آخر الأخبارتقارير وملفات

الدولة الفاشلة وصناعة الازمة

الكاتب الصحفى والمحلل السياسي

د.محمد رمضان

نائب رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

ما هو مفهوم الدولة الفاشلة؟ وهل هو مفهوم سياسي متفق عليه بين مختلف الباحثين؟ هل فشل دولة ما يرتبط بسياساتها الاقتصادية أو سيطرتها على السلطة؟ كيف استخدمت الآلة الاعلامية في مصر هذا المصطلح لتبرير القمع وتقنينه؟ هل قامت بتحريف المفهوم أو لي ذراعه حتى يتوافق مع الترويج لـ”فوبيا” ضد سقوط الدولة، التي يتبناها السيسي في خطابه الجماهيري في مؤتمر الشباب الأخير؟ وأخيرًا بمقاييس الباحثين الذين تناولوا المفهوم: هل مصر دولة فاشلة، أو دولة ضعيفة، أو أنها خليط غير متجانس من الاثنتين؟

تقوم الآلة الإعلامية الفاشلة للنظام المصري بترويج مصطلح “الدولة الفاشلة” لخلق رهبة عامة من سقوط الدولة.

أن مصطلح الدولة الفاشلة في بداية ظهوره ركز على الأداء الاقتصادي لهذه الدول، واقتصر على تسميتها بالدول الضعيفة، ثم لجأ إلى استخدام مصطلح “الدولة الهشة” بصفتها خطرًا يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويؤسس ملاذات آمنة للإرهابيين. كما وأشار إلى التخبط الحاصل في المفهوم نفسه، الذي تأرجح بين مفهوم الدولة الضعيفة والفاشلة والمنهارة، “فالمصطلحات تم تسييسها، وتم ترويج خطاب عالمي مطلق حولها”، وقد تم كل هذا بعيدًا عن المؤشرات التي وُضعت لتقييمها.

وعلى أي حال فإن مفهوم الدولة الضعيفة أو الفاشلة يستند في جوهره إلى طبيعة هيكلتها، وإلى ضرورة ضبط المفاهيم المتعلقة بالكفاءة في إدارة الدولة والشرعية، كما يتناول ما يقوم به قادة الجيش منذ إستلاء الجيش على السلطة من تغذية الانقسامات الاجتماعية في سبيل إطالة مدة بقائهم في الحكم، كما هو الحال في مصر، التي تشهد استقطابًا حادًا في الآونة الأخيرة خاصة بعد تولي عبد الفتاح السيسي الحكم.

تختلق المشاكل لالهاء الشعب عن القضايا الاساسية والمحورية ،فتذكي مشاعر العنصرية البغيضة بين ابناء الشعب لاثارة الفتنة وتصبح الدولة في مناي عن الانتقاد وكشف الفساد المستشري في كافة القطاعات ،
انتهت مباراة القمة بين الفريقين علي الفوز ببطولة افريقيا لابطال الدوري ، فاز الاهلي وخرجت جماهيره تعبر عن فرحتها في حدود المسموح به من الامن الفاشل ،
رفعت شعارات عنصرية وتشبيه انسان بكلب وسباب وشتائم لا يمكن ان تكون من مشجعي كره بل بلطجية لا علاقة لهم بالرياضة ،
ماذا فعل شيكابالا ليهان بهذه الطريقة ويسب علي مراي ومسمع من الجميع ؟

هذه التصرفات المسيئة والتي تجد لها مروجين في إعلام جبلاية القرود وفِي الشارع يقف وراءها اجهزة امن النظام الذي يسعي لالهاء الشعب وايقاع الجميع في شرك العداء الذي لا اساس له ولا وجود له الا في عقلية المتخلفين فقط ،

الامثلة في هذا المجال كثيرة ولَم تتوقف عند حد معين بل تجاوزت الحدود الرسمية للدولة ، ولا ننسي ما حدث بين منتخب مصر ونظيرة الجزائري عام 2010 قبيل المباراة الفاصلة للتاهل الي كاس العالم في ام درمان وكيف صنعت الازمة بين شعبيه ليكون المقابل تمرير التوريث وتزوير انتخابات النواب .
فعلي مدار عقود اختلقت السلطة الحاكمة في مصر المنهوبة الازمات لالهاء الشعب المقهور واستغلت عدم وعي الاغلبية ونفذت مخططها في تدمير الاقتصاد وبيع القطاع العام وبيع الغاز للكيان الصهيوني وغيرها من النكبات .
كانت كرة القدم الوسيلة الاولي لجذب انتباه الشعب واثارة النعرة بين مؤيدي الفريقين ثم انتقلت الدولة لاستخدام وسائل اخري كجرائم القتل وشبكات الدعارة وافرضت لها صفحات وحوارات علي القنوات الفضائية لتصبح حديث الناس ليل نهار في الوقت الذي يعاني فيه الملايين من علي مستوي الجمهورية من ضعف الخدمات وانخفاض الدخل وتفشي الامراض .
وفِي ظل الانقلاب الدموي تواصل اجهزته الفاشلة في تكرار ما سبق بل وزادت في جرعات التضليل الاعلامي بعدما اصبحت الصحف والفضائيات تتلقي تعليماتها من ضابط بالشئون المعنوية يرتعد منه العاملون في هذا المجال وينفذون ما يامر به دون تفكير .
انها الدولة الفاشلة بكل المقايس فالجميع يعمل دون تفكير والهدف ان تظل السلطة متحكمة في مصير الشعب .

في الآونة الأخير، جند الإعلام المصري كثيرًا من برامجه ومذيعيه، للترويج لمفهوم “الدولة الفاشلة” في إطار مؤامرة تقام على مصر ونظامها، منها ما روج له السيسي نفسه في مؤتمر الشباب الذي عقده في الإسكندرية ، حيث خصص جلسة كاملة للحديث عن “صناعة الدوة لالفاشلة“، داعيًا بصراحة بالغة إلى أن الدور الإعلامي هو “خلق فوبيا” من إسقاط الدولة المصرية، مشيرًا ومخوفًا من تجارب دول أخرى في الإقليم، كما دعى إلى التغاضي عن أي نقد عن الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لأن أي مرودود لخطط ومشاريع النظام لن تؤتي ثمارها قبل أربعة سنوات، دون أن تفوته عادة الإشارة إلى أهمية دور الجيش في “تثبيت الدولة المصرية”، قائلًا: “إن الجيش ليس مهمته الدفاع فحسب ولكنه يقوم بأشياء أخرى”.

نعم مصر دولة فاشلة؟

على الأقل وفقًا لمؤشر الدول الفاشلة، فإن مصر تقع ضمن الدول التي في حالة “إنذار” آخير، وهي مؤشرات ذات دلالة على اضطراب الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية فيها، وعلى عدم قدرتها على خدمة مواطنيها بالشكل الأمثل.

وتحتل مصر المركز السابع والثلاثين بين الدول الأخرى، تقاسمها رواندا ذات المركز تقريبًا. وتتوفر لها أسباب الفشل داخليًا قبل الأسباب الخارجية. فعلى المستوى الداخلي، يعيش المصريون أوضاعًا اقتصادية شديدة الصعوبة منذ تعويم الجنيه، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات كبيرة جدا في الأسعار لا يقابلها ارتفاعات موازية في الرواتب.

كما يعيشون حالة ضبابية على المستوى الأمني، بسبب تكرار الحوادث الإرهابية، خاصة بسبب التشكيك في سلامة الإجراءات، وبالتالي بالسرديات التي يعلن فيها الأمن الوطني عن مرتكبي الحوادث الإرهابية، وكان التحول الكبير على هذا المستوى  خبعد تصفيةمسة من المواطنين، اتهمتهم السلطات المصرية بقتل جوليو ريجيني، الطالب الايطالي الذي كان يدرس في مصر، ثم تبين بعد ذلك أنه لا علاقة لهم بالقضية.

كما أن العوار ذاته أصاب الجهاز القضائي، وكانت أبرز الحوادث الدالة على الخلل الكبير في الجهاز القضائي، الإعدامات التي طالت مجموعة من الشباب المتهمين في القضايا المختلفة ومنها التي تُعرف باسم “عرب شركس”، والتي حصل فيها المتهمون على البراءة بعد تنفيذ أحكام الإعدام بهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى