تقارير وملفات إضافية

«المعركة التي أُجِّلت طويلاً».. ترامب يرضخ لرغبة الأتراك في شن عمليةٍ شمال سوريا «لإبعاد الأكراد وإعادة اللاجئين»

يبدو أن تركيا حققت ما أرادته خلافاً للرغبة الأمريكية شمال سوريا حيث تستعد لتوغل سيعيد ترسيم خريطة الصراع السوري مرة أخرى، مما يوجه ضربة للقوات التي يقودها الأكراد الذين حاربوا داعش ويوسع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة معارضي النظام السوري القريبين من تركيا.

وعلى مدى عامين تعارض الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب أي عملية عسكرية لتركيا شمال سوريا، وقالت إن ذلك من شأنه استهداف حفائها الأكراد لكن ترامب عاد ليقول أن بلاده يجب أن تنتهي من الحروب العبثية وأمر بسحب 50 جندياً يتواجدون بالمناطق التي يسعى الجيش التركي لدخولها.

ونشرت صحيفة خبرتورك صوراً ومعلومات عن الاستعدادات للمعكرة وقالت إن كميات كبيرة من المعدات العسكرية تتوجه صوب سوريا لبدء العملية العسكرية التي يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنها تأجلت كثيراً.

وسيكون هذا ثالث توغل من نوعه لتركيا منذ 2016 بعدما نشرت بالفعل
قوات على الأرض عبر قطاع في شمال سوريا بهدف احتواء النفوذ الكردي بسوريا في
الأساس.

لتركيا هدفان رئيسيان في شمال شرق سوريا: إبعاد وحدات حماية الشعب
الكردية عن حدودها؛ إذ تعتبرها خطراً أمنياً وإنشاء منطقة داخل سوريا يمكن فيها
توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الراهن.

وتدفع أنقرة الولايات المتحدة للمشاركة في إقامة «منطقة
آمنة» تمتد 32 كيلومتراً في الأراضي السورية، لكنها حذرت مراراً من أنها قد
تتخذ عملاً عسكرياً من جانب واحد متهمة واشنطن بالتلكؤ.

بل وتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الآونة الأخيرة عن توغل
أعمق في سوريا يتجاوز «المنطقة الآمنة» المقترحة إلى مدينتي الرقة ودير
الزور من أجل السماح لمزيد من اللاجئين بالعودة إلى سوريا.

أمضت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد أعواماً وهي توسع
نطاق سيطرتها عبر شمال وشرق سوريا بمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد
تنظيم الدولة الإسلامية.

والأكراد حققوا مكاسب في الحرب السورية؛ إذ أقاموا مع حلفائهم
هيئات حاكمة مع التأكيد دوماً على أن هدفهم هو الحكم الذاتي وليس الاستقلال.

وقد ينهار كل ذلك في حالة حدوث هجوم تركي كبير. وبالنسبة لتحالف
قوات سوريا الديمقراطية، الذي تمثل وحدات حماية الشعب الكردية أكبر فصائله، سيعتمد
الكثير على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحتفظ بقوات في مناطق أخرى من الشرق
والشمال الشرقي في سوريا. وحسب تقرير رويترز، سيعرّض أي انسحاب أمريكي كامل
المنطقة لخطر المزيد من التوغلات ولمحاولات الحكومة السورية المدعومة من إيران
وروسيا استعادة أراض.

وبعد أن واجه الأكراد احتمال انسحاب القوات الأمريكية العام
الماضي، طرقوا أبواب دمشق بهدف إجراء محادثات تسمح للحكومة السورية وحليفتها روسيا
بالانتشار عند الحدود.

ولم تحقق المحادثات أي تقدم، لكن مثل هذه المفاوضات قد تصبح خياراً
مطروحاً مرة أخرى في حال انسحاب أمريكي أكبر.

المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها في الوقت
الراهن قوات يقودها الأكراد تمتد لمسافة 480 كيلومتراً من نهر الفرات في الغرب إلى
حدود العراق في الشرق.

ويبدو أن خطط تركيا العسكرية تنصب في الوقت الحالي حول قطاع حدودي
بين مدينتي رأس العين وتل أبيض اللتين يفصلهما نحو 100 كيلومتر. وأبلغ مسؤول
أمريكي رويترز، أمس الإثنين، أن القوات الأمريكية انسحبت من مواقع المراقبة هناك.

ورغم أن هذا الجزء يقع تحت سيطرة القوات التي يقودها الأكراد، فإنه
كان على مر التاريخ يحوي وجوداً عربياً قوياً.

وقال أوزجور أونلو هيسارجيكلي من صندوق مارشال الألماني: «هذه
منطقة سكانها عرب ولتركيا علاقات طيبة مع الجماعات البارزة فيها». وأضاف أنه
إذا حاولت وحدات حماية الشعب أن تحتفظ بأراض هناك «فستخسر الكثير من
الدماء».

ولم تحدد تركيا نطاق العملية المرتقبة أو تركيزها المبدئي. وقال
مسؤول تركي لرويترز: «مكان وتوقيت ونطاق تنفيذ الإجراءات الرامية لمواجهة
المخاطر الأمنية ستقرره تركيا مجدداً».

تدعم روسيا وإيران، القوتان الرئيسيتان الأجنبيتان الأخريان في سوريا، الرئيس السوري بشار الأسد بقوة على
النقيض من تركيا والولايات المتحدة اللتين دعتاه للتنحي ودعمتا معارضين يحاربون
للإطاحة به.

وقالت روسيا إن تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكن المتحدث
باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال، أمس الإثنين، إنه ينبغي الحفاظ على وحدة الأراضي
السورية، وإن على كل القوات العسكرية الأجنبية التي لها «وجود غير
مشروع» أن ترحل عن سوريا.

وإذا سحبت الولايات المتحدة كل قواتها من شمال شرق سوريا، فإن
حكومة دمشق مدعومة من روسيا، قد تحاول استعادة السيطرة على معظم المنطقة التي لم
تسيطر عليها تركيا.

لا يوجد دعم علني من حلفاء تركيا الغربيين لخطتها من أجل توطين
مليوني لاجئ سوري، أي أكثر من نصف عدد اللاجئين الذين تستضيفهم في الوقت الراهن،
في شمال شرق سوريا.

والباعث الرئيسي لقلق الغرب وفق تقرير رويترز هو أن يؤدي تدفق
السوريين العرب السنة على شمال شرق سوريا الذي يهيمن عليه الأكراد إلى تغيير
التركيبة السكانية للمنطقة.

وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية إن على كل
الأطراف تفادي تشريد المدنيين إذا شنت تركيا الهجوم.

رغم أن الأراضي المعنية خارج سيطرة الحكومة السورية بالفعل، فإن
التوغل التركي سيعني أن الكيان المسيطر على المنطقة سيتحول من قوة غير معادية -هي
قوات سوريا الديمقراطية- إلى تركيا ومقاتلي المعارضة الذين يريدون الإطاحة بالأسد.

ولطالما اعتبرت دمشق أنقرة قوة احتلال لها مخططات في الشمال
السوري. كما لمحت أحياناً إلى استعدادها لإبرام اتفاق مع الأكراد على الرغم من أن
مفاوضاتهما الأخيرة وصلت لطريق مسدود.

ولطالما حذر قادة الأكراد السوريين من أن قوات سوريا الديمقراطية
ربما لا تتمكن من مواصلة احتجاز أسرى الدولة الإسلامية إذا تدهور الوضع في حالة
الغزو التركي.

ووفقاً لإدارة العلاقات الخارجية في الإدارة التي يقودها الأكراد
بشمال سوريا، لا تزال قوات سوريا الديمقراطية تحتجز خمسة آلاف مقاتل من العراق
وسوريا، بالإضافة إلى ألف أجنبي من أكثر من 55 دولة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى