منذ أن قابل فرانكلين روزفلت الملك عبدالعزيز عام 1945 و أمريكا تربطها علاقة حميمية غير مريحة بالسعودية و بعد تلك الزيارة بـ 70 عاماً فإن كلا الدولتين يجدان نفسيهما في علاقة زواج فـلا توجد دولة تشتري سلاح أمريكي أكثر من تلك المملكة المستبدة الغنية بالبترول”.
كما ذكرت أن CFR أنه عندما تواجه أمريكا اضطرابات في الشرق الاوسط تكون السعودية لاعب أساسي سواء في مفاوضات السلام العربي- الإسرائيلي أو السعي لتحقيق الاستقرار في العراق أو قضايا الأمن الأقليمي لمنطقة الخليج العربي خاصة إيران و أخيراً في النضال العالمي لتعزيز الرؤية السلمية للإسلام على – ما أسمته – العنف الجهادي، و لكن علاقة السعودية بالنظام العالمي و لعبها دور العميل بامتياز لم تكن علاقة وليدة و إنما لها جذور قديمة .
من أشد مايؤسف فى ذلك الواقع المنحط أن يحصر البعض منهج الإسلام فى بعض المظاهر، أو بعض الفتاوى، أو “تطبيق” بعض الحدود أو بعض الأجزاء التشريعية من الدين مع المصالحـة التــامة للمنظومة الإمبريالية الغاشمة، لتجـد منتجاً جديداً ماهو إلا مسخ جديد أو صورة مشوهة لمنهج رب العالمين ،وليس أقرب من السعودية كمثال على ذلك المسـخ .
من تضييع لمقدّرات الأمة وثرواتها كما تفعل بإخضاع بترولها لأمريكا وحلفائها من اليهود، أو حتى مساهماتها فى إحكام اليهود قبضتهم على المسجد الأقصى، أو حتى إخضاع بلاد الحرمين والمقدسات لوليتها العجوز أمريكا، أو قيام علمائها علماء البنتاجون بأدوارهم المرسومة فى مساعدة أمريكا بإحكام قبضتها على الأمة بفتاويهم وبإسم الدين.
ومن صلاح الدين الأيوبي وقسمه أن لا يضحك إلا بعد تحرير بيت المقدس، إلى حكام عملاء شاركوا هم بأنفسهم فى تضييع كل مقدسات الأمة من بيت المقدس وإحكام قبضة اليهود عليه بل وبلاد الحرمين ووضعهم تحت السيطرة المباشرة لأمريكا !، اليوم جولة فى صفحات تاريخ عائلة آل سعود ومدى ولائهم لأمريكا وحلفائهم من اليهود، بعد مافشلت القوى الإستعمارية على مدار التاريخ فى هزيمتها لأمة الإسلام بالسلاح قديماً، علمت أن المشكلة كلها تكمن فى عقيدة الإسلام التى لايُمكن هزيمتها فى النفوس بكافة الأسلحة، لجأت حديثاً إلى هزيمتهم عن طريق المسخ الفكري وزرع العملاء والخونة فى كل شبر من الأمة الإسلامية .
زرعت هؤلاء العملاء ونصبتهم منصب الحكام وبدأت فى إستغلالهم لترسيخ حكمهم وسيطرتهم على عقول الأم وعلى ثرواتها ومقدساتها، وكما وضعت إحتلالاً مباشراً عسكرياً جافاً كما هو الوضع فى فلسطين، وضعت إحتلالاً أيضاً مباشراً ولكنه ناعماً فى بلاد الحرمين، إحتلالاً قائماً على خدمة عملائها العبيد لقرارات السيد الأمريكي وربائبه من اليهـود .
فعلى عكس ماحاول النظام العالمى من إشاعته، أن القدس كانت أول مقدساتنا ذهابا عام 1967وأن مكة والمدينة أصل دار الإسلام قد وضعت تحت نفوذ الأمريكان وقوات التحالف الصليبية التى أطلقت عليها إبان حرب الخليج الثانية عام 1991 ثم الثالثة سنة 2003 ، ولكن الحقيقة أن مكة والمدينة قد ذهبت ووضعت تحت نفوذ النظام العالمى قبل ذلك بكثير، وكان ذهاب القدس تبعا لذهاب مكة قبله، وأن الأنظمة العميلة التى سيطرت على مكة كانت صاحبة دور أساسى فى ذهاب القدس على أربعة مراحل رئيسية وهى: ( 1936 – 1947 – 1967 – 2002 ).
وما تلك الحرب الشرسه فى وقتنا هذا إلا إمتدادًا لمحاولات سيطرة هذا النظام على العالم من أيام الحروب الصليبية الأولى، ولكن وقتها علموا أن بداية الحرب باستخدام السلاح محاوله فاشلة منهم للقضاء على عدوهم الأول أمة الإسلام، فبدأوا فى هجمتهم الصليبية الثالثة، بشراء حكام الأمة الإسلامية أو بمعنى أدق قسموا العالم الإسلامى عليهم كالتركة، ووضعوا فى كل بلد إسلامى مجموعة عملاء تمثل الحكام ، ولم يترك النظام العالمى أى بلد إسلامى إلا وزرع فيها من يحمى مصالحه ،حتى بلاد الحرمين .. بلاد المقدسات الإسلامية .. أخذت نصيبها من العملاء .
وقـوع الإختيـار على عبدالعزيز آل سعـود .. !
بدأت القصة منذ مطلع القرن السادس عشر والقرون التالية له عندما احتلت بريطانيا كثيرا من أطراف العالم الإسلامى وبسطت سيطرتها المباشرة عليها، ومنها أطراف الجزيرة العربية (سواحل اليمن وعمان والإمارات والكويت ) وقتها بريطانيا انتبهت جيدًأ لما تمثله بلاد الحرمين من قدسية فى نفوس المسلمين وما تميزت به بلاد نجد من الإستقلال الذاتى حتى عن مركزية الخلافة العثمانية، وطبعا هذا الموضوع لم يمر هباء .
لا يمكن للنظام العالمى وهو يخطط لضرب الأمة الإسلامية بقوة ومحو هوية أبنائها ومسخ فكرها أن يترك حتى مقدسات الأمة لأهلها، فضلاً عن أنها من أغنى أغنى البلاد فى ثرواتها ، وبحكم أنها من أقدس البلاد فى نفوس المسلمين، فالسيطرة عليها له ثمنه الغالي حقـاً. فبدأت بريطانيا فى الخطط الخبيثة منذ مطلع القرن التاسع عشر من أجل السيطرة علي بلاد الحجاز، وكان الذراع المعاون لها العميل الأكبر عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة الحالية ، رأت بريطانيا فى ( عبد العزيز آل سعود ) من يحقق طموحها فى بلاد الحجاز فقررت أنه من سيقوم بتلك المهمة، وقدمت له المعاونة البريطانية والدعم العسكرى، وأشار عليه مستشاروه باستغلال الدعوة الوهابية وحماس دعاتها.
تمكن عبد العزيز من فرض السيطرة على الرياض ثم نجد عبر عدة حملات منذ 1902 م ، ثم وقع إختيار بريطانيا عليه حاكما للبلاد بعد أن خدعت الشريف حسين عميلها الآخر فى بلاد الحجاز، تمكنت بريطانيا من إعلان عبد العزيز سلطانا على نجد والحجاز بعد أن ضموا إليها مناطق نجران اليمنية عام 1932 م ، وعقدوا معه صك ضمان لملكه لتلك البلاد تحت المسمى الجديد لتلك البلاد الذى أطلقته بريطانيا وهو (المملكة العربية السعودية) ، تخيل ! حتى إسمها من إختيارهم ونسبة لعميلهم !
هكذا، وضعت بريطانيا عائلة آل سعود على عرش بلاد الحجاز وضمنت لهم ذلك الملك بشرط ولائهم لها، وأن لا يؤخذ أى قرار خاصة فى السياسات الخارجية إلا بمشورة منها، وقد تم نشر تلك الإتفاقيات فى وثائق وزارة الخارجية البريطانية الخاصة بتلك المرحلة، والتى تم نشرها فيما بعد، وهكذا وضعت بريطانيا آل سعود كذراع لهم على حكم بلاد الحجاز، وكانت سيطرتها على بلاد الحرمين كخطوة أولي لبناء دولة يهودية فى القدس والسيطرة على بيت المقدس، بقيام حكم عبد العزيز آل سعود وسيطرته على بلاد الحجاز وقعت مذابح أقامها جيشه بمساعدة الطيران الإنجليزى ( للإخوان ) فى معركة (السبيلة)، قضى فيها عليهم بعد أن أوصلوه للحكم بناءً على خداعه لهم بنيته لتأسيس حكم يحكم البلاد بالإسلام .
وهكذا صفا الجو لعبد العزيز وأولاده من بعده ليضعوا مقدرات الأمة المالية ومقدساتها الدينية تحت هيمنتهم وسلطانهم الذى تعهدوا أن لايخرجوا فيه عن مشورة التاج البريطانى، ومنذ ذلك الحين ومكة والمدينة تحت سيطرة الإنجليز إلى أن جاءت الحرب العالمية الثانية وبدأ تشكيل النظام العالمى الجديد، جاءت الدول المنتصره فى الحرب العالمية الثانية تقسم تركة العالم فيما بينها، محاولة رسم خريطة جديدة لنظام عالمى يلبى أطماعهم فى السيطرة والتوسع والإستعمار ، الصورة لإحدى الوثائق المنتشرة، التى يُقال أنها من الوثائق المسربة التى تمت بين عبدالعزيز وأسياده فى تلك المرحلة.
كيف انتقلت المملكة من طوع التاج البريطانى لطوع السيد الأمريكي؟
بعد إنتهاء الحرب العالميـة الثانية وانتصار دول الحلفاء، بدأت تتشكل القوى العظمى فى العالم وبرزت أمريكا والإتحاد السوفييتى كأكبر قوتان فى العالم فى ذلك الوقت، وقبل أن تبدأ الحرب الباردة بينهما والتى كانت نتيجتها انهيار سور برلين وانهيار الإتحاد السوفييتى كقوة عظمى وتفرد أمريكا كقوى عظمى فى نظام أحادى القطب ، فى تلك الأثناء تم بالفعل تقسيم العالم فيما بينهم وورث الأمريكان العرش السعودى ونفط جزيرة العرب .
وأصبح لهم الحق فى الإشراف على مكة والمدينة ضمن ماورثوه من ممتلكات التاج البريطانى بعد الحرب العالمية الثانية ( 1945 ) التى أزالت سيادة أوروبا الإستعمارية ،والتقى الرئيس الأمريكى (روزفلت) بالملك ( عبد العزيز ) على ظهر سفينة حربية أمريكية بعد الحرب العالمية الثانية ، ونقلت فى ذلك اللقاء كفالة ذلك العرش السعودى الخائن إلى الأمريكان بعد البريطانيين مقابل سمعهم وطاعتهم، فصار يتلقى المدد والأوامر من أسياده الجدد ( الأمريكان ) ويعطيهم الولاء كما كان الحال مع أسلافهم الإنجليز.
ومما نشر من وثائق تلك المرحلة موافقة عبد العزيز على برامج الإنجليز فى الهجرة الصهيونية إلى فلسطين وعدم الإعتراض على إعطائها لليهود وموافقته على وعد بلفور الذى كان بداية المأساة ، مأساة القدس الأسير من يومها وحتى تلك اللحظة .
أبشع مايمكن أن تتخيل حدوثه أن يكون ضياع مقدساتنا على أيدي هؤلاء الحكام، فـالكلام لم يعد فقط يمس ضياع ثروات من نفط وبترول أو ذهب أو زيادة ظلم وبطش، وإن كان ضياع الثروات ووجود الظلم والبطش كافياً لقيام ثورات لانهاية لها إلا هدم تلك النظم. ولكن الأمر طال أكثر من ذلك بكثير ، فأصبحت مقدساتنا تحت طوعهم وبخيانة هؤلاء العملاء ! فأي شئ أعظم بعد ذلك !! .
فى عام ( 1936 ) قامت الثورة الكبرى التى أشعلها الشيخ عز الدين القسام رحمه الله فى فلسطين ضد المستوطنين اليهود الذين بدءوا بالزحف على فلسطين بإشراف الإنجليز الذين كانوا قد تعهدو بإعطاء فلسطين وطنا قوميا لليهود عبر وعد بلفور رئيس وزراء بريطانيا (1917م) ، وعجزت بريطانيا عن إخماد الثورة ولكن كيف تعجز وحاكم بلاد الحرمين ذراع لها ؟! .
فاستعانت بريطانيا بعميلها ( الملك عبد العزيز ) الذى أرسل ولده ووزير خارجيته ( فيصل ) ليتحايل على عرب فلسطين وزعماء ثورة ( 1936م ) من أجل إيقافها بعد أن كفل لهم وفاء (صديقتنا بريطانيا ) على حد وصفه فأوقفت الثورة ثم أخمدت، وكان ذلك أول خطوات ضياع القدس .
ودخلت الجيوش العربية السبعة فى لعبة مضحكة إلى فلسطين تحت شعار تحرير القدس، وظلت فترة مناوشات مع اليهود إلى أن جاء قرار مجلس الأمن بالهدنة بين العرب واليهود، بعدها بدأت الجيوش العربية فى الإنسحابات للجيوش العربية بإشراف من بريطانيا لتقوم على إثر ذلك الهزائم المبرمجة دولة إسرائيل ( 1947م ) على أكثر أرض فلسطين ليضيع معها النصف الغربى للقدس، وعبر مؤامرة شبيهة سنة ( 1967م ) تم لإسرائيل إحتلال القدس الشرقية وفيها مسجد الصخرة والمسجد الأقصى ضمن ما احتلت من الضفة الغربية وأجزاء من سوريا ومصر والأردن .
القصة لم تنتهي بعد فللمكلة تاريخ حافل بالخيانات سنستعرضه تباعًا في تقارير قادمة.
التقرير من إعداد fb/AntiAmericanismOfficial
