كتاب وادباء

الفساد أشد من الخيانة

الكاتب والباحث الفلسطينى
 فادي قدري أبو بكر
يظنَ البعض بأنهم “فوق القانون”، و “أعلى” من قوانين المسائلة، وأنهم في “مأمن” من العقاب، على رغم فسادهم البيّن .. الوطني الحقيقي لا يتغاضى عن فساد أولئك، وإن فعل ذلك فكل نضالاته وتضحياته السابقة لن يكون لها معنى، لأن كل قطرة دم وعرق سالت من أجل الوطن ستجف بفعل ظلم وفساد الخوَن.
الخيانة هو وصف يطلق على من هو محسوب من أهل بلد معين يعمل ضده لصالح جهة خارجية تريد الضرر والشر بدولته وتريد أن تستولي على مقدراتها وذلك في مقابل مادي لصالح الخائن، أما الفساد فهو يمثل الخيانة الكاملة لأنه يتضمن ما سبق ولكن بدون مقابل لأي جهة خارجية، وإنما الفاسد يقوم بخيانة الشعب وبأموال الشعب.
الفساد إخطبوط جاثم على أنفاس الوطن.. الفساد شجرة الخيانة وعنوانها ،  فإذا لم يتبق لك سوى خيار واحد يتمثل إما بقتل الفاسد أو الخائن.. اقتل الفاسد واترك الخائن لأن الخيانة تموت بانهزام الأعداء ولكن الفساد هو العدو الدائم الذي ينتشر و لا يموت.

صدق عبد الله القصيمي بقوله أن : “أكثر الشعوب المتحضرة تنتقد نفسها وأشيائها ، أما الشعوب العربية فإنها لا ترى فرقاً بين النقد والخيانة”، فبمجرد أن تحارب الفساد ولصوص الكبار للبلد تُلصق بك تهمة الخيانة وزرع الفتنة و يُصان الفاسد ويُكرم.  إن هذا يبرر لماذا تأتي الدول العربية في خانة الأكثر دول فساداً بحسب تقارير منظمة الشفافية العالمية الأخيرة.
قد يولد المرء مع الكثير من الصفات السيئة، إلا الفساد والخيانة فهي ثقافة يتشربها من البيئة المحيطة به. وللأسف فقد أصبح الفساد ثقافة لدى بعض الأوساط في بلادنا، وهذه الثقافة تغذي الخيانة وتمثل شريان حياة وأساس كل نوع من أنواع الخيانة.
اليأس و الصمت وغض البصر عن الفساد يعني التوقيع على اتفاقية الخيانة، وعليه نقول أن جهاد الظلم والفساد يجب أن يكون مُقدم على جهاد الخيانة لأن انتشار الفساد انتصار للأعداء، و محاربة الفساد واقتلاعه أفضل وفاء لصمود الشعب الفلسطيني البطل الذي ثبت كيانيته ووجوده رغم كل الضربات والنكبات والنكسات المتوالية عليه.
يقول عباس محمود العقاد أنالأمة التي تُحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد“. فلنجاهر بالحق ونتجرأ على الباطل، فمن حقنا أن نحلم بمستقبل أفضل وحياة خالية من الفساد والقمع والظلم .
القضايا التي تهمنا اليوم يحب أن تصب مباشرة في خانة محاربة الفساد والظلم والخيانة، وتدفع بنا إلى مصاف الدول التي لا تزايد على قيمها، وأعتقد أن شعب قدم كل هذه النضالات والتضحيات في سبيل ترسيخ هويته، لا يمكن أن يسكت ويغض البصر عن الفاسدين الذي يحملون هويته ، وكما يقول شاعرنا الراحل الكبير توفيق زياد ” أول الغيث دم ثم الربيع”.
 فادي قدري أبو بكر
كاتب وباحث فلسطيني

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى