تقارير وملفات

الديمقراطية الخلاّقة على الطريقة التونسية

 

 

  بقلم الاعلامية القديرة

 ألاستاذة /عايدة بن عمر 

شخصيّا لم أهتمّ بمسلسل تشكيل الحكومة، ولا تفرق معي أبدا من يقع تكليفه بتشكيلها، ومقتنع تمامًا أنّه لا شيء سيختلف او سيتغيّر أيّا كان الشخص المكلَّف، وأعتقد أنّ العمليّة السياسية كلّها عبثيّة وخارج الموضوع.
لكن في أوقات الفراغ ومن باب التسلية، أرصد الإبداعات والاختراعات التي أدخلتها الطبقة السياسية التونسية على الديمقراطيّة: وإليك جرد بأهمّ الاختراعات:
1- حكومة جديدة كلّ عام أو أقلّ، وأكثر من 400 وزير في 9 سنوات.
2- في نظام برلماني، كلّ رؤساء الحكومات جاؤوا بالتعيين لا بالانتخاب. ولا واحد منهم قاد حزبه في انتخابات تشريعية، وفاز بها، فتولّى تشكيل الحكومة، الشيء الذي أصبح معمولا به حتّى في المغرب.
في تونس، بعد كلّ انتخابات، يتمّ تكليف شخص، لم يكن اسمه مرشّحا لرئاسة الحكومة، بل لم يخض الانتخابات، بل في نصف الحالات، لم يكن اسمه معروفا أصلًا.
3- تخوض الأحزاب الانتخابات، لكن مشاورات تشكيل الحكومة تتمّ بمعزل عن النتائج والترتيب؛ كلّ الأحزاب معنيّة بالتكليف، بصرف النّظر عن نتيجتها وتمثيلها في البرلمان. لا بل تطالب الأحزاب وتتّفق على رئيس حكومة مستقلّ وحكومة مستقلّين.
4- وآخر اختراع، كان اختيار رئيس الحكومة الجديد، وهذا فقط توصيف، لا قدح ولا اعتراض، فكما أسلفت، في قناعتي العمليّة السياسية كلّها تمويه وواجهة لمنظومة الحكم الفعليّة التي لا تخوض انتخابات ولا تتغيّر. والقضيّة أكبر وأعقد من أن تحلّ بتغيير الأشخاص والحكومات، الذين مهما كانت نزاهتهم وكفاءتهم، سيعملون تحت سقف وإشراف منظومة الوصاية والفساد، وحكم السفارات والمافيات.
واليك آخر اختراع تونسي في الديمقراطيّة:
أحزاب بعجزها عن تشكيل حكومة، حوّلت عمليّا، النّظام البرلماني الى نظام رئاسي: هم يقترحون أسماء، والرّئيس يختار ويكلّف من يشاء من الأسماء المقترحة أو من خارجها.
الرئيس اختار وكلّف ليكون رئيس الحكومة، الشخصيّة الأولى في النّظام البرلماني (أكثر منه نفوذا)، شخصا ترشّح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وحصل على 11 ألف صوت فقط بنسبة 0,34%، في المرتبة ال16. وحزبه خاض الانتخابات البرلمانية، وحصل على 7500 صوت بنسبة 0,26%، في المرتبة 31، ولم يفز بمقعد واحد.
كلّ الاختراعات تدفع الى خلاصة واحدة: لا قيمة ولا معنى للانتخابات ولإرادة الشعب.
مرّة أخرى، هذا تحليل لظواهر غريبة ومثيرة، وليس تقييما أو موقفا من الأشخاص والأحزاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى