آخر الأخبارالأرشيف

انتهاكات السعودية الحقوقية قيد التحقيق الدولى..وهل يتشابه استبداد ابن سلمان مع جده عبد العزيز آل سعود؟!

بقلم المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي
الدكتور صلاح الدوبى
رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم” فرع جنيف- سويسرا
رئيس اتحاد الشعب المصرى
“عضو مؤسس في المجلس الثوري المصري”
في أواسط العقد الثاني من القرن العشرين، وفي أثناء حروب عبد العزيز آل سعود بدعم من القوات البريطانية ضد آل رشيد ومن خلفهم الدولة العثمانية لطردها بصورة نهائية من الجزيرة العربية، رأى ابن سعود أن إحياء الفكرة الدينية من خلال تنظيم ديني مسلح كامل الولاء للأيديولوجية الوهابية سيكون عامل قوة وجذب له، وهي الفكرة التي أفاد منها أجداده في الدولة السعودية الأولى والثانية.
ومن اللافت أن العلامة ابن خلدون أشار إلى ذلك قبل سبعة قرون حين جعل عنوان الفصل السابع والعشرين من مقدمته “في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة”، فقد لاحظ ابن خلدون أن العربي والبدوي في الصحراء يكون طبعه أقرب للتوحش، وأصعب للانقياد بسبب الأنفة والمنافسة في الرئاسة، وقد رأى أن الفكرة الدينية تجمع العرب، وتؤلف كلمتهم على إظهار الحق، وحصول التغلّب.
وقد فهم عبد العزيز آل سعود هذه الحقيقة جيدا من خلال التجربة والمعارك المتواصلة في الصحراء، ورآها جديرة بالاهتمام والتطبيق، وحققها بالفعل عن طريق إقامة مجمعات سكانية ثابتة في أرجاء نجد لحركة “إخوان من أطاع الله”، التي كانت بمنزلة المدن الدينية المؤدلجة بصورة تامة، والتي كانت على استعداد دائم للقتال في “سبيل الله”، حتى أضحت هذه الحركة السبب الرئيسي في توحيد الجزيرة العربية لابن سعود، وإسقاط إمارة آل رشيد، ومملكة الشريف حسين في الحجاز، وإرهاب الكويت، فضلا عن العراق والأردن، وجنوب الجزيرة العربية.
  وحين توحدت الجزيرة العربية تحت رئاسة ابن سعود، انتهت حركة “إخوان من أطاع الله” من مهمتها، وقد أدت الغرض الذي أنشأها عبد العزيز من أجله، وكان عدد مجاهديها قد بلغ 400 ألف مقاتل، حاول ابن سعود تقليص نفوذهم بدعم من بريطانيا، والحد من فكرة “الجهاد” التي زرعها في عقولهم، وآمنوا بها إيمانا عميقا، فكانت النتيجة دخوله في صراع مع أبرز قادتها زعيم قبيلة مطير فيصل الدويش، وزعيم قبيلة العجمان سلطان بن بجاد وآخرين، بدعم من التسليح والمعدات البريطانية، فضلا عن سلاح الجو البريطاني الذي كان كلمة الفصل في معركة “السبلة” بين منطقتي الأرطاوية والزلفى بنجد، والتي انتهت إلى أسر ذراع ابن عبد العزيز اليمنى الأمير فيصل الدويش، ومقتله في السجن بعد ذلك بعامين سنة 1931م جراء مرضه العضال، وهو يشكو إلى الله من ظلم ابن سعود، وانقلابه على “إخوانه”.
بل إن هناك رواية أخرى تؤكد أن فيصل الدويش قُتل نتيجة التعذيب في سجن المصمك بالرياض، وكانوا يعلقونه من رجليه ويديه ويتركون أحد العبيد يضغط بيديه على حلقه حتى يُغمى عليه، وكانوا لا يقدمون لهم طعاما ولا ماء إلا مرة واحدة، فمات الدويش جراء تقيؤ الدم من أثر التعذيب، والإهمال المتعمّد من ابن سعود في علاجه!
محمد بن سلمان “المنشار” وأجداده أيهما أبشع؟؟؟

الانقلاب على رجال الدين!
“لن نُضيع ثلاثين سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة، سوف نُدمّرهم اليوم وفورا”.
(محمد بن سلمان، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017 م)
والأمر ذاته لا يخلو من مفارقة مع الحفيد محـمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ذلك الشاب الذي يتطلع إلى مُلك العربية السعودية، فقد اتخذ عدة إجراءات كانت إعلانا صريحا بالانقلاب على مبادئ الدولة السعودية حين أعلن عن إنشاء “المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف” المعروف باسم “اعتدال” في 21 مايو/أيار 2017م في قمة الرياض التي حضرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الذريعة التي بسببها فتحت السعودية الباب على اعتقال كبار العلماء والدعاة بتهم الإفساد في الأرض، والإرهاب وغيرها[5]، وفيهم من لم يُعرف عنه التشدد طوال حياته مثل سلمان العودة وعبد العزيز الطريفي والعُمري وغيرهم.
  بل إن ابن سلمان قرر تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هؤلاء “المطاوعة” الذين كانوا على الدوام عماد الدولة السعودية في كافة أطوارها ومراحلها التاريخية منذ بزوغ فجر العربية السعودية في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي[6]، وفي الأشهر الأخيرة كانت ثمة مناقشات حول إلغاء الهيئة بالكلية، بالتوازي مع إنشاء “الهيئة العامة للترفيه” والتي أُنشئت في إطار رؤية ابن سلمان للسعودية وخطة تطويرها المعروفة بخطة “2030”، ولأول مرة تُقام حفلات غنائية ومسرحية مختلطة في المملكة السعودية التي عُرفت على الدوام بالحفاظ على الآداب العامة والأخلاق.

https://www.youtube.com/watch?v=rbz3myHqm7I

 

السعودية واجهت تدقيقا دوليا في سجلها الحقوقي أمام “مجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، حيث ضغطت الدول من أجل اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات.
وقدم ممثلو الدول الذين اجتمعوا في جنيف للمراجعة الدورية لسجل حقوق الإنسان في السعودية توصيات تضمنت الإفراج الفوري عن النشطاء السعوديين -بمن فيهم ناشطات قيادة المرأة- المسجونين فقط بسبب دعوتهم السلمية للإصلاح، ودعت الدول أيضا إلى إنهاء التمييز ضد المرأة، وطالبت بالعدالة للصحافي المقتول جمال خاشقجي، بما في ذلك مساءلة قاتليه.
وشملت التوصيات خلال جلسة 5 تشرين الثاني/نوفمبر، احترام حرية التعبير وحقوق المدافعين عن حقوق الإنسان ودعوة “فريق من الخبراء الدوليين للمشاركة في التحقيق”، وكذلك التعاون مع مجلس حقوق الإنسان الأممي في إنشاء آلية مختلطة للتحقيق المستقل والمحايد”.
في 21 يونيو/حزيران، أزاح الملك سلمان الأمير محمد بن نايف من منصبه كوزير للداخلية وولي للعهد، وعين ابنه محمد بن سلمان، وليّا للعهد ووزيرا للدفاع. جاءت خطوة الخلافة هذه بعد وضع “هيئة التحقيق والادعاء العام” سيئة الصيت خارج سلطة وزارة الداخلية، وتحويلها إلى هيئة مستقلة تقدم تقاريرها مباشرة إلى القصر الملكي.
إضافة إلى ذلك، وضع الملك سلمان في يوليو/تموز وكالة الاستخبارات الداخلية وسلطات مكافحة الإرهاب خارج سلطة وزارة الداخلية ودمجهُما في “رئاسة أمن الدولة” المُنشأة حديثا، والتي تقدم تقاريرها مباشرة إلى القصر الملكي. في سبتمبر/أيلول، أصدر الملك مرسوما يقضي بأن يُسمح للنساء بالقيادة ابتداء من يونيو/حزيران 2018، منهيا حظرا طويل الأمد على قيادتهن.
خلال العام 2017، واصل التحالف الذي تقوده السعودية حملة عسكرية في اليمن ضد جماعة الحوثيين المتمردة وحلفائها السابقين، القوات الموالية للرئيس السابق المتوفى علي عبد الله صالح، شملت عشرات الغارات الجوية غير القانونية التي قتلت وجرحت آلاف المدنيين. وفي 5 يونيو/حزيران، قطعت السعودية والبحرين والإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأمرت بطرد المواطنين القطريين وعودة مواطنيها من قطر.
واصلت السلطات السعودية الاعتقالات، المحاكمات التعسفية، والإدانات بحق المعارضين السلميين. استمر عشرات الحقوقيين والناشطين في قضاء أحكام طويلة بالسجن لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى إصلاحات سياسية وحقوقية. وواصلت السلطات التمييز ضد النساء والأقليات الدينية.
الغارات الجوية والحصار ضد اليمن
ارتكبت السعودية التي تقود التحالف المكون من 9 دول، الذي بدأ عمليات عسكرية ضد قوات الحوثي-صالح في اليمن في 26 مارس/آذار 2015، انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي. حتى نوفمبر/تشرين الثاني، قُتل 5,295 مدنيا وجُرح 8,873 شخصا على الأقل بحسب “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” (المفوضية)، والأرجح أن الحصيلة الحقيقية أعلى بكثير. في 2017، قالت المفوضية إن الغارات الجوية أكبر سبب منفرد لإصابات المدنيين.
منذ مارس/آذار 2015، وثّقت “هيومن رايتس ووتش” 87 هجوما للتحالف يبدو غير قانوني. بعض هذه الهجمات، التي قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب، قتلت ألف مدني تقريبا وأصابت منازل،  أسواقا، مستشفيات، مدارس، ومساجد. نفّذ التحالف 6 غارات جوية تبدو غير قانونية في اليمن ما بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2017، قتلت 55 مدنيا من بينهم 33 طفلا. كما وثّقت هيومن رايتس ووتش مهاجمة التحالف بقيادة السعودية مرارا المصانع والمخازن ومواقع محمية أخرى، في انتهاك لقوانين الحرب.
وثقت هيومن رايتس ووتش على الأقل 18 هجوما للتحالف باستخدام الذخائر العنقودية، ما أدى إلى مقتل أو جرح عشرات المدنيين. السعودية ليست طرفا في الاتفاقية التي تحظر الذخائر العنقودية. وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أعلن التحالف أنه سيتوقف عن استخدام ذخائر عنقودية بريطانية الصنع، ولكن في 2017، وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدامه ذخائر عنقودية برازيلية الصنع.
أدى الصراع إلى تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة. وبحلول 2017، لم يعد حوالي 17 مليون يمني قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، بحسب الأمم المتحدة. وأدى النزاع أيضا إلى تفشّ غير مسبوق لوباء الكوليرا، مما أدى إلى وفاة ألفيّ شخص في سبتمبر/أيلول، وإصابات محتملة طالت ما يناهز 700 ألف شخص. دمّرت الحرب النظام الصحي في اليمن إلى حد كبير.
بحلول ديسمبر/كانون الأول، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية نتائج تحقيقات أولية في نحو 40 من الهجمات الجوية التي شنها على نطاق واسع، وتسببت في وقوع إصابات بين المدنيين. وتوصّل فريق المحققين الذي عينه التحالف إلى أنه في جميع الحالات تقريبا، كان التحالف يسعى إلى تحقيق هدف عسكري مشروع، وأوصى بتعويض للضحايا في عدد قليل من الهجمات. لم تتخذ أي خطوات لدفع تعويضات لضحاياها أو ملاحقة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم حرب، على حد علم هيومن رايتس ووتش.
في سبتمبر/أيلول، أنشأ “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” هيئة دولية مستقلة لإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات في اليمن.

https://www.youtube.com/watch?v=NRr6DnDcjgs

 

حرية التعبير، تكوين الجمعيات، والمعتقد
بدءا من 10 سبتمبر/أيلول، نفذت السلطات السعودية موجة من الاعتقالات ضد رجال الدين وغيرهم في ما يبدو أنها حملة منسقة ضد المعارضة.
استمرت السعودية في قمع الناشطين المطالبين بالإصلاح والمعارضين السلميين. وفي أوائل عام 2017، ألقت السلطات القبض على الحقوقيين عصام كوشك، عيسى النخيفي، علي شعبان، وأحمد المشيخص. أحالت كوشك والنخيفي على “المحكمة الجزائية المتخصصة”، وهي محكمة مكافحة الإرهاب في البلاد، بتهم نابعة فقط من عملهم الحقوقي. تواصل السعودية استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لعام 2014 لقمع التعبير والمعارضة السياسيَّين.
يقضي أكثر من 12 ناشطا بارزا أُدينوا بتهم متصلة بأنشطتهم السلمية أحكاما طويلة بالسجن. ما زال الناشط البارز وليد أبو الخير يقضي حكما بالسجن 15 عاما من المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أدانته عام 2014 بتهم نابعة فقط من انتقاداته السلمية في مقابلات إعلامية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي للانتهاكات الحقوقية. قضى المدون البارز رائف بدوي عامه الرابع وراء القضبان ضمن عقوبة السجن لمدة 10 سنوات الصادرة ضده، ولكن السلطات لم تجلده عامي 2016 و2017 كما فعلت في يناير/كانون الثاني 2015.
في 18 يناير/كانون الثاني، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على نذير الماجد بالسجن 7 سنوات وحظر السفر إلى الخارج 7 سنوات لمشاركته في احتجاجات في المنطقة الشرقية السعودية عام 2011 ضد التمييز ضد الأقلية الشيعية في البلاد، الاتصال مع وسائل إعلام ومنظمات حقوقية دولية، وكتابة مقالات تدعو إلى وقف التمييز ضد الشيعة.
بحلول عام 2017، سجنت السعودية معظم مؤسسي “جمعية الحقوق المدنية والسياسية” المحظورة. وفي أغسطس/آب، أيّدت محكمة الاستئناف حكما بالسجن 8 سنوات ضد الناشط عبد العزيز الشبيلي العضو في الجمعية، فقط لدعوته السلمية المطالبة بالإصلاح.
لا تقبل المملكة بممارسة أتباع الديانات غير الإسلامية شعائرهم في الأماكن العامة، وتميز بشكل ممنهج ضد الأقليات المسلمة، وعلى الأخص الشيعة الاثني عشرية والإسماعيلية، بما يشمل التمييز في التعليم الحكومي، القضاء، الحريات الدينية، والتوظيف. استمرت السلطات الدينية الحكومية، في تصريحاتها ووثائقها العامة، في تحقير التفسيرات والمفاهيم الإسلامية التي يعتنقها الشيعة والمتصوفون.
ليس في المملكة قوانين مكتوبة تخص التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، لكن القضاة يستخدمون مبادئ شرعية غير مدونة لمعاقبة الأشخاص المشتبه بإقامتهم علاقات جنسية خارج الزواج، بما يشمل الزنا والجنس المثلي. إذا أقيمت هذه العلاقات عبر الإنترنت، يستخدم القضاة والادعاء بنودا مبهمة من “نظام مكافحة جرائم المعلوماتية” الذي يجرم الأنشطة الإلكترونية التي تمس “النظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة”.
في فبراير/شباط 2017، ألقت الشرطة السعودية القبض على 35 مواطنا باكستانيا، كان بعضهم نساء متحولات جندريا، وتوفيت إحداهن أثناء الاحتجاز. قالت عائلتها إن جسدها كان يحمل علامات تعذيب، بينما قالت السلطات السعودية إنها توفيت جراء أزمة قلبية.
العدالة الجنائية
تطبق السعودية الشريعة الإسلامية بصفتها قانونها الوطني. لا يوجد قانون عقوبات مدوّن، إنما أصدرت الحكومة بعض القوانين والأنظمة التي تُخضع بعض المخالفات واسعة التعريف لعقوبات جنائية. لكن في غياب أي قانون جنائي مكتوب أو أنظمة دقيقة الصياغة، يمكن للقضاة والادعاء تجريم جملة عريضة من المخالفات في ظل اتهامات فضفاضة وعامة، مثل “الخروج على ولي الأمر” أو “محاولة تشويه سمعة المملكة”.
يواجه المحتجزون وبينهم الأطفال انتهاكات ممنهجة ومتفشية لسلامة الإجراءات القانونية وإجراءات المحاكمة العادلة، بما يشمل التوقيف التعسفي. لا تُخطر السلطات المتهمين دائما بالجريمة التي اتهموا بها، ولا تسمح لهم بالاطلاع على أدلة الادعاء، وأحيانا حتى بعد بدء المحاكمات. بشكل عام لا تسمح السلطات للمحامين بمساعدة المشتبه بهم أثناء مرحلة الاستجواب، وتعيقهم أحيانا عن استجواب الشهود وعرض الأدلة في المحكمة.
كثيرا ما يحكم القضاة على المدعى عليهم بمئات الجلدات. يمكن محاكمة الأطفال في جرائم يُعاقب عليها بالإعدام وأن يحكم عليهم كبالغين إذا ظهرت عليهم علامات البلوغ.
خلال 2017، واصلت السلطات احتجاز المشتبه بهم لشهور أو حتى سنوات دون مراجعة أو ملاحقات قضائية. في منتصف سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات السعودية عشرات الأشخاص، بمن فيهم رجال دين ومثقفين بارزين، في ما يبدو أنها حملة قمع منسقة ضد المعارضة. في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، بدأت السلطات السعودية اعتقالا جماعيا لأمراء ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ورجال أعمال بارزين لمزاعم الفساد ضدهم، وذكرت تقارير أن بعضهم احتُجز في فندق 5 نجوم في الرياض.
حتى نوفمبر/تشرين الثاني، كان كل من علي النمر، داود المرهون، وعبدالله الزاهر رهن الاحتجاز في انتظار الإعدام، بزعم ارتكابهم جرائم على صلة بالتظاهر وهم أطفال في عامي 2011 و2012. أرجع القضاة السعوديون الأحكام بالإعدام إلى اعترافات تراجع عنها المتهمون الثلاثة في المحكمة وقالوا إنها انتزعت منهم تحت الإكراه، ولم تحقق المحاكم في ادعاءات التعذيب لانتزاع الاعترافات.
في منتصف يوليو/تموز، أيّدت المحكمة العليا السعودية أحكام الإعدام بحق 14 من شيعة السعودية بعد محاكمة غير عادلة على جرائم متعلقة بالاحتجاج. أدانت المحاكم الـ 14 على أساس اعترافات نفوها في المحكمة، قائلين إنهم أجبروا عليها تحت الإكراه. وفي يوليو/تموز، أيدت محكمة استئناف أحكام الإعدام بحق 15 رجلا آخرين متهمين بالتجسس لصالح إيران. ويتطلب الحكم الآن موافقة المحكمة العليا وتوقيع الملك.
في أواخر يوليو/تموز، حاصرت قوات الأمن السعودية مدينة العوامية ذات الأغلبية الشيعية وأغلقتها، حيث واجهت جماعة مسلحة مختبئة في حي تاريخي تقرر هدمه. أدى العنف في العوامية، الذي بدأ في مايو/أيار، إلى وقوع قتلى ومصابين بين السكان وألحق أضرارا جسيمة بالبلدة. وقال سكان وناشطون إن قوات الأمن أطلقت النار على مدنيين في مناطق بعيدة عن الاشتباكات، وبقي السكان الذين مكثوا في العوامية دون خدمات أساسية مثل الرعاية الطبية. فر معظم السكان من الاشتباكات.
وفقا لبيانات وزارة الداخلية، أعدمت السعودية 138 شخصا بين يناير/كانون الثاني وأوائل ديسمبر/كانون الأول، معظمهم بسبب جرائم القتل والمخدرات. وأُدين 75 شخصا ممن أُعدموا بتهم جرائم غير عنيفة. تنفذ معظم عمليات الإعدام بقطع الرأس، وأحيانا في الأماكن العامة.
حقوق المرأة
تواجه السعوديات عوائق رسمية وغير رسمية عندما يحاولن اتخاذ قرار أو إجراء دون حضور أو موافقة قريب ذكر لهن.
في أبريل/نيسان، أصدر الملك سلمان أمرا ينص على أنه لا يمكن للمؤسسات الحكومية منع النساء من الحصول على الخدمات الحكومية لمجرد عدم نيلهن موافقة ولي الأمر، إلا إذا اقتضت القوانين القائمة ذلك. إذا ما نُفذ الأمر بشكل مناسب، يمكنه إنهاء متطلبات موافقة الوصي التعسفية التي تفرضها البيروقراطيات الحكومية على المرأة. بمقتضى هذا الأمر، طُلب من جميع المؤسسات الحكومية أن تقدم قائمة بالإجراءات التي تتطلب موافقة ولي الأمر بحلول منتصف يوليو/تموز، ما يشير إلى أن السلطات قد تعيد النظر في هذه القوانين والأنظمة أو حتى تلغي بعضها.
مع ذلك، ما زال نظام ولاية الأمر السعودي التمييزي قائما رغم تعهدات حكومية بإلغائه. في ظل هذا النظام، يتوجب على النساء، من أجل السفر أو الزواج أو الخروج من السجن، تحصيل إذن ولي الأمر، ويكون في العادة الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن. كما قد يُطلب منهن تحصيل إذن ولي الأمر من أجل العمل أو الحصول على الرعاية الصحية. تواجه النساء صعوبات في إجراء جملة من المعاملات دون قريب ذكر، من تأجير الشقق السكنية وحتى رفع الدعاوى القضائية.
في يوليو/تموز، احتجزت السلطات لفترة وجيزة امرأة تدعى “خلود” بعد أن ظهرت في  فيديو “سناب تشات” على ما يبدو، وهي ترتدي تنورة قصيرة وقميصا يكشف جزءا من بطنها، وهي تسير في أنحاء قرية عشيقير التاريخية، على بعد 100 ميل إلى الشمال من الرياض. وللسعودية قواعد صارمة في اللباس، حيث يجب على المرأة ارتداء عباءة سوداء وحجاب.
في سبتمبر/أيلول، أصدر الملك قرارا يقضي بالسماح للمرأة بالقيادة ابتداء من يونيو/حزيران 2018. ومع ذلك، يُفترض أن تتخذ لجنة وزارية “الترتيبات اللازمة لإنفاذ ذلك” في غضون 30 يوما. نقلت “رويترز” عن السفير السعودي في الولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان أن النساء لن يحتجن إذنا من ولي أمر للحصول على رخصة، وسيُسمح لهن بالقيادة دون حضور ولي أمرهن. لكن ليس واضحا ما إذا كانت هناك قواعد تقييدية أخرى ستُطبّق. وشملت المقترحات السابقة لإنهاء حظر القيادة قيودا مثل تحديد سن تراخيص القيادة للنساء في سن 30 فما فوق، أو السماح لهن بالقيادة فقط خلال ساعات النهار.
تستمر السعودية في التمييز ضد النساء والفتيات، إذ تحرمهن من المساواة في فرص ممارسة ولعب الرياضة مثل الرجال والصبية. وفي خطوة إيجابية، أعلنت وزارة التعليم السعودية في يوليو/تموز أن مدارس الفتيات السعودية سوف تقدم برنامجا للتربية البدنية ابتداء من نهاية العام الدراسي 2017 “وفق الضوابط الشرعية وبالتدريج حسب الإمكانات المتوفرة في كل مدرسة”، بما فيها القاعات الرياضية والمدرِّبات المختصات. لا توجد في مدارس الفتيات العامة حاليا مرافق رياضية، ولم يوضح البيان ما إذا ستكون التربية البدنية إلزامية للفتيات، أو إذا كانت المدارس ستطالب الفتيات بالحصول على إذن من الوالدين للالتحاق بحصص التربية البدنية. في أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت السلطات أنها ستسمح للنساء بحضور المناسبات الرياضية العامة لأول مرة.

 

نظام الكفالة الإستعبادى “العمال الوافدون”
يوجد أكثر من 9 ملايين عامل مهاجر يقومون بأعمال يدوية ومكتبية وخدمية، يشكلون أكثر من نصف قوة العمل. يعاني بعضهم من الانتهاكات والاستغلال، الذي يرقى أحيانا إلى مصاف ظروف العمل الجبري.
يربط نظام الكفالة تصاريح إقامة العمال الوافدين بصاحب العمل “الكفيل”، الذي تعد موافقته الكتابية ضرورية لتغيير العامل صاحب العمل أو الخروج من البلاد في الظروف العادية. يصادر بعض أصحاب العمل بصفة غير قانونية جوازات السفر ويحجبون الرواتب ويجبرون المهاجرين على العمل ضدّ إرادتهم. كما تفرض السعودية تأشيرة الخروج، وتجبر العمال الوافدين على استصدار تصريح من صاحب العمل قبل مغادرة المملكة. يمكن اتهام العامل الذي يترك صاحب العمل دون موافقته بـ “الهروب” ويواجه السجن والترحيل. هذا النظام يمكن أن يحاصر العمال في ظروف مسيئة ويعاقب الضحايا الذين يهربون من الانتهاكات.
في مارس/آذار، أعلنت السعودية نيّتها ترحيل العمال الأجانب الذين وُجدوا في حالة انتهاك لقوانين العمل القائمة، بمن فيهم من لا يحمل تصاريح إقامة أو عمل سارية المفعول، أو الذين وُجدوا يعملون لحساب صاحب عمل آخر غير الكفيل القانوني. أمرت السلطات بأن يقوم المهاجرون الذين لا يحملون وثائق بتسجيل نيتَهم المغادرة لدى السلطات السعودية بحلول 24 أغسطس/آب، وإلا واجهوا الاعتقال، الغرامات، وانتهاء بالترحيل. من بين العمال المهاجرين الذين يقدر عددهم بـ 10 ملايين في السعودية، يصل عدد الإثيوبيين إلى 500 ألف، حيث فر عدد كبير منهم من الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها الحكومة الإثيوبية.
السعودية ليست طرفا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ولم تنشئ نظام لجوء يمكّن الأشخاص الذين يخشون من العودة إلى الأماكن التي تتعرض فيها حياتهم أو حريتهم للتهديد من طلب اللجوء، أو يمنع إعادتهم إليها قسرا.
واجهت العمالة المنزلية – وأغلبها من النساء – جملة من الانتهاكات، بينها الإفراط في العمل، تقييد الإقامة، عدم سداد الأجور، الحرمان من الطعام، والأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب العمل. العاملات اللواتي يحاولن الإبلاغ عن أصحاب عملهن المسيئين يواجهن أحيانا الملاحقة القضائية بموجب اتهامات مضادة بالسرقة و”الشعوذة” و”السحر”.
الأطراف الدولية الرئيسية
أبدت الولايات المتحدة انتقادات خافتة لانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان. في الوقت نفسه، وبصفتها طرف في النزاع المسلح في اليمن، قدمت الولايات المتحدة مساعدات لوجستية ودعما معلوماتيا لقوات التحالف بقيادة السعودية، شمل تزويد طائرات التحالف بالوقود في الطلعات الجوية في اليمن. خلال زيارة إلى الرياض في مايو/أيار، أعلن الرئيس ترامب عن صفقات تسليح بقيمة 110 مليارات دولار إلى السعودية، رغم معارضة كبيرة من أعضاء في الكونغرس خشية سلوك السعودية في اليمن. في يونيو/حزيران، صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي بهامش ضيق على بيع الذخائر الموجهة بدقة إلى السعودية بقيمة حوالي 500 مليون دولار، بـ53 صوتا مقابل 47.
في أبريل/نيسان، انتخبت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة السعودية عضوا في “لجنة وضع المرأة” الأممية، وهي هيئة “مكرسة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة”، على الرغم من سجلها في التمييز المنهجي الطويل الأجل ضد النساء. في مايو/أيار، عقدت “اليونسكو”، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، منتداها السابع للمنظمات غير الحكومية في الرياض، على الرغم من أن السعودية لا تسمح للمنظمات غير الحكومية المستقلة أو الناشطين بالعمل، وتزج بالمدافعين عن حقوق الإنسان في السجن. في يونيو/حزيران، انتُخبت السعودية عضوا منتدبا في مجلس إدارة “منظمة العمل الدولية”، رغم منع تأسيس النقابات في السعودية، واستمرار الانتشار الواسع للانتهاكات ضد العمال المهاجرين. رغم سجلها الحقوقي السيئ في الداخل والخارج، فإن السعودية تخدم حاليا ولايتها الثانية كعضو في مجلس حقوق الإنسان الأممي.
في سبتمبر/أيلول، أنشأ مجلس حقوق الإنسان بالإجماع مجموعة من الخبراء البارزين لإجراء تحقيقات دولية في الانتهاكات والتجاوزات في اليمن. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وضع الأمين العام للأمم المتحدة التحالف بقيادة السعودية على “قائمة العار” للانتهاكات التي ترتكبها ضد الأطفال في اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى