آخر الأخبارالأرشيف

استاد بورسعيد الجديد… هل يمحو آثار دمار مجزرة كان المتهم الأساسى فيها رجال الشرطة والمخابرات لم تهدأ لأربعة أعوام؟

يوم السبت في 20 آب/أغسطس خلال إجتماعه بوزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز، طلب عبد الفتّاح السيسي الشهير “ببلحة “بدراسة إنشاء استاد جديد في مدينة بورسعيد، ضماناً لتقديم خدمة رياضيّة متميّزة لأهالي المحافظة.
توجيه عبد الفتّاح السيسي بدا مفاجئاً، خصوصاً أنّ بورسعيد من المحافظات المنخفضة الكثافة السكانيّة (686 ألف نسمة)، ولديها استاد بالفعل. كما لم يكن إنشاء استاد جديد في المدينة ضمن المشاريع، الّتي قدّمها خالد عبد العزيز في المؤتمر الإقتصاديّ بشرم الشيخ في آذار/مارس من عام 2015، والمتعلّقة بإنشاء استادات في مدن مطروح والبحر الأحمر وجنوب سيناء والأقصر والشيخ زايد.

لم يحدّد السيسي موعداً محدّداً للإنتهاء من إنشاء الاستاد، هذا ما أكّده رئيس مديريّة الشباب والرياضة في بورسعيد علي أبو سمرة ، الّذي قال لـ”المونيتور”: إنّ المديريّة أعدّت قائمة بمواقع عدّة صالحة للإنشاء.

واستبعد أن يتمّ الإنتهاء منه قبل خمس سنوات على الأقلّ.

ولا يعتبر علي أبو سمرة الاستاد الجديد في المدينة محاولة لمحو آثار أعمال العنف الّتي شهدها الاستاد الحاليّ في عام 2012، بحسب تعبيره، أو سعياً إلى مزيد من الرفاهية لشعب بورسعيد، لكنّه بات ضرورة، خصوصاً في ظلّ الحال السيّئة للاستاد الحاليّ وحاجته إلى ترميم وتطوير عاجلين، متوقّعاً نقل أيّ نشاط رياضيّ، خصوصاً مباريات النادي المصريّ البورسعيديّ إلى الاستاد الجديد بمجرّد الإنتهاء من إنشائه.

وفي الأوّل من شباط/فبراير من عام 2012، قتل 72 مشجّعاً للنادي الأهليّ عقب مباراة كرة قدم جمعت فريقهم بالنادي المصريّ، ولقّبت الحادثة إعلاميّاً بمذبحة استاد بورسعيد، إذ لم تشهد الملاعب المصريّة سقوط مثل هذا العدد من الضحايا على خلفيّة أحداث شغب.

مجزرة

والمتهمون فى المجزرة البشعة :
عصام الدين محمد عبد الحميد سمك السن 57 ـ لواء شرطة – مدير أمن بورسعيد سابقا، وحاليا بديوان عام وزارة الداخلية.
عبد العزيز فهمى حسن سامى السن 57 – لواء شرطة – مدير الإدارة العامة للأمن المركزي بمنطقة القناة وسيناء سابقا، وحاليا بإدارة قوات الامن المركزى بالقاهرة ـ كارنية شرطة رقم 371\78
محمود فتحى محمد عز الدين السن 58 ـ لواء شرطة – نائب مدير أمن بورسعيد – كارنيه شرطة رقم 519\77
كمال على جاد الرب السيد السن 54 ـ لواء شرطة ومساعد مدير أمن بورسعيد للأمن العام.
أبو بكر أحمد مختار هاشم السن 54 – لواء شرطة ومساعد مدير أمن بورسعيد للوحدات
مصطفى صالح محمد الرزاز  السن 51 ـ عميد شرطة – مدير مباحث بورسعيد سابقا وحاليا بالادارة العامة للأدلة الجنائية كارنية شرطة رقم 390\82
هشام أحمد سليم السن 46- عقيد شرطة – مفتش الأمن العام ببورسعيد
بهى الدين نصر زغلول السن 47 ـ عقيد شرطة – مدير إدارة الأمن الوطنى ببورسعيد
محمد محمد محمد سعد السن 49- عقيد شرطة – رئيس قسم شرطة البيئة والمسطحات المائية ببورسعيد – كارنية شرطة رقم 468\\

ورغم مرور ما يزيد عن 54 شهراً، لا يزال “سيّد” يتّهم نفسه بالتّقصير في حقّ صديقه حامد فتحي أحد ضحايا الحادث، ويعتبر أنّه ما كان عليهما الانفصال بفعل الزحام الّذي أحدثه توافد المئات من جماهير النادي الأهليّ على البوّابة الوحيدة المخصّصة لدخولهم.

سيّد، المنتمي إلى مجموعة “أولتراس أهلاوي”، والّذي تحفّظ على نشر اسمه كاملاً مخافة تعرّضه لملاحقة عناصر الأمن، متّهماً إيّاها بانتهاز أيّ فرصة للتّنكيل بأعضاء مجموعات المشجّعين، قال لـ”المونيتور”: ما واجهه وأصدقاؤه في بورسعيد مترسّخ في ذهنه بكلّ تفاصيله، وسيبقى كذلك حتّى لو انتقل النشاط الرياضيّ للنادي المصريّ إلى استاد جديد.

براءات بالجملة للمتهمين من رجال الشرطة

إنّ تحقيقات النيابة في القضيّة أفضت إلى توجيه اتّهامات بالقتل لـ64 متّهماً مدنيّاً واتّهامات أخرى وجّهت إلى 9  من القيادات الأمنيّة في محافظة بورسعيد متعلّقة بتسهيل دخول المتّهمين موقع الحادث وإحجامهم عن مباشرة الواجبات الّتي يفرض الدستور والقانون القيام بها لحفظ النّظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال ومنع وقوع الجرائم.

وفي 9 آذار/مارس من عام 2013، حكمت محكمة جنايات بورسعيد بإعدام 21 متّهماً وبالمؤبّد لـ5 متّهمين وبالسجن 15 عاماً لـ6 متّهمين، من بينهم عصام الدين سمك مدير أمن بورسعيد الأسبق، العقيد محمّد سعد المسؤول عن تأمين بوّابة خروج جماهير الأهليّ، وبرّأت المحكمة 7 قيادات أمنيّة على رأسهم اللّواء عبد العزيز فهمي المدير الأسبق للأمن المركزيّ في بورسعيد، إلاّ أنّ المحكمة أعادت النّظر في هذه القضيّة لتقرّر في 9 حزيران/يونيو من عام 2015 الحكم بالإعدام على 11 متّهماً، والسجن المشدّد 15 عاماً لـ10 متّهمين، والسجن المشدّد 10 أعوام لـ15 متّهماً، والسجن 5 سنوات لـ11 متّهماً، والحبس 5 سنوات مع الشغل والنفاذ لـ4 متّهمين، من بينهم اللّواء عصام سمك والعقيد محمّد سعد، وبالحبس سنة مع الشغل لمتّهم واحد، وبرّأت 21 متّهماً من التّهم المنسوبة إليهم.

ورأى سيّد أنّ تبرئة 7 من بين 9 مسؤولين أمنيّين تعكس استخفاف جهات التّحقيق والدولة عموماً بالقضيّة، مذكّراً بما وصفها بفعاليّات كبرى قامت بها مجموعات “أولتراس أهلاوي” قبل المحاكمة وبعدها، تعبيراً عن اعتراضها على إبعاد مسؤولي الأمن عن دائرة الاتّهام وحصره بجمهور النادي المصريّ فقط.

وفي حديث هاتفيّ مع “المونيتور”، أبدت سماح سيّد، وهي والدة الشهيد كريم أحمد، عدم ارتياحها لما آلت إليه القضيّة وصدمتها لإدانة اثنين فقط من بين المسؤولين الأمنيّين وحبسهم 5 سنوات فقط، وتبرئة البقيّة، مشيرة إلى أنّ ثقتها في السلطات المصريّة، ومن بينها القضاء، تتلاشى عقب كلّ درجة من درجات التقاضي.

وعن إنشاء استاد جديد للمدينة واحتمال نقل الأنشطة الرياضيّة إليه، قالت سماح: إنّ كلّ قرار يتّخذه مسؤولو الدولة في ما يخصّ ملف القصاص للشهداء يجعلها متيقّنة أنّهم يرغبون فقط في إغلاق هذا الملف نهائيّاً وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل ثورة كانون الثاني/يناير.

ورأت أنّ المسؤولين ينظرون إلى المنافسات الرياضيّة على أنّها مجرّد وسيلة لإلهاء الشعب المصريّ، وخصوصاً شبابه، عن الشأن العام، مشدّدة على أنّ حقّ شهداء بورسعيد لا يذكره سوى أهلهم وأصدقائهم والمنتمين إلى مجموعات “أولتراس”.

واتّفق محروس يوسف، وهو والد الشهيد محمّد محروس، مع سابقته على تأكيد سعي الإدارة المصريّة إلى وضع نهاية للقضيّة بأقلّ خسائر يمكن أن تطال المسؤولين الأمنيّين.

“في البدء، قرّر النائب العام حظر النشر في القضيّة، واليوم يخطّطون لإنشاء استاد جديد”، قال محروس لـ”المونيتور”، لافتاً إلى أنّ قرار حظر النشر في القضيّة قلّل تدريجيّاً الاهتمام بها، رغم تفاعل الرأي العام المحليّ والعالميّ معها بمجرّد وقوعها.

وبحسب تعبيره، فإنّه مع مرور السنوات وتغيير ملعب النادي المصريّ، ستنسى الأجيال المقبلة المذبحة الّتي شهدها الملعب القديم.

القضيّة لم تغلق بعد، وقد يتغيّر الحكم بعد النّظر في الطعون الّتي قدّمها المتّهمون وحدّدت جلسة 17 تشرين الأوّل/أكتوبر للبدء بالنّظر فيها، إذ يتوقّع عضو هيئة الدفاع عن المتّهمين أشرف العزبي تخفيف الأحكام وانتهاء القضيّة من دون إعدام أيّ من المتّهمين، مؤكّداً لـ”المونيتور” أنّ تخفيف الأحكام سيأتي بعد نظر محكمة النقض للطعون بشكل أكثر موضوعيّة من سابقتها، خصوصاً في ظلّ وجود متّهم محكوم عليه بالإعدام يدعى حسن المجدي، وهو مشجّع للأهلي، وكان موجوداً بين جماهيره.

وأصرّ أشرف العزبي على أنّ الواقعة، رغم بشاعتها، إلاّ أنّها مجرّد حادث. وبحسب تعبيره، فإنّ تدافع مشجّعي الأهليّ نحو باب الخروج كان السبب الرئيس للوفاة، ولا دليل واحداً يثبت أنّها مدبّرة أو أنّ طرفاً ثالثاً متورّطاً فيها، رافضاً الاتّهام الّذي وجّهته النيابة لبعض المتّهمين باستخدام هراوات وآلات حادّة لقتل جمهور الأهليّ، قائلاً: إنّ التقارير الطبيّة لكلّ الجثث أثبتت الإصابات في أجساد الضحايا، ولم تثبت التعدّي عليهم بأسلحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى