آخر الأخبارالأرشيف

الاستبداد في السعودية على وشك أن ينتهي..المعارض السعودي وضابط سلاح الجو السابق يحيى العسيري

المعارض السعودي وضابط سلاح الجو السابق يحيى العسيري

أجرت صحيفة الوطني الجزائري التي تصدر بالفرنسية حوارا مع المعارض السعودي يحيى العسيري، تناولت فيه الشأن الداخلي السعودي ومستقبل المملكة في ظل حكم آل سعود وعن علاقات المملكة بالغرب والمتشابهات الفكرية بين تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والأسرة الحاكمة في السعودية، وفيما يلي ترجمة الحوار:

الرأي العام الدولي لا يعلم عن نظام آل سعود إلا ما يرد إليه عبر وسائل الإعلام العالمية المهيمنة والمتملّقة، كيف تصفون الوضع في المملكة السعودية؟

المشكلة الأكبر في السعودية هي الاستبداد الذي طال أمده ويسيطر على كل شيء، لايوجد أي رأي أو سماح بالمشاركة للمجتمع في أي شيء، تسيطر الأسرة الحاكمة على كل شيء، وعندما أقول كل شيء فأنا أعني كل شيء بلا استثناء، من الإدارة السياسية إلى تفاصيل الحياة اليومية، مرورًا بالدين والثقافة، حتى تلك الأمور البعيدة عن السياسية تم السيطرة عليها والاستبداد بها، فلا يوجد استقلال حتى في كرة القدم مثلًا، الإعلام والتجارة والمؤسسات العسكرية والمؤسسة الدينية كلها بين أصابع السلطة، هذا الغياب التام للمجتمع أنتج حالة معقدة ويصعب على العالم فهمها، فالجيل الحالي الآن جميعهم ولدوا والحال هكذا، ومن لم يسافر كثيرًا أو يدرس طريقة عيش العالم الآخر ويدرس تاريخ الجزيرة العربية قبل هذا الحال فـإنه يستطبع الحال ولا يرى فيه إشكال كبير، باستثناء الشكوى من الإشكالات التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر.

أي أن المواطن البسيط يتضجر ويشتكي من سوء الخدمة الصحية، وانتشار البطالة، وتدني الأجور وعدم تغطيتها للمصاريف الطبيعية وخاصة بعد ارتفاع الأسعار، ويشتكي من ضعف التعليم ولجوء الشباب للتعلم في الخارج، ويشتكي المواصلات وانتشار الفقر والاعتقالات السياسية، هذه قضايا يلامسها بشكل يومي ويشعر بها، ولكن قليل منهم يشتكي من السيطرة والنفوذ للأسرة والملازمة للفساد واستغلال الثروة، والمتلاعبة بكل مفاصل الدولة كالقضاء والمؤسسة العسكرية، والفرض الديني لمدرسة ضيقة وليس لها جذور راسخة في التاريخ الإسلامي، بالإضافة إلى سيطرة الثقافة للأسرة وفرضها على ثقافات المجتمع ومحو انتماءات المجتمع الدينية والثقافية وصهره جميعًا بالقوة ومع الوقت في ثقافة وهوية الحاكم.

كما أن البعض لا يزال يبحث عن شماعات يحمّلها أسباب الإشكالات التي يعاني منها ويغض الطرف عن أن المتسبب بأي إشكال هو من يمسك بزمام كل شيء بمفرده، وهو وحده من يتحمل كل المخرجات الناتجة بعد استبداده.

نسمع عن عمليات إرهابية متفرّقة هناك.. ما تفسيرها؟ من يقف وراءها؟

المدرسة الدينية والخطاب الديني الذي ترسخه السلطة والذي تستمد منه السلطة شرعيتها هو خطاب واضح وصريح ولا تتنكر له السلطة، وهو خطاب يقول إن التظاهر والاعتراض على الحاكم والمطالبة بالحقوق، خروج على ولي الأمر، وتصرفات كهذه جريمة وفتنة، وهذا بوضوح هو استعداء للعمل المدني السلمي، في الوقت ذاته تقول تلك المدرسة الدينية الرسمية إن المتغلب الذي يفرض قوته بالسلاح هو ولي صاحب شرعية.

بوضوح، هذه المدرسة التي صنعتها السلطة، والتي ولدت من اتفاق ابن عبدالوهاب وابن سعود، ولا تزال تتطور وتتحور وفق رغبات السلطة الحاكمة، بوضوح هي تقول وترسخ وتدرس للأجيال أن التغيير السلمي حرام وممنوع، وأن التغيير بالعنف والتسلط والتغلب بالقوة هو السبيل الوحيد.

وهذا هو تفسير ارتباط العنف بضحايا هذه المدرسة، من ينسجمون ويصدقون هذا الخطاب فهم بلا شك سيصبحون إقصائيين تكفيريين عنيفين يترددون بين طبقات هذه المدرسة من داعش يمينًا للجامية يسارًا، جميعهم يملكون نفس الفكرة والخلاف بينهم بسيط جدًا وهو في تحديد شخص الحاكم المتغلب، هل هو بن سعود أو بن لادن أو البغدادي.

هل يمكن اعتبار داعش عدوة لنظام آل سعود علما أن هذا التنظيم وليد الوهابية؟

بالتأكيد أنهما أعداء، وأن كل منهما يتحين الفرصة للآخر ويوجه له ضربات موجعة، ولكن كما ذكرت في السؤال السابق أن المدرسة واحدة، وأن الخلاف فقط في اسم الحاكم لا أكثر، وإلا كلهم يختزلون التاريخ الإسلامي العظيم في مدرسة ضيقة ضعيفة علميًا ونشاز.

السلطات السعودية هي من وضع البذرة وأسس المدرسة ولا زالت تكيفها لمصالحها ولكنها تحصل بها انشقاقات من حين لآخر، ربما من الانشقاقات المبكرة والواضحة هي عندما أرادت السلطة أن تكيف فتوى المدرسة لتغير فتواها، وفتواها تتغير دائمًا حسب الطلب، فعندما أراد الملك عبدالعزيز تغيير فتوى أن التعامل مع الكافر كفر، بعد أن كفر بها العثمانيين ثم قاتل القبائل وقام بمجازر بحجة أنهم تولوا الكفار العثمانيين، وبعد ذلك أراد تغيير الفتوى ليظهر تعامله مع البريطانيين، تم تغيير الفتوى، إلا أن بعض البسطاء السذج الذين صدقوا فتاوى مدرسته في نسختها القديمة احتجوا عليها بعد التحديث وإصدار نسخة جديدة، وسموا حينها إخوان من أطاع الله وقاتلهم عبدالعزيز حتى قضى عليهم بعد أن كانوا جنوده الذي استخدمهم في قتل الأبرياء.

السعودية

ما سر علاقات الغرب الديمقراطي مع نظام آل سعود الاستبدادي؟

الثابت الوحيد لدى الأسرة الحاكمة هو البقاء في الحكم، والثابت الوحيد لمدرستهم الدينية هو إرضاء الحاكم وتطويع الدين لينسجم معه، لذا فإن السلطات السعودية تبذل كل شيء لتعزيز التحالف مع الغرب الديموقراطي، وذلك لتحصل على علاقات جيدة وحماية، ووجود نفط وخيرات في بلادنا بأيدي الأسرة وحدها، والشعب لا يستطيع السؤال عنها، سهّل للسلطة إرضاء الغرب بالمال وأغراه بذلك، وفي الغالب أن السياسات لا ترتكز على القيم بقدر ما ترتكز على المصالح، للأسف.

قال ضباط سامون في وكالة الاستخبارات الأمريكية إن للمسؤولين السياسيين الأمركيين مصالح مادية مباشرة مع آل سعود، إذ إنهم هم الذين يسيّرون الشركات النفطية السعودية ويستحوذون على الثروات البترولية هناك.. ما تعليقكم؟

لا أعرف عن ذلك، الذي أعرفه والذي يهم هنا بالدرجة الأولى هو أن هذه الثروة للأمة وليست للأسرة، وأن استئثارهم بها هو فساد وجريمة، وأن الشعب، كل الشعب، لا يعرف أي شيء عن توزيع وإنفاق هذه الثروة، وأن الأسرة تستنزف هذه الثروة لمصالحها الشخصية، سواء بالسرقات والنهب المباشر الذي ينعكس على حياتهم العامة وواضح للعالم في شكل قصور وسيارات وتجارات وحياة فارهة باذخة لامثيل لها، أو في دعم وتعزيز العلاقات بقوى في كثير من الأحيان هي قوى شر.

يقول الشيخ عمران حسين إن السعودية وإسرائيل “إخوتان” وإن الكيان الصهيوني ونظام آل سعود يحميان بعضهما البعض.. هل توافقون الشيخ عمران حسين في هذا الطرح؟

لا، إسرائيل تستشعر ضعف موقفها في المنطقة، وخاصة من الناحيتين التاريخية والأخلاقية، فمن الناحية التاريخية هي تبني وطنها على أنقاض بيوت الأبرياء الذين قتلتهم وهجرتهم، وأخلاقيًا هي ترتكب كل الجرائم بلا هوادة، هذا الضعف يؤثر في علاقاتها ويؤثر في موقفها حتى لدى أكبر داعميها، هذا الشعور يدفعها للبحث عن حلفاء، والسعي لإقناع العرب بتطبيع العلاقات معها وتغاضي إشكالاتها الأبرز في الأخلاق والتاريخ، هذا يدفعهم للسعي لبناء علاقات.

في الجانب الآخر النظام السعودي، هو ضعيف أيضًا إذ لا شرعية حقيقية له، تاريخيًا هم بغاة سطوا على القبائل وأخذوا أموالهم وصادروا خيراتهم وأملاكهم وقرارهم، وشرعيًا هم يستندون على الفكرة الوهابية وهي تهترئ الآن وتضرب دينيًا من داخلها وخاصة بعد داعش التي وضحت بعض عيوبها، وكما سبق، فإن الثابت الوحيد لهم هو تعزيز موقفهم السياسي للبقاء أطول مدة ممكنة، لذا فإن إسرائيل بالنسبة لهم ليست أخت، وإنما قد تعاديها في لحظة إذا رأت أن المصلحة في عدائها، وقد تواليها وتهادنها، كله وفق المصلحة للأسرة الحاكمة فقط، والحال هكذا مع الجميع، مع إيران مثلاً، قبلها مع العراق، لا يوجد لديها ثوابت في الصداقات أو العداوات سوى ما يضمن بقاء الأسرة الحاكمة، ومهما كان الثمن ضد الوطن والناس.

كم عدد المعارضين لنظام آل سعود الاستبدادي؟

العدد كبير، ولكن الإشكال في ضعف الإمكانات وفي شدة القمع، فمن في الداخل يخشون البطش والقمع الشديد، ومن في الخارج لس بأيديهم أدوات فاعلة لصناعة تأثير حقيقي قوي وفاعل حتى هذه اللحظة.

كم عدد السجناء السياسيين؟

لا يوجد لدينا أرقام رسمية نظرًا للغموض الذي يلف القضية، تعترف الحكومة بأربعة آلاف، ولكن كرقم تقديري نحسبه بنسبة استيعاب السجون مضروبة في التكدس الحاصل فإننا نظن الأرقام تقارب الثلاثين ألف معتقل، قد تزيد وقد تنقص.

كيف تتم معاملتهم في السجون؟

في أغلب الأوقات تتم ممارسة التعذيب في التحقيق، وعندما يكون المعتقل متهم بالعنف فهذا يعزز موقف السلطة ويضعف وضع المعتقل ويتعرض للتعذيب دون أن يسأل عنه أحد، أما البقية، فالسجون السعودية بشكل عام متروك لها الأمر، فلا يوجد رقابة شعبية ولا إعلام حر ولا منظمات تراقب الانتهاكات، والقضاء يعزز ويدعم موقف وزارة الداخلية ويقبل الأقوال المنتزعة تحت التعذيب ولا يهتم بشكاوى التعذيب، لذا فلا يوجد أي شيء يحدهم عن الانتهاك.

هل يُسمح للمساجين بالدفاع عن أنفسهم وتوكيل محامين من أجل ذلك؟

في حالات قليلة، وفي كثير من الحالات لا، وفي كثير من الحالات لم يعرضوا على القضاء إلا بعد مرور عشر سنوات سجن بلا محاكمة، إضافة إلى أن أغلب المحاكمات سرية وفي بعض الأحيان لا يعرف المعتقل إلا وهم يقتادونه للمحكمة.

هل هناك محاولات لإنشاء أحزاب معارضة في الخارج لقلب نظام الحكم وإحلال الديمقراطية هناك؟

نعم وأظن ذلك سيرى النور قريبًا بإذن الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى