لا يملك القدرة على اتخاذ القرار الرشيد الذي هو أساس التفوق النجاح، لأنه لا يملك قرارا ثابتاً بل قراره متغير حسب تغير مصلحته الذاتية . هم يموتون من أجل مصلحتهم لا من أجل مبادئهم . وأتذكر هنا قصة ” أبي الطيب المتنبي ” لما هاجمه رجال من بني أسد وكان قد هجاهم بقصيدة مشهورة ، فترصدوا له في الطريق ، وكان معه غلامه ، فلما واجههم وأيقن أن الموت يتربص به . فكر في الفرار , فذكره غلامه وقال له : كيف تفر وأنت القائل : الخيل والليل والبيداء تعرفنى.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم .؟فالتفت إلى غلامه وقال له : قتلتني قتلك الله , وقاتل حتى قتل . مات من أجل كلمة قالها وهكذا الرجال العظام يموتون على مبادئهم وإن كلفهم هذا حياتهم عن طيب خاطر .
* المبادئ والمصالح كالماء والهواء , إذا دخل أحدهما خرج الآخر , فهم نقيضان مختلفان لا يلتقيان أبدا كقضبان السكة الحديد . إن أخطر ما يهدد الوطن اليوم هو تسلل أصحاب المصالح بين أصحاب المبادئ كنوع من التمويه الاأخلاقى حتى يحققوا غايتهم وينفذوا أجندة أسيادهم . وكم شاهدنا وسمعنا عن قادة وزعماء وصلوا إلى مراكز اتخاذ القرار فى جماعات دينية وأحزاب سياسية وجمعيات خيرية ونقابات مهنية , لا من أجل الدين أو الوطن أو السياسة أو المهنة أو فعل الخير, لكن من أجل مصالحهم الشخصية . فلما انكشف أمرهم وافتضح شأنهم , انقلبوا على أعقابهم , وراحوا يسبون ويشتمون وينتقدون مناهج وأفكارا ووسائل وأهدافا عاشوا من أجلها ردحا من الزمن . فكيف نصدقهم اليوم ؟ إن العام الجديد المقبل علينا بعد ساعات معدودات يجب أن يكون عام المكاشفة , عام فضح الأقنعة المزيفة , عام الحق والحقيقة , عام المبادئ الواضحة حتى يستقر الوطن ويطمئن المجتمع . الحقيقة كراكب الجمل , لايمكن إخفاؤها أبدا . والأقنعة المزيفة تسقط مع أول عاصفة .وورقة التوت الصفراء لاتخفى العورات المكشوفة . فاستتروا بالمبادئ وتحصنوا بالحق , والتزموا بمصلحة الدين والوطن والبلاد والعباد يرحمكم الله . والله من وراء القصد والنية .