تقارير وملفات إضافية

أعداد الموتى بلغت 3 أضعاف وشائعات عن قتل المصابين.. هل يخفي الحوثيون الحجم الحقيقي لكورونا في اليمن؟

أصبح مدى تفشي وباء كورونا في اليمن لغزاً مثيراً للرعب، فقد يكون هذا البلد العربي المنكوب بؤرة مجهولة للمرض. 

ففي شمال اليمن، يزداد عدد الأشخاص الذين يمرضون ويموتون بعد صعوبة في التنفس، لكن جماعة الحوثيين، الجماعة المدعومة من إيران التي تسيطر على المنطقة، اعترفت فقط ببعض الوفيات من جراء فيروس كورونا.

في جنوب اليمن، حيث انقلبت مجموعتان كانتا في السابق تقتلان الحوثيين معاً على بعضهما البعض، زادت معدلات الوفيات بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.

يبدو أن فيروس كورونا قد انتشر في اليمن، الذي هو الآن بلد يترنح بالفعل من جراء خمس سنوات من الحرب، ومراكز السلطة متنافسة، ونظام رعاية صحية مهترئ، وانتشار الجوع وتفشي الكوليرا والأمراض المعدية الأخرى.

 لكن إنكار تفشي المرض في الشمال الخاضع لسيطرة الحوثيين، وغياب سلطة واضحة في الجنوب المقسم، وانقطاع المساعدات في كل مكان، كلها أمور أعاقت أي أمل في الحد من انتشار الفيروس، مما جعل العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات غير مجهزين لمواجهة الفيروس.

وتسبب ذلك في ارتباك المواطنين وتشككهم في الجهود المبذولة لمكافحة الفيروس.

تسببت هذه الجائحة في انتشار شائعات بأن المرضى يتعرضون للقتل الرحيم في المستشفيات، مما تسبب في تخلي الكثير من اليمنيين عن العلاج. 

ومع ذلك، عندما يلجأ المرضى للمستشفيات، تجري إعادتهم إلى منازلهم بانتظام بسبب نقص الأسَرة ومعدات الحماية واللوازم الطبية.

تعاني السلطات في العديد من الأماكن من ضعف جعلها عاجزة عن منع الحشود الكبيرة من التجمع في الصلوات والجنازات والأسواق، أو منع السكان من السفر داخل البلاد.

وتفاقم الارتباك والشك بسبب التكتم المحيط بتفشي المرض، فعلى المستوى الرسمي، يوجد في البلاد 282 حالة إصابة مؤكدة و61 حالة وفاة.

مع قلة الفحوصات المتاحة وتعرض الحكومة والمستشفيات للفوضى، من الصعب قياس الانتشار الحقيقي لفيروس كورونا في اليمن. ومع ذلك، فإن الأرقام المعروفة قاتمة.

وقال طبيب يقدم المشورة لوزارة الصحة في اليمن إنه حتى الأسبوع الماضي، أكدت الفحوصات وجود أكثر من 500 حالة اصابة بفيروس كورونا في صنعاء، العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون. وكان نائب وزير الصحة من بين المصابين، وكان الرئيس السابق لجامعة صنعاء من بين ما يقرب من 80 حالة وفاة في البلاد.

مع ذلك، اعترفت سلطات الحوثي بأربع حالات فقط في أراضيها، تاركة مسؤولي الصحة العامة، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، ومجموعات المساعدة يدقون ناقوس الخطر بشأن تفشي المرض الذي تقلل السلطات من مدى تفشيه.

قال الطبيب الذي طلب عدم ذكر اسمه لأن السلطات هددت زملاء له حاولوا نشر الحقائق في الإعلام، إن بعض موظفي وزارة الصحة يناشدون كبار المسؤولين إعلان الأرقام الحقيقية حتى يفهم العاملون الطبيون في حالات الطوارئ والسكان خطورة التهديد.

أكدت وزارة الصحة في صنعاء يوم الخميس 28 مايو/آذار 2020 في بيان أن قرارات الدول الأخرى بالإعلان عن حالات الإصابة بفيروس كورونا “خلقت حالة من الخوف والقلق كانت أكثر فتكاً من المرض نفسه”. ولم تقدم الوزارة أي أرقام خاصة بها.

 وفي الجانب المقاتل الآخر، يفتك الفيروس بالخطوط الأمامية أيضاً، حيث تبلغ القوات المعارضة للحوثيين أيضاً عن أعداد منخفضة بشكل مشكوك فيه. ومع ذلك، فإن المشكلة الرئيسية ليست الإنكار، ولكن الافتقار إلى الحوكمة وانهيار نظام الرعاية الصحية.

في عدن، التي كانت بمثابة المقر المؤقت للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً حتى استولت عليها جماعة انفصالية جنوبية الشهر الماضي، أظهرت بيانات الدفن أن 950 شخصاً لقوا حتفهم في المدينة في أول 17 يوماً من شهر مايو/أيار 2020، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المسجل البالع 306 طوال شهر مايو/آيار 2019، وفقاً لتحليل أجراه عبدالله بن غوث، أستاذ علم الأوبئة في جامعة حضرموت، الذي يقدم المشورة لوزير الصحة في عدن.

يشير الارتفاع الكبير في عدد الوفيات إلى أن العدد الرسمي للوفيات بالفيروس أقل بكثير من الحقيقة.

وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” في عدن إنه في مستشفى انشأته لحالات الإصابة بفيروس كورونا، وهي المنشأة الوحيدة المخصصة لعلاج فيروس كورونا في جنوب اليمن، جرى إدخال 173 مريضاً، مات منهم أكثر من 68 (أي نسبة الوفيات من المصابين 38.6%).

ويعاني نظام الرعاية الصحية اليمني، المغرق بالفعل بالمرضى بسبب تفشي الكوليرا والأمراض الخطيرة الأخرى، معاناة شديدة. فمعظم الأطباء والممرضات لم يتلقوا رواتبهم منذ سنوات، مما دفع الكثيرين إلى مغادرة نظام الصحة العامة. ويُطلب من أولئك الذين بقوا الآن علاج مرضى فيروس كورونا دون معدات واقية.

في الجنوب، لا يقبل سوى عدد قليل من المستشفيات حالات الإصابة بفيروس كورونا، حيث ترفض المرافق الأخرى المرضى أو تغلق أبوابها تماماً لأنها تفتقر إلى المعدات الوقائية أو لأن الموظفين تركوا وظائفهم. 

وقالت كلير هادونغ، رئيسة بعثة “أطباء بلا حدود” في اليمن، التي تدير مراكز علاج فيروس كورونا الوحيد بإجمالي 25 سريراً للعناية المركزة في جميع أنحاء البلاد، إن المجموعة ليس لديها ما يكفي من الأقنعة أو الأردية الطبية أو الطاقم الطبي لإتاحة المزيد من الأماكن للمرضى، لذلك تصرف المرضى كل يوم من المرفق.

تجدر الإشارة إلى أن التمويل في اليمن لم يرق إلى مستوى الحاجة. وعلق المانحون الدوليون أو قطعوا جزءاً كبيراً من تمويلهم قبل تفشي الوباء بسبب مخاوف من منع الحوثيين وصول المساعدات إلى الأماكن التي بحاجة إليها. وقالت ليز غراندي، أكبر مسؤولة الأمم المتحدة في البلاد، إن الحوثيين وافقوا منذ ذلك الحين على تقديم تنازلات تأمل هي أن تساهم في حدوث انفراجة في الوضع الصحي في اليمن.

إحدى الشائعات القوية في اليمن هي أن الأشخاص الذين يذهبون إلى المستشفى يتلقون حقناً مميتة لإخراجهم من بؤسهم. وقال السكان إن أفراداً مسلحين أطلقوا النار في الهواء في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون لإبعاد الناس عنهم بينما تعمل الفرق الطبية على نقل الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالفيروس إلى الحجر الصحي.

في عدن، المدينة التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، لم يترك انتقال السلطة الأخير أي سلطة قادرة على شن حملة منظمة للصحة العامة. ولا توجد مراكز للحجر الصحي ولا قيود على الحركة أو التجمع، واحتج السكان على محاولات فرض قيود على الحركة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى