آخر الأخبار

أوكرانيا علمت بأن إيران أسقطت الطائرة حتى قبل اعتراف طهران لكنها صمتت لضمان التعاون معها بالتحقيقات

بعد ساعات فحسب من اعتراف طهران المفاجئ، يوم السبت 11 يناير/كانون الثاني 2020، بأن صاروخاً إيرانياً أسقط طائرة ركّاب أوكرانية، كشفت كييف عن حقيقة كبيرة تخصّها؛ فقد نشرت صوراً التقطت قبل يومٍ واحد من تلك التصريحات، تُظهِر حطاماً مليئاً بالثقوب الصغيرة يشير إلى الضرر الذي خلفته الشظايا.

أدركت أوكرانيا أن صاروخاً قد أسقط طائرتها، قبل اعتراف إيران باستهداف الرحلة رقم 752 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية خارج طهران، يوم الأربعاء 8 يناير/كانون الثاني 2020، ورغم ذلك، سلك قادة أوكرانيا مساراً دبلوماسياً مُفعماً بالحذر، وفقاً لما ذكرته صحيفة Washington Post، الإثنين 13 يناير/كانون الثاني. 

سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، قال في حديث أجراه مع الصحيفة الأمريكية إن «الحجج لم تكن قائمة بالفعل لينكروا (الإيرانيون) كل هذا».

بعد حادث سقوط الطائرة التي قُتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 راكباً، سُرعان ما تحدّث مسؤولون أمريكيون، وزعماء كندا وبريطانيا إلى العالم، بأنهم يعتقدون أن إيران ربما تكون هي الفاعل.

أما الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، فطلب من تلك الدول إمداده بالمعلومات التي لديهم، ولكنّه رفض إعلان أيّة استنتاجات توصّلت إليها أوكرانيا، الأمر الذي وصفه دانيلوف بأنه قرار استراتيجي.

أشار دانيلوف إلى أن بلاده توصلت إلى هذا الاستنتاج قبل الأمريكيين والكنديين، موضحاً أن أوكرانيا طلبت من محققيها جمع أدلة قاطعة من جانبهم، وقد توخّى المسؤولون الحذر لتجنّب توجيه انتقادات حادة لإيران خلال هذا الوقت، من أجل ضمان تعاونها في التحقيق.

كانت لدى زيلينسكي مهمة صعبة تتمثل في الحفاظ على تعاون الدول الغربية وإيران، دون الانحياز إلى صف أي من جانبي الصراع سواء إيران أو الولايات المتحدة، حسبما قالت كاثرين كوين جادج، المُحللة السياسية التي تقيم بمدينة كييف وتعمل لدى مجموعة الأزمات الدولية.

بعد أربعة أيام من سقوط الطائرة، أعلن زيلينسكي أنه والرئيس الإيراني حسن روحاني «قد اتفقا على التعاون القانوني والتقني الكامل، والذي ينطوي على قضايا التعويض».

من جانبها، قالت نينا يانكوفيتش، الباحثة لدى مركز ويلسون: «مرة أخرى، سار زيلينسكي بتوازنٍ على خيط دبلوماسي رفيع، ونأى بنفسه دون أن يضع نفسه في موقف حرج، وبالنسبة لسياسي مبتدئ مثله، يبدو أنه يتحلى بحسٍّ قوي حول كيفية استرضاء الأطراف المتنازعة من أجل حماية مصالح أوكرانيا».

توصلت أوكرانيا إلى نتيجة قاطعة مع إيران لم تتوصّل إليها مع روسيا في يوليو/تموز 2014، إبان إسقاط الرحلة 17 لطائرة الخطوط الجوية الماليزية، والتي أصابها صاروخ أُطلِق من أراضي المتمردين في شرق أوكرانيا المدعومين من موسكو، مما أدى إلى مقتل 298 على متنها.

في هذا السياق، قال دانيلوف: «منذ أن غادرت الطائرة من إحدى العواصم الأوروبية قبل خمس سنوات، لم تنته أوروبا بعد من التحقيق في هذه الكارثة ولم تستطيع أن تقول من هو المذنب. ولكن في حالتنا، استغرق فهم ما يجري وقتاً أقل من ذلك بكثير». 

كان فريق أوكراني مؤلف من 45 من الخبراء الموكل إليهم مهام البحث والإنقاذ، وكان بينهم بعض الذين شاركوا في قضية الخطوط الجوية الماليزية، قد وصلوا إلى طهران في وقت مبكر من يوم الخميس 9 يناير/كانون الثاني 2020، للتحقيق في سبب تحطم الطائرة، وتحديد هويّة جثامين الضحايا. 

بعد ذلك بيوم قال وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو: «كما يحدث في هذه الحالات، فإن فريق التحقيق ليس سعيداً (…) يريدون وصولاً أكبر وأسرع للمعلومات، ويريدون الحصول على مزيد من المعلومات، وهكذا دواليك. ومن الصعب للغاية أن نجزم ما إذا كانت هذه الطلبات مُبررة».

أظهرت الصور التي كانت بحوزة أوكرانيا ويُزعم أنها التقطت في موقع التحطم، وقد انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بقايا صاروخ من نظام الدفاع الجوي الروسي الصنع «تور»، والمعروف لدى الناتو باسم SA-15 Gauntlet. 

Висока професійність, оперативність і відданість. У страшній трагедії в Тегерані Україна показала, що має на кого…

يشار إلى أن روسيا قد صدّرت نظام الصواريخ أرض-جو هذا إلى عدة بلدان، من بينها إيران في عام 2005، وصّممت تلك المنظومة الدفاعية بغرض ضرب أهداف في المدى القصير إلى المتوسط.

كتب دانيلوف على صفحته على فيسبوك يوم الخميس أنه يريد من المحققين استقصاء موقع تحطم الطائرة لهذا السبب.

لكن تمثّلت إحدى التحديات التي واجهها المحققون، في التنظيف السريع والتجريف الذي شهده موقع التحطم، ونُقِلت أجزاء من الطائرة إلى حظيرة طائرات بالقرب من الموقع، إذ لم تعثر أوكرانيا على الصندوق الأسود للطائرة حتى يوم الجمعة الفائت.

أشار دانيلوف إلى «أن التكنولوجيا الحديثة والتبادل السريع للمعلومات والعمل مع موارد المعلومات التي لدينا اليوم في العالم يتيحون إيجاد إجابات لأسئلة بالغة الصعوبة، ونعتقد أنهم أدركوا بالفعل أن خيار أن الفاعل أحدٌ سواهم لم يعد قائماً». 

أضاف المسؤول الأوكراني أن «تحليل المعلومات التي كانت لدينا -ليس في طهران بل في أوكرانيا- أشار بالفعل إلى حقيقة إفلاسهم مما يمكنهم الوقوف عليه».

أشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن تجنب حدوث انشقاق دولي أكبر عقبة كبيرة أمام زيلينسكي، وفي خطاب وجهه للأوكرانيين عبر مقطع فيديو يوم الأحد الفائت، بدا زيلينسكي رصيناً منتصراً، إذ قال: «لقد عكفنا على الأمر بشكل منتظم، دون هستيريا، من أجل شيء واحد: الوصول إلى نتائج لمعرفة حقيقة ملابسات الحادث». 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى