آخر الأخبارتراند

اكتشاف الذات في أحداث المونديال

من روائع الأديب الكاتب

المهندس/ محمود صقر

وجود الحدث الرياضي العالمي على أرض عربية كان فرصة لإعادة اكتشاف الذات العربية.
وحين نقول الذات العربية نعني بها في هذا الحدث سكان المساحة الجغرافية الممتدة من الخليج إلى المحيط، بمن فيها من عرب وأكراد وأمازيغ ومسلمين ومسيحيين؛ فكلنا جميعا منصهرون تحت مظلة ثقافية مشتركة.

في اللحظة التي تعلقت فيها قلوب العرب المتابعين لكرة القدم بلاعبي المنتخب المغربي لم يكن مطروحا على بالهم إن كان هؤلاء اللاعبون عربا أم أمازيغَ، هل هم مسلمون أم مسيحيون؟ وحين شجع شعب الجزائر الفريق المغربي لم يكن مطروحا على باله الخلاف السياسي بين نظامي الدولتين.

تجمعنا نحن الشعوب العربية روح واحدة تعلو على الخلافات السياسية، وحتى الاختلافات العرقية والدينية والمذهبية، وكل ما يفرقنا استنادا إلى العرق أو الدين أو المذهب هو عمل مصطنع مقصود.

في لحظات عفوية ظهرت فيها الشعوب العربية متحررة من القيود القهرية السياسية سقطت كل محاولات التطبيع مع العدو “الصهيوني”، وكل الأموال والدعاية والقهر السياسي تبخرت في لحظات حرية عفوية ظهرت فيها المشاعر الحقيقية للشعوب العربية، وفي المقابل ظهرت القضية الفلسطينية حاضرة في قلوب وعواطف وعقول الشعوب العربية، كقضية مركزية تلتف حولها الشعوب العربية.

قدمنا نحن العرب صورة مشرقة عن مكانة الأسرة ومركزيتها في بنائنا الاجتماعي، ظهرت الصورة للعالم بشكل بدا عفويا وتلقائيا من خلال احتفالات لاعبي منتخب المغرب مع عائلاتهم في الملاعب، لكنها كانت رسالة قوية مضادة لرسالة الشذوذ التي يريد الغرب قهر العالم لقبولها، ورسالة حميمية لمشاهدي الساحرة المستديرة حول العالم، يتمنى كل صاحب فطرة سليمة نقية أن يحياها أيا كانت ثقافته وتوجهاته.

كل ما سبق ذكره لم يكن متاحا للظهور لولا تنظيم دولة “قطر” لكأس العالم، ولولا وقفتها الجادة لإبراز هويتنا العربية والإسلامية، وعنادها وصلابتها في مقاومة الغزو الثقافي الوحشي من منظومة العولمة التي يقودها الغرب.

لقد استطاعت “قطر” أن تقدم نموذجا مثاليا لاستخدام القوة الناعمة في الترويج لنفسها وللثقافة العربية من بداية المونديال وحتى لحظة تتويج “ميسي” بالعباءة العربية.

رابط المقال في موقع مجلة المجتمع الكويتية

https://mugtama.com/ntellectual/our-rise/item/145786-2022-12-21-11-48-14.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى