آخر الأخبارالأرشيف

النظرية القرادتية الناجحة التى تعلمها الزعماء العرب ويطبقوها فى السياسة وعلى شعوبهم

أسوأ ما في بعض الأنظمة العربية خاصة العسكرية المستجدة أنها تدفن رأسها في الرمال، وترمي فشلها ومشاكلها على فئة معينة من الشعب، فتارة تسميهم المعارضة وتارة قوى الشد العكسي وتارة المندسين وما إلى ذلك من المسميات الاتهامية الجاهزة، وكأن الحكومات أو القيادات تلك تطرح سياساتها واستراتيجياتها وخططها أو قراراتها للعامة أو تسمح بمناقشتها ضمن القنوات المتاحة لدى الرأي العام، وتنسى أنها هي التي تفكر ثم تقرر، ثم تحت ستار الصمت تعلن عن قرارات عملية دون حساب ردات الفعل أو تعثر تلك القرارات، لتوجه اللوم والاتهام بعد ذلك إلى تيارات سياسية أو شريحة من الشعب.

يحتفل الكيان الصهيوني في هذه الأيام، بالذكرى الثانية والستين لقيامه على أنقاض الشعب الفلسطيني، الذي بات يواجه مخططاً صهيونياً جديداً لتهجيره من الضفة الغربية نفسها، تحت عنوان التسلل إليها من الأراضي الفلسطينية الأخرى!

وتأخذ هذه الاحتفالات طابعاً دولياً، حيث يتسابق العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، للإعلان عن تبنّيه ورعايته لهذا الكيان، إذ أعلنت الإدارة الأميركية على لسان رئيسها، أن فلسطين «التاريخيّة هي أرض الشعب اليهودي»، في التزام جديد بالخرافة الصهيونية التي تفرض نفسها على الرؤساء الأميركيين واحداً تلو الآخر، منذ أن سارع الرئيس الأميركي الأسبق «ترومان» إلى الاعتراف بهذا الكيان بسرعة قياسية لا تتجاوز الثماني دقائق، كما تعلن وتفتخر بذلك وزيرة الخارجية الأميركية الحالية.

وفيما لا ينسى بعض الرؤساء العرب أن يبعثوا برسائل التهنئة العلنية إلى مسئولي هذا الكيان الغاصب في ذكرى اغتصاب فلسطين، ويبعث بعضهم الآخر برسائل تهنئة أخرى من تحت الطاولة، يرسل العدو رسائل الوعيد والتهديد إلى الكيانات العربية التي تُشعر العدو بمزيد من الذعر والخوف، ويتحدث القادة الصهاينة عن خيار القوة الذي لا خيار غيره في مواجهة العرب والمسلمين وقوى الممانعة والمقاومة، فيما يدفن معظم القادة العرب رؤوسهم في الرمال، ولا يتلفّظون بكلمة حول مصالحهم القومية والاستراتيجية، إلا إذا كانت المسألة تتصل بجيرانهم وإخوتهم من العرب والمسلمين.

إن الصورة تتحدث عن نفسها، حيث يخرج رئيس الكنيست في كيان العدو ليقول: «لن نعتذر عن احتلال يافا وصفد، ولا عن تحرير الخليل، ولا عن البناء في عاصمتنا القدس»، فيما يرفع المسئولون العرب الرايات البيض في قلب اجتماعات الجامعة العربية، ليلوّحوا بخيار التفاوض، وبتقديم المزيد من الفرص للعدو لكي يواصل إنهاء الوجود الفلسطيني في القدس، وليزحف أمنيّاً واستيطانيّاً نحو ما تبقى من أراضي الضفة الغربية.

temp2

تجربة القادة العرب المستحدثة

أحضر خمسة قرود، وضعها في قفص ! وعلق في منتصف القفص حزمة موز، وضع تحتها سلما. بعد مدة قصيرة ستجد أن قردا ما من المجموعة سيعتلي السلم محاولا الوصول إلى الموز. ما أن يضع يده على الموز، أطلق رشاشا من الماء البارد على القردة الأربعة الباقين وأرعبهم!! بعد قليل سيحاول قرد آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، كرر نفس العملية، رش القردة الباقين بالماء البارد. كرر العملية أكثر من مرة! بعد فترة ستجد أنه ما أن يحاول أي قرد أن يعتلي السلم للوصول إلى الموز ستمنعه المجموعة خوفا من الماء البارد.

الآن، أبعد الماء البارد، وأخرج قردا من الخمسة إلى خارج القفص، وضع مكانه قردا جديدا (لنسميه سعدان) لم يعاصر ولم يشاهد رش الماء البارد. سرعان ما سيذهب سعدان إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماء البارد لمنعه وستهاجمه. بعد أكثر من محاولة سيتعلم سعدان أنه إن حاول قطف الموز سينال (علقة قرداتية) من باقي أفراد المجموعة!

الآن أخرج قردا آخر ممن عاصروا حوادث شر الماء البارد (غير القرد سعدان)، وأدخل قردا جديدا عوضا عنه. ستجد أن نفس المشهد السابق سيتكرر من جديد. القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضربا لمنعه. بما فيهم سعدان على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذا ضربوه في السابق، كل ما هنالك أنه تعلم أن لمس الموز يعني (علقة) على يد المجموعة. لذلك ستجده يشارك، ربما بحماس أكثر من غيره بكيل اللكمات والصفعات للقرد الجديد (ربما تعويضا عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضا)!

استمر بتكرار نفس الموضوع، أخرج قردا ممن عاصروا حوادث رش الماء، وضع قردا جديدا، وسيتكرر نفس الموقف. كرر هذا الأمر إلى أن تستبدل كل المجموعة القديمة ممن تعرضوا لرش الماء حتى تستبدلهم بقرود جديدة! في النهاية ستجد أن القردة ستستمر تنهال ضربا على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم. لماذا؟ لا أحد منهم يدري!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت!

والآن، يا ترى من يشبه الآخر؟ الإنسان أم القرد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى