آخر الأخبار

السعودية تتسبب في «فضيحة» لبنك دويتشه.. تحقيقات داخلية تكشف فساداً مالياً يخص ادارة ثروة أحد كبار أفراد العائلة الملكية

كشفت تحقيقات داخلية، قيام بنك دويتشه بدفع 1.1 مليون دولار للحصول
على امتياز إدارة ثروة أحد كبار أفراد العائلة الملكية السعودية.

التحقيقات داخل البنك، قادت إلى إبلاغ المدعين الجنائيين عن موظفيّن
سابقين، وتبرز الفضيحة في قسم إدارة الثروات بالبنك، التي شملت دفع أموال لزوجة
المستشار المالي للعائلة الملكية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة The Financial Times البريطانية.

تفاصيل أكثر عن فضيحة المدفوعات: نتائج التحقيق، الذي
اطلعت عليه صحيفة The Financial Times البريطانية، كشفت إن
التحويلات المالية تمت خلال عامي 2011 و2012 فضلاً عن منح امتيازات أخرى لعائلة
المستشار الملكي، بما في ذلك منحة تدريب في أحد أقسام البنك وحضور ندوة في منتجع
سويسري للتزلج.

لكن هل تمت معاقبة الموظفين المسؤولين عن ذلك؟ التحقيق
دفع 6 موظفين إلى ترك العمل في البنك؛ بعضهم تولى مناصب رفيعة في بنك باركليز
البريطاني، وبنك الاتحاد السويسري، ويونيكريديت الإيطالي. في حين أُوقِفَت علاوات
12 موظفاً.

فضلاً عن ذلك، أحال بنك دويتشه موظفين سابقين من ألمانيا إلى النيابة
العامة في مدينة فرانكفورت بتهمة الرشوة والاختلاس. وقال ممثلو الادعاء، لصحيفة The Financial Times، إنَّ التحقيق لا يزال مستمراً.

إجراءات مضادة من جانب الموظفين: قرار البنك بإحالة
اثنين من الموظفين للنيابة العامة، لم يجعلهم يستسلمون، بل إن الموظفين طعنا في
الاتهامات الموجهة إليهما في المحكمة. وقُبِل طعن أحدهما وفاز بالقضية بينما سويت
قضية الآخر.   

علاقة زوجة المستشار المالي للبنك بالحادث: التحقيق
الداخلي في البنك اكتشف أنَّ خلال الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2011 وحتى
ديسمبر/كانون الأول 2012، صدر من البنك تحويلات بقيمة 1.1 مليون دولار على 4 دفعات
لشركة خارجية في جزر العذراء البريطانية مملوكة لزوجة المستشار المالي وساهم في
تأسيسها فرع لبنك دوتيشه في موريشيوس. وتمت أحد التحويلات تحت اسم «رد مبلغ
إعادة تأمين استثنائي»، وأخرى صُنِفَت بـ «مدفوعات لإبداء حسن
النية».

إلى ذلك، انتهى تحقيق بنك دويتشه إلى أنَّ مُقرِض المال لم يُطلَب منه
سداد أية مصاريف «إعادة تأمين»، وهي عملية مالية مثيرة للجدل لكنها
شائعة في جهات إدارة الثروات التي تشمل دفع عمولات للشخص الذي يجلب عميل ثري
جديد. 

الرسائل الإلكترونية داخل البنك كشفت تلاعب الموظفين: سعياً
للحصول على موافقة داخلية على عملية التحويلات، زعم موظفو فرع البنك في سويسرا
خطأً بأنَّ زوجة المستشار المالي وسيط مهم جلب للبنك العميل الملكي السعودي، وذلك
حسبما كشف التحقيق الداخلي.

ففي إحدى الرسائل الإلكترونية المتداولة داخل البنك، جادل موظف بأنَّ
التحويلات المالية قد تساعد على «إقناع عميل بالارتقاء بحساباته المالية
الضخمة في البنك أو استثمارها». 

البنك لم يتوقف عند التعامل مع زوجة المستشار المالي، بل إنه منح
أيضاً ابنة أحد أشقاء المستشار المالي فرصة للالتحاق بالتدريب في القسم القانوني
في فرعه بلندن. ووجد البنك أنه دفع مصاريف سفرها وإقامتها في لندن خلال فترة
التدريب، بما يعارض سياساته. 

البنك قدَّم فرصة التدريب بعدما حذر المستشار المالي من أنه إذا لم
يحدث ذلك، فالبنك «يغامر بخسارة علاقته بالكامل مع العميل»، وألمح إلى
أنَّ أموال العميل قد تُحوَّل لبنك آخر. 

إلى جانب ذلك، دعا بنك دويتشه ابنة المستشار المالي لحضور «ندوة
الجيل القادم» التي عُقِدَت لأطفال العائلات فاحشة الثراء في منتجع تزلج
سويسري فاخر بمدينة سانت موريتز. وكشف التحقيق أنَّ شروط السن لم تكن تنطبق على
ابنة المستشار، ومرة أخرى خلافاً لسياسات دويتشه، موَّل البنك
رحلتها.     

رغم نتائج التحقيق، البنك كان موقفه غريباً: ففي
تصريح لصحيفة The Financial Times، قال البنك: «كان
هذا تصرفاً فردياً من جانب عدد صغير من الموظفين الذين انتهكوا سياسات البنك.
واكتشفنا ما حدث، وأبلغنا الجهات الرسمية والعميل، وتعاملنا مع الموظفين بالشكل
القانوني المناسب، وأدخلنا تحسينات تجنباً لحدوث شيء مماثل مرة أخرى».

يذكر أن اسرة آل سعود، التي تضم دائرتها الداخلية فقط نحو 2000 فرد،
هي واحدة من أغنى العائلات في العالم. وكان عضو العائلة الملكية، الذي لم يُكشَف
عن اسمه، عميلاً لدى قسم إدارة الثروات في دويتشه من 2010 إلى 2016، ويستثمر
أصولاً بلغت 500 مليون يورو.

إذاً ماذا عن وحدة إدارة الثروات التي حدثت فيها المشكلة؟ أصبحت
وحدة إدارة الثروات التابعة لدويتشه إحدى الركائز الأساسية لمحاولة الإصلاح الشامل
التي ينفذها البنك، والتي تهدف إلى إعادة التركيز على مثل تلك المناطق المستقرة
نسبياً. ووصفها كلاوديو دي سانكتيس، الذي كان يدير الوحدة منذ أواخر العام الماضي،
بأنها «عمل جميل».

رغم ذلك، واجهت إدارة الثروات مشكلات سابقاً بسبب تكرار أخطاء تتعلق
بالامتثال للقوانين. ففي العام الماضي، وافقت على دفع 15 مليون يورو لسلطات إنفاذ
القانون الألمانية تعويضاً عن «أوجه قصور في بيئة سيطرتها»، التي قال
البنك إنها عولجت بالفعل.

حيث أكد كبار المسؤولين التنفيذيين في بنك دويتشه أنه منذ عام 2015،
انسحبت الوحدة من نحو 60 دولة شديدة الخطورة، وقطعت علاقاتها مع أكثر من 4000 عميل
مشكوك فيهم، وباعت عمليات مقرها ملاذات ضريبية خارجية.

لكن المدفوعات المثيرة للجدل لزوجة المستشار المالي السعودي تسبق هذه
التغييرات، واكتُشِفت خلال تحقيق «مشروع داستان»، الذي ركز في البداية
على ما سُمي بـ «استئجار العلاقات» – وهي ممارسة مثيرة للجدل تتمثل في
توظيف أصدقاء وأقارب العملاء الأثرياء، خضعت للتدقيق من جهات رقابية عالمية.

ما هو حجم الغرامات على البنك جراء هذه المعاملات غير القانونية؟ في
أغسطس/آب الماضي، وافق بنك دويتشه على دفع مبلغ 16.2 مليون دولار لتسوية الادعاءات
المدنية ضده بأنه استعان لسنوات بأقارب المسؤولين الحكوميين الصينيين والروسيين
مقابل إدارة أعمالهم. ولم يرد ذكر التعاقد مع أشخاص مرتبطين بالعائلة المالكة
السعودية في أمر «الوقف وإنهاء الممارسات» الصادر عن لجنة الأوراق
المالية والبورصات الأمريكية ضد البنك.

بنك آخر واجه نفس الأزمة، حيث إنَّ بنك جي بي مورغان الأمريكي اضطر
لدفع 264 مليون دولار في عام 2016 من أجل تسوية تحقيق أمريكي وجه له اتهامات
بارتكاب ممارسات مشابهة. وبعدها بعامين، دفع بنك كريدي سويس السويسري 77 مليون
دولار لتسوية تحقيقين أمريكيين مشابهين.

وهذه إجراءات قام بها أيضاً البنك: ألغى البنك مكافآت
الموظفين المسؤولين عن الأزمة وعددهم 5 إلى جانب ذلك، استقالت سيرين المصري، رئيسة
وحدة إدارة الثروات في الشرق الأوسط وإفريقيا آنذاك، ومدير إدارة ثروات أخرى في
فرع البنك بسويسرا بعد أيام قليلة من إيقافهما عن العمل.

من جانبها، أكدت سيرين المصري، التي تشغل الآن منصب رئيس فرع موناكو
لبنك الاتحاد السويسري، أنها استقالت من عملها في دويتشه قبل نحو أربع سنوات. وقال
محاميها: «تأكد أنها لم ترتكب أي فعل احتيالي. ولم تُرفَع أية دعوى قانونية
ضدها»، مضيفاً أنه لا يوجد جهة رقابية فتحت تحقيقاً في مخالفات ارتكبتها أو
أصدرت عقوبة ضدها.

أما باور فيعمل الآن رئيس المخاطر في بنك باركليز الخاص في سويسرا.
ورفض باركليز التعليق نيابة عنه. وكان البنك البريطاني على دراية بالجدل الدائر في
دويتشه وقدم الكشوفات اللازمة للجهات الرقابية السويسرية عندما وظف باور للعمل
لديه، وذلك وفقاً لما قاله أحد المطلعين على المسألة.

إضافة إلى ذلك، خفَّض بنك دويتشه مكافأة ماركو بيتسوزيرو لعام 2015
بدرجة كبيرة، الذي كان وقتها رئيس إدارة الثروات لمناطق أوروبا والشرق الأوسط
وإفريقيا؛ بحجة أنه كان ينبغي أن يدقق أكثر في المعلومات التي قدمها له زملاؤه.
ومع ذلك، قرر البنك عدم اتخاذ أية خطوات تأديبية ضده.

فيما ترك بيتسوزيرو العمل في البنك عقب أشهر قليلة من شن التحقيق،
ويشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة إدارة الثروات في بنك يونيكريديت. ورفض
التعليق على المسألة السعودية استناداً إلى اتفاق بالتزام السرية.

موظف سابق آخر معني بالقضية قال إنَّ زوجة المستشار كانت
«المُكتَشِف» لعميل مناسب، ووافق كبار المسؤولين التنفيذيين في البنك
على عقد مدفوعات مشروعة.

من جانبها رفضت هيئة الرقابة المالية الفيدرالية الألمانية (BaFin) والهيئة الرقابية السويسرية (Finma) التعليق. أما المكتب
الإعلامي للحكومة السعودية فلم يستجِب لطلب التعليق.  

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى