آخر الأخبارالأرشيف

أنجيلا ميركل تحارب الإسلاموفوبيا بقوانين الكراهية.. والبديل المتطرف ينتفض

منذ مطلع سبتمبر الماضي عندما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فتح أبواب ألمانيا أمام آلاف اللاجئين الذين كانوا محاصرين في العاصمة المجرية “بودابست” حيث دخل ألمانيا حوالي مليون لاجئ معظمهم سوريون وعراقيون وأفغان وإيرانيون كان هذا القرار باعتراف ألكسندر جاولاند رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في ولاية “براندنبورج” قد أعاد الروح لحزب “البديل من أجل ألمانيا” بعد أن بات على الهامش وكان على وشك الانهيار.

ويعود الفضل في تأسيس هذا الحزب إلى سياسيين كانوا في السابق ينتمون إلى الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل وأساتذة في الاقتصاد والقانون ورجال أعمال مثل هانز أولاف هينكل الرئيس السابق لاتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية تحت غطاء الاحتجاج على “اليورو” والمطالبة بإعادة العملة الألمانية الوطنية “المارك”، وقال بيرند لوكي الرئيس السابق لحزب “البديل من أجل ألمانيا” إنه منذ أن هيمن اليمين المتطرف الألماني على الحزب أصبح مثل الجن الذي خرج من القمقم ولم يعد بالإمكان إعادته إلى مكانه.

عقِب هذه الاضطرابات استقال لوكي وهينكل من حزب “البديل من أجل ألمانيا” بعد أن تحول إلى تجمع للشعبويين الذين لا يقلون خطورة عن النازيين، وهذا يدعو إلى القلق على مستقبل ألمانيا، إذا أصبح هذا الحزب جزءا من الحياة السياسية الألمانية، خاصة إذا أدركنا أن رموز هذا الحزب في الوقت الراهن لا يختلفون في آرائهم السياسية عن قادة ما يسمى حركة “بيجيدا” العنصرية التي تأسست بمدينة “دريسدن”، بألمانيا الشرقية السابقة، واختارت اسمها “وطنيون ضد أسلمة أوروبا”، بحيث جعلوا الإسلام سببا لتحقيق أهدافهم السياسية.

لا مكان للإسلام في ألمانيا

حذَّر مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء من تزايد شعبية حزب “البديل” المعادي للإسلام في ألمانيا؛ حيث أظهر استطلاع للرأي أن 60% من سكان ألمانيا يوافقون على تصريحات حزب “البديل” الألماني المعادي للإسلام بخصوص أنه “لا مكان للإسلام في ألمانيا”.

وتابع المرصد أن الاستطلاع أوضح أن الشكوك بخصوص الإسلام منتشرة لدى غالبية ناخبي حزب “البديل” الألماني وباقي الأحزاب الأخرى، فحوالي 92% منهم يدعمون موقف الحزب، باستثناء حزب الخضر الذي لا يزال يظهر تأييدًا متواصلا لوجود الإسلام في ألمانيا.

وأضاف المرصد أن هذه النظرة السلبية تعكس الخوف من مزاعم “أسلمة ألمانيا” التي يروج لها حزب البديل الألماني، إذ تحدث أكثر من 46 بالمئة عن خوفهم من سيطرة الإسلام على البلاد.

وأشار المرصد إلى أن حزب البديل الألماني قد اعتمد برنامجه السياسي المعادي للإسلام في مؤتمره العام الأخير، وأعلن فيه أن “الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا”، ومن بين الخطوات التي يرغب الحزب في اتخاذها منع بناء المساجد.

وأكد المرصد أن حزب البديل الألماني يستغل الحوادث الإرهابية التي جرت في أوروبا مؤخرًا وتزايد عدد اللاجئين إلى ألمانيا من أجل حصد أصوات انتخابية أكثر، واستغلاله لهذه المخاوف مكّنه من اكتساح ثلاث ولايات مهمة في ألمانيا خلال الانتخابات التشريعية التي جرت قبل شهر تقريبًا.

ودعا المرصد المؤسسات الإسلامية داخل ألمانيا إلى استخدام كل الأدوات القانونية والإعلامية لمواجهة حملة الكراهية التي يشنها حزب البديل الألماني ضد الإسلام والمسلمين، وذلك برفع دعاوى ضده أمام المحاكم الألمانية؛ لأن برنامجه السياسي يتضمن تحريضًا واضحًا ومباشرًا ضد الإسلام والمسلمين، وهو ما يعد جريمة كراهية مكتملة الأركان.

موقف أنجيلا ميركل

في 19 إبريل 2016، رفضت الحكومة الألمانية السياسة المناهضة للإسلام التي يتبعها حزب البديل لأجل ألمانيا “إيه إف دي”، المناوئ للاتحاد الأوروبي والمعارض لعمليات إنقاذ اليورو، وقالت ميركل تعليقًا على ذلك “في ألمانيا لدينا دستور يكفل حرية الدين والمعتقد وهذا ينطبق بطبيعة الحال أيضا على المسلمين في بلادنا “، وذلك بعد اجتماعها مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في برلين.

ووفقا لصحيفة لابانجورديا الإسبانية قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت إن ميركل أكدت أكثر من مرة أن الإسلام ينتمى حاليًا لألمانيا بلا أي شك، مضيفًا أن الدستور يكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية دون أي عوائق، وأكد “هذا الأمر سار”.

يذكر أن نائب أحد رئيسي حزب البديل بيأتركس فون شتروخ قالت لصحيفة “فرانكفورتر ألجماينه زونتاجس تسايتونج” الألمانية، إن الإسلام في حد ذاته يعد أيديولوجية سياسية لا تتفق مع الدستور، وأشارت إلى أنه يعد “جسما غريبا” في ألمانيا ولا يمكنه أن يجد “وطنا” بها، ويعتزم حزبها المصادقة على البرنامج الأساسي له نهاية شهر إبريل.

أما ميركل فأكدت أن الإسلام لا يمكن إنكاره في ألمانيا لأن الدستور الألماني يضمن حرية الدين والعبادة، وأشارت الصحيفة إلى أن من بين مقترحات “البديل” لأجل ألمانيا هو حظر الرموز الإسلامية والدعوات للصلاة والحجاب والبرقع بالإضافة إلى وجود مراقبة أكثر صرامة على المساجد، مشيرة إلى أن في ألمانيا يعيش نحو 4 ملايين مسلم بعد أزمة اللاجئين المتفاقمة.

الإسلاموفوبيا

تعتزم الحكومة الألمانية اتخاذ قرار يقضي بتصنيف جرائم الإسلاموفوبيا، وجرائم الكراهية ذات الدوافع السياسية، تحت مسمى واحد، وذلك خلال مؤتمر يجمع وزراء داخلية الولايات الألمانية في يونيو المقبل، ووصف رئيس معهد أبحاث العنف والنزاعات بجامعة بيليفيلد الألمانية، البروفيسور أندرياس زيك، القرار المنتظر، بأنه “نهج صحيح”، مشيرًا إلى أن الأبحاث تكشف انتشارًا واسعًا للإسلاموفوبيا في البلاد.

وشدّد زيك، على أهمية كشف ماهية الدوافع للهجمات العدائية من الناحية القانونية، لإجراء تحقيق سليم حول هجمات العنف المتزايدة، لافتًا إلى ضرورة تعريف العداء ضد الإسلام والمسلمين بشكل جيد، وأوضح الأكاديمي الألماني أن “تصنيف الجرائم ذات الدوافع العدائية ضد الإسلام ضمن قائمة الجرائم العادية، أمر لا يمكن قبوله، وإذا كان أحد الأشخاص يتعرض للهجوم لكونه مسلمًا، فإن ذلك يستدعي تحديد تعريف خاص لهذا الجرم”.

من جانبه، رحّب رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا “أيمن مازيك”، بقرار الحكومة الألمانية في ما يتعلق بتصنيف الجرائم، مشيرًا إلى أنها “خطوة متأخرة”، وأن المجلس بذل جهدًا كبيرًا من أجل دفع السلطات الألمانية إلى اتخاذ مثل هذا القرار.

وقال مازيك إن التصنيف الجديد سيقدم إمكانية الحصول على معلومات موثوقة في ما يتعلق بالإسلاموفوبيا، وسيسهم في زيادة الوعي لدى المسؤولين والشرطة والشعب بشكل عام، حيال هذا الشأن، مضيفًا أن “الأهم من كل شيء، هو أن العنصرية المتزايدة بسرعة في ألمانيا، سيتم تصنيفها ضمن إطار جرائم الكراهية، وليس جرائم العداء للأجانب”، داعيًا الجهات المعنية إلى اتخاذ خطوات سياسية من أجل تشكيل كوادر لتعليم وتوعية المسؤولين وقوات الشرطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى