والجهود الغير منتهية فى ترسيخ وتدعيم وإرساء قواعد النظام العالمـي ودعم الخلافة الأمريكية بل ومُحـاربة الإسلام والمسلمين بوجه عام .

القواعد

القواعد العسكرية الأمريكية في بلاد الحرمين

فـالسعودية التى تحتوى على العديد من القواعد العسكرية الأمريكية التى تستخدمها أمريكا بالفعل وقت الحاجة ، كما حدث فى حرب العراق الأولى والثانية كقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران، وميناء الملك عبدالعزيز بالدمام وقاعدة الرياض وقاعدة الملك خالد وقاعدة الحفوف التى كانت مقراً للدفاع عن السعودية و الهجوم المشترك بجانب الولايات المتحدة للتخفيف من هجمات محتملة في المستقبل اثناء حرب درع الصحراء و عاصفة الصحراء  وغيرهم هى السعودية التى شاركت فى إستئصال الجهاد الأفغـاني ومطارد المجاهدين الأفغان ، هى أيضـاً السعودية التى حاصرت المجاهدين فى الشيشان ، هى أيضاً السعودية التى شاركت بالدور الفعال فى حرب العراق الأولى تحت إسم”عاصفة الصحراء” ! ، وهى أيضاً من شاركت أيضاً فى حرب العراق الثانية هى أيضاً السعودية التى شاركت أمريكا فى جهوودها المبذولة لـ “مكافحة الإرهاب” ! ، هى أيضاً السعودية التى رأى الجميع رأىَ العين موقفها من الثورات العربية سواءً من اتخذت من الثورات المسلح طريقاً كما فى سوريا ، أو حتى من اتخذت من الإنتفاضات السلمية طريقاً فى مقاومة الأنظمة المستبدة كما حدث فى مصر وتونس وغيرهم .
وصـولاً إلى السعـودية التى أعلنت مشاركتها الكاملة ضد مع التحالف الدولى ضد الدولة الإسلامية “الراديكاليين كما وصفتهم راند” ، وحتى موقفها حينما استشعرت الخطر من الحوثيين وبدأت فى تحريك القوات فى عاصفة الحزم ، كما دعمتها أمريكا (كعادتها) خوفاً على المصالح الأمريكية فى السعودية ، وحفاظاً على الإتفاقية القديمة “النفط مقابل الحكم” خيانات متتالية يوماً بعد يوم لاتكفـى مجلدات وكتب كاملة فى إفشائها، أو إن شئت قل أنه دورهم أصلاً كذراع من أذرعة النظام وضع داخل جسد الأمة وأننا لانعد هؤلاء الحكام من الأمة بالأساس ، فما هم كلهم إلى أصنام تؤدى دور رُسم لها وستظل كذلك حتى يأتى اليوم الذى يُحطمهم فيه شعوب الأمة .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى