آخر الأخبار

العالم ليس مستعداً بعد، ماذا لو تحوّل وباء كورونا إلى جائحة عالمية؟

انتشار فيروس كورونا يخرج عن السيطرة شيئاً فشيئاً، فقد رفعت منظمة الصحة العالمية تقييمها لمخاطر تفشي فيروس كورونا المستجد إلى “مرتفع جدّاً”، وهو المستوى الأعلى الذي قد يصل إليه مرض أو وباء.

كما أن عملية احتواء الفيروس قد فشلت في العديد من الدول حتى الآن، ما يعني أن هذا “الوباء” قد يتحول إلى “جائحة” قريباً.

لكن السؤال الأهم: هل دول العالم على استعداد لتحول هذا الوباء إلى جائحة عالمية؟

مازال فيروس كورونا مصنفاً على أنه وباء لم يرتقِ إلى مستوى الجائحة، لكن في حال نجح هذا الفيروس في التحول إلى جائحة عالمية، هل ستكون دول العالم مستعدة للتصدي لها؟

الإجابة باختصار “لا”؛ إذ أكد مسؤول في منظمة الصحة العالمية أن الأنظمة الصحية في مختلف دول العالم ليست مستعدة بعدُ لمواجهة جائحة عالمية.

تعرّف منظمة الصحة العالمية الوباء بأنه “انتشار مرض بشكل سريع في مكان محدد”، أما الوباء العالمي أو ما يسمى (الجائحة) فهو “انتشار الوباء بشكل سريع حول العالم”.

ويجب أن يكون المرض معدياً لتحقيق شروط وصفه بالوباء، فانتشار النوبات القلبية مثلاً لا يعد وباء، كما أن وصف الوباء لا يعني بالضرورة أن المرض فتاك، أو سيوقع الكثير من الضحايا.

كورونا الذي يحمل كثيراً من هذه الأوصاف اقترب من تحقيق الشرط الأخير (الانتشار العالمي)، بعد إعلان إيطاليا، وإسبانيا، ولبنان، وإيران، والعراق، وعمان، والكويت ودول أخرى تسجيل إصابات بالمرض مؤخراً، عقب انتشاره في الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، وألمانيا، ودول أخرى.

لكن وبما أن كورونا لم يتفشَّ بشكل كبير في جميع الدول التي انتشر فيها، إذ لا يزال عدد المصابين به قليلاً نسبياً، فإنه لم يتم تصنيفه بعد على أنه جائحة أو وباء عالمي من قبل منظمة الصحة العالمية.

فلنعد قليلاً بالزمن إلى الوراء لنتذكر آخر تهديد وبائي شهده العالم، كان ذلك في العام 2006، عندما كان العالم يستعد لجائحة إنفلونزا الطيور.

فبعد أن تزايدت المخاوف من تحول هذا الوباء إلى جائحة بدأت الحكومات بتحضير مخططات للتصدي لهذه الجائحة العالمية.

فحسّنت الكثير من الحكومات من مختبراتها، وأنشأت مراكز عمليات طوارئ، وحسنت أنظمة المراقبة لديها.

حتى إن العالم تنبّأ في العام 2017 باحتمالات ظهور فيروسات وبائية في المستقبل، فتأسس “التحالف من أجل ابتكارات التأهب الوبائي” (CEPI)، من أجل تطوير لقاحات للفيروسات الوبائية المحتملة، ومن بينها فيروس كوفيد-19.

لكن مع الأسف لم تفلح في النهاية الجهود لإنشاء مشروع دولي لتطوير أدوية مضادة للفيروسات، بسبب نقص التمويل وعدم الحصول على الاستثمارات الكافية.

حتى في الدول ذات الاقتصاد المتقدم، تعاني العديد من الأنظمة الصحية من ضغوط كبيرة بسبب ارتفاع متوسط أعمار السكان والتقنيات الصحية باهظة التكلفة. 

وفي حال انتشار وبائي عالمي لفيروس كورونا، قد تُستنزف الأنظمة الصحية في العديد من الدول ذات الاقتصاد المتقدم مثل أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، وبالتأكيد سيكون الوضع الصحي كارثياً في الدول النامية التي تعاني مسبقاً من ضعف في أنظمتها الصحية.

وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء، نجد أن العديد من الدول خفضت نفقاتها المخصصة لقطاع الصحة، ففي عام 2015، خفضت 56 دولة، غنية وفقيرة، من نفقاتها الصحية ضمن إجراءات التقشف التي أعقبت الأزمة المالية العالمية في 2008.

وبعض الدول الأكثر فقراً خفضت أجور القطاع العام، وهو ما أثّر على المستشفيات العامة والعاملين بمجال الرعاية الصحية.

أما في الولايات المتحدة فقد تأثرت قدرات استجابات الطوارئ في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي أغلق وحدة الصحة العالمية التابعة لمجلس الأمن القومي، والتي تأسست بعد أزمة فيروس إيبولا عام 2014، وحلّ الفريق المسؤول عن التنسيق بين الوكالات الحكومية في حالات الاستجابة للجوائح الوبائية.

بمعنى آخر، الكثير من دول العالم ليست مستعدة فعلياً لمواجهة فيروس كورونا، في حال تحول لجائحة وبائية بسبب نقص كوادرها وقلة اعتنائها بالقطاعات الصحية.

عندما بدأ ظهور الوباء في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية، أربكت الزيادة السريعة في أعداد الحالات الأطقم الطبية.

لم تكن هناك معدات وقائية طبية كافية، ولم تكن هناك أسرّة كافية في العناية المركزة، بالإضافة إلى نقص أنابيب الأكسجين وأجهزة التنفس اللازمة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من التهاب رئوي حاد، لم يكن هناك ما يكفي لتلبية الطلب المتزايد.

لكن لم يدُم هذا الحال طويلاً، فقد لاحظ مسؤولو منظمة الصحة العالمية في الصين، أن تدابير الاحتواء التي اتخذتها الصين أوقفت انتشار الفيروس بشكل عام، كما أن التدابير التي هدفت إلى منع وتقليل التواصل بين الأشخاص أدّت إلى انخفاض عدد الحالات في هوبي.

مع ذلك قد لا يكون الوضع دائماً؛ إذ لا تزال الصين تبني المستشفيات وتزيد من قدرات الأنظمة الصحية وتشتري المزيد من أجهزة التنفس، تحسباً لارتفاع عدد الحالات مجدداً.

لذا، ربما لن يكون تكرار النجاح الصيني في إبطاء تفشي المرض قابلاً للتنفيذ في الدول التي تعاني أنظمتها الصحية خلال موسم الإنفلونزا في الشتاء أو الدول التي لا يمكنها بناء مستشفيات جديدة في ظرف أيام، أو لا تستطيع إغلاق مدن بأكملها كما فعلت الصين.

يحتاج العالم اليوم إلى استثمار المزيد من المال في قطاع الصحة؛ بما في ذلك تطوير الأدوية، واللقاحات، ومعدات التشخيص السريع، وتصنيعها وتوزيعها بكميات كبيرة وبسرعة هائلة.

كما يتوجب على الدول ادخار كميات مناسبة من معدات الوقاية الطبية، ورفع قدرات المستشفيات بحيث لا يتجاوز الطلب على أجهزة التنفس العدد المتاح من الأجهزة بالفعل.

بهذا الشكل ستكون الدول على استعداد مبدئي لمواجهة انتشار وبائي عالمي، ولحسن الحظ توصَّل بعض الباحثين فعلياً إلى أدوية مضادة لفيروسات كورونا، ويجري اختبارها حالياً.

ويأمل الباحثون أن يتوصلوا إلى تحقيق استجابة قوية جداً لفيروس كورونا، وأن يؤدي ذلك أيضاً إلى تغييرات إيجابية كُبرى على مستوى الاستثمارات العالمية، والالتزام بالتخطيط لحالات الانتشار الوبائية العالمية في المستقبل.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى