آخر الأخبارالأرشيفتراند

الإمارات تقود القطيع نحو التطبيع

بادية شكاط،كاتبة في الفكر،السياسة وحقوق الإنسان

بادية شكاط 

رئيسة إعلاميون حول العالم في الجزائر

عضو مؤسس

بينما يقول رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق شامير:“مالايتحقق بالقوة،يتحقق بمزيد من القوة”

حكام العرب يهندسون لإتفاقيات إستسلام مع إسرائيل ويدعونها بالسلام،ومعاهدات تساهل يدعونها بالتسامح.

فما قامت به الإمارات وماستقوم به غيرها من دول القطيع التي تساق بعصا أمريكا وإسرائيل كالسعودية ومصر،هو خيانة عظمى لقضية الأمة الإسلامية،ففي الوقت الذي يتبارى فيه اليهود على الإلتصاق بتوراتهم المحرَّفة،ينحرف حكام العرب بالوعي العربي،بوصف المعركة بين اليهود والمسلمين بأي شئ سوى بالدين،ويفترضون عملية التطبيع كعملية نفسية،حتى لاتدرك شعوبهم أنها عملية بنيوية متجذرة في بنية الدولة الصهيونية الغير طبيعية،والتي لاترى هي نفسها أنها دولة لمواطنيها بل تراها دولة لكل يهود العالم،إذ قامت بإصدار قانون العودة الصهيوني العنصري،الذي يمنح الحق لأي يهودي في العالم أن يهاجر إلى فلسطين المحتلة بعد فترة غياب بزعمهم قدرت بألفي عام،بينما يربض في مخيمات اللاجئين بجوار وطنهم المسلوب،فلسطينيون لايملكون حق العودة منذ أحقاب،لكنهم يحققون حلم رئيس وزراء اسرائيل الذي قال حين عودته من أمريكا:“حلم حياتي أن أكمل المستوطنات في بيت المقدس”.

فالسلام الذي هو دبلوماسية مرحلة،واستراتيجية ظرف،تريد الإمارات ومثيلاتها جعله أنشودة خلاص بدعوى الإقتداء بسيد الخلق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،الذي عقد معاهدة مع اليهود في المدينة،وهو الذي وجد اليهود يعيشون فيها من قبل مجيئه عليه الصلاة والسلام،فعقد الدستور المدني الأول في المدينة المنورة مع بنو النظير الذين أرادوا قتله،وبنو قريظة الذين خانوه في غزوة الأحزاب،فاليهود قتلة أنبيائهم لا عهد لهم،يقول عزوجل:“أو كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريقًا منهم” .

وكذلك فعلوا مع الدولة العثمانية التي ساهموا في إسقاطها رغم أنها خلصتهم من محاكم التفتيش في الأندلس،وجعلتهم يعيشون في كنفها،فلا وجه للشبه بين من عقد معاهدة سلام مع صاحب الأرض ومن عقد معاهدة إستسلام مع مغتصبها ،فذاك مواطن،والآخر محتَل،ولاندري كيف يمكن لمن يصفون أنفسهم بالمسلمين أن يعقدوا السلام مع الأشد كرهًا للمسلمين في العالمين،يقول عز وجل:“لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود”
وأيضا يقول تبارك وتعالى:“فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين”

فالذين يقدمون مبادرات سلام لليهود،هم مجرد أذناب وعملاء يريدون أن يحفظوا عروشهم وليس دينهم أوأمتهم،ففي الوقت الذي يعقدون فيه اتفاقية سلام مع اليهود،يسجنون علماء ومفكرين مسلمين،بل يسجنون عالمًا لأنه رأى حلمًا،خشية أن يتحقق حلمه فيخيب حلم إسرائيل.

ويحاصرون جارتهم قطر،ويتآمرون على شعوب الدول الإسلامية،بالمشاركة في الإنقلاب على شرعيتها السياسية،حتى لايكون لها التمكين،فيُمكَّن لها دينها الذي ارتضى لها ربها،ثم يزعمون أنهم يتحالفون مع إسرائيل وأمريكا لحماية دولهم وحفظ بيضة الإسلام من قبضة ملالي إيران،وكأن إسرائيل ليست هي من تمد إيران بالسلاح لقتل السوريين،اليمنيين والعراقيين،أو كأن أمريكا ليست هي الغطاء الذي تحتمي تحت مظلته ايران،إن هؤلاء مجرد أذناب نكصوا الأمة على أعقابها،فلم يفكروا بعاقبتها،ورضوا أن يكونوا البقرة الحلوب التي تستخدمها أمريكا مقابل حمايتهم من إيران،فكما يقول مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي“:“أمريكا لن تقتل الدجاجة (إيران) التي تبيض لها ذهبًا،فبشماعة إيران يحلب ترامب دول الخليج”.

فكل ماتحققه إسرائيل اليوم من انتصارات ليس لخير فيها،إنما هو لشر في عملائها،الذين جعلوها تسيطر على كامل ثروات دولهم،و تدير مصارفها المالية،وطريقة تعليمها،وتتحكم بمختلف وسائل إعلامها،فأحسن بذلك اليهود صياغة فكرهم،وبسط نفوذهم.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الإمارات الإقناع بأن اتفاقها التطبيعي جاء مقابل وقف خطة الضم الإسرائيلية،يزيل بنيامين نتنياهو عنها ذاك القناع،ويخبر بأن اتفاق السلام الذي أعلن قبل أيام مع دولة الإمارات قائم على السلام من منطلق القوة.

وأضاف على حسابه بالـفيسبوك:أنه بموجب هذا الاتفاق،لا يطلب من إسرائيل الانسحاب من أية أراض(نافيًا أكاذيب أبو ظبي التي قالت إن الاتفاق يستوجب وقف خطة الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة)…الإتفاق ينص على بسط سيادتنا على مساحة واسعة من يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) ولم يطرأ أي تغيير على الخطة…بموجب المعاهدة الحالية فإن إسرائيل لا تحتاج للانسحاب ولو من متر مربع واحد ناهيك عن خطة ترامب،بناءً على طلب مني،الذي ينص على بسط السيادة الإسرائيلية على مساحة واسعة من يهودا والسامرة”.

كما أنه سرعان ماظهرت تنتائج التطبيع بتشديد الخناق على غزة ومحاصرتها،وقصف الإحتلال الصهيوني المجرم لمواقع المقاومة الفلسطينية في غزة .

إذ قال جيش الاحتلال في بيان نشره على حسابه في موقع “تويتر”:“إن الغارات تأتي ردًا على إطلاق قذيفتين من القطاع باتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية له…قامت طائرات مقاتلة بمهاجمة أهداف أخرى لمنظمة حماس في جنوب قطاع غزة،وخلال الهجوم تم استهداف مجمع عسكري لتخزين الأسلحة الصاروخية”.

مايجعل من الضرورة بمكان أن يتحرك المخلصون من أبناء الأمة الإسلامية،لقطع شرايين هذا النفوذ،كبناء قواعد راسخة لإقتصاد إسلامي،وصرح تعليم يحفظ هويتنا الإسلامية،ويقوي شوكتنا العسكرية.

ولأن الإعلام كما يقول مالكوم إكس:“هو الكيان الأقوى على وجه الأرض،الذي بمقدوره جعل الأبرياء مذنبين والمذنبين أبرياء،وهو القوة التي تتحكم في الجماهير”،

فإننا نقترح أن يكون لإتحاد العلماء المسلمين قناة،تكون بمثابة المرجعية الإعلامية للمسلمين،فلا يمسها التطبيع من بين يديها ولا من خلفها.

فكما يقول المفكر مصطفى محمود رحمه الله في كتابه “إخلعوا الأقنعة أيها السادة”:“الدهاء والتخطيط يغلب السلاح أحيانا،والإيمان له فعله الساحر الذي يغلب فعل التكنولوجيا،والحق أقوى من الذرة،ونحن كثرة وهم في اسرائيل قلة،ونحن على الحق وهم على الباطل،ونحن معنا الله،وهم معهم أمريكا”.

فمتى تعود أمتنا الإسلامية إلى مطارق الجهاد الذي لانُدحة عنه؟ ولاسبيل للإنتصار إلا به؟

يقول المفكر عبد الوهاب المسيري رحمه الله:“كلما ازداد الإعتدال العربي إزداد التطرف الصهيوني،وزاد التمسك بالمستوطنات وبكل شبر من الأرض المحتلة،والعكس بالعكس،فكلما زاد التطرف العربي أي المقاومة والحوار المسلح،إزداد الصهاينة رشدًا واستعدادًا لتقبل فكرة السلام “.

فلا أمان لمن سلبوا من أرضنا الأمان،ولا ثقة في من لهم الثقل العقدي في المنطقة،فاستخدَموه في ابتزازات مالية أغنت خزائن النظام الدولي،وحققت الحماية للإجرام الصهيوني،فعلى أبناء الأمة الإسلامية عدم الإئتمان على مفاتح بيت الله،وهي بين يدي من خان بيت المقدس.

وسيبقى التطبيع مع إسرائيل خيانة،فالمجد لأحرار الأمة الإسلامية،والمجد لشعبنا الجزائري المسلم،الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني،المؤمن بالقضية الفلسطينية،و بأن القدس هي عاصمة فلسطين الأبدية.

 

بادية شكاط كاتبة في الفكر،السياسة وحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى