آخر الأخبار

“الاتفاق أو التدخل التركي”.. ماكرون يوجه رسالة لقادة الأحزاب ويحذِّرهم من تكرار السيناريو الليبي في لبنان

الاتفاق أو السيطرة التركية، في لقائه مع قادة الأحزاب اللبنانيين، حذَّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن عدم الاستناد إلى المبادرة أو “الميثاق” الذي قدَّمته فرنسا سيُفضي إلى تدخُّل تركي، وسيطرة أنقرة على الشمال اللبناني. 

في قصر الصنوبر، حيث الاجتماع، كان الرئيس الفرنسي يحاول تصدير التجربة الليبية إلى اللبنانيين، حيث تركيا تمارس دوراً فعالاً هناك، يضيف الرجل وخلال لقائه، أنه يناضل في ليبيا لوقف الدور التركي الذي يعمل بشكل كبير مع حكومة الوفاق “معترف بها دولياً”، وأن فرنسا وحلفاءها يدركون خطر التمدد التركي في المنطقة.

مصادر مطلعة على تفاصيل الاجتماع أفادت لـ”عربي بوست” بأن ماكرون حاول من خلال كلماته الإشارة إلى أنه لا مفر من الاتفاق والقبول ببنود الميثاق، وبدا في كلمته أنها موجهة بشكل أكبر إلى المسيحيين والشيعة.

ما جاء في خطاب ماكرون تزامن وبشكل لافت مع هجوم واسع على تركيا في وسائل الإعلام اللبنانية الممولة إماراتياً، وأوامر بتجاهل الدور الإغاثي التركي الذي قدمته بعد الهجوم.

يقوم الإعلام المحسوب على التيار الوطني الحر، وهو تيار رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره الوزير جبران باسيل، بالهجوم على فكرة تشغيل مرفأ طرابلس، إذ صرح ناجي الحايك أحد مستشاري باسيل، عبر صفحته على فيسبوك، قائلاً: “كأنه مطلوب أن يصبح التموين بيد مرفأ طرابلس (شمال) الواقع إلى حد ما، في مرمى سيطرة الإسلاميين”.

هجوم تضافر مع ما أشار إليه باسيل سابقاً في إطلالته الإعلامية على قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال، حين وجَّه سهامَه نحو مجموعة من القادة الأمنيين، وقال فيها باسيل: “هناك تمدّد تركي في لبنان، سياسي وأمني ومالي، وأنا أريد أن أنبِّه وأحذِّر بأن هناك قادة أجهزة أمنية لبنانية على رأس عملهم بالجيش، وقوى الأمن يعلمون بذلك ويسهِّلون حدوثه”، ولم يقدم الرجل دليلاً واحداً على كلامه.

التيار الوطني الحر كان له رأي مشابه، إذ زعم موقعه أن المواد التي تسببت في الانفجار “مواد مصادَرة من باخرة تركية كانت متوجهة لإرهابيي سوريا” حسب زعم الموقع، وهو ما أشعل هجوماً حاداً من قِبل بعض الناشطين والمتابعين، ضد ما يحاول التيار الوطني فعله.

لفت متابعون إلى أن إعلام الرئاسة اللبنانية استثنى عبر صفحته الرسمية على فيسبوك الاتصال الذي جرى بين عون والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي بادر بالاتصال بعون مُعزياً والذي أبدى جهوزية أنقرة لمساعدة الحكومة اللبنانية عبر دعمها بطواقم طبية ومستشفيات ميدانية ومساعدات غذائية دون أن تبادر الرئاسة بالرد على المبادرة التركية.

 وعقب الاتصال وصلت وفود مؤسسات إغاثية تركية ومستشفيات ميدانية ومستلزمات طبية، فيما وصلت فِرق الإسعاف والهلال الأحمر التركي منذ اليوم الثاني إلى بيروت، وساهمت في عمليات رفع الأنقاض بالمرفأ ومحيطه بالتعاون مع جهات إغاثية رسمية لبنانية.

فيما أشار مدير مرفأ طرابلس، الدكتور أحمد تامر، لـ”عربي بوست”، إلى أنه أُبلغ من الجانب التركي وصول باخرة محملة بأطنان من القمح هبة من الحكومة التركية للبنان.

تروي صحفية لبنانية في إحدى الفضائيات اللبنانية “يمينية مسيحية”، لـ”عربي بوست”، أنها أُبلغت من إدارة الأخبار في محطتها بعدم الالتفات إلى الدور الإغاثي الذي لعبته تركيا في الأزمة الأخيرة “انفجار مرفأ بيروت”، وعند استفسارها عن السبب وعدم مهنية الموضوع، أجيبت بأنها “طلبات بعض الأصدقاء الخليجيين”.

يقول رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية النائب عماد الحوت، إنه لابد من تأكيد الترحيب بزيارة الرئيس الفرنسي التي أحرجت جميع المسؤولين الحاليين والسابقين، ووضعتهم أمام مسؤولياتهم تجاه شعبهم.

وحول تصريحات ماكرون عن الدور التركي في الشمال اللبناني، يقول إن “هذا الكلام لم يصدر بشكل رسمي عن الرئيس الفرنسي وإنما في إطار التسريب. وفي كل الأحوال، لبنان اليوم أحوج ما يكون إلى ترميم علاقاته الخارجية، لاسيما مع أشقائه العرب والمسلمين، وتركيا من بينهم”.

ومن ثم فإن التواصل مع الأتراك أو مع غيرهم ليس بتهمة، والمساعدات الإغاثية التركية وغيرها مرحَّب بها، المهم ألا يتحول هذا التواصل إلى بقاء بيروت رهن قرار دولة أخرى، ويرى أن مصلحة لبنان أن يحيّد نفسه عن الصراعات الدولية والإقليمية الدائرة في المنطقة فيما عدا الصراع مع العدو الصهيوني طبعاً.

وحول محاولات ربط الجماعة بالمحور التركي يؤكد الحوت أن “كثرة الكلام عن هذا الموضوع مرتبطة بصراع المحاور في المنطقة، ومن ثم فإن المتأذِّين من الدور التركي المتنامي (يغمز الحوت من قناة الإمارات ومصر) يسعون إلى إيجاد نوع من الدعاية حول التدخل التركي كنوع من الضغط الاستباقي؛ لمنع تمدد هذا الدور إلى لبنان. في كل الأحوال نحن لا نعتبر التواصل مع كل من يريد الخير للبنان ولشعوب المنطقة تهمة، وإنما المهم أننا لا نرهن قرارنا ولا نستخدم شعبنا اللبناني كورقة في خدمة هذا المحور أو ذاك”.

وفيما يتعلق بتشغيل مرفأ طرابلس يشدد المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الشمال اللبناني، إيهاب نافع، على أن مرفأ طرابلس كان منذ نشأته مرفأ لكل اللبنانيين، وأن مواطني الشمال اللبناني لم يميزوا قط بين لبناني وآخر، ورغم الضرر اللاحق بطرابلس من جراء الإهمال المتعمَّد لم يكن أهل طرابلس والشمال يوماً متعصبين.

وأبدوا كل انفتاح على جميع الطوائف والمذاهب، رغم أنهم يرون ويسمعون كل يومٍ خطاب الحقد والكراهية من وزراء ونواب كان الأجدر بهم أن يكونوا وزراء ونواباً لكل لبنان، فإذا بهم وزراء ونواب لأحزابهم وتياراتهم فقط، حتى إنهم تناسوا أبناء مذهبهم وحاربوهم؛ لعدم تلاقي المصالح.

وبعد لقائه مسؤولين لبنانيين، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة الأحزاب اللبنانية، وأبلغهم بنود مبادرته، أو ما سماها بالميثاق، قائلاً إنها ستكون الفرصة الأخيرة للسياسيين اللبنانيين، وأشار في لقائه معهم إلى أن المجتمع الدولي بات يدرك تماماً أن الوضع الحالي في لبنان يحتاج إلى إصلاح شامل، وعلى القادة والساسة إدراك ذلك.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى