آخر الأخباركتاب وادباء

المسألة الليبية من دخول الثعالب إلى تدخل الدببة وصراع الديناصورات

بقلم الكاتب والباحث الليبى

فرج كندى

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

تعتبر المسألة الليبية المعاصرة من بعد اندلاع ثورة فبراير 2011ميلادي التي انطلقت ضد نظام العقيد معمر القذافي الذي تجاوز الاربعة عقود من القمع والاستبداد والاستعباد .

من اهم المسائل الدولية والاقليمية الشائكة, والمعقدة الكثيرة التداخلات والتشعبات المربكة والمنهكة سياسيا وعسكريا . خاصة وإن هذه المسألة أو الثورة اتخذت الطابع العسكري من ايامها الاولى؛ حين قرر العقيد القذافي مواجهة المسيرات الشعبية المطالبة بالحرية بالقوة والبطش الامني؛ ثم استخدام قوات كتائبه العسكرية المدججة بكافة انواع الاسلحة مع خطاب صدامي متوعدا كل ثائر بالموت والسحق وأنه لن يترك احد,  وسوف يطاردهم – بيت بيت دار دار زنقة زنقة – على حد وصفه الشهير مع وصف الثوار – بالجرذان – في خطاب مرعب – قال فيه للمتظاهرين من انتم ؟ .

بعد استخدام القذافي للقوة المفرطة التي ارتقت إلى مستوى ارتكاب جرائم حرب اضطرت الجامعة العربية إلى دعوة المجتمع الدولي للتدخل لإنقاذ الشعب الليبي من انتقام العقيد القذافي وايقاف قواته عن ارتكاب جرائم القتل ضد الليبيين .

وهو ما فتح الباب أمام  تدخل قوات حلف الناتو لإيقاف قوات القذافي عن مهاجمة عاصمة الثورة بنغازي. وهذا ما  مهد الطريق امام انتصار الثورة وإسقاط نظام حكم القذافي الذي جاء عقب انقلابه العسكري في أول سبتمبر من عام 1969 ميلادي .

وسرعان ما اقض نجاح ثورة فبراير مضاجع قوى الشر والاستبداد العربية ؛ حين اثبتت قدرتها على مسابقة الزمن وقدرتها الكبيرة على تجاوز الصعوبات من خلال استطاعتها تحقيق قفزات كبيرة ومثيرة في تحقيق اهدافها من خلال نجاحها في تحقيق استحقاقات انتخابية جعلت منها ايقونة نجاح ربما تكون نموذج تحتذي به باقي الشعوب التي لم تنتفض على هؤلاء المجرمين .

اجتمعت الثعالب من قوى الشر المتمثلة في مؤامرات بن زايد ومملكة بن سعود  وسيسي مصر ومملكة سليل الهاشميين في جانحة الظلام لتدبير اسقاط الثورة الليبية وإعادتها إلى مربع العسكرة وحكم الفرد الطاغية .

إلا أن صمود وعزيمة ثوار ليبيا كانت اكبر وأقوي من أن تطيح بها جموع الثعالب التي لا قيمة ولا وزن لها ؛ وإن كانت تمتلك الدهاء وتتحلى بالخيانة والغدر.

لم تفلح الثعالب في السيطرة على ليبيا أو القضاء على ثورتها برغم ما انفقته من أموال وعتاد ومرتزقة ومأجورين؛ إلا ان تجمع الثعالب فشل وأنكسر خائبا يجر اذيال الهزيمة النكراء .

ومع إطالة حرب الثعالب على ليبيا وثورتها ونظرا لأهمية موقعها الاستراتيجي وما فيها من ثروات من النفط والغاز كان ولابد للدول ذات المصالح والمطامع أن تتدخل هي ايضا , ولا يمكن لها ان تتنازل عن مصالحها ولا تتركها في مهب الريح تعبث بها ثعالب رعناء لا قيمة ولا وزن لها.

هذا ما فتح للدول  الدببة ذات الوزن الأكبر وصاحبة المصالح أن تدخل على الخط مما دفع الثعالب إلى التراجع وأخذ خطوة إلى الوراء والسير خلف الدببة لالتقاط ما يقع منها على الارض بعد شبعها من الفريسة  .

تمثل صراع الدببة على ليبيا في القوتين الأوربيتين ايطاليا التي احتلت ليبيا عام 1911 ميلادية, وفرنسا التي احتلت فزان الجزء الجنوبي من ليبيا اثناء الحرب العالمية الثانية 1945 إلى منتصف الخمسينات من القرن الماضي بعد استقلال ليبيا .

وكان الصراع على اشده بين الدبين في بدايته ,وإن كانت منطق الصراع والأطماع مختلفة فإيطاليا  يهمها الغرب الليبي لاستحواذها على الغاز وتعمل على ضمان وصوله اليها مع تواجد بعض الشركات الأخرى؛ في حين كانت فرنسا لا تخفي اطماعها في استعادة نفوذها في اقليم فزان الغني بالنفط؛ مع رغبة في فصلة عن ليبيا و ضم منطقة سرت حتى تجد لها منفذ بحري يمكنها من سهولة الوصول إلى فزان من الشمال وتستعمله كميناء نفطي على جنوب البحر المتوسط .

ثم توسع التدخل الفرنسي على حساب التدخل الإيطالي من خلال دعمه للعملية العسكرية التي يقودها اللواء حليفة حفتر- عملية الكرامة –  حيث قتل مع قواته ضباط فرنسيين في منطقة الهلال النفطي, وهرب العديد من العسكريين ورجال المخابرات الفرنسية إلى تونس عقب سقوط مدينة غريان في يد قوات حكومة الوفاق تاركين اسلحة متطورة تم الاستيلاء عليها من قبل قوات الوفاق اثناء دخولها مدينة غريان .

وفي هذه الاثناء كان قد دخل ديناصور كبير وهو الديناصور الروسي الذي يمتلك شركة فاغنر المتعاقدة مع قوات للواء حفتر والتي تقاتل جنوب طرابلس مع دعم روسي غير مباشر .

واخيرا دخل على الخط دب اخر جديد وإن كان اقل حجما من سابقيه إلا أنه يمتلك من الحيوية والقدرة على المناورة ما مكنه أن يكون لاعب اساسي على المشهد  حين دخل الساحة الليبية من أوسع ابوابها بتوقيعه اتفاقيتين امنية وحدودية بحرية مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا. وبذلك يكون قد دخل من باب الشرعية لا من باب التدخل الاحادي القائم على التدخل في شئون دولة ذات سيادة .

نحج الدب التركي من خلال هذه الاتفاقية أن يقلب الطاولة على الجميع ويساهم في تحول موازين المعركة التي حولت موقف قوات حكومة الوفاق من الدفاع إلى الهجوم.

نجحت ايضا في جذب ديناصور أخر كان بعيدا عن الميدان وهو الولايات المتحدة الامريكية من خلال الموقف المبدئي لحلف الناتو الذي لا يمكن أن يقبل بتواجد عسكري لروسيا في جنوب البحر المتوسط .

بعد تدخل  الدب التركي ودخول  الديناصور الامريكي مع تواجد الديناصور الروسي في المسألة الليبية فإن دور الثعالب قد راجع وربما يتلاشى تماما ليبقى شي من حفظ ماء الوجه الفرنسي وسوف تكون ساحة اللعب فيه بين الديناصورين مع وجود الدب التركي المتألق في هذه المرحلة سياسيا واقتصاديا ما مكنه من حضور دولي واقليمي لا يمكن تجاهله,  وأن المسالة الليبية ستكون بين هذه الاطراف الثلاثة فهي من سيقرر كيف ومتي وشكل نهايتها .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى