الأرشيف

((المصيدة )) الجزء “السادس عشر”

بقلم الأديب

محمد عبد الله زين الدين

المتحدث الإعلامى للمنظمة فرع مصر 

((المصيدة ))———- (16)

 لقد كان لنا في قصصهم عبرة وعبرات !!

—————————

في احايين كثيرة اتصور التاريخ وكأنه انسان له ذاكرة يأتيني منفردا ثم يجثو امامي باكيا يسح دمع سخين على ما فرطنا في جنب وطننا بغية دراهم معدودات وكنا فيه من الزاهدين !! , جاء ليسرد لي الايام الخوالي ويسرد لي مافاتني من احداث جسام وقد تبللت لحيته الكثة البيضاء وتعطرت بعبق اوراقة الباهتة البالية وهو يسترسل في السرد لتنتفخ اوداجي واتنمر ثم يهدأ حالى لاعد الى سيرتي الاولى من الهياج , وهكذا دواليك وكأنه يعلو بي ويهبط كموج البحر العات, لقد كان لنا في قصصهم عبرة , وعبرات !! , ففي آخر يوم له كولي لعهد مملكته , سمعنا عن خسائره التي قد وصلت الى اربعة ملايين استيرلنج على منضدة القمار في لندن , واعتبرها بشرة خير حيث تولى بعدها في اليوم الثاني حكم المملكة آفلا اليها , وكم قرع كؤوس السلافة مع رؤساء دولة الشيطان (( ولم لا وهي التي اتت به ,مثلما تاتي بغيره في كل مرة والى الان , منذ فترة سايكس بيكو وبلفور وتشرشل وايدن وترومان مرورا بجونسون ونيكسون وصولا الى بوش الاب والابن انتهاء بحقير الامة الامريكية ولا ذكران لاسمه لبالغ وضاعته , بالرغم من انه لايزيد على اقرانه كل اباطرة الغرب الصهيو صليبي كثيرا . )) وتقابل يخته الملكي بيخت عدنان الخاشقجي في وسط البحر الاحمر حيث كانت تقام حفلات والقصف والمجون والزنا , وتغرد كؤوس المدام وهي مترعة وتفيض من اجود واثمن ما صنعه ابي مرة نعوذ بالله منه وذلك غيض من فيض , كما يتندر التاريخ على الريالات الذهبية والتي كانت تلقى على القبائل اليمنية ابان فترة الستينيات لضمان ان يكون ولاءهم ضد السلال وبعد حرب دامت سنوات وضع السم لربيبه , ليقضى سريعا , ذلك النخة كسعوم الامة العربية ينفق الى غير رجعة , وكما نفق صالح نفق هو ذلك الارعن الصفيق, وما اشبه اليوم بالبارحة .

———————–

(17) انساب لا افعال —- اصلك فعلك

——-

وهذا مانجده في طريقنا لو عدنا آفلين الى الكلام عن الاصهار والانساب !! اعتقد هؤلاء القوم وكما يقولون انهم ينحدرون من نسل الرسول الاعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم , من قبيلة عنزة العربية, وينكر خصومهم ذلك جملة وتفصيلا , فلا يمكن ان يكون هؤلاء وهم اشباه رجال وعبدة مال من تلك السلالة الطاهرة بل هم وكما يقال عنهم أنهم من قبيلة بني القينقاع يهود المدينة تلك القبيلة التي حاربت نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم , لكن الادعاء بأنهم من العرب , وأنهم ضد الصهاينة،فهذا كذب ومحض افتئات وما الامس القريب ببعيد , ففي الوقت الذي يقومون فيه بإنشاء أحلاف عسكرية مع هؤلاء الصهاينة, وهم ألد أعداء العرب والاسلام من الأمريكان وهم خدم الصهاينة انفسهم والمتحالفين معهم , وضرب الامنين في اليمن والنفخ في سعير الحروب المحيطة والتحالف ايضا مع من هم محسوبين ضد الاسلام من شتى بلاد المنطقة العربية , وتأييد الانقلابات والقتل والسحل والاعتقالات والغاء الحريات , واخيرا تفتح الابواب لتصبح بلادهم مواكبة للمراقص وذوي الرايات الحمر ، كل ذلك باسم الإسلام والاسلام منهم براء , ولا ننسى مافعله ملكهم الهالك مع بلاد الخضار والنماء من الدفع للانقلاب على حكم شرعي جاء باختيار شعبي منقطع النظير !! والان نتساءل اهؤلاء من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم !! أفلو كان الرسول نبينا الكريم سيدناومولانا محمد صلى الله عليه وسلم بين ظهرانينا اكان يقبل بما تفعله تلك الاسرة البغيضة في ضرب المصالح الاسلامية !! في مقتل !! ومن ثم فانهم بافعالهم تلك قد صادروا على المطلوب لاشك في هذا وأصلك فعلك كما تقول الامثال !!

———–

(18) الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها

—————————

قتل الزعيم الملهم اذن بعينة من سم الاكونتين , ذلك السم الذي تجرعه عام 1965الملك فاروق في مطعم ايل دي فرانس اشهر مطاعم روما بيد ابراهيم البغدادي ذلك المجرم عميل جهاز المخابرات العامة , في عهد ذلك الزعيم , بسبب الاشتباه في ان جهاز السي آي ايه قد بدأ يغازل الملك من جديد ليعيدوه لسدة الحكم, واتقاء لضياع الصولجان من يد الزعيم الملهم فقد امر بتنفيذ عملية الاغتيال تلك حتى يفوت الفرصة على اعدائه الذين بدأوا سويا معه ورسخوه في حكم البلاد ثم انقلب عليهم وحكم بالحديد والنار شعب مسالم ليس له دراية بمفردات الحكم الشمولي !! وبما ان الجزاء من جنس العمل فان من دفع لقتل الملك المسكين قد واجه نفس المصير بنفس نوع السم و لا زيادة للقاتل على المقتول فهما صنوان ينحدران من نفس البقجة العفنة ومن نفس المؤسسة والتي تموج بالافاعي والحيات , فهذا الزعيم الملهم والذي فاقت شهرته وذاع صيته الافاق قد نفق وذلك نائبه الذي ذهب محموما بدفع من تلك المملكة التي بذلت الغالي والنفيث في سبيل الخلاص من ذلك الزعيم الاوحد (( ولم لا وقد اتهم سالفا في مقتل امين باشا عثمان لمجرد انه أقر برسوخ العلاقة بين مصر وانكلترا ونعتها كمثل الزواج الكاثوليكي الذي لاينبغي ان تنفصم عراه)) , وقد تم للمملكة اذن مادفعت من اجله وكم سعت لتدفع الغرب ليكر بالدبشك والبيادة لاحتلال ارض الخضار والنماء الا ان للغرب حسابات اخرى لايفقهها اهل البداوة ابناء تلك المملكة ولا يصل ذكاءهم اليه ابدا مهما حاولوا , والتاريخ يعيد نفسه باشكال محورة لكن المدقق يري التشابه بكل ارتياح ولا انعام نظر !! , ومثلما كان مجيئ الزعيم الملهم يشترط التنازل عن السودان وخروجها من عبائة ارض النماء والخضار , (( حيث تقلصت مع دارفور وكاردوفان ووضعت بلاد النوبة تحت الاقامة الجبرية , وبعدها راحت القدس وغزة وسيناء )) كان شرط الموافقة على امتداد ذلك النظام هو عودة مصر الى بيت ابيها في واشنجتون , وطرد جحافل الجيش السوفيتي , وتقديم فروض الطاعة والولاء علنا وليس سرا كما كان الزعيم الملهم يراوغ فتاته ويعدها بالاقتران الى ان وقعت الطامة الكبرى في العام 1967, ودس السم لزعيم الهزائم , ودخل نائبه الى حكم البلاد على استحياء يلم شتات الامر الذي قام به وبدأ مرتعدا ضعيفا يلتف الجميع حوله ليؤازروه ويعضدوه وهو يضحك في عبه , وينخدع البشر مرة اخرى وتم له المراد من رب العباد بعدها 15 مايو 1971, حين قضى على لوبي الحرس القديم ومن هنا كانت بداية كامب ديفيد , وما بكاء المشير عبد الغني الجمسي امام كيسينجر الا لإنبلاج حقيقة الامر امامه !! , ان دخول ملوك الشر لحكم مصر قد افسد الحياة ليس على البشر وحدهم بل افساد للزرع وافساد للضرع وافساد حتى للهواء , وحقا فإن الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها !! .

————-

(19) شيخ المنسر

——————————————-

استلقى صلاح في فراشه الوثير في يوم اجازته الاسبوعية وهو مبسملا ومحوقلا بعد صلاة الفجر , و لسانه رطب بذكر الله وخياله منصب على ابنة خالته سلمى والتي تنتظره كي يكمل مراسم زواجه منها ولكن بعد ان ترزق الدكتورة سعاد بشريك حياتها المناسب لها كما يرى دائما, وبينما هو يفكر وقعت عيناه على الكتيب كان قد اتمم قراءته بالامس , من بين العشرات والعشرات من الكتب ,وأخذ يجتر متذكرا ما قرأه منها , والتي تحدثت دوما عن دور الشباب في الحركة الوطنية بل ودور مصر في اثراء الثقافة العربية فهي كتب آتية من كل حدب وصوب فهي مكتبة متكاملة عن الثورات في العالم وعن احداث حالية واحداث سالفة منها انقلاب 52 والعصر الملكي الذهبي لمصر وتاريخ الحركة الوطنية —- الخ , وما اتم قراءته كان عن حرب اليمن , واخذ ينعم النظر فيما استقاه من احداث ومسميات , انها ذلك المنزلق التاريخي الذي اهدر ثروات مصر !! وجعلها في مصاف الدول الفقيرة بعد ان استبدل غطاء الذهب بالاسلحة السوفيتية في حرب مريرة في ظاهرها الرسمي المعلن الوقوف الى جوار بلد عربي وتحديث حياته ليرقى الى مصاف دول عالم القرن العشرين , وفي باطنه صراع استدرج له الزعيم الملهم لتصفية الحساب معه , واعادته الى بيت الطاعة وهو صاغر ذليل , ومن ذا الذي يتحدى الدهاء الغربي وبلاد تركب السيارات , وهو في نفس الوقت قد ترعرع في بلاد لم تزل في ذلك الوقت تركب الحمير , بل واصبحت تركب البشر في عهده الثوري السعيد الذي لون الحياة باسرها باللون الاصفر الكالح لون سراويل عساكره وبمساعدة ادوات حكمه من وسائل اعلام ومسرحيات وافلام وغناء وهو الاهم لان الغناء عبارة عن تحفيظ شعب باسره مايريده الحاكم منه ان يدرك ويعتقد ويقبل بالامر الواقع ويتكلم بما يقوله الزعيم بل ويفكر على طريقته ويكون القدوة والامل المنشود وتتخدر اعصابه وينزلق في احلام مسترسلة بواسطة معاني الكلمات , والحان حماسية مبهرة للنفس والمشاعر , وحتى اذاقابل احدهم ذلك الزعيم الملهم لم يصدق ذاته وتدمع عيناه من الفرحة انه قد قابله ولمست كفاه مجرد انامل ذلك الزعيم !! ,وذلك ماحدث فعلا سالفا الى ان افاق الناس وقد اكلوا التفاح العطن مثلما يقول المثل الالماني !! والهزيمة تكلل رؤوس الغباء وكم من الناس لم يغفلوا ابدا ولكن قبح الله الكذب والخداع والتسلط واطماع النفوس !! , اخذت صلاح عاصفة من التفكير حيث خلص الى ان تلك الادوات استطاعت ان تغير الاتجاهات بالفعل بل وتم ذلك بنجاح باهر, وقد استرعى انتباه صلاح.

**************************************************************************

انه وبالرغم من الهزيمة النكراء والتي اصابت البلاد في مقتل الا ان احد نواب في مجلس الزعيم الملهم والمسمى بمجلس الامة !! قد رقص طربا لمجرد ان علم ان الزعيم قد عاد لسدة الحكم من جديد وقد نسي الهزيمة والانهيار , وخلص صلاح الى ان ذلك الرجل كان زعيما بالفعل ولكنه متزعم في الشر !! , فلقد تحولت البلاد على يديه الى منسر واصبح هو شيخه , ولم لا وهو الزعيم الملهم الذي يحلو له دائما ان يضحك في عبه من الجميع في نفس الوقت يتقي شر الخروج عليه او اغتياله , وعلم صلاح ان ذلك الزعيم قدعاش حياته بذلك الشعور المرير , ومن اجل ذلك فهو يستمرئ أن يتلصص على حيوات من يتعامل معهم بصورة مباشرة من الحجرة الخلفية لحديقة منزله في كوبري القبة باحدث الاجهزة ويشاهد صورا وشرائط سينيمائية تتحدث عن حيوات وزرائه وخشداشيته وحملة المباخر والدفوف الخاصة بل واستحدث نظام لعساكره سوف يظل يحكم البلاد والعباد الى يوم يبعثون لو استمر شعبه يتخذ نفس المقدمات فبالقطع سوف يحصل على نفس النتائج , هذا ما توصل اليه صلاح الا انه قد ارتاح من ناحية اخرى ان هناك كم من المثقفين غيره من الشباب بل ومن باقي الشعب قد علموا الحقيقة ولهم راي اخر لدرجة ان صلاح قد دمعت عيناه حينم اقرأ قصة نهاية بطل من ابطال الحركة الوطنية وهو الشهيد سيد يقطب والذي حكم عليه جلاد الزعيم بالاعدام وجلس ليلتها الزعيم الملهم مع زوجته طوال الليل وهي ترجوه الا يعدم العلامة سيد قطب وهو يأبى الى ان تم مايريد لالشئ الا لوصول العلامة الى نتيجة مفادها: (ما الحكم الا لله ) , وطبعا تلك العبارة تسحب البساط من تحت اقدام الزعيم كحاكم , فاطلق العنان لغيه وكما قتل عبد القادر عودة قتل سيد قطب وكما قتل وعذب الالاف من الابرياء في المعتقلات كان للمحيطين به نصيب من ضياع السمعة والتشهير والتشريد وقطع الارزاق وضياع الهمم ,حتى الشيوعيين قتل واسر وعذب منهم , ونذكر شهدي عطية , وقبله البقري وخميس وكم من اسماء واشخاص وشخصيات اصبحوا ضحايا في عالم الجثث من تحت يديه , ونسمع رسالة ارسلها عبد القادر عودة : ( اللهم اجعل دمي لعنة في رقبة عبد الناصر ورجاله ) , افاق صلاح من نوبة التفكير وهو يقول أللهم العن عبد الناصر ورجاله..

————

(20) سماحة المطران فلتؤوس 

—-

وفضيلة الشيخ هوا !!

—————————————————

هناك في اول قرية أم المحسنين مسجد صغير عتيق قد بني منذ ردح طويل من الزمن يناهز القرن يرتاده عباد القرية جيل تلو آخر , ويقوم على خدمته الشيخ صالح فارع الجسد نحيفه له وجه مشرق مضيئ خفيف اللحية لاتكاد تراها , وقد جاوز العقد الخامس بكثير متزوج من الحاجة أم البنات , فعم صالح لم يرزق الا ببنتين جليلة وعائشة متزوجتين من رجلين بالقرية يعملان في فلاحة الارض ويعيشون جميعا في ستر وسلام رزقهم الله جميعا بالبنين دون البنات , واصبحوا عوضا لعم صالح لحرمانه من ذرية البنين , فالجميع يلتف حوله دون تكليف واصبحت الاسرة في ازدياد ونماء , يذهب الى المسجد فجرا ليؤم الناس للصلاة ويقوم على نظافة وصيانة المكان وسقاية الرواد بغسل اوعية الشرب الفخار من قلل وازيرة بهمة ونشاط فالمكان جد نظيف طاهر مفروش بالحصر الاصفر بالرغم من انه بالي الا انه يفوح منه رائحة طيبة تضاهي جدران المسجد المبني من الحجارة العتيقة التي تنم عن عبق التاريخ لنجد انفاس الاولين السابقين والذين قد ذهبوا لدار الحق لا تزال عالقة على المحراب المزركش منذ ردح بعيد تعلوه مقرنصات بسيطة التركيب متكررة بشكل غير ملفت للعابد .

فالمسجد بسيط وابوابه بها بعض الشروخ مثل الجدران والسقف من فروع خشبية عليها قش منتظم لكنه كثيف , فاذا دخلنا شتاء كان الدفئ والحنو والاتساع واذا دخلنا صيفا فتلك الرحابة والنسمات اللطيفة تلف المكان باحاسيس روحانية تطير معها النفوس للعبادة في خشوع واستسلام بقلوب المحبين رواد بيت الله , ويالها من متعة فياضة حين نسمع الاذان وكأن صوتا من السماء يعيث في الارض سلاما وحبورا , ويساعد الشيخ صالح شيخ آخر ضرير يدعى الشيخ عليش وهو بدين ضخم البدن والاطراف كبير الرأس مستدير الوجه كث اللحية البيضاء فهو بالرغم من بدانته الا انه قد كاوز الستين من عمره مليح الصوت , يؤم الناس احيانا وخصوصا في صلاة الفجر , ويساعد الشيخ عليش حفيد له اسمه محمد يلازمه وقد حفظ القرآن عليه كمثل اقرانه من اطفال القرية الذين يرتادون المسجد كوسيلة للتقوية المجانية يتبرع بها شباب القرية الحاذقين واصحاب العقول المستنيرة والتي ترى ان صلاح القرية في ابنائها , وهناك خلف المسجد ضريح قديم يسمى ضريح الشيخ المسلوب , يتبرك الناس به في شفاء ذويهم وخصوصا النساء الحبالى واللائي يردن انجاب الذكور والنساء اللاتي ينشدن الزواج وغيرهن الملهوفات على ابنائهن الذين قد ذهبوا للمجهول لاداء الخدمة العسكرية او قد ذهبوا لبلاد النفط الخليجي , ومنهن الكثيرات اللاتي يذهبن للتبرك اعتقادا منهن انه يضفي على حياتهن الامان والاستقرار , وقد تخيلن ان ذلك الشيخ البركة يجلس قاطع نفسه عليهن ممسكا بيدة ورقة وقلم يكتب طلبات كل واحدة منهن ثم ينتظر قدومهن لاخذ الحلوان منهن حين التوفيق لبلوغ الامل المنشود فهاهي صاحبة القلب المنفطر على ولدها وقد اطمآنت عليه تدس يدها في حافظتها فتخلع ورقة نقدية و تلقيها داخل الضريح واخرى تفعل نفس فعلتها لانها قد تم لها ما ارادت فهي الان حبلى يتحرك الجنين في احشائها , وهكذا يعيش الشيخ صالح وامام المسجد والشيخ عليش على تلك النعمة المصبوغة .

وعلى الضفة الاخرى كنيسة لاتكاد تراها لتحوطها بعض البيوت الملاصقة لها من بعض المزارعين النصارى الذين يتبركون في حرمها وهي ايضا عتيقة بالية ليست لها جدران عالية لكن لها شكل لايريح الاعين ابدا فتبدو وكأنها باكية تظهر نوافذها من بعيد وكأنها مظلمة كالحة وجدرانها مكفهرة من الغبار واسطحها ليس بها خوص وقش مثل المسجد بل عليها قبة صغير عليها صليب صغير لاتكاد تلمحه يحيط بها من الناحية الغربية سياج يبدو للناظر انه ينتهي من مسافة قريبة الا انه يلتف من الناحية الاخرى ليحتوي مقابر عتيقة بالية تظهر لنا متسعة اذا دلفنا للمنزلق الترابي الذي يبدأ من اول القنطرة القصيرة والتي تقوم على ماء راكد لاحياة فيه ويفصل الطريق العام بين المسجد والكنيسة التي يقيم بها المطران فلتؤوس بصفة مستديمة ولاتكاد تقابله ويبدو عليه منفصلا عن ذلك المجتمع الريفي حتى بعد حدوث زلزال قبل سنوات لم تصدر من مطرانيته اي نشاط مجتمعي ملحوظ الا لذويه والنصارى المحيطين به , وبالرغم انه معين من الكاتدرائية الام في مصر من قبل بابا الكرازة المرقسية , الا انه يبدو قد انفصل بذاته يؤدي ترانيم الصلاة ويتحاشى الاختلاط باهل القرية في المناسبات العامة الا عندما يأتيه الامر صريح بهذا ولذلك قصة تحمل في ثناياها عمق مجتمعي خطير !!

 ففي يوم سبت النور جاء المطران يسير على القنطرة فاذا احد اليافعين من صبية القرية يخطف تاجه ويجري صائحا : ( الكنيسة وقعت والقسيس مات قوم ياسي محمد وزع الشربات ) , طبعا انسابت اقدام المطران خلف ذلك الصبي الذي كان يتخفى وجهه بشال من القماش ولا يعرفه احد من اهل القرية وقدماه تسابقت مع الريح الامر الذي ارتجت له القرية وجاءت الشرطة والشرطة السرية ودخلت قرية ام المحسنين في بيات شتوي من عقوبة الداخلية ومن ثم تركت اثر حزين يلف المكان كلما تندر اهل القرية بتلك الواقعة المؤلمة , اما اذا عدنا الى شيخ المسجد الرسمي فهو معين من قبل النظام ويحافظ على الاختلاط بالناس يؤدي صلاة الجمعة بانتظام ويسير على الخطى المرسومة له بالتحديد , والشيخ علي جمعة وهو اسمه على خلاف مع شباب القرية الذين يرفضون ان يصلون خلفه فهو يأم شيوخ القرية اما الشباب فيذهب كل صلاة جمعة الى قرية النورسي القريبة من قرية ام المحسنين ببضع كيلو مترات , والسبب في ذلك ان الشيخ جمعة لايواكب خطبته بالاحداث السارية بل انه احيانا يتحدث عن نواقض الوضوء في وقت يحتاج فيه الناس لبحث امر يمس ارزاقهم وامنهم , ولا يتحدث فضيلته عن اي شئ الا بعد ان تأتيه الاوامر الصادرة من الجالسين على الاوامر هناك في بيت الحكم بالداخل , حتى ان اثناء صلاة التراويح في رمضان جاءت التعليمات ان يسرع في اتمامها , فاسرع , وبعدما قرأ الفاتحة قرأ (( والنجم اذا هوى )) ثم قال : (( الله أكبر )) فضج المصلين من خلفه لانهم يعلمون انه يطيع الاوامر ويريد ان يختصر الصلاة بشدة ويومها استبدلوه عنوة بامام اخر اكمل ماقصر فيه الشيخ جمعة ومنذ ذلك الحدث والناس تلقبه بالشيخ هوا !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى