آخر الأخبارتقارير وملفات

القتل خارج القانون هو”عمليات القتل التي ترتكبها سلطات السيسى خارج إطار القانون

متى تتوقف عمليات القتل خارج القانون فى مصر

بقلم الخبير السياسى والإقتصادى

د.صلاح الدوبى 

الأمين العام لمنظمة اعلاميون حول العالم

ورئيس فرع منظمة اعلاميون حول العالم 

رئيس حزب الشعب المصرى 

في تقرير لها أصدرته اليوم 7 من سبتمبر/أيلول 2021، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن عناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني التابعين لوزارة الداخلية المصرية قتلوا في السنوات الأخيرة عشرات “الإرهابيين” المزعومين في جميع أنحاء البلاد في إعدامات غير قانونية خارج نطاق القضاء.

المنظمة وثقت من خلال شهود عيان وأدلة مرئية موثقة أن المتهمين الذين قتلوا فيما يسمى “اشتباك مسلح” “لم يُشكّلوا، في حالات كثيرة، خطرًا وشيكًا على قوات الأمن أو غيرها عندما قُتلوا، وبعضهم كانوا أصلًا محتجزين” في دلالة تحمل إصرارًا ونيةً مبيتةً على الإطاحة بهم من سلطات الأمن بعيدًا عن أروقة المحاكم وساحات التقاضي طويلة الأمد.

ويُعرف “القتل خارج القانون” بأنه “عمليات القتل التي ترتكبها سلطات الدولة خارج الإطار القضائي أو القانوني”، ويعد انتهاكًا لحقوق الإنسان بموجب الحرمان التعسفي من الحق في الحياة حسب المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تجرم تلك الممارسات حتى في الظروف الاستثنائية بما في ذلك حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي داخل البلاد.

تحت ستار تبادل إطلاق النار

المنظمة في تقريرها الصادر في 80 صفحات بعنوان “تعاملت معهم القوات: عمليات قتل مشبوهة وإعدامات خارج القضاء على يد قوات الأمن المصرية”، كشفت أن حالات القتل بعيدًا عن ساحات التقاضي زادت بصورة كبيرة بعد تصريحات السيسي في 2015.

وقد استندت المنظمة الحقوقية في تقريرها على دراسة حالات 14 شخصًا كانوا من بين 75 رجلًا قُتلوا في تسع من تلك الحوادث في دلتا وصعيد مصر خلال السنوات الأخيرة، لافتة إلى أنه لم يُعتقل أي مشتبه به في تلك الحوادث التسعة، ولم تقع إصابات بين عناصر قوات الأمن.

وقابلت “هيومن رايتس ووتش” 13 شخصًا من أقارب ومعارف المقتولين في مواجهات مسلحة مع قوات الأمن، بجانب عدد من المحامين والنشطاء والإعلاميين الذين وثقوا تلك العمليات، فقد أشاروا إلى أن بعض الضحايا كان قد قبض عليهم بواسطة الأمن الوطني واحتجازهم قبل الإبلاغ عن مقتلهم، فيما قالت 8 عائلات إنها شهدت هي أو أصدقاؤها أو معارفها اعتقالهم، وأفاد الشهود أن أقاربهم تم إخفاؤهم قسرًا وإنهم استفسروا رسميًا عن مكانهم قبل مقتلهم.

فيما قالت 8 عائلات إنهم اكتشفوا علامات تعذيب على أجساد ذويهم بعد تسلمهم من المشرحة، مثل الحروق والجروج والعظام المكسورة والأسنان المخلوعة، فيما عرِفت عائلات جميع الضحايا عادة بوفاة أقاربها من وسائل الإعلام، باستثناء واحد، اضطرت عائلته أن تسعى حثيثًا لإيجاد معلومات عن الوفاة وموقع الجثة.

وتقول المنظمة إنها راجعت واشتركت في تحليل جنائي مستقل لصور ومقاطع فيديو غير رسمية تُظهر جثث خمسة من القتلى، وكذلك عشرات الصور التي نشرتها وزارة الداخلية لحادثتَيْ إطلاق نار مزعومتَين، في ثلاث وقائع “اشتباكات” مزعومة، لم يتسق التحليل مع رواية إطلاق النار. تُظهر صور ثلاث رجال متوفين أن أياديهم كانت إما مُقيّدة وإما مكبّلة بالأصفاد خلف ظهورهم مباشرة قبل الوفاة”.

وذكرت بيانات وزارة الداخلية المصرية أن “نيابة أمن الدولة العليا تتولى التحقيق في تلك الحوادث”، إلا أن المنظمة أشارت إلى أنها لم تجد ما يشير إلى أن السلطات فتحت أي تحقيقات جادة أو ذات مغزى في أي من الحوادث، ولم يُستدع أي من أفراد العائلات لتقديم إفادته، مطالبة النائب العام المصري، حمادة الصاوي، باستبعاد نيابة أمن الدولة العليا من الإشراف على التحقيقات المتعلقة بسلوك قوات الأمن وانتهاكاتها، لما يثار حولها من شكوك وافتقاد للأدلة.

نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، جو ستورك، علق على تلك الجرائم قائلًا: “منذ سنوات وقوات الأمن المصرية تُنفّذ إعدامات خارج القضاء، مدعية أن الرجال قُتلوا في تبادل لإطلاق النار. حان الوقت للدول التي تُقدم الأسلحة والمساعدة الأمنية لمصر أن توقف هذه المساعدة وتنأى بنفسها عن هذه الانتهاكات المروعة”.

وخلص التقرير إلى ضرورة فرض شركاء مصر الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، عقوبات محددة الهدف، تشمل تجميد الأصول ضد المسؤولين والأجهزة المصرية ذات المسؤولية الكبرى عن الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، وكذلك ضد المسؤولين عن استمرار الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات، كما طالبت تلك الدول بوقف جميع المساعدات الأمنية والعسكرية ونقل وبيع الأسلحة إلى الحكومة المصرية، واشتراط استئنافها بوقف الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، ومحاسبة من تثبت مسؤوليتهم.

100 ضحية في 90 يومًا

رصدت منظمة “هيومن رايتس مونيتور” في تقرير لها إزهاق أرواح 100 شخص خارج القانون في مصر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، داعية العالم إلى التضامن مع المعتقلين السياسيين داخل السجون المصرية لما يتعرضوا له من تعذيب ممنهج وقتل بالبطيء.

المنظمة أحصت خلال الـ90 يومًا الأولى من العام الماضي وفاة 29 من المعتقلين في السجون المصرية المختلفة وأقسام ومراكز الشرطة ومراكز تدريب الداخلية، من بينهم 3 حالات قتل نتيجة للتعذيب، و17 نتيجة للإهمال الطبي المتعمد، و9 حالات قتل بالإعدام.

كما رصدت كذلك 71 حالة قتل برصاص الجيش والداخلية، من بينهم 61 حالة قتل في شمال سيناء، ليصبح عدد من قُتلوا خارج إطار القانون خلال تلك الفترة هو 100 شخص، وهو العدد الأكبر قياسًا بمعدلات القتل من هذا النوع المجرم دوليًا في دول المنطقة.

التقرير أشار إلى وجود 66 سجنًا عموميًا في مصر حاليًا بعد بناء 26 سجنًا جديدًا خلال عهد عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى وجود 320 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز للشرطة، هذا بخلاف مقرات الاحتجاز السرية التي في الغالب تكون بعيدة عن أعين الإعلام والمراقبين.

ظاهرة ممنهجة

عشرات الحالات للقتل خارج القانون نفذتها السلطات المصرية خلال السنوات السبعة الماضية، بعضها تحول إلى قضية رأي عام، منها مقتل المواطن عويس عبدالحميد الراوي (38 عامًا) الذي يعمل موظفًا في المستشفى الدولي بالأقصر (جنوب)، وأب لطفلين وثالث منتظر ولادته، أمام منزله، على يد ضابط في قوة أمنية من المباحث والأمن المركزي.

الجريمة هزت صعيد مصر بالكامل في ظل محاولات التستر على الضابط القاتل، فقد شددت قوات الأمن الحصار على القرية في محاولة لتجنب أي رد فعل عنيف، خاصة بعد إصرار شقيق ووالد الضحية على القصاص والحصول على حق ابنهم المغدور.

وفي نوفمبر/تشرين ثاني 2018، اتهم عضو مجلس نقابة المحامين، محمد عبد العظيم كركاب، رئيس مباحث بلبيس بمحافظة الشرقية، بـ”تصفية” المحامي أحمد السيد نعمة الله موسى حسن (33 عامًا)، مع اثنين من موكليه.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في أغسطس/آب من نفس العام، مقتل مُسلحين اثنين بعد تبادل لإطلاق النار داخل شقة سكنية بمنطقة الخصوص في محافظة القليوبية، كانت قوات الشرطة قد داهمتها، وبحسب البيان الرسمي للداخلية فإنها قد اشتبهت في وجود عناصر مسلحة منتمية لحركة “حسم” داخل الشقة السكنية، وعليه كان الهجوم بصرف النظر عن دقة المعلومات التي كانت بحوزتها عن الموجودين بالشقة.

الأمر تكرر بالكربون في يوليو/تموز 2017، حين صفت قوات الأمن أربعة أشخاص قالت إنهم متهمون بالتورط في حادث الهجوم على القوة اﻷمنية بالبدرشين في منتصف الشهر ، وأشارت الداخلية في بيانها أن القتل جاء نتيجة تبادل لإطلاق النار.

وفي الشهر ذاته أعلنت الوزارة مقتل 8 أشخاص في محافظة الفيوم لنفس السبب المعلن سابقًا (تبادل إطلاق النار) هذا بخلاف مقتل أحد عناصر حركة “حسم” خلال مداهمة لمسكنه في منطقة المرج شمال القاهرة، ويدعى” أحمد محمد عمر سويلم”، فقد أشارت الداخلية إلى أنه متهم بالمشاركة في عدة حوادث اعتداء، من بينها الهجوم على قوة أمنية في مدينة نصر في اﻷول من مايو/أيار الماضي.

الخيار السهل والأسرع “القتل خارج القانون”

لقد أدّى الاعتراض على عقوبة الإعدام في مصر إلى تراجع الإعدامات، لكنه دفع بالقوى الأمنية إلى اللجوء بصورة متزايدة إلى الإعدام خارج نطاق القضاء والإخفاء القسري”. بهذه الكلمات استهل المحلل السياسي، ماجد مندور، تعليقه على حالات القتل خارج إطارق القانون التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة، وذلك في مقاله المنشور على موقع “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”.

الكاتب أشار إلى تصاعد الاستياء الدولي عقب تنفيذ حكم الإعدام في العشرين من فبراير/شباط 2019،  بحق 9 متهمين باغتيال النائب العام هشام بركات، في ضوء الاتهامات الحقوقية بغياب العدالة في أثناء إجراءات التقاضي واللجوء إلى التعذيب لانتزاع الاعترافات، الأمر الذي مثل ضغطًا كبيرًا على السلطات المصرية، ووضعها في موقف حرج دوليًا.

وفي محاولة للهروب من هذا المأزق، لجأت السلطات إلى البحث عن وسائل أخرى – غير الإعدام بحكم قضائي – تحقق بها الهدف ذاته وهو التخلص من المعارضين، فاعتمدت بصورة متزايدة على التصفيات المنهجية والإهمال الطبي في مراكز الاحتجاز خلال فترات الحجز المطوّلة من دون محاكمة.

المقال كشف اعتماد النظام الحاكم في مصر على ممارسات الإخفاء القسري كإحدى أدوات التصفية والتخلص من المعارضين تحديدًا، مستشهدًا بالإحصاءات الواردة عن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، الذي أشار إلى تسجيل 464 حالة اختفاء قسري في العام 2015، وارتفع العدد إلى 980 حالة في العام 2016.

كما لوحظ في الآونة الأخيرة تراجع وتيرة أحكام الإعدام المنفذة فعليًا رغم زيادة أعداد الأحكام، وهو ما يرجح فرضية اللجوء إلى التصفيات بطريقة ممنهجة بعيدًا عن الإعدام الرسمي، فمن أصل نحو 600 حكم بالإعدام صدر في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2018، لم يُنفَّذ إلا 32 حكمًا.

وفي المقابل زادت حالات القتل خارج إطار القانون بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية المصرية، التي كشفت أنه خلال الفترة من الأول من يوليو/تموز 2015 و31 من ديسمبر/كانون الأول 2018، تم قتل 465 “متشددًا” مشتبهًا بهم خلال تبادل إطلاق النار.

وقد فند بعض شهود العيان روايات الداخلية بشأن حدوث عمليات التصفية خلال تبادل لإطلاق النار، لافتين إلى أن تلك الرواية ملفقة، مؤكدين أن الصور والمقاطع المرئية التي تبثها السلطات المصرية لتفاصيل تلك العمليات لا تتطابق مع روايات الأجهزة الأمنية والحقوقية التي تؤكد أن القتل تم على مسافات قريبة ثم تم نقلهم بعد الوفاة إلى أماكن أخرى للتصوير.

إن كانت المواثيق الدولية ترسخ لمبدأ أن الحق في الحياة هو حق إنساني متأصل غير قابل للمساومة، حتى في أوقات النزاع المسلح أو حالات الطوارئ، فإن الوضع في مصر يسير عكس عقارب الساعة، ليقبع الإنسان في ذيل قائمة الاهتمامات، في ظل انشغال المجتمع الدولي عن واجباته الإنسانية لحساب أجندات أخرى، الأمر الذي أعطى الأنظمة الديكتاتورية الضوء الأخضر لممارسة بطشها دون قلق من محاسبات أو مراجعات.

حملة لإيقاف “قاضي الإعدامات” في مصر: أوقفوا ناجي شحاتة

المستشار محمد ناجي شحاتة رئيس الدائرة الخامسة في محكمة جنايات الجيزة الذي اشتهر في الأوساط القضائية والإعلام باسم “قاضي الإعدامات”، أوكل إليه مجموعة كبيرة مما عرف من جانب الدولة بقضايا الإرهاب وأحداث العنف.

أبرز هذه القضايا قضية كرداسة التي حكم فيها شحاتة على أكثر من 529 معتقلاً بإحالة أوراقهم إلى المفتي تمهيدًا لإعدامهم، ثم خُفف الحكم بعد ذلك ليصل لإعدام 37 شخصًا و492 حكم عليهم بالمؤبد، كما ينظر القاضي ناجي شحاتة قضية أحداث مسجد الاستقامة التي يحاكم فيها لفيف من قيادات الإخوان والتي أحال فيها 13 من هذه القيادات إلى المفتي تمهيدًا للإعدام أيضًا، بالإضافة إلى نظره قضية أحداث مجلس الوزراء المتهم فيها 269 شخصًا.

تلك القضايا التي فتحت ملف قاضي الإعدامات بين المدونيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، الذين طالبوا بإيقافه عبر إطلاق حملة “#أوقفوا ناجي شحاته”.

عرف شحاتة بتصريحاته المثيرة للجدل رغم افتراض اعتلائه منصة محايدة، حيث كثيرًا ما يُبدي تأييده للنظام السياسي الحاكم في مصر ضد معارضيه، وكثيرًا ما يُعبر عن انحيازاته السياسية كعدائه لثورة الخامس والعشرين من يناير وكل من شارك فيها.

وكانت آخر حوارات شحاتة الإعلامية مع جريدة الوطن المصرية هي التي فتحت النار عليه وأثارت جدلًا واسعًا بسبب هجومه على محكمة النقض المصرية التي نقضت جميع أحكامه بسبب العوار القانوني الذي يشوبها.

شن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وعدة صحفيين وحقوقيين حملة هاجمت ناجي شحاتة وطريقة إدارته لجلسات القضايا، وانحيازاته السياسية التي لا تبتعد كثيرًا عن إصداره أقصى العقوبات على كل من يقف أمامه من المعارضين للنظام في أي قضية.

حيث تساءل بعضهم في الهاشتاج الذي خُصص للتدوين عن هذا القاضي عن كيفية استمرار قاضي يحكم بأقصى عقوبة ممكنة على المتهمين في كافة القضايا المنظورة أمامه، فيما دعا البعض الآخر للمشاركة في هذه الحملة بالتدوين على هاشتاج #أوقفوا ناجي شحاته.

شوقي علام.. مفتي الإعدامات

في يونيو 2016 نشر مفتي الديار المصرية، شوقي علام، مقالا في صحيفة اليوم السابع الورقية (المقربة من النظام الحاكم)عن “التقوى” في الصيام وعنونه بـ”نجحت لعلكم تتقون”، لكن ماهي إلا دقائق بسيطة حتى تبين أن المقال منقول ومقتبس نصًا عن صفحتين من كتاب “في ظلال القرآن” للدكتور سيد قطلب، أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين، ليتحول الأمر بعدها إلى فضيحة خاصة وأنها لم تكن الأولى له.

ومنذ هذه الوهلة فرض علام اسمه على ساحة التناول الإعلامي بصورة لم تكن مسبوقة قبل هذه الواقعة، خاصة وأنه نجح منذ توليه هذا المنصب في 2013 في أن يكون أحد أبرز الأدوات المستخدمة في ترسيخ أركان نظام ما بعد 3 يوليو إذ أضفى شرعية دينية على معظم الخطوات والإجراءات والممارسات التي تمت منذ هذا التوقيت وحتى اليوم.

ظل العلماء ورجال الدين على مر التاريخ ملجأ للشعوب عندما يقسوا عليهم الحكام أو تدهمهم غزوات خارجية، لكن في بعض الأحيان نجحت السلطة في هدم هذا الملجأ باستئناس العلماء وعقد تحالف معهم، يضمن للأخير النفوذ السياسي والمالي وللأول البقاء وترسيخ أركانه، ليجد المواطن نفسه في مواجهة “تحالف دنيوي” يقمعه باسم الدين: حاكم يقرر وعالم يشرع.

ومع ميلاد نظام عبد الفتاح السيسي كان علام الذي عينه الرئيس الراحل محمد مرسي في 11 فبراير 2013 أحد الأركان المهمة في استقرار هذا النظام وتحولت بوابة الإفتاء إلى المدخل الأوسع لتشريع ما يحبّه الحاكم، حتى ولو تعارضت كثير من الفتاوى مع صحيح الدين بشهادة علماء أخرين.. وهذا ما سيتضح من خلال هذه الجولة حول أبرز الفتاوى المثيرة للجدل التي أصدرها علام طيلة السنوات السبع التي تقلد فيها هذا المنصب.

https://www.youtube.com/watch?v=46mlwAMm-QA

فتاوى في خدمة عبد الفتاح السيسى

في الخامس والعشرين من نوفمبر الماضي جرًم المفتي المصري الحديث في الشأن العام لغير المتخصصين والخبراء، حيث أشار خلال كلمته فى الجلسة التحضيرية الثانية لمؤتمر الشأن العام الذي عقد بمؤسسة “أخبار اليوم ” أن المؤتمر يسعى لإيجاد ثقافة البناء، التى تتبع عدة اتجاهات أهمها مراعاة التخصص الدقيق، متابعا: “عصر العموميات وإننا نعرف كل شىء ولى وانتهى”.

وأضاف ” تجربتي فى دار الإفتاء المصرية، أصبحت بيت خبرة حقيقى، وسبب ذلك الرجوع إلى أهل الاختصاص، فمثلا في قضية السكان وهي أمن قومي، رجعنا إلى أهل الاختصاص أبرزها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فالشأن العام لم يعد مجالا لأى إنسان أن يتحدث فيه”.

الفتوى أثارت الجدل في الشارع المصري الذي اعتبرها رسالة واضحة لتجريم الحديث في السياسة أو الاقتصاد والكف عن توجيه انتقادات للنظام الحالي فيما يتعلق بالإخفاقات التي مني بها خلال الأونة الأخيرة والتي فرضت نفسها على ألسنة شريحة كبيرة من المصريين.

الهجوم على قناة الجزيرة.. في ذات الحوار شنً المفتي هجومًا حادًا على قناة الجزيرة بالتزامن مع الهجمة التي شنها الإعلام الموالي للنظام ضد القناة نفسها، حيث وصفها بـ “البوق” الذي يعتمد على تزييف الوعى بالشائعات المغرضة، مفسرا ذلك بأنه “عبارة عن تدوير لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، يحتوى على معلومات مضللة، باعتماد المبالغة والتهويل فى سرده، وهذا الخبر فى الغالب يكون ذا طابع يثير الفتنة ويحدث البلبلة بين الناس، وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العام تحقيقًا لأهداف معينة، على نطاق دولة واحدة أو عدة دول، أو النطاق العالمي أجمعه”.

واستند علام في فتواه على تحريم الإسلام لنشر الشائعات وترويجها، وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم؛ فقال تعالى «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون»، وهذا الوعيد الشديد فيمن أحب وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، متسائلًا: كيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى