تقارير وملفات إضافية

اجتماع بوتين-أردوغان لم يحسم الكثير من النقاط مثلما بدا.. مَن الفائزون والخاسرون من وقف إطلاق النار في إدلب؟

توصَّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، خلال لقاء في موسكو، إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في إدلب، الذي دخل حيز النفاذ ابتداءً من منتصف ليل الخميس 5 مارس/آذار، ويشمل الاتفاق 3 نقاط أساسية هي:

دعونا إذاً نلقي نظرة سريعة إلى الفائزين والخاسرين المحتملين في هذا الاتفاق، كما نشر موقع Middle East Eye البريطاني:

1- النظام السوري

انتقلت الأراضي السورية من أيدي المعارضة إلى قوات الأسد خلال الأيام الأخيرة مع احتدام القتال في إدلب. لكن لم يكن فوز قوات النظام مؤكداً بأية حال، وبالأخص في وجه جهود المعارضة المتجددة التي قاتلت وكأنها قوات برية نشطة بدعم من الطائرات بدون طيار والمدفعيات التركية. 

ونجحت في تدمير الكثير من الدبابات، وإسقاط 3 طائرات حربية خلال الساعات الـ72 الأخيرة، وتشير بعض التقديرات أيضاً إلى أنَّ الخسائر البشرية من قوات النظام السوري بلغت 2000 جندي. 

وكان سيصعُب للغاية على قوات الأسد الحفاظ على هذه الوتيرة في القتال، وتحديداً لأنه لم يعد لديها القوة البشرية اللازمة لشن هجمات متزامنة في أكثر من مكان، مثلما اتضح عندما ألغت هجومها منذ 3 أسابيع مضت خارج دار تعزة. ونقلت قواتها الهجومية إلى جنوب إدلب بدلاً من مجرد فتح جبهة قتال أخرى كانت ستنتهي بتعزيز موارد المعارضة.

2- روسيا 

من شأن وقف الأعمال القتالية أن يعطي قوات النظام السوري ما تحتاجه بالضبط، وهي فرصة لجمع شتاتهم أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، كانت روسيا وتركيا توشكان على الدخول في صراع، وكلتاهما كانت تدرك ذلك.

وبالتواجد في ساحات المعارك، يتضح أنه في الوقت الذي يصوب فيه الجنود الأتراك أسلحة الدفاع الجوي المحمول نحو الطائرات، هم لا يعرفون ما إذا كانت أي طائرة منها يسيرها طيار روسي أم سوري. 

وإذا أسقطوا طائرة روسية، فسيستتبع ذلك ردّ من موسكو. وكان هذا السيناريو سيحدث حتماً إن عاجلاً أم آجلاً. ومن ثم، يعطي هذا الاتفاق الفرصة لروسيا لتعديل وضعها والحفاظ على علاقات قابلة للتنفيذ مع أنقرة في هذه العملية.

بالنظر إلى ما سبق، فإنَّ روسيا مهتمة جداً بالحفاظ على خط الأنابيب الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، الذي اكتمل تشييده للتو والذي سينقل الغاز الروسي على طول البحر الأسود وصولاً إلى جنوب تركيا حيث سيقوم الأتراك بتوزيع الغاز على 15 مليون منزل في تركيا وأوروبا الشرقية.

3- تركيا 

أتاح وقف إطلاق النار لتركيا الفرصة لحماية جنودها. فقد قُتِل بالفعل ما لا يقل عن 35 جندياً تركياً في إدلب. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع تركيا الحفاظ على علاقاتها مع موسكو، وإلى جانب تأمين مصالحها في صفقة خط أنابيب الغاز، يمكنها التأكد من أنَّ صفقة شراء منظومة الدفاع الجوي الصاروخية “إس-400” التي وقّعتها مع موسكو ستصبح حقيقة.

إذ لا يزال الأتراك بحاجة إلى الخبرة والتدريب وقطع الغيار من الروس لتشغيل المنظومة. وربما لم تكن روسيا لتقبل بتقديم هذه المساعدة ما لم تكن القوات العسكرية للبلدين تفتحان النيران على بعضهما في سوريا.

إلى جانب ذلك، يسمح الاتفاق لتركيا بمحاولة إعادة بعض السوريين الذين طردوا من منازلهم إلى وطنهم مرة أخرى مع تقديم ضمانات تركية بسلامتهم. وسيُنظَر إلى ذلك محلياً على أنه فوز كبير لأردوغان.

1- قوات المعارضة السورية 

تعرف المعارضة السورية تمام المعرفة أنَّ نظام الأسد لم يحترم أي اتفاق لوقف إطلاق النار منذ بداية الصراع. وبدلاً من ذلك، تستغل قوات الحكومة فرصة الهدنة لتعزيز مواقعها على النحو الذي لا تستطيعه إذا كانت تحت النيران.

وهذا يعني أنَّ الصعوبات التي يواجهها المعارضون في طرد قوات الأسد من معقلهم في الوقت الحالي ستكون أكثر صعوبة بمجرد أن تُتاح لها الفرصة لجلب معدات جديدة وتحديث تحصيناتها.

وتشعر قوى المعارضة التي تحدث معها موقع Middle East Eye منذ التوقيع على الاتفاقية قبل ساعات قليلة بـ “الغدر”؛ فهي تجد نفسها متورطة في صفقة أخرى “لخفض التصعيد” بينما لم ينجح أي من اتفاقات التهدئة السابقة في الصمود.

ويشارك المعارضة في نفس الشعور، الجبهة الوطنية للتحرير المدعومة من تركيا والمقاتلين المتحالفين مع هيئة تحرير الشام والجماعات المسلحة الأخرى التي عملت جميعها مع تركيا والجبهة الوطنية للتحرير للدفاع عن أراضيها.

ومرة أخرى كانت تركيا وروسيا الضامنين لاتفاق “خفض التصعيد”، مثلما حدث في الاتفاقات السابقة الفاشلة. ولا يوجد أي قائد أو مقاتل واحد من المعارضة السورية تحدث معه موقع Middle East Eye يشعر أنَّ هذا الاتفاق الحديث سيكون مختلفاً بأي شكل من الأشكال.

2- اللاجئون السوريون 

نظرياً، قد تبدو إتاحة الفرصة لمليون لاجئ، الذين فروا من القتال خلال الأسابيع العشرة الماضية، للعودة إلى ديارهم، لكن واقعياً الأمر مختلف تماماً.

بالنظر إلى حقيقة أنَّ نظام لأسد لم يلتزم بأي اتفاق لوقف التصعيد في الماضي، يضاف إلى ذلك تاريخ تركيا بالامتناع عن بذل الجهد الكافي لمنع الطائرات الحربية الروسية من قصف المنازل والمدارس والمستشفيات السورية، سيشعر العديد من اللاجئين أنه من الأفضل العيش في خيام أو التكدس في منازل أقاربهم على الحدود التركية، بدلاً من العودة إلى منطقة قد يتبين أنَّ وقف التصعيد بها ما هو إلا خدعة أخرى.

وفي النهاية، من المستبعد أن ينجح الاتفاق في الاستمرار. إلى جانب ذلك، لم تحسم الأطراف النقطة الثانية الخاصة بالممر الأمني. فلا يزال يتعين عليها مناقشة المسألة والوصول لاتفاق نهائي عليها.

أما النقطة الثالثة فهي مشروطة بتسوية النقطة الثانية. فإذا لم يكن هناك اتفاق بشأن معايير “الممر الأمني”، فلن يكون للنقطة الثالثة الخاصة بمن يُسيِّر دوريات وأين يُسيِّرها أية أهمية.

هذا يدل على أنَّ الاجتماع لم ينتهِ إلى تسوية الكثير من النقاط مثلما بدا، باستثناء رغبة روسيا وتركيا في كبح اندلاع صراع محتمل بين قواتهما.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى