آخر الأخبارالأرشيف

الرباعية العربية “مصر والأردن والإمارات والمملكة العربية السعودية” يرتبون البيت الفلسطيني على مقاس إسرائيل

شهدت الساحة السياسية الفلسطينية تطورات سريعة ومتلاحقة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد ظهور خطة “الرباعية العربية”، والاهتمام العربي المفاجئ والمتزايد بالقضية الفلسطينية من بعض الدول مثل السعودية رغم تورطها في ملفات معقدة في المنطقة كسوريا واليمن والبحرين وحتى لبنان.

الرباعية العربية

من المفترض أن تعمل الخطة التي تدعمها كل من مصر والأردن والإمارات والمملكة السعودية على توحيد الصف داخل حركة فتح وإعادة المفصولين ومعالجة الملفات القضائية، إضافة إلى وضع الخطط لإعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير بالتشاور مع كافة فصائلها ومكوناتها، وتعد النقطة الأبرز والأخطر في هذه الفترة والمثيرة للاهتمام هو تركيزها على عودة القيادي في حركة فتح محمد دحلان، إلى موقعه بالحركة.

وستتم الدعوة إلى اجتماع دائم في القاهرة فور الانتهاء من ملف فتح والتشاور مع الفصائل الفلسطينية، كما تبقى الاجتماعات منعقدة في القاهرة إلى حين التوصل لاتفاق مصالحة وطنية على أساس الشراكة الكاملة وبعيدا عن المحاصصة، في ظلّ توحيد الضفة وقطاع غزة تحت سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد، كما شكّلت الخطة الرباعية العربية لجنة عربية للإشراف على تنفيذ اتفاق المصالحة وإلزام كافة الأطراف ببنوده.

وأشارت الخطة إلى أنّه في حال عدم التوصل إلى اتفاق ستتدخل الجامعة العربية لفرض مصلحة الشعب الفلسطيني أولاً، لافتة إلى أنّ “توحيد الفلسطينيين يسهم في دعوة المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل”.

وفي حال استمر الفلسطينيون بالانقسام ستدرس بعض الدول العربية بدائلها في التعاطي مع الصراع، وسيتم اعتماد إجراءات ضاغطة على الأطراف المعطلة أيًّا كانت وفي كافة مراحل التنفيذ، وفق ما جاء في الخطة.

وقالت الخطة الرباعية إنّ تجديد الشرعيات يكون من خلال إجراء انتخابات عامة “تشريعية، رئاسية، مجلس وطني”، داعيةً إلى دعم التوجه الفلسطيني إلى كافة المحافل الدولية لملاحقة الكيان الصهيوني ومحاكمتها على جرائمها، وطالبت الوثيقة بتعزيز الدعم العربي المالي والمعنوي للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة.

الوثيقة تخدم الصهاينة

مجموعة من الملاحظات حول وثيقة “الرباعية العربية” تجعل منها خطة تصب في صالح الكيان الصهيوني، فالدول الراعية للوثيقة “مصر، الأردن، الإمارات، والسعودية” جميعها تتمتع بعلاقات دافئة مع تل أبيب سواء كانت هذه العلاقات علنية أو حتى سرية، كما أن حركتي حماس وفتح دائمًا ما تشكوان من قلة دعم هذه الدول للقضية المركزية، سواء من خلال عدم فك الحصار المطبق على قطاع غزة كمصر، أو من خلال قلة الدعم المادي ومحاولة التلاعب بالقرار السياسي من خلال الأموال القادمة من العواصم الخليجية، كما ألمح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطاب مسجل له.

النقطة الجديرة بالاهتمام أيضًا هي دعم الدول العربية الأربع وتركيزها على عودة القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، إلى مركزه، المهم هنا أن دحلان ليس حلًا لمشكلة الانقسام الفلسطيني ــ الفلسطيني، بل على العكس يعد دحلان عقبة حقيقية في وجه توحد الأحزاب الفلسطينية.

على صعيد فتح يمثل دحلان عقبة كبيرة في توحيد الصف الفتحاوي خاصة بعدما ترددت أنباء عن أن سبب الخصومة بينه وبين أبو مازن هو تخطيط دحلان لانقلاب أبيض على عباس، كما تردد أن أعضاء في اللجنة المركزية لفتح تحالفوا معه لتحقيق هذا الهدف الذي تكشفت خيوطه لأبي مازن بعد أن قطع فيه شوطا كبيرا، وقالت مصادر “إن من أبرز من تحالفوا مع دحلان هما عضوا اللجنة المركزية لفتح ناصر القدوة، وتوفيق الطيراوي”، إذ قام دحلان بتحريض ناصر القدوة باعتباره أحق من عباس بالحكم، الأمر الذي يعني أن عودة دحلان ستشكل سلسلة طويلة من تصفية الحسابات داخل الحركة.

سى

من الناحية الأخرى، لا تبشر عودة دحلان، بعلاقات طيبة مع حماس، وهي التي وصلت حد العداء الشديد، فدحلان اسم منبوذ من قبل أنصار الحركة وغير مقبول لقواعدها لموقفه وسلوكه إبان رئاسته جهاز الأمن الوقائي في عام 1996، ولعلاقته المميزة بقيادات العدو الإسرائيلي المسؤولين عن اغتيال قادة الحركة، كما أن دحلان سيثير نقاطا كثيرة من الخلاف مع حماس في حال قرر تطبيق البند الوارد في الرباعية المتعلق بتوحيد الضفة والقطاع تحت سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد، فالجيش الفلسطيني التابع لقيادة أبو مازن حاليًا يقوم بتنسيق تحركاته مع جيش الاحتلال الصهيوني في مناطق تابعة للضفة الغربية.

وبعيدًا عن الأحزاب الفلسطينية وانقساماتها، فإن دحلان يتمتع بعلاقات طيبة مع الكيان الصهيوني، ورأى محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” شهر يونيو الماضي، أليكس فيشمان، أن تسلّم أفيغدور ليبرمان، منصب وزير الأمن، بعث الحياة من جديد في خيار تنصيب دحلان، بديلا لسلطة “حماس” في قطاع غزة، وربما أيضا بديلا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما أنه حاضر في خيار عدة دول عربية لم تعد تعارض تقليد دحلان وتنصيبه وهي الأردن والإمارات ومصر وحتى العربية السعودية.

 تهيئة الوضع

يرى مراقبون أن الفترة التي تم فيها إصدار خطة “الرباعية العربية” وبصورة مستعجلة، تأتي في ظل تقارب عربي إسرائيلي بدأ يتبلور في الفترة الأخيرة بصورة فجة، كما أنها تتزامن مع الانتخابات المحلية في فلسطين المحتلة، وقال المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية يوني بن مناحيم، إن كلا من مصر والأردن والإمارات والسعودية، تسعى لإحباط إمكانية فوز حركة حماس في الانتخابات المزمع إجراؤها في أكتوبر القادم، مشيرًا إلى أن تلك التحركات تتم بمساعدة محمد دحلان.

كما يأتي تحرك الرباعية العربية في هذا الوقت للحيلولة دون المزيد من التدهور داخل “فتح”، وتحضير الوضع الفلسطيني لخلافة “أبو مازن”، خاصة مع احتمالية أن  يحدث له غياب مفاجئ بالموت أو المرض أو الاستقالة من دون تهيئة الوضع للمرحلة الانتقالية، في ظل الانقسام وغياب وتغييب مؤسسات المنظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى