كتاب وادباء

القصص القرآني وواقعنا المعاصر (6) – أصحاب الأخدود و إعلام الدجال الجزء الأول

القصص القرآني و واقعنا المعاصر .. المقالة السادسة
==================

بقلم الكاتب الباحث

جمال محمد k

دكتور جمال محمد

أصحاب الأخدود و اعلام الدجال ( جزء 1 )
=======================

إذا سمعت كلمة ” الغلام ” فأرعها سمعك و أعطها انتباهك , فأنت علي وشك ان تسمع من الكلام …الكبير , و من الآيات .. و من الإستشهاد و العبر .. الكثير و الكثير , و من الهدي المنير , و من الأحداث الهام و الخطير. و إذا سمعت من يتحدث عن قصة الغلام فاعلم أنه صادق العقيدة , و قوي الشكيمة , و اعلم أنه قارئ فاهم للقرآن فهما واعيا , فلم تذكر قصة أصحاب الأخدود و لم يحكي الرسول قصة الغلام تفصيلا عبثا , حاش للرسول وتعالي الله عن ذلك و علا علوا كبيرا . و القرآن كله كبير , و كل حرف و قصة لغاية علمها من علمها و جهلها من جهلها , ” و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون “.
فلنقرأ بتمعن و تركيز شديدين تلك القصة من خلال حديث الصادق المصدوق عليه الصلاة و السلام , نفعنا الله و إياكم بما علمنا , و من ثم نغوص في بحر من الآيات و العبر و الدروس العظام , نربطها ربطا بواقعنا… ” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ” , جعلنا الله منهم , إنه علي ذلك قدير و بالإجابة جدير . ” .
قصة الغلام و أصحاب الأخدود :
==================
حدثنا هداب بن خالد حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك قال ربي قال ولك رب غيري قال ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجيء بالغلام فقال له الملك أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمئشار فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المئشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال إذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك قال كفانيهم الله فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال وما هو قال تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم إرمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتي الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت وأضرم النيران وقال من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت إمرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام يا أمه إصبري فإنك على الحق .

دروس مستفادة :
=========
كما ذكرنا من قبل عدة مرات فان عدم الأخذ بالعبر من القصص القرآني يضع المرء في نفس الخندق مع من قال أساطير الأولين , بل و مع الغافلين , فالقصص لم يذكر في القرآن إلا لمقاصد ذكرناها من قبل في الحلقة الثانية من هذه السلسلة , و ما هو إلا قصص ماضينا و حاضرنا و مستقبلنا , بل و واقعنا إلى يوم تقوم الساعة , و هذا من إعجاز القرآن و قصصه الكريم الذي ليس كأي قصص , بل هو أحسن القصص , و من بعد عنه , و نكرر , فهو من الغافلين .
.
انظروا معي رحمكم الله إلى أول جملة من الحديث الشريف …” كان ملك فيمن كان قبلكم , و كان له ساحر ” , و هذا هو أعظم الدرس , فلا يوجد ملك ظالم أو طاغية أو مستبد أو طاغوت من الطواغيت أو دكتاتور يحكم الناس , إلا كان له ساحر . فما هو الساحر = الذي يسحر أعين الناس فلا يرون الأمور علي حقيقتها , يدلس علي الناس و يقلب الحقائق , يظهر الباطل حقا و الحق باطلا , بل و يجعل الناس تعيش الوهم حقيقة …” فلما ألقوا سحروا أعين الناس و استرهبوهم و جاءوا بسحر عظيم “…..
و انظروا ماذا قال موسي لقوم فرعون : ” قال موسي أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا و لا يفلح الساحرون ” ,… ” فلما ألقوا قال موسي ما جئتم به السحر ان الله سيبطله , ان الله لا يصلح عمل المفسدين ” .

و ما كان لحكم جبري أن يحكم الناس بلا سحر يخفي الحقائق عن الناس , يخدعهم و يدلس عليهم ,بل و يقلب الأمور …يجعل الحق باطلا و الباطل حقا , بل و يجعل الناس تعيش الوهم حقيقة : فمن هو ساحر الزمن الحديث ؟؟؟؟؟ ……انه ” الإعلام ” , و رجاله جند الدجال , فما كان للانقلاب البغيض أن يستقيم بغير سحر و لا سحرة زيفوا كل الحقائق بلا إستثناء , بدءا من فترة ما بعد ثورة يناير , مرورا بفترة الإنتخابات الرئاسية و كم التدليس الذي دلسوه علي الناس , و إلي فترة حكم الرئيس الشرعي للبلاد فك الله أسره , من إخفاء الإنجازات , وقلب العدو صديقا وقلب الصديق عدوا , فأصبحت اسرائيل هي الصديق و حماس هي العدو , و قلب المشاريع الضخمة كمشروع قناة السويس إلى خطورة علي الأمن القومي , و إفتراء أكاذيب بيع سيناء و حلايب و شلاتين و غيرها من أرض مصر , و التدليس علي الدستور الشرعي , و إنتهاء الي فترة ما بعد الانقلاب البغيض , بمشاريعه الوهمية من كفتة و كباب , و عاصمة وهمية , و مشاريع هي أقرب الي النصب , و أظن الأمر أطول من أن يتم احتواؤه في مقال واحد أو حتي في كتاب .
.
هل فهمتم الآن المقصد من هذه الجملة التي قالها رئيسنا الشرعي فك الله أسره , و ما أكد أنه حافظ للقرآن , واع بمعانيه و أسراره : ..” السحر كتير ,,, و السحرة كتير ,,, اوعوا الثورة تتسرق منكم “..هذا ما كان يقصده الرجل العظيم صادق الإيمان , سليم العقيدة , ثابت الجنان , و هل وعيتم كيف أنه كان يتكلم بالقرآن , و من خلال فهمه العميق للقرآن و قصصه ؟؟ , و كما قلت في التقدمة , فقصة الغلام لا يتكلم بها إلا ذو عقيدة و ذو بصيرة و فهم لآيات الله و المقصد منها ؟؟ , هل فهمتم الآن كلام الريس متأخرا ؟؟
ولكن , إلى من تظنونه كان يوجه حديثه هذا ؟؟ .. بالطبع الي فئة تفهم كلامه و متيقنة من موعود الله , فئة تثبت كما ثبت الصحابة الكرام خلال حصار شعب أبي طالب , و كما ذكرنا في الحلقة الرابعة ( من بدر الي القدس عبر غزة ).. فئة لا تؤثر فيها الأحداث و لا عدم حدوث نصر قريب , من دوام التمسك بحبل ربها ,, فئة ذات ايمان و ذات عقيدة تحرك الجبال و لا ترضي بالضيم , و لا تعطي الدنية في دينها , و هذا هو ” مقصد الرجل ” و” الفئة المستهدفة ” من خطابه الأخير , انها تلك الفئة التي تثق في نصر ربها , الفئة ذات العقيدة القوية السليمة التي لا تغيرها الأحداث , و لا تفت من عضدها الأعاصير و لا العواصف و لا المتغيرات , تلك الفئة الثابتة علي الحق مهما كثرت المحن , لا تري إلا الله , تلك الفئة التي عندها دينها أغلي و أعز عليها من نفسها , تلك الفئة غير المتأثرة بإعلام الدجال و لا سحر السحرة مهما ألقوا من عصي … ..تلك الفئة التي تري بنور ربها لا يضرها من خذلها , تلك الفئة التي جعلت كتاب ربها محرابا تري فيه كل الحقائق , تلك الفئة التي لا يضرها من خذلها…………
و سؤالي هنا ………أأنتم من تلك الفئة ؟؟

أظنكم و الله كذلك و أحسبكم علي خير , و نسأل الله الثبات و التوفيق فيما بقي من طريق قصير بإذن الله علي نهاية السحر و السحرة , لنكون أهلا لتولي رجل عظيم فاضل , صادق الإيمان , سليم العقيدة علينا , يرفع راية الاسلام , فك الله أسره و أمده بمدد من عنده و ربط علي قلبه و رده إلينا سالما غانما ثابتا صابرا محتسبا , إنه ولي ذلك و القادر عليه . و لنكون أهلا لنصر الله و ممن قال الله فيهم :
…” وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي إرتضي لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا , يعبدونني لا يشركون بي شيئا , و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون .”
و إلي الأسبوع المقبل إن شاء الله نكمل باقي الدر المستخرج من تلك السورة العظيمة و قصصها , التي تقذف بالحق في وجه إعلام الدجال .
فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري الي الله , إن الله بصير بالعباد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى