الأرشيفتقارير وملفات

الحليف الأمريكي يُعرِّي السعودية

أثارت انتقادات الرئيس الأمريكي باراك أوباما للسعودية استهجان مسؤولي المملكة، حيث انتقد الأمير السعودي تركي الفيصل الرئيس أوباما؛ بسبب ما قاله عن أن السعودية لا تقوم بما يكفي لمساعدة الولايات المتحدة على مواجهة مشكلات الشرق الأوسط. ورفض الأمير تركي الفيصل وصف الرئيس الأمريكي أوباما للسعودية بأنها “راكب مجاني”.

وجاءت تصريحات الفيصل ردًّا على مقال نُشر الاثنين الماضي للرئيس الأمريكي في مجلة “ذي أتلانتك” الأسبوعية، انتقد فيه الدور الإقليمي للسعودية، واتهمها بتأجيج الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وأن المملكة تغرد خارج السرب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، وانتقد أوباما ما يراه تمويلًا للرياض للتعصب الديني ورفضها التوصل إلى التعايش مع إيران.

 وكان أوباما قد وبخ السعودية؛ لما قال إنه محاولة من الرياض للتأثير في الدول الإسلامية الأخرى، خاصة إندونيسيا، عن طريق تصدير الفهم السعودي الأصولي للإسلام، وقال أوباما: إن المنافسة بين السعوديين والإيرانيين، التي ساهمت في إشعال حروب بالوكالة وإحداث الفوضى في سوريا والعراق واليمن، تتطلب منا أن نقول لأصدقائنا وللإيرانيين أن يجدوا طريقة فعالة تمكنهم من أن يتعايشوا معًا وأن يؤسسوا لسلام بينهم.

السعودية المنزعجة

تصريحات أوباما لم تعجب الفيصل؛ ما دفعه للرد عليها عبر مقالة في صحيفة “عرب نيوز” السعودية المحلية، التي تصدر باللغة الإنجليزية، خاطب بها أوباما قائلًا: تتهمنا بإذكاء الفتنة الطائفية في سوريا والعراق واليمن، ثم تزيد الطين بلة، وتطلب منا أن نتعايش مع إيران التي وصفتها أنت بأنها راعية للإرهاب؟

واستعرض الفيصل الخدمات التي تقدمها السعودية لأمريكا، وألمح إلى الضرر الذي يعود على الرياض جراء هذه الخدمات، حيث أكد أن السعودية تشتري السندات الحكومية الأمريكية ذات الفوائد المنخفضة التي تدعم واشنطن، وتبعث آلاف الطلبة إلى الجامعات الأمريكية وبتكلفة عالية، كما تستضيف المملكة أكثر من 30 ألف مواطن أمريكي وبأجور مرتفعة.

وتساءل الفيصل في مقاله عن سبب هجوم أوباما على المملكة، قائلًا: هل هذا نابع من استياء أوباما من دعم المملكة للشعب المصري الذي هب ضد حكومة الإخوان المسلمين التي دعمتها أنت، أم هو نابع من ضربة الملك الراحل عبد الله على الطاولة في لقائكما الأخير، حيث قال لك: لا خطوط حمراء منك مرة أخرى يا فخامة الرئيس، أم أنك انحرفت بالهوى إلى القيادة الإيرانية إلى حد أنك تساوي بين صداقة المملكة المستمرة لثمانين عامًا مع أمريكا وقيادة إيرانية مستمرة في وصف أمريكا بالعدو الأكبر والشيطان الأكبر؟

هجوم أوباما.. لماذا الآن؟

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نقاشات دارت بين مسؤولين سعوديين وأمريكيين، قُبَيْلَ شن عملية “عاصفة الحزم” باليمن، وقالت الصحيفة إن وزير خارجية السعودية “عادل الجبير” أخبر مستشاري “أوباما” أن السعودية وجيرانها الخليجيين على وضع الاستعداد للبدء في حملة عسكرية؛ دعمًا للحكومة اليمنية، وأن الهجوم قد يكون سريعًا نسبيًّا. مضيفة أن النقاش الأمريكي السعودي استمر لمدة يومين في البيت الأبيض، لكنه لم يكن نقاشًا حقيقيًّا، والبيت الأبيض كان في حاجة لإرضاء السعودية، في ظل توجه الإدارة الأمريكية حينها للانتهاء من الاتفاق النووي مع إيران.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي وافق على قيام البنتاجون بتقديم الدعم للحملة العسكرية التي تقودها السعودية باليمن، لكن بعد مرور عام أصبحت الحرب تمثل كارثة إنسانية لليمن، ووجدت وكالات الاستخبارات الأمريكية أن فرع تنظيم القاعدة باليمن ازدادت قوته في ظل الفوضى؛ ما جعل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتعرض حاليًّا لانتقادات من كل الأطراف. فعلى الرغم من تقديمها الدعم الاستخباري والوقود للطائرات الحربية في الجو وآلاف الذخائر المتقدمة للتحالف الذي تقوده السعودية، إلا أن الحلفاء العرب يشتكون من أن الدعم الأمريكي فاتر ومفروض عليه كثير من القيود.

وعلى الجانب الآخر يحث منتقدو المشاركة الأمريكية في الحرب البيت الأبيض على عدم تقديم أي دعم عسكري بشكل عام في هذه الحرب المتهورة، حيث أشار السيناتور الأمريكي “كريستوفر مورفي”، عضو لجنة العلاقات الخارجية عن الحزب الديمقراطي، إلى أنه من الصعب عليه إيجاد ما يدعم فكرة أن الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية يخدم مصالح الأمن القومي الأمريكي، مضيفًا أن نتيجة الحرب في اليمن هي قتل كثير من المدنيين، وزرع بذور أزمة إنسانية، وخلق مساحة لنمو الجماعات المتطرفة جدًّا في المنطقة.

تصريحات أوباما بشأن السعودية انسجمت من حيث المضمون مع كلام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حيث قال إن الولايات المتحدة تدعم السعودية؛ لأن المملكة كانت مهددة بشكل مباشر، وأكد أن واشنطن لن تدعم كل حروب السعودية في الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى