دنيا ودينكتاب وادباء

القصص القرآني و واقعنا المعاصر ( 13 )موسي .. و التسع آيات … و التسريبات

موسي .. و التسع آيات … و التسريبات

من روائع الكاتب الأديب

جمال محمد k

دكتور جمال محمد

====================

KriatYamSoof

و لقد آتينا موسي تسع آيات بينات , فاسأل بني اسرائيل اذ جاءهم فقال له فرعون اني لأظنك يا موسي مسحورا . قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء الا رب السموات و الأرض بصائر و اني لأظنك يا فرعون مثبورا . فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه و من معه جميعا “.

           طالما استوقفتني هذه الآيات , متسائلا  عدة تساؤلات  , أسوق بعضها عن طريق عدة أسئلة , قد تلقي الضوء علي مدي التشابه العجيب بينها و بين ما يحدث حولنا و لنا الآن , و كيف نعتبر منها حتي لا نتساوي مع من قال أساطير الأولين , و كيف رسم الله لنا طريقا نهتدي به للخروج من محنتنا هذه , بل و كيف نتعامل مع تلك الأسباب ( التسريبات مثلا , تغيير الوزارات بعد فشلها المتتابع , انخفاض الجنيه و انهيار البورصة , فشل المؤتمر الاقتصادي , غلاء الأسعار المطرد , اعادة فتح السفارة الاسرائيلية , توابع سد النهضة , الخ ) , و التي أرسلها الله لنا آيات بغير حول منا و لا قوة , كي يثبتنا بها , لنزداد يقينا من نصر  وعده الله عباده ( المؤمنين ) ..” و كان حقا علينا نصر المؤمنين ” , و لكن ….. هل تعاملنا معها كأسباب من عند الله تزيدنا يقينا و تمسكا بحبل الله حتي نكون من المؤمنين الذين وعدهم الله نصره ؟؟ .. و هل قربتنا الي الله , نلتمس العون منه ؟؟!! ..أم أبعدتنا عن الله و انشغلنا بها فكنا سببا من أسباب عدم تحقق لنصر الي الآن ؟؟

          :  تساؤلات حول التسع آيات

 ##  لماذا تسع آيات ؟

## لمن أنزلت الآيات  ( بني اسرائيل ..أم فرعون و قومه في الأساس ) ؟

## ماذا كان رد الفعل من فرعون و قومه ؟

## ماذا كان رد الفعل من بني اسرائيل ؟

## هل الآيات استدراج لأهل الباطل ..أم دروس لبني اسرائيل ؟

##  ماذا كان مطلوبا من بني اسرائيل ..كرد فعل لعباد الله المؤمنين تجاه هذه الآيات المعجزات ؟؟

وتساؤلات أخري كثيرة ,يكفينا منها ما ذكرت الآن , عسانا نلتمس العبرة , من الآيات ..” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ”

اللهم اجعلنا منهم .

سنة الاستدراج في الأرض :

===============

_  ( فرعون يسير نحو البحر يا سادة فأبشروا ) :

** ” و الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . و أملي لهم , ان كيدي متين “. ( الأعراف : 182,183)

** فذرني و من يكذب بهذا الحديث , سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . و أملي لهم , ان كيدي متين .” ( القلم : 44,45 )

     هذا هو المقصد في الأساس , فالي جانب التثبيت من عند الله من غير حول منا و لا قوة لعباده المؤمنين , هذه هي سنة الاستدراج لأهل الباطل و فرعون , حتي يقيم الله الحجة علي أهل الباطل الذين لم يتفكروا في الآيات , و لم يتفكروا في ( التسريبات و غيرها كدلائل و براهين علي كذب ادعاء الانقلابيين و باطلهم ) , بل وينكرونها أحيانا و تجحد بها قلوبهم , و الشاهد هنا أنها كما ذكرت آنفا من عند الله , أسباب ساقها الله الينا , لاقامة الحجة علي قوم فرعون , و أهل الباطل ..فهل يعتبرون ؟؟!!

……..

و الله أعلم

………

لا أظن  !! , كما لم يتأثر من يؤيد الانقلاب الغاشم بالتسريبات و لا بمستجدات الأمور و الفشل تلو الفشل , بل ظلوا في طغيانهم يعمهون . .

الرسالة الموجهة من الله الي عباده المؤمنين :

========================

    أرسل الله الآية تلو الأخري , أسبابا من عنده , ليثبت عباده المؤمنين , بل و يضع لهم سبيلا مطلوبا منهم , ( و منا الآن ) , نسير عليه ( موسي و فرعون و عباد العجل _ الجزء الثاني ) , فيتحقق نصر الله , بغير حول منا و لا قوة ( موسي و فرعون و عباد العجل – الجزء الثاني ) , و انظروا معي ماذا كان وحي الله الي موسي في تلك المرحلة بعد نزول الآيات تترا  :

” ” و أوحينا الي موسي و أخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا و اجعلوا بيوتكم قبلة و أقيموا الصلاة , و بشر المؤمنين “. و قال موسي ربنا انك ءاتيت فرعون و ملأه زينة و أموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك, ربنا اطمس علي أموالهم و اشدد علي قلوبهم فلا يؤمنوا حتي يروا العذاب الأليم . قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما و لا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون “.

 يتحتم علينا في هذه المرحلة أن نتوجه الي الله بقلوب خاشعة , ذليلة لله , تتضرع اليه وتدعو له , فقد نسينا أن الدعاء سلاح ماض في وجه الباطل وأهله , والدعاء له شروط , منها التوجه الي الله بنية صادقة و قلوب خاشعة , متلمسين أوقات اجابة الدعاء خاصة أثناء قيام الليل و الثلث الأخير من الليل و في السجود و وقت السحر و عند الافطار , و منها الدعاء لله بأسمائه الحسني , و صفاته العلي , ” و لله الأسماء الحسني فادعوه بها ” …خاصة اسمه الوكيل = الذي يكمل النقص في الاستعدادات البشرية التي يشوبها القصور دوما , فيرسل لنا الأسباب , الواحدة تلو الأخري شريطة صدق التوجه الي الله , و كذا أسمائه الحسني , المنتقم و الجبار و العدل و القوي و العزيز و ملك الملوك و المعز و المذل .

لمن أنزلت الآيات ؟؟

===========

 كما أخبرنا الله في كتابه الكريم فالآيات كان المعني بها في الأساس فرعون و نظامه ( قارون و هامان ) و المصريين :

ثم بعثنا من بعدهم موسي بآياتنا الي فرعون و ملائه فظلموا بها , فانظر كيف كان عاقبة المفسدين “.

ثم بعثنا من بعدهم موسي و هارون الي فرعون و ملائه بآياتنا فاستكبروا و كانوا قوما مجرمين “.

و لقد أرسلنا موسي بآياتنا و سلطان مبين . الي فرعون و ملائه فاتبعوا أمر فرعون و ما أمر فرعون برشيد “.

ثم أرسلنا موسي و أخاه هارون بآياتنا و سلطان مبين . الي فرعون و ملئه فاستكبروا و كانوا قوما عالين “.

و لقد آتينا موسي الكتاب و جعلنا معه أخاه هارون وزيرا . فقلنا اذهبا الي القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا “.

و اذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين . قوم فرعون ألا يتقون “.

كل الآيات كانت لاثبات طغيان فرعون و كفره و كذب ادعائه الألوهية , و تنبيه المصريين من قوم فرعون الي ذلك , و لكن هيهات هيهات . ” أفرأيت من اتبع هواه و أضله الله علي علم و ختم علي سمعه و قلبه , و جعل علي بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله , أفلا تذكرون “.

سيظل المعاندون و المكابرون من مؤيدي الانقلاب الغاشم .. عبيد البيادة في طغيانهم يعمهون , حتي يأتي الله الحكيم بنصره وقتما شاء … ” و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون “.

فكما نصر الله المؤمنين من بني اسرائيل من غير حول منهم و لا قوة , فسينصر الله عباده المؤمنين بغير حول منهم و لا قوة و بغير أسباب بشرية يفكر الكثيرون في سيناريوهاتها الآن . فلا تشغلوا انفسكم بالتفكير في الأسباب , بل حققوا المراد منكم كما أمركم رب الأسباب و مسببها ( المقالين السابقين ) . و لا تشغلنكم قلة جمع أو كثرة ” فما من لموسي الا ذرية من قومه علي خوف من فرعون  ملائهم أن يفتنهم , و ان فرعون لعال في الأرض و انه لمن المسرفين “. .

الانشغال بالأسباب و خطورته :

================

    كتبت في الحلقة السابقة ( موسي و فرعون و عباد العجل 3 ) علي ذات الموقع , في سياق قصة موسي خاصة عند وقوفه علي البحر , عن الأسباب و كيف أنها تأتي بغير حول منا و لاقوة , في توقيت يقدره الله الحكيم = الذي يضع الأمر في موضعه , شريطة صدق التوجه الي الله , يفعل الله الأسباب ( بفتح الفاء و كسر و تشديد العين ) , لحظة امتلاء القلب باليقين من نصر الله بغير انشغال بأسباب ” قال موسي كلا ان معي ربي سيهدين ,” , و اعيدها هنا مستشهدا بها الآن :

          الله الذي هزم الأحزاب وحده بالريح , و أغرق فرعون و جنده في البحر , سييسر لنا الأسباب بقدرته و مشيئته , يكشفها لنا في حينها  و يفعلها لنا , مقيضا لنا نصرا باذن الله , فقط مطلوب منا الثبات والصبر و اليقين في هذه المرحلة الصعبة ….منفذين أوامره عز و جل كما بيناها ( موسي و فرعون و عباد العجل – الجزء الثاني ) , متذكرين قوله تعالي ” و قال موسي ياقوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين “.

فوائد هامة جدا نستشفها و نستنبطها من قصة شق البحر :

1 – الله ( الوكيل ) هو رب الأسباب و هو موجدها بغير ترتيب من البشر و لا توقع .

2 – السبب قد يكون موجودا و لكن لم يأذن الله لنا بعد باستعماله .

3 – السبب قد يكون بين أيدينا و ظهرانينا و لم يأذن الله بمعرفته بعد .

4 – السبب قد يكون بين أيدينا و شاءت ارادة الله ( الحكيم ) ألا يعمل السبب .

5 – السبب قد يكون بين أيدينا و حكمة الله الحكيم أجلت استعماله لحكمة ربانية محكمة , و …………………..لعله خير .

 دورنا الهام في هذه المرحلة :

================

   الحمد لله صاحب المنة و الفضل , كلنا قدم و لم يقصر , كل قدر استطاعته , و لكن أوصي نفسي واياكم بشئ هام جدا , اصلاح النية و صدق النية لله , أن ما نفعل من خير , أو جهاد  , انما هو لله ابتغاء مرضاته و رفعة لدينه , عسانا نكون سببا في نصرة الحق و أهله و نصرة دينه, و دحر الباطل و أهله , أي فقط = تفعيل أعمال القلوب و النية لهذا الغرض .

 أمر هام في ذات السياق , هو عدم الانشغال بأسباب ما انشغالا شديدا يؤثر علي صدق التوكل علي الله و استمرار التمسك بحبله المتين ( مقال : من بدر الي القدس عبر غزة ) , و للأسف يحدث هذا أحيانا , و سنوضح لاحقا  , والأمر الأهم ,  عدم توقع أن تكون هذه الأسباب ( التسريبات مثلا أو تغيير وزير داخلية  أو وزارة ) , السبب المباشر في دحر الانقلاب , انما هي أسباب ساقها الله الينا بغير حول منا و لا قوة , كي يزداد يقيننا بالله و يزداد تمسكنا بحبله المتين , نصلي و ندعو ونزيد  من الطاعات , من قيام ليل و فعل خير ,  بنية اسقاط الانفلاب , فالأسباب لا يأتي تأثيرها مباشرة , انما هو استدراج لأهل الباطل, كما ذكرنا من قبل , و انما يحدث تأثيرها بعد حين بقدر الله من خلال تأثير الفراشة

…………….

Butterfly Effect .

  و عندها سنجد تأثير هذه الأسباب خلال وقت قريب يقدره الله الحكيم بحوله و قوته . .

 لماذا يحدث الاحباط أحيانا :

===============

 يحدث الاحباط بسبب اللهث وراء الأسباب , بمبالغة في الاهتمام , لأيام و أيام , ظنا أنها ستؤتي أكلها قريبا , أو أنها ستكون سببا مباشرا لدحر الانقلاب , فلا يحدث شئ , و لا يتأثر قوم فرعون و لا عبيد البيادة , بل و يسافر العميل و يقابل فلانا و فلانا ,

…….

( يا سادة فرعون يسير مستدرجا الي البحر ) , و نجد من يسأل لماذا تأخر النصرسؤال خاطئ , فأمر الله الحكيم لا يتأخر = ” انا كل شئ خلقناه بقدر”. ) ..فنكون في حينها , و بغير قصد من أسباب عدم تحقق النصر . و لنتذكر أن بداية الخلاص لبني اسرائيل كانت بسبب غير متوقع علي الاطلاق وهو : القاء موسي في البحر 

التدابير الربانية تكون من حيث لا يتوقع البشرعلي الاطلاق , بداية و نهاية .

     ” و كان حقا علينا نصر المؤمنين ” , هذا وعد الله , بقي فقط أن نكون من هؤلاء المؤمنين , و أن نري الله منا خيرا , والا فبالله عليكم , فما بال من في السجون !!؟؟

 نتمسك بحبل الله , و ندعو و نتضرع , و نتراحم و نتلاحم و نعتصم بحبل الله المتين ,( ” و اعتصموا بحبل الله جميعا و لاتفرقوا “) تزيدنا الأسباب من تسريبات و غيرها يقينا بالله , و أن النصر سيأتي باذن الله من حيث لم نحتسب , وبغير حول منا و لا قوة .

***

و الله أشم رائحة نصر قريب فأبشروا , و أروا الله منكم خيرا .

اللهم انصر دينك و كتابك و عبادك المؤمنين .

اللهم دبر لنا فاننا لا نحسن التدبير .

و ما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم “.

فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري الي الله , ان الله بصير بالعباد

اللهم انصر دينك و كتابك و عبادك المؤمنين .

اللهم دبر لنا فاننا لا نحسن التدبير .

و ما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم “.

فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري الي الله , ان الله بصير بالعباد

تأثير الفراشة = هو سلسلة التداعيات المترتبة على حدث معين مهما كان صغيرا ،

كتأثير جناح الفراشة على الهواء المحيط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى