آخر الأخبارالأرشيف

العدوان السعودي على اليمن.. أمريكا تحاول التنصل من المجازر

محاولات مستمرة لإنهاء الحرب والمعاناة في اليمن، ليس من أجل الحفاظ على ما تبقى من البلد الفقير من بني تحتية أو شعب صامد في مواجهة المعاناة، إنما لخروج القوى الدولية الكبرى وعلى رأسها السعودية وأمريكا بأقل خسائر ممكنة، بعد يقين أن العدوان على اليمن لن يجدي نفعًا، بل على العكس، جلب العديد من الانتقادات والحملات الدولية الشرسة الموجهة للتحالف السعودي الذي ارتكب جرائم باتت ظاهرة جليَا للمجتمع والمنظمات والهيئات الدولية.

وصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى السعودية الأربعاء، قادمًا من نيجيريا لإجراء مباحثات مع المسؤولين السعوديين، حيث تتصدر لقاءاته الحرب في اليمن وسوريا، وعقب وصول كيري إلى جدة أجرى محادثات مع ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حضرها من الجانب السعودي ولي العهد السعودي، محمد بن نايف بن عبد العزيز، ووزير الخارجية، عادل بن أحمد الجبير، ورئيس الاستخبارات العامة، خالد بن علي الحميدان، كما حضره السفير الأمريكي لدى المملكة، جوزيف ويستفول، والمبعوث الخاص لعملية السلام، فرانك لوينشتاين، ومدير مكتب وزير الخارجية، جوناثان فاينر، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، آن باتيرسون.

تناول الاجتماع سبل إنهاء الصراع في اليمن واستئناف محادثات السلام، واستعرض المجتمعون العلاقات الثنائية بين البلدين، وقال مسؤولون أمريكيون إن المحادثات التي أجراها كيري مع بن سلمان، بدأت في وقت متأخر واستمرت ثلاث ساعات، وأوضح مسؤول في وزارة الخارجية أن الاجتماع متعدد الأطراف بشأن اليمن يهدف إلى تبادل الأفكار والمبادرات لعودة المناقشات السياسية إلى مسارها ومحاولة التوصل إلى حل سياسي، وسيبحث الاجتماع أيضًا مسألة إدخال المساعدات الإنسانية.

كما التقى وزير الخارجية الأمريكي، خلال زيارته العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وكذلك التقى أمس الخميس، بوزير خارجية الإمارات العربية المتحدة، ووزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، توبياس الوود، ونائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى جانب مسؤولين غربيين؛ لبحث الأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها الأزمتين اليمنية والسورية.

زيارة كيري إلى السعودية جاءت بعد نحو أسبوعين، من فشل مشاورات رعتها الأمم المتحدة في الكويت بشأن اليمن، وبعد أيام من استقرار الحياة السياسية في اليمن عقب إنشاء مجلس رئاسي أعلى حصل على شرعيته من البرلمان اليمني، وحاز على تأييد واسع من الشارع والأحزاب اليمنية، ليكون رسالة تحذير وتنبيه للسعودية وحلفائها في العدوان على اليمن بأن الحياة السياسية تسير بشكل طبيعي وقانوني ودستوري، الأمر الذي جعل التحالف السعودي وداعميه يستشيطوا غضبًا من طردهم الضمني من الحياة السياسية خاصة مع خسائرهم المتلاحقة في الميدان العسكري أيضًا.

يبدو أن أمريكا قررت أن تضغط على حليفتها السعودية لإنهاء الصراع الذي أشعلته في اليمن، وتورطت فيه بشكل بات ظاهرًا أمام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية وحتى الهيئات الأممية، حيث وجُهت مؤخرًا انتقادات كثيرة لواشنطن على خلفية دعمها للرياض في حرب اليمن التي شهدت انتهاكات لحقوق الإنسان وقصف للمدنيين، وأكدت العديد من التقارير وجود ضغط متزايد من قبل أطراف في إدارة الرئيس الأمريكي، باراك اوباما، لإنهاء الحرب في اليمن بأسرع وقت ممكن؛ نظرًا لتكلفتها على حلفائها وفي مقدمتهم السعودية.

تتزامن هذه التحركات مع دعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، زيد رعد الحسين، إلى إنشاء هيئة دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة باليمن، وسبق أن طالبت منظمات دولية عدة بإجراء تحقيق مستقل حول عمليات قصف وجرائم نفذتها التحالف الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن، وعلى رأسها “هيومن رايتس ووتش” التي أكدت أن بعض الغارات ترتقي إلى جرائم حرب، كما سبق ودعت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، والجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حتى تتوقف الحملة التي تقودها عن قتل المدنيين في اليمن، وقبل أيام دعت منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة بيع الأسلحة، بريطانيا والولايات المتحدة، إلى وقف بيع الأسلحة إلى الرياض التي تستخدمها في ارتكاب جرائم حرب في اليمن.

من جانبها، جددت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء الماضي، التأكيد أن غارات تحالف العدوان بقيادة السعودية على اليمن غير محددة الهدف وتضر فقط بالمدنيين، مطالبة بعدم السماح ببيع الأسلحة للسعودية في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، وقالت المنظمة إن الولايات المتحدة تستمر في بيع الأسلحة للرياض رغم أدلة على استخدامها غير القانوني في اليمن، مطالبة الكونجرس بعدم السماح ببيع الأسلحة لها.

نتيجة لكل هذه الانتقادات والحملة الدولية التي ازدادت شراسة مؤخرًا والتي باتت تؤكد تورط الإدارة الأمريكية في الحرب والمعاناة اليمنية دون أدنى شك، أقدمت الولايات المتحدة على تخفيض عدد مستشاريها العسكريين في التحالف الذي تقوده السعودية، الأمر الذي رأه بعض المراقبين مؤشرًا جديدًا على محاولات أمريكا الانسلاخ من الحرب اليمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى