آخر الأخبار

المهلة الفرنسية انتهت.. ماكرون يتصل بروحاني للضغط على الثنائي الشيعي وجنبلاط يسعى للوساطة بين باريس وبري

أعلن الثنائي الشيعي -حزب الله وحركة أمل- أن لا مشاركة في حكومة مصطفى أديب، حاولا توصيل رسالة أن لا حكومة ولا نجاح للمبادرة الفرنسية من دون الأخذ برأيهما وأخذ موافقتهما على تسمية الوزراء الشيعة في التشكيل الجديد.

فعندما أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في بيانه عدم رغبة حركة أمل المشاركة في الحكومة وفق المسار الذي رسمه الرئيس المكلف مع الإدارة الفرنسية ورؤوساء الحكومات السابقين، اعتبر كثر أن الرجل ينأى بنفسه جانباً لتسهيل ولادة حكومة اختصاصيين.

لكن الحسابات كانت مختلفة كلياً، حيث بدا برّي أكثر صلابة بكثير من أي مواقف أخرى والعاملون على خطّ التشكيل كانوا يقرأون مواقفه بأنها ممارسة لأقصى أنواع الضغط، وصولاً إلى أن يصل العاملون على خط التأليف بالقول أنه لا حكومة تمرر في لبنان دون ختم بري، ليمرر التسوية، ما جعل البعض يعتقدون أن برّي قد يرضى بمقايضة وزارة المالية بوزارة الداخلية، مع ضمانة فرنسية ومحلية بأن وزارة المالية في الحكومة التي تلي حكومة مصطفى أديب ستعود إلى الطائفة الشيعية، تكريساً لمبدأ التوازن الطائفي.

وفيما كان المسؤولون الفرنسيون يتواصلون مع القيادات اللبنانية لإنجاز الحكومة وتسهيل ولادتها وتذليل العقبات، تؤكد مصادر خاصة لـ”عربي بوست” أن ماكرون أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني حسن روحاني، في محاولة منه للضغط باتجاه قيام إيران بالحديث مع حلفائها للتنازل، وتسهيل ولادة الحكومة التي تعول باريس على ولادتها ضمن المهل الموضوعة.

وبحسب المصدر، فإن روحاني أبدى تشدداً في موقفه في الملف اللبناني، وأكد أن طهران غير مستعدة للتضحية بأي من المكتسبات التي حققها حزب الله وحلفاؤه في المشهد اللبناني، أو في إدارة الملفات السياسية والتحكم بها، وأكد المصدر أن روحاني أصرّ على حماية هذه المكتسبات التي لا حياد عنها، وهي الحفاظ على مكتسبات الشيعة اللبنانيين، في ظل ما سمّاه المحاولات الأمريكية لإخضاع لبنان، وأن روحاني طلب من ماكرون تمديد المهلة الفرنسية لعدة أيام ليصل إلى حل للملف الحكومي، وهذا ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين، وأدى إلى أن يعلن الرئيس المكلف مصطفى أديب، أن الملف الحكومي لا يزال في إطار المشاورات.

برزت مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون بإجراء مشاورات مع الكتل النيابية، وشملت الكتل النيابية باسثناء كتلة القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي الذين قررا مقاطعة الاستشارات لاعتبارات وُصفت بأنها متصلة بخرق الدستور، وفرض واقع جديد، حيث لا يحق للرئيس الدعوة لمشاورات مع الكتل في ملف تشكيل الحكومة، لأن الموضوع منوط بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف، كما أن موقف الحزبين واضح في مجال ضرورة تشكيل الحكومة دون فرض شروط وتمسك بحقائب على حساب البلد، والوعود التي قطعت للقوى الدولية.

 وصفت مصادر سياسية مقربة من التيار الوطني الحر أن هذه المشاورات، باتت تعويضية عن المشاورات التي لم يُجرها الرئيس المكلّف، والذي بدأ في عملية تأليف حكومته، أنّه كسر القاعدة المعتمدة بالتأليف، وذهب إلى حكومة من دون التشاور مع القوى السياسية، وأن رئيس الجمهورية يسعى لمساعدة الرئيس المكلف في التواصل مع الكتل النيابية التي لم يتواصل معها خلال إعداده لمسودة التشكيلة الحكومية.

ويشدد المصدر أن الرئيس عون يسعى لإقناع حزب الله وحركة أمل بسحب شرط الحصول على وزارة المال، وسألت المصادر: لنفرض أنّ الثنائي الشيعي أخذ ما يريده، وحصل على وزارة المال، وسقطت المبادرة الفرنسية، فماذا لديهما ليقدماه كبديل، وخاصة أنهما في الوزارة منذ 10 سنوات، وبعهدتهما أنهر الاقتصاد، فهل سيستطيعان جلب مساعدات مالية ومشاريع للبنانيين.

يشدد الصحفي والمحلل السياسي منير أن تكامل موقف عون مجدداً مع موقف الثنائي الشيعي أدى إلى تجميد المبادرة الفرنسية، وأن هناك مخاوف من الإطاحة بها، خصوصاً أن لدى الثنائي مواقف واضحة تشير إلى أنه لو كان حزب الله في وارد تقديم تنازلات لكان قدّمها للأمريكيين وليس للفرنسيين، في إطار صفقة أوسع تُعزز وضعه أكثر.

لكن الحزب تلقف المبادرة الفرنسية على قاعدة كسب الوقت، وإعادة تعزيز وضعه والالتفاف على المسار الأمريكي. وهو حتماً لا يريد تقديم تنازلات فعلية للفرنسيين، علماً أن مضمون الشروط الفرنسية يؤدي في نهاية المطاف إلى النتيجة الأمريكية المرجوة.

ويرى الربيع أن الحكومة المقترحة وصيغة تأليفها من 14 وزيراً، كان يراد منها الخروج من اتفاق الدوحة، الذي جرى في العام 2008 بين القوى السياسية المتصارعة، واستعادة التوازن السياسي.

 لكن تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المال، يوضح أنه يريد البقاء في اتفاق الدوحة، كذلك أيضاً في المعركة التي لم تعد صامتة على الثلث المعطل. فرئيس الجمهورية أعاد التشديد على وجوب توسيع الحكومة إلى 24 وزيراً أو القبول بـ20 وزيراً.

سينال الرئيس 7 وزراء من الحصة المسيحية، وهذا ثلث معطّل أول، في المقابل سينال الثنائي الشيعي الحصة الشيعية المؤلفة من 4 وزراء، في حال كانت الحكومة مؤلفة من 20 وزيراً، بالإضافة إلى وزيرين من حصة تيار المردة، ووزير من حصة الوزير السابق طلال أرسلان. وبالتالي سيكون حزب الله قد حصل على الثلث المعطل أيضاً، ما سيؤدي إلى إعادة ضرب الثقة الدولية بلبنان.

يؤكد مصدر دبلوماسي لعربي بوست، أن الإدارة الأمريكية أبلغت باريس صباح الإثنين موقفاً واضحاً، مفاده أنها لا تقبل بحصول الثنائي الشيعي على وزارة المال، وأنها بالمقابل أبلغت الرئاسة اللبنانية أنها لن تسمح للتيار الوطني الحر وحلفاء حزب الله باستعادة إمساكهم بالحكومة القادمة، وأنها ستفرض عقوبات على المعرقلين جميعاً، وهذا الأمر ليس تهديداً، بل أصبح أمراً واقعاً، ويشدد المصدر أن ماكرون أبلغ رئيس البرلمان نبيه بري أن الإدارة الأمريكية وفي حال استمر بري وحزب الله في عرقلة مسار الحكومة فإنها ستفرض عقوبات عليه وعلى عائلته ومقربين منه، وأن شهر العسل الذي عاشه لبنان مع الإدارة الأمريكية قد انتهى.

يؤكد عاملون على خط التأليف أن مستشار الرئيس ماكرون لشؤون الشرق الأوسط إيمانويل بون، تواصل منذ أيام مع شخصيات سياسية ورؤساء الحكومات السابقين، لإبلاغهم أن عليهم التنبه للوجود التركي في لبنان، وأن الحكومة القادمة عليها معالجة هذا الملف بشكل سريع ودون إهمال، وعدم السماح لمقربين من تركيا بالتواجد في الحكومة، وشدّد بون خلال اتصالاته أن أسماء الوزراء السنة الذي سيشغلون مناصب ووزارات سيادية ليسوا مقربين ولا أصدقاء لتركيا.

أمام التوترات السياسية الحاصلة حول ملف تشكيل الحكومة، كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد وصل إلى باريس في رحلة نقاهة كما نقلت أوساط الرجل، لكن مصادر سياسية متابعة أكدت لعربي بوست أن الرجل يقوم بمهمة وساطة بين الرئيس نبيه بري والإدارة الفرنسية.

وتشدد المصادر أن جنبلاط سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمنويل ماكرون بحضور مدير المخابرات الفرنسية برنار ايمييه، حيث سيطرح جنبلاط على ماكرون مبادرة تقتضي أن يرفع الثنائي الشيعي مجموعة من الأسماء لتولي وزارة المال، على أن تختار الإدارة في باريس اسماً منهم لهذه المهمة، هذه الوساطة يقوم بها جنبلاط بالتنسيق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وتهدف لإنقاذ المبادرة الفرنسية في ظل تهديد باريس بإلغاء مؤتمر الدعم الخاص بلبنان في حال لم تتشكل الحكومة وفق ما رسمته باريس من شروط ومهل.

يؤكد مصدر سياسي أن مجموعة سيناريوهات محتملة في الملف الحكومي اللبناني، إما انتهاء المبادرة الفرنسية وضياع الفرصة التي منحتها باريس للقوى السياسية، والتي ستضطر باريس للوقوف خلف واشنطن في سياسة العقوبات والتشدد مع لبنان، بسبب تصلّب الثنائي الشيعي بالحصول على وزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة، وإما حصول الرئيس المكلف مصطفى أديب على وزارة المال، مع إيجاد صيغة للتوافق على اسم الوزير مع حركة أمل وحزب الله، بعدما يرسل الثنائي الشيعي لائحة بالأسماء فيختار الفرنسيون واحداً من بينها، أو يرسل الفرنسيون مجموعة أسماء فيختار الثنائي أحدها.

أما الاحتمال الثالث، بحال استمرت الضغوط لتكريس مبدأ المداورة الذي يشمل وزارة المال، فيقدم أديب تشكيلته ويوقع عليها رئيس الجمهورية مضطراً، بسبب خوفه من أن تشمل العقوبات صهره الوزير جبران باسيل، لتسقط في المجلس النيابي أو تنال ثقة، لكن بغياب التصويت الشيعي والذي سيفقدها الميثاقية الطائفية، ويدخل حزب الله وحركة أمل في مواجهة مباشرة مع مصطفى أديب، لتمتد حتى نهاية الانتخابات الأمريكية، حيث يعول حزب الله وإيران على إعادة تسوية مناسبة مع واشنطن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى