الأرشيفتحليلات أخبارية

الذكرى السادسة لمذبحة ماسبيرو والقاتل مجهول كالعادة والكنيسة عاملة ودن من طين والأخرى من عجين !!!

سيظل يوم التاسع من أكتوبر/تشرين الأول في العام 2011، محفورا في ذاكرة المصريين، الذين فقدوا قرابة 30 قبطيا في أحداث دامية بالقرب من محيط مبنى التليفزيون المصري الرسمي، التي عرفت إعلاميا بـ«مذبحة ماسبيرو».
حتى الآن، لم يُعرف أو يُحاكم المرتكب الحقيقي للمذبحة، في ذكراها السادسة التي تحل اليوم، وسط صمت رسمي، وقبطي، بعدما تحولت العلاقة بين الأقباط ونظام «عبدالفتاح السيسي» إلى ود وتحالف وثيق، رغم الاتهامات التي طالت المجلس العسكري الحاكم إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بالمسؤولية الكاملة عن المذبحة.
تظاهرة الأقباط التي جاءت للاحتجاج على هدم أهالي قرية «المريناب» بمحافظة أسوان، جنوبي البلاد، مبنى اتخذه الأقباط كنيسة بدعوى أنه «غير مرخص» تطورت إلى اعتصام استمر لأيام أمام مقر التليفزيون الرسمي «ماسبيرو».

و«ماسبيرو» هو اسم المبني الضخم على ضفة نيل القاهرة، وسط العاصمة، وهو مقر للتليفزيون المصري أقدم التليفزيونات الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
«مينا ثابت»، ناشط حقوقي، وأحد المشاركين في التظاهرة، يروي تفاصيل المذبحة، قائلا: «بدأنا الاحتجاج أمام ماسبيرو 4 أكتوبر/تشرين الأول، وكانت مطالبنا واضحة: تأمين مسيحيي القرية، فقد كانوا معرضين للاعتداء، وإعادة بناء الكنيسة ومحاسبة المعتدين، وإقالة محافظ أسوان وقتها، حيث صرح بأن المبنى المهدوم ليس كنيسة، وأعلنا اعتصامًا في مساء اليوم».
مساء الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2011، فوجئ المصريون بالتليفزيون الرسمي يدعوهم للدفاع عن جيشهم في مواجهة «اعتداءات الأقباط»، في سابقة لم تشهدها مصر من قبل.
ووفق «مينا»، ما إن وصلت مسيرة قبطية إلى ماسبيرو حيث مقر الاعتصام حتى رأيت الجنود يطلقون النار في الهواء، وبعدها بدأت المدرعات في التحرك، ورأيت بعيني دهسها للمتظاهرين، وبعدها بدأ الجنود في إطلاق النار على المتظاهرين، والاعتداء على كل من يرونه، بحسب روايته لصحيفة «التحرير» المصرية.
لكن الرواية الرسمية التي روجتها وسائل الإعلام الحكومية، قالت إن «الأقباط بدأوا في الاعتداء على قوات الشرطة العسكرية بالحجارة والسيوف والأسلحة النارية، ما أدى إلى مقتل 3 من عناصر الشرطة العسكرية».
عدد ضحايا المواجهات وصل إلى 27 قتيلاً على الأقل، بالإضافة إلى أكثر من 272 جريحاً، وفق بيانات رسمية صادرة وقتها عن وزارة الصحة المصرية.
الطرف الثالث والسيسى 
التضارب كان سمة المواقف الرسمية، والإعلامية، وسط محاولات لإبعاد التهمة عن المؤسسة العسكرية في البلاد، والإيحاء بوجود «طرف ثالث»، وكان ذلك الشماعة التي دأبت أطراف عدة في مصر على اللجوء إليها، وتحميلها كل التهم والكوارث، دون معرفة هوية ذلك الطرف.
مجمع الكنيسة القبطية، برئاسة البابا الراحل «شنودة الثالث»، أصدر وقتها بيانا، اتهم خلاله من أسماهم بـ«غرباء اندسوا على المسيرة وارتكبوا هذه الجرائم».
النيابة العسكرية من جانبها بدأت تحقيقات موسعة مع 25 من المتهمين في الأحداث الدامية، بتهمة تنفيذ أعمال تخريب واعتداءات على أفراد من القوات المسلحة وإحراق ممتلكات تخص الجيش المصري، كما قدمت النيابة العسكرية، ثلاثة جنود للتحقيق في دهس أقباط، ووصفت الحادث بأنه «قتل عن طريق الخطأ»، حتى قضت المحكمة العسكرية بسجن أحدهم ثلاث سنوات، والآخرين سنتين حبسا لكل منهما، وتقدم الجنود الثلاثة، بطعن على الحكم، حتى قررت المحكمة لاحقا إيقاف تنفيذ الحكم.
كذلك فإن وزارة العدل، انتدبت وقتها، المستشار «ثروت حماد»، للتحقيق في المذبحة، وانتهى إلى حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة، وقال وقتها: «إن الرصاص المستخرج من الجثث غير مطابق لرصاص الأسلحة التي يحملها جنود الجيش».
أما المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير الأوضاع في مصر، فقد كلّف مجلس الوزراء بـ«سرعة تشكيل لجنة لتقصى الحقائق للوقوف على ما تم من أحداث بمنطقة ماسبيرو لاتخاذ كل الإجراءات القانونية الرادعة حيال كل من يثبت تورطه في تلك الأحداث بالاشتراك أو التحريض».
وحينها، وصف رئيس الحكومة الانتقالية في مصر، «عصام شرف»، أحداث العنف التي شهدتها منطقة «ماسبيرو»، بأنها «مؤامرة دنيئة تستهدف مصر وشعبها».
وفي أعقاب المذبحة الدامية، تقرر فرض حظر التجوال في منطقة «التحرير والشوارع المؤدية إليه، وميدان عبد المنعم رياض، وشارع كورنيش النيل من كوبري 6 أكتوبر وحتى منطقة وزارة الخارجية، وشارع رمسيس حتى ميدان العباسية»، وحذرت وزارة الداخلية المواطنين من عدم الالتزام بقرار حظر التجوال.
جرت محاولات لإلصاق التهمة بجماعة الإخوان، والادعاء بتورط الجماعة في تنفيذ المذبحة، وعقب خلافته «شنودة»، قال البابا «تواضروس الثاني» بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إنه «لا يوجد أي جدل حول هذه الأحداث، فهي خدعة كبيرة من قبل جماعة الإخوان؛ حيث قاموا باستدراج الشباب المسيحي لمواجهة الشرطة العسكرية وقتها»، على حد قوله.
وأضاف: «من الناحية القضائية لابد وأن تُستكمل التحقيقات، ويتم محاكمة المتسببين بها، لكن في نفس الوقت يجب أن نكون أكثر حكمة؛ من أجل مصلحة البلد».
لكن «عاطف نظمي»، عضو هيئة الدفاع في القضية، اتهم المجلس العسكري بتجاهل تقديم الفاعل الحقيقي للمحاكمة، قائلا: «بعد إغلاق ملف القضية قدمنا 22 بلاغًا للنائب العام، وقدمنا 45 مقطع فيديو شاهدا على الأحداث، التي تؤكد دهس المدرعات للمتظاهرين، وظلت البلاغات حبيسة الأدراج».
وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «الوطن» اليومية الخاصة، في ذكرى سابقة للمذبحة، أن «الحديث عن تورط الإخوان في (مذبحة ماسبيرو) وسيلة لتبرئة القتلة من جريمة قتل 23 شخصًا من الأبرياء».
ووقتها، طالب «نظمي» «عبدالفتاح السيسي»، بالإسراع في اتخاذ قرار بإعادة فتح باب التحقيق في «مذبحة ماسبيرو» لمعرفة القاتل الحقيقي، والتحقيق مع قيادات المجلس العسكري الحاكم لمصر وقت وقوع المذبحة، وهو الأمر الذي لم يحدث إلى الآن.
ويبلغ عدد الكنائس في مصر 2626 كنيسة على مستوى الجمهورية، وتحظى بحماية شرطية على مدار الساعة، بالإضافة إلى تأمين داخلي من فرق الكشافة الكنسية.
وليس هناك إحصاء رسمي عن أعداد المسيحيين في مصر، غير أن تصريحات كنيسة رسمية تقدر تعداد مسيحيي مصر بنحو 15 مليونا من بين سكان البلاد البالغ عددهم 104 ملايين نسمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى