سفر وسياحة

انقلب السحر على الساحر.. هجمات ترامب العنصرية تحفّز مسلمي أمريكا للمناصب الكبيرة

حين قرَّرت ماري جوبايدا الترشُّح للمنصب كانت قلقةً بشأن قبولها بوصفها مُرشحةً وسط مجتمعها غير المسلم.

وترتدي ماري، البنغلاديشية الأمريكية، الحجاب وتتحدَّث بلكنةٍ واضحة. ورغم ذلك، فهي تُجهِّز حملةً للترشُّح لمقعدٍ في «جمعية ولاية نيويورك»، من أجل تمثيل حيٍّ غالبية سُكَّانه من البيض والهسبانيين في ويست كوينز.

وماري هي أمٌّ لثلاثة أطفال، وتستطيع سرد القضايا المُقربة إلى قلبها سريعاً. وتقول إنَّ المدارس مزدحمة، وهو الأمر الذي أثَّر على تعليم أطفالها. وتنتقد بشدةٍ عملية استطباق حيِّها (إحلال الطبقة المتوسطة من المجتمع بطبقةٍ أرقى منها)، وسوء المواصلات العامة، وارتفاع تكاليف الإسكان.

لكنَّ ماري أمامها طريقٌ طويل للغاية. إذ ستترشح ضد عضوة لجنة الولاية الحالية كاثرين نولان، التي تحتل المنصب منذ عام 1984، إبان فترةٍ قد يخضع خلالها أعضاء اللجنة من الأقليات لهجومٍ مُباشرٍ من البيت الأبيض.

تقول ماري لموقع Middle East Eye البريطاني، إنَّ تعصُّب دونالد ترامب لن ينجح في تحقيق أهدافه الانقسامية، رغم أنَّ الرئيس يستهدف أربعاً من عضوات الكونغرس «المُلوَّنات»، ومن بينهن المُشرِّعات المسلمات رشيدة طالب وإلهان عمر، بهجماتٍ عنصرية.

وأضافت ماري: «لا يُدرك ترامب أنَّ كراهيته أتت بنتيجةٍ عكسية على أرض الواقع؛ لأنَّه يتحدى مجتمعاتنا في كل مكان لتُصبح أكثر شمولية».

لكن ماري اعترفت بأنَّ مُشاهدة الساسة المسلمين يُكافحون ضد الهجمات المستمرة، دفعتها للتساؤل حول إمكانية ترشُّحها بوصفها مسلمةً، للمرة الأولى على الأقل.

وقالت ماري لموقع Middle East Eye البريطاني: «بدلاً من ذلك، وجدت أنَّ العكس هو الصحيح. إذ وجدت دعماً وقبولاً كبيراً في مجتمعي منذ اللحظة التي أعلنت فيها ترشُّحي».

وتُعَدُّ ماري، التي أطلقت حملتها في مايو/أيار، واحدةً من مئات المسلمين الذين اجتمعوا للمرة الأولى في «جمعية تعليم المؤتمر المسلم» في واشنطن هذا الأسبوع.

ويسعى المؤتمر، الذي يُمثِّل منظمةً غير ربحية أُطلِقَت العام الماضي، إلى تمكين المجتمع الأمريكي المسلم عبر السياسة والعمل الجماعي.

وحضرت رشيدة وإلهان، أول امرأتين مسلمتين في الكونغرس، الحدث الذي استمر ليومين إلى جانب العديد من الدعاة والمسؤولين المُنتخبين.

وقالت ماري إنَّ التجمُّع سلَّط الضوء على ترابط المجتمع المُسلم والتقدُّميين اليساريين، بوصفهم أبناء الشعب الذين اجتمعوا للوقوف في وجه التصريحات العنصرية الآتية من البيت الأبيض.

وقالت ماري في تصريحاتها للموقع: «بوجود هذا الرئيس في البيت الأبيض، أصبحنا نحن التقدُّميون أكثر تنظيماً واتحاداً من أيّ وقتٍ مضى».

وتضمَّن المؤتمر دورةً تدريبية للمرشحين مُدَّتها ست ساعات، والتي أدارتها «اللجنة الوطنية الديمقراطية» جزئياً، حيث عمل المستشارون المهنيون على إعداد المرشحين المحتملين لمساعدتهم في إدارة حملاتٍ ناجحة.

وحضر النشطاء المسلمون من مُختلف أنحاء البلاد، والذين خطَّط عددٌ منهم لحملاتٍ انتخابية أو حاول الترشُّح لمنصبٍ من قبل.

وفي حين وضع الكثير من الحاضرين نصب أعينهم الفوز بالمناصب المحلية، مثل مقاعد مجلس المدينة ومجلس المدرسة، لكن الطالب أمين أحمد (16 عاماً) من ولاية ميريلاند يحلم حلماً كبيراً. إذ يرغب في أن يُصبح الرئيس يوماً ما.

ويُدرك أحمد المناخ السياسي في الولايات المتحدة بوضوح، وقال إنَّ الكراهية والاستهداف العرقي الذي شهده أدَّى إلى تحفيز تطلُّعاته السياسية.

وقال: «حين شاهدت مقطع الفيديو ورأيت الرئيس ترامب يقف ساكناً لمدة 16 ثانية بينما يهتف الناس «أعيدوها لوطنها، أعيدوها لوطنها»، شعرت بالغضب والأذى، لكنَّني لم أشعر بالخوف».

وكان أحمد يُشير بذلك إلى التجمع الذي حضره ترامب في ولاية كارولاينا الشمالية الأسبوع الماضي، حيث استهدف أنصار الرئيس إلهان بشعاراتٍ عنصرية.

وأضاف: «زاد ذلك من رغبتي في الترشُّح، لأنَّني أُريد أن أكشف للناس أنَّ المسلمين جزءٌ من مجتمعهم ومواطنون عاديون مثلهم».

ربما لن يستطيع أحمد الترشُّح للمنصب قبل بضع سنوات، لكن هناك عددٌ من المرشحين الحاليين الذين حضروا التدريب من أجل الحصول على نصائح قد تُساعدهم في جهودهم المستقبلية.

إذ حضر محمود محمود، الذي خاض حملة فاشلة للفوز بمقعد في مجلس «ولاية نيوجيرسي» مؤخراً، الدورة أملاً في تحسين حملته المُقبلة.

وقال محمود، الذي انتقل من مصر إلى الولايات المتحدة في الرابعة من عمره، إنَّه تعامل مع عددٍ من الهجمات المناهضة للمسلمين «شديدة البشاعة»، والتي أجَّجها خطاب ترامب خلال حملته عام 2018.

لكنه صرَّح لموقع Middle East Eye قائلاً: «لكن ذلك يمنحني سبباً أكبر للترشُّح. لا يجب أن أقلق على حياتي لأنَّني أرغب في خدمة مُجتمعي، وأرغب في فعل الخير للناس. نحن هنا لتغيير ذلك».

وسافر محمود من نيوجيرسي لحضور الحدث الذي أُقيم في واشنطن العاصمة، بغرض تحسين حملته المُقبلة وإقامة العلاقات والتواصل مع غيره من الساسة المسلمين الأمريكيين.

وأضاف: «تُعَدُّ هذه النوعية من الأحداث مُهمةً لأنَّ كل مجموعةٍ، وكل مجتمعٍ، لديه شعبه الذي يضغط على المُشرِّعين ويُسلِّط الضوء على المخاوف الموحِّدة لمجتمعه. وكان المجتمع المُسلم يفتقر لذلك الأمر. ولكن نحن هنا الآن، ولن نذهب إلى مكانٍ آخر».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى