الأرشيفتقارير وملفات

الجامعة العربية تحتضر وأبو الغيط النحس الفاشل مؤهل لدفن جثتها

فى 30 يونيو المقبل  سيترك الأمين العام لجامعة الدول العربية الحالي  نبيل العربي منصبه  وذلك بعد طلبه رسميا  بعدم رغبته في التجديد له لفترة ثانية وعلى ضوء ذلك رشحت مصر الدبلوماسي احمد أبو الغيط لمنصب الأمين   العام   لجامعة الدول العربية وهو  آخر وزير  خارجية عمل مع الرئيس المطاح به  حسني مبارك . و. أعلنت الخارجية المصرية أنها اعتبرت أن مرشحها يتمتع بثقل وخبرة دبلوماسية كبيرة، وأنه ينال “تأييدا قويا وعريضا من الدول العربية الشقيقة”.

برغم حالة الغضب التي انتابت ألآف العرب  على مواقع التواصل من اختيار وزراء الخارجية العرب يوم10 مارس2016  لوزير خارجية مصر السابق أحمد أبو الغيط ليصبح الأمين العام الثامن لجامعة الدول العربية فقد اعتبر كثيرون أن أبو الغيط هو” الرجل المناسب للمرحلة الغامضة التي تمر بها الجامعة العربية” فتاريخه الدبلوماسي بلا انجازات تذكر والجامعة معروف عنها أنها بدورها بلا مواقف كما انحرفت  عن دورها في عدة ملفات  عربية  حارقة

مثل ملفات سوريا وليبيا واليمن “

وحتى طريقة اختيار أبو الغيط جاءت  وحسب توصيف العديد من المراقبين العرب غامضة فقد أثار تحفظ دولتي قطر والسودان على اسمه  ارتباكا للاجتماع الوزاري الذي عقد الخميس 10 مارس 2016..

*أبو الغيط القادم من عصر الانحطاط ما قبل الربيع العربي.

مثل  أبو الغيط الذي لم يعرف له  ولاء حزبي أو انتماء فكرى أو سياسي وخلال أربعة عقود مصر في عواصم ومحافل كبيرة  وبدأ  أبو الغيط التدرج في رحلته الدبلوماسية عام 1965 تنقل خلال هذه الفترة بين سفارات بلاده فى نيقوسيا وموسكو وروما ونيويورك وبين الدواوين والسكرتاريات الخاصة بوزارة الخارجية  ورئاسة الحكومة المصرية  قبل أن ينتهي به المطاف ممثلا لبلاده لدى الأمم المتحدة عام 1999  وظل في ذلك المنصب خمس سنوات إلى أن طفا اسمه على  سطح  الدبلوماسية المصرية مع تكليفه بمنصب وزير خارجية بلاده عام 2004 حيث أصبح واجهة للنظام المصري ومواقفه. وظل في ذلك المنصب  حتى عام 2011 حين أقيل بعد أسابيع من ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك  والتي لم تكن كافية لنزعه من منصبه فاستمر في حكومة أحمد شفيق عقب الثورة وهي الحكومة التي استمرت الثورة ضدها حتى أطاحت بها  في مثل هذا اليوم من العام 2011

اثر ذلك توارى أبو الغيط عن الأنظار حتى نسيه الكثيرون باستثناء من قرؤوا كتابه الأخير “شهادتي” الذي صدر في العام 2012 وكان بمثابة مذكرات للوزير المصري السابق خلال فترة تولّيه رئاسة الدبلوماسية المصرية (2004-2011) حتى ظن البعض بأن نشر هذه المذكرات بمثابة تقاعد عن العمل السياسي.

لكن اسم أبو الغيط عاد ليتردد مرة أخرى على الساحة الدبلوماسية كمرشح لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي سيخلو بمغادرة نبيل العربي الذي رفض الاستمرار لفترة جديدة.

وبهذا يصبح أحمد أبو الغيط القادم من عصر الانحطاط ما قبل الربيع العربي وحامل لقب “آخر وزراء الدبلوماسية المباركية”  الأمين العام للجامعة العربية للسنوات الخمس المقبلة

*إخفاقات دبلوماسية بالجملة .

ترشيح أبو الغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية يستدعي النظر في الفترة التي شغل الرجل خلالها منصب وزير الخارجية في مصر وهي بالذات الفترة التي ما زالت مصر تدفع ثمنها حتى اليوم.

فالي  جانب المشهد الأكثر شهرة لوزير الخارجية المصري الأسبق  أثناء وقوفه إلى جانب نظيرته الإسرائيلية” تسيبي ليفني” في القاهرة وهي تلوح بقبضتها في ديسمبر 2008 معلنة أن إسرائيل ستمحو المقاومة الفلسطينية وهو ما كان بمثابة إعلان للحرب الإسرائيلية على غزة التي سميت باسم “الرصاص المسكوب”. و مثل تلك التصريحات العدائية من قبل ليفني آنذاك  لم تنجح  في نزع الابتسامة الدبلوماسية عن وجه وزير الخارجية المصري  فان هناك مشهد أخر   لأحمد  أبو الغيط  الذي كشف فيه عن  منسوب دبلوماسي  غير مسبوق   حين سارع في إنقاذ الوزيرة الإسرائيلية ليفني وفي ذات  اليوم  أي في ديسمبر 2008من الوقوع أرضا حين تعثرت في سيرها إثناء  نزولها من المنصة التي كانت تقف عليها   وتطلق وعيدها للفلسطينيين في غزة  بالويل والثبور وعظائم الأمور . ما أثار انتقادات حادة له في العالم العربي..

*صمت عن اعتداء إسرائيل على غزة

وصمت “أبو الغيط” لاحقا على الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة الذي راح ضحيته أكثر من 1450 شهيدا وأصيب أكثر من 5450 آخرين فضلا عن  ما التدمير الممنهج   للبنى التحتية  ومنازل ومساجد ومنشات خاصة وعامة.

وفي ذروة   العدوان الصهيوني على غزة  نشب توتر شديد عند معبر رفح بين الفلسطينيين  الغزاويين  الذين تدفقوا على المعبر بهدف الدخول إلى مصر  هربا من القصف الإسرائيلي  وببن قوات الأمن المصرية صدرت عن ابر الغيط  تهديدات بقطع أرجل أي فلسطيني يتخطى الحدود مع مصر  وقد اثأر ذلك  التصريح غضب قطاع كبير من الشعب العربي آنذاك  .

وبدلا من إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة  وجه  أبو الغيط اللوم لحركة حماس وحملها مسؤولية ذلك العدوان  وصرح بأن “مصر قامت بتحذير حماس منذ فترة طويلة بأن إسرائيل ستقوم بالرد بهذا الأسلوب” مضيفا: “فليتحمل اللوم هؤلاء الذين لم يولوا هذا التنبيه أهمية”…ونفس تصريحات أبو الغيط العدوانية ضد الفلسطينيين   تثير اليوم  علامات استفهام حول كيفية تعامل هذا الرجل  كأمين عام للجامعة العربية  في القريب  مع القضية الفلسطينية وحركة المقاومة “حماس” وهل سيواصل مهاجمتها واتهامها بـ”الإرهاب” خاصة أن الأمين العام غالبا ما يسير وفق موقف الدولة المضيفة  والتي هي مصر التي تعادي حركة حماس حاليا أم ستختلف مواقفه؟.

سيفى

*تآكل دور مصر الإقليمي

كما ان  فترة تولي أبو  الغيط  منصب وزير الخارجية وكما يجمع المتابعون للشأن المصري  شهدت تآكل دور مصر الإقليمي وانكماش علاقاتها الإفريقية وهو ما أدى لاحقا إلى الاصطدام بأزمات أبرزها اليوم أزمة “سد النهضة” الإثيوبي.

ويجمع الكثير من المحللين المصريين بالخصوص  على ان  فترة تولي أبو الغيط لوزارة الخارجية المصرية  لم تكن من الفترات الغنية في الدبلوماسية المصرية بأي حال من الأحوال  ففي عهده  انتقلت القضية الفلسطينية بالكامل إلى جهاز المخابرات العامة الذي كان  يشرف عليها  عمر سليمان وتراجع الدور الدبلوماسي فيها والأوضاع الإقليمية كانت تسير وفقا للترتيبات الإقليمية عقب غزو العراق في العام 2003. كما إن  فترة تولي أبو  الغيط  منصب وزير الخارجية وكما يجمع المتابعون للشأن المصري  شهدت تآكل دور مصر الإقليمي وانكماش علاقاتها الإفريقية وهو ما أدى لاحقا إلى الاصطدام بأزمات أبرزها اليوم أزمة “سد النهضة” الإثيوبي. كما سيطرت على العلاقات المصرية السودانية أزمة حلايب وشلاتين الحدودية.

*أسوأ أزمة سياسية مع “حزب الله” وإيران والجزائر.

ولا يمكن كذلك إلا التوقف عند مواقف أبو الغيط  المرتبطة بحركات المقاومة بشكل عام ففي عهده عرفت مصر أسوأ أزمة سياسية مع “حزب الله” بلغت ذروتها بعد الإعلان عن توقيف ما عرف إعلاميا بـ “خلية سامي شهاب” مع العلم بأن مواقفه العدائية حيال حركات المقاومة لم تقتصر على هذا الأمر إذ اتسمت تصريحاته “الدبلوماسية” بهجمات حادة على حركة “حماس” و “حزب الله”

وقبل ذلك وتحديدا في جوان  2007 تحدث أبو الغيط عن وجود إيراني في غزة في أعقاب سيطرة حركة “حماس” على غزة في تصريحات أثارت ردود أفعال إيرانية وفلسطينية  غاضبة وهو ما دفع الرئيس مبارك شخصيا للتدخل لتهدئة الانفعالات  ونفي أقوال  وزير خارجيته

وفي  جويلية  2008 احتجت وزارة الخارجية المصرية  على فيلم تسجيلي إيراني عن الرئيس الراحل أنور السادات بعنوان “إعدام فرعون” وبرغم إدانة وزير الثقافة الإيراني  آنذاك  للفيلم إلا أن الخارجية  المصرية كان لها رد فعل شديد اللهجة وبعدها ألغى رئيس اتحاد كرة القدم مباراة دولية ودية بين المنتخبين المصري والإيراني..

واللافت أن أهم الأزمات التي واجهتها مصر دبلوماسيا في فترة تولي أبو الغيط منصب وزير الداخلية كانت أزمة العلاقات مع الجزائر في عام 2009 وذلك على خلفية المباراة الشهيرة بين منتخبي مصر والجزائر في كرة القدم في ملعب  أم درمان. وبدلا من احتواء الموقف فإن الطريقة التي تعاملت بها الدبلوماسية المصرية مع ما حدث أدت إلى اندلاع أزمة حادة بين البلدين تم على أثرها ترحيل العمال المصريين من الجزائر.

*خشونه دبلوماسية.

وعلى الصعيد الدولي كان أهم ما واجهته الدبلوماسية المصرية  في عهد أبو الغيط هي الضغوط الأميركية والأوروبية من أجل الإصلاح الديمقراطي خاصة بعد حبس المرشح لرئاسة الجمهورية أيمن نور.

وفى موقف أظهر فيه خشونه دبلوماسية أعلن أبو الغيط في جانفي 2008 قطع العلاقات المصرية مع البرلمان الأوروبي وإلغاء اجتماعات اللجنة السياسية للمشاركة المصرية الأوروبية احتجاجا على تقرير للبرلمان الأوروبى بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر غير مكتف برد فعل مجلس الشعب المصري  بمقاطعة الاجتماعات البرلمانية الأورومتوسطية ولكن ما لبثت وزارة الخارجية  المصرية ومجلس الشعب أن تراجعا عن المقاطعة وشارك رئيس البرلمان  فى الاجتماعات البرلمانية في أثينا في شهر مارس 2008 وشارك وزير الخارجية أبو الغيط  في اجتماعات المشتركة المصرية الأوروبية ببروكسيل فى شهر أفريل 2008

*مصر ليست تونس.؟؟

أبو الغيط كان له تصريح شهير أيضا نفى  فيه أن ثورة ستحدث في مصر و ظل ينفي أن يحدث في مصر ما جري في تونس وكان صاحب العبارة الشهيرة عقب اندلاع ثورة  25 يناير “إن مصر ليست تونس” واصفا توقع انتقال أحداث تونس لمصر بأنه “كلام فارغ”. لافتا إلى أن لكل مجتمع ظروفه التي لا تتشابه مع المجتمع التونسي.

وأثناء الثورة المصرية  ظهر أبو الغيط في لقاء على قناة “العربية” وذكر أن أسباب اندلاع الثورة هي نتائج انتخابات مجلس الشعب التي أجريت في 28 نوفمبر 2010 والتي اتهمها معارضو النظام بأنها انتخابات مزورة وأيضا  تقدم سن الرئيس مبارك وعدم معرفة خليفته في الحكم والحديث عن التوريث أو عدمه كان من الأسباب الضاغطة لاندلاعها. ورد على المطالبات الأمريكية للنظام المصر بتطبيق إصلاحات فورية قائلا: إن “ذلك يعنى فرض الإرادة الأمريكية على مصر” ولوح بأن القوات المسلحة المصرية قد تضطر إلى التدخل حال حدوث فوضى وذلك لاستعادة زمام الأمور.

أبو الغيط رد أيضا على المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران على خامنئى الذى قال إن “أسباب اندلاع الثورة هي سياسة الرئيس مبارك الموالية للولايات المتحدة وإسرائيل” بالقول  “بأن كلامه يكشف عن مكنون ما في صدر النظام الإيراني من أحقاد تجاه مصر ومواقفها السياسية وأنه لم تفاجئ بما تضمنته خطبة خامنئى من تطاول على مصر”

كما أصدر أبو الغيط  أثناء الثورة مرسوما يهدد فيه الدبلوماسيين المصريين بالفصل من العمل لو ثبت ذهابهم لميدان التحرير.

أيضا اتهم أبو الغيط في تصريحات له الشباب المصري المشارك في الثورة حينها “بالعمالة لصالح أمريكا” مشيرا إلى أن “التجهيز لثورة 25 يناير بدأ منذ عام 2005 والتي شهدت خلافات بين الولايات المتحدة ومصر في عهد الرئيس حسنى مبارك”.

وأضاف أن أمريكا كانت تنفق “بتوحش”حسب عبارته  على منظمات المجتمع المدني المصرية  والتي بلغت قيمتها نحو 250 مليون جنيه سنويا  لافتا إلى أنه قام بإخبار الرئيس مبارك بتلك التمويلات والأهداف منها.

وقال أبو الغيط حينئذ أن خطة الأمريكان وحلفائهم لإسقاط مصر كانت تعتمد على تدريب منظمات المجتمع المدني مشددا  “إن المصريين كان لديهم رغبة في التغيير أثناء عهد مبارك إلا أن المساعدة الأمريكية هي التي أسهمت في ذلك.”

*أزمة قتل سفير مصر في العراق.

كذلك اتسمت مرحلة تولي أبو الغيط منصب وزير الخارجية بأزمات أخرى خطيرة أظهرت تخبطا في إدارة الدبلوماسية المصرية وكان من بينها اغتيال سفير مصر في العراق إيهاب الشريف في جويلية  2005   وكانت تلك الأزمة   من اكبر الأزمات التي واجهت أبو الغيط عقب عام واحد من توليه حقيبة وزارة الخارجية المصرية حيث اتهمه معارضوه بـ “الجهل” بسبب الدفع بالشريف إلى العراق رغم عمله الدبلوماسي السابق بإسرائيل والذي جعله هدفا  سهلا للجماعات المسلحة هناك

وقُتل  السفير “الشريف” عقب أيام من اختطافه على يد أفراد من تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين” والذي كان يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي وقِيل في بيان أعلنه التنظيم آنذاك إن مقتل الشريف جاء بسبب عمله الدبلوماسي في إسرائيل وذلك ضمن مقطع مصور ظهر فيه الشريف معصوب العينين

*صدام  مع قطر..

والملاحظ انه  وخلال التصويت على ترشيحه لمنصب ألامين  العام  لجامعة الدول العربية  يوم 10مارس  واجه  أبو الغيط الذي يقال بأنه  مقرب من المؤسسة العسكرية المصرية رفضا قطريا  ليس بسبب مواقفه العدائية لقطر خلال توليه حقيبة  وزارة الخارجية المصرية من 2004 حتى 2011 ولقناة  “الجزيرة” فحسب والتي عبر عنها مرارا ولكن أيضا لان الدوحة المتنافرة مع القاهرة وغير الراغبة بتسهيل مهمة المرشح المصري تبرر رفضها بأن أبو الغيط الذي كان ضد الثورة على مبارك والتي دعمتها الدوحة وكرست لها إمكانيات كبيرة بغية إحلال “الإخوان المسلمين” مكانه لا تريد أن يقال إنها دعمت من خاصمته في السابق

والأخطر من ذلك أن الدوحة عملت  على أكثر من صعيد لتسويق فكرة “الرئاسة الدورية” للجامعة بحيث لا تبقى محصورة بمصر (الاستثناء التاريخي الوحيد كان مع التونسي الشاذلي القليبي) ويبدو أن الجزائر تؤيد انتقال الرئاسة إلى دولة أخرى لكنها ليست ضد مرشح مصري

أيضا من أسباب اعتراض قطر على  أبو الغيط  هو كشقه وخلال إحدى اللقاءات التلفزيونية عن أن مصر هي التي أفشلت قمة قطر لدعم غزة أُثناء العدوان عليها لأنها لم تكن رغبة الرئيس حسني مبارك وقتها

وقد علق أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آنذاك  على إفشال مصر لقمة دعم غزة قائلا: “ما إن يكتمل النصاب لعقد القمة العربية حتى ينقص ..حسبنا الله ونعم الوكيل”.

كما اتهم أبو الغيط قطر قائلا: “قطر رأس الحربة الأمريكية لتنفيذ سياستها” وقال: “أن أمير قطر أنقلب على رؤساء الدول العربية لحساب الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ خططها في الوطن العربي”.

*مغزى ترشيح  أبو الغيط  .

وبالنظر إلى الأداء المتواضع للدبلوماسية المصرية  في فترة ابو الغيط  وبالنظر إلى ممارساته وتصريحاته  التي لم يتقيد  فيها بالأطر الدبلوماسية  والتي  أثارت الجدل تارة  والدهشة تارة أخرى تبعث على السؤال عن مغزى ترشيحه لتولي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية..

الجواب على هذا السؤال  جاء على  سياسيين ودبلوماسيين مصريين استجوبتهم صحيفة “السفير” اللبنانية  مؤخرا  من بينهم حمد بهاء شعبان الأمين العام لـ “الحزب الاشتراكي المصري” الذي قال  إن “واقع الأمر يشي بأن مستودع النخبة العربية يتآكل سريعا. هناك تجريف سياسي واضح ولم تعد هناك مؤسسات تنتج كوادر وكفاءات. وثمة وقائع محددة توضح صعوبة إيجاد كوادر صالحة لمناصب عليا. وهذا هو السياق الذي يتم فيه ترشيح ابو الغيط أمينا عاما لجامعة الدول العربية”.

ويضيف شعبان  “للسفير” أن “موقع الأمين العام سياسي بالضرورة ويجب أن يتولاه شخص له موقف قومي ولكن للأسف فقد أصبح المعيار في الاختيار هو المرشح الحاصل على رضى أميركي”.

ويذكر شعبان بأن “أداء أبو الغيط في وزارة الخارجية المصرية كان ضعيفا بشكل عام إن لم يكن سيء أحيانا”، موضحا انه “برغم تولي أبو الغيط منصب وزير الخارجية في وقت برزت فيه الحاجة الى دور مصري حقيقي فإن هذا الدور المصري تردّى أكثر فأكثر فأدارت الخارجية المصرية ظهرها لإفريقيا وانكمشت إقليميا”.

ويرى شعبان أن “أبو الغيط قد يكون جيدا على المستوى المهني ولكن هناك مناصب لا تكفي فيها المهنية وإنما تحتاج إلى رؤية وموقف واضح وفي بعض الأحيان تحتاج إلى خيال وأبو الغيط محدود القدرات وترشيحه نتيجة لإفلاس الواقع العربي”.

ولكن في الوقت الذي يرى البعض في أبو الغيط مرشحا محدود القدرات وأن تجربته لا تؤهله للمنصب فإن المشكلة الأكبر  في تقدير البعض من المراقبين تكمن في إن جامعة الدول العربية نفسها أصبحت في وضع لا يحتاج إلى الكثير من القدرات. فدور جامعة الدول العربية في القضايا والأزمات الرئيسية في المنطقة يأتي في المرتبة الأخيرة بعد دور القوى الدولية والقوى الإقليمية وحتى دور بعض الدول العربية منفردة. والأمر لا يمكن تفسيره بشخص الأمين العام للجامعة بقدر ما يفسره وضع الوطن العربي وما يعانيه فضلا عن المصالح المتضاربة للدول العربية تجاه كل أزمة بحيث لا يمكن جمعها في موقف واحد.

وفي هذا السياق يقول مساعد وزير الخارجية  المصري الأسبق للشؤون العربية السفير هاني خلاف في حديث إلى صحيفة  “السفير” إن “منصب الأمين العام للجامعة العربية لم يكن يوما من مفاتيح الحركة الفاعلة في المنطقة إلا أن بعض الشخصيات مثل عزام باشا وعمرو موسى كان لهم الكثير من المبادرات والإضافات الفردية وهي مبادرات وإضافات لكن لم يعد التنظيم الإقليمي العربي يحتمل مثلها فالعمل العربي بات مجرد حشد للأصوات ولم تعد القدرات الشخصية تمثل مخرجا أو تأثيرا”.

ويوضح خلاف “من الواضح أن الفعل الحقيقي في المنطقة العربية لا يعتمد على ما يجري في جامعة الدول العربية بل أصبح يعتمد أكثر على ما يجري في الشارع العربي. لذا فأنا أميل في الفترة المقبلة إلى توقع دور أكبر لدور البرلمان العربي برغم أي ملاحظات عليه وهذا البرلمان يمكن أن يكون أكثر فاعلية مستقبلا من جامعة الدول العربية”.

من جهته يرى احمد بهاء شعبان تطور جامعة الدول العربية التي كانت رمزا لمرحلة التحرر الوطني في السابق بشكل مختلف فيقول في حديثه الى “السفير” إن “نظام جامعة الدول العربية لم يعد قادر على الوفاء بالحد الأدنى مما ورد في ميثاق الجامعة. والمواقف العربية أصلا أصبحت متضاربة بشدة. فما الذي يجمع نظام السعودية والنظام السوري مثلا؟ وقس على ذلك كثيرا”.

ويعتقد شعبان أن “الجامعة العربية لم تعد مؤسسة ذات بعد قومي أو عروبي بل أصبحت خاضعة لمراكز القوى وبخاصة دول الخيلج كما يجب أن يكون هناك رضا أمريكي  في كل ما تتخذ من قرارات”.

ويضيف شعبان “أظن إن النظام السياسي العربي قد انتهى بالفعل منذ غزو العراق وهو كان يحتضر لفترة طويلة، منذ ما بعد حرب أكتوبر 1973 وللأسف فإن النظام المصري ساهم في إضعافه وهو ما تبدى في عجز النظام العربي في التعامل مع اجتياح الكويت في العام 1991، وفشله في التعامل مع غزو العراق في العام 2003 وسلسلة خيبات ممتدة في التعامل مع القضية الفلسطينية… لم يعد هناك نظام عربي”.

ومع ذلك يرى شعبان أن “النظام المصري ومثلما كان سببا في انهيار النظام العربي فإن مصر في حالة بناء تجربة سياسية ديمقراطية قوية يمكن أن تساهم في بعث النظام العربي مجددا”..

الكاتب والإعلامي  الجزائري أنور مالك أكد وتعليقا على مغزى  ترشيح أبو الغيط للأمانة العامة لجامعة الدول العربية في إحدى الصحف العربية  أن “أقذر مرحلة بتاريخ جامعة الدول العربية هي التي قادها فيها نبيل العربي والأسوأ هي التي ستأتي مع أبو الغيط وهذا ليس تشاؤما بل معرفة بحقيقته” مضيفا “وجود أبو الغيط على رأس جامعة الدول العربية لن يضيف لها شيئا بل ستبقى رهينة تراكمات فاشلة مادام يتداول على أمانتها وزراء خارجية دولة المقر!”. بينما علق سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة “الشرق” القطرية على موقف قطر من أبو الغيط قائلا “كما أن أبوالغيط كان يدافع عن مصلحة بلاده عندما كان وزيراً للخارجية فإن تحفظ قطر عليه مسألة طبيعية في ظل مواقف سابقة للأمين العام القادم” وسخر قائلا.

ترشيح أبو الغيط لرئاسة جامعة الدول العربية يكشف “عن الردة الكبرى التي يقودها نظام السيسي الانقلابي ضد الثورات العربية وضد الربيع العربي وضد فلسطين وقطر تحديدا وضد الحرية والعدالة والكرامة التي طالبت بها الشعوب العربية وهو إعلان للعداء لمن يدعم قيم الحرية في الوطن العربي وفي مقدمتها دولة قطر”

ولكن وبقطع النظر عن كل هذا التقييم لأداء ومواقف احمد أبو الغيط عندما كان رئيسا للدبلوماسية المصرية  والتي  تجعل من ترشحه لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية غير موفق. ففي تقديري  و بالنظر إلى الحالة التي وصلت إليها جامعة الدول العربية من جمود يصل إلى حد الموت فان  يبدو أبو الغيط مؤهلا جدا أكثر من إي احد أخر   لدفن جثتها التي بدأت في التحلل بالفعل وإكرام الميت دفته ! ! !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى