اخبار إضافيةالأرشيف

اين مركز الثقل ؟

بقلم الخبير والمحلل السياسى

رضا بودراع

امين عام حركة أحرار الجزائر

Center of Gravity  في علوم الفيزياء والميكانيك يحدّد
مركز الثقل ، على أنه النقطة الوحيدة التي يرتكز عليها الوزن الكامل لكتلة ما ، فاذا ما ضعفت وانهارت هذه النقطة تنهار معها الكتلة بكاملها.

و يرتكز نجاح أية حملة عسكرية استراتيجية على تحليل دقيق لمركز الثقل الاستراتيجي للذات و الصديق والعدو ، وذلك بهدف حماية الاول والثاني، وتدمير مركز ثقل العدو

واذا نظرنا للساحة الجزائرية الداخلية فإنا نجد مركز الثقل الثوري  يتوسط اربع مراكز كبرى متحركة
١- السلطة ٢- الافكار  ٣-الاحداث و ٤-الجماهير

الهدف العسكري مركز الثقل للجيش الان هو البقاء في المركز الثوري مما يعني التموضع في مركز السلطة  والبقاء في مركز الاحداث  والانطلاق من مركز الافكار و استقطاب الجماهير حوله

والخطة العسكرية قائمة على تجريد الخصم او المنافس من المراكز الاربع

وانظروا للساحة السياسية فقد  احتلها  الجيش كلها من قبل “صناعة” والان “ممارسة”

– فكان احتلال مركز الحدث بالبيانات
-و الافكار كان عنده  فيها كساد، ولما تحركت الساحة وولدت افكارا قوية  احتلها جميعا (لا احاكم هنا النيات ولا التوجهات)
ابتداء من  التحرير  -استكمال عملية التحرير-هيمنة دولية  -نوفمبرية-باديسية -اصيل -الاغلبية الاصيلة ..
  وهو لايزال يحتل مركز السلطة
و اخيرا يكون استقطاب الجماهير مغناطيسيا عبر توظيف الملفات الملتهبة

ان احتلال المراكز الاربع  يعنى التموضع العسكري في قلب  مربع التحكم والسيطرة  او “مركز الثقل” ( انظر الرسم)

والان ياتي الامر   لإعلام السلطة او لنقل الاعلام العسكري ان يقوم بالبراباغاندا المطلوبة في الوقت المطلوب ويطالبها بالاصطفاف الكامل

واتوقع بعدها دعوة احزاب العسكر او بقاياهم لتشكيل الهالة السياسية  حول  مركز السلطة
ثم الايعاز للقضاء بالتحرك ايضا بعد اكتمال هندسة القوانين التي تلاحق القوى البديلة من اعلام بديل و تنظيمات واحزاب بديلة لا تغذي او تلتف حول مركز ثقل الجيش

ومع كل هذا تقتضي  الخطة  ابقاء الساحة في حالة شعور بالخطر المحذق واستهداف من عدو ما على وشك الهجوم الكاسح
و الامر هنا متعلق بما اصطلح عليه العصابة  وما يميزها انها تتخابر مع الكفار و تعادي الهوية وتستفز عموم الشعب   وهو امر مستحسن بل نعمة مقدمة  قد تتحول لنقمة مؤجلة  اذا لم يستغل الظرف بذكاء وحنكة  كبيرين 
وما ساعد للاستقطاب حول مركز ثقل الجيش تسعير ملف الهوية والعرقية والراية الانفصالية ..

لقد كانت الخطة العسكرية  للثورة المضادة  اثناء مواجهة الموجة الاولى من الثورة   تعتمد على احتلال مركز السلطة  وتدمير بل وسحق الثورة الشعبية
لكن خطة “الكل امني” لم تؤتي اكلها   رغم انكسار  الثورة.
 
لكن الثورات ان لم تستوف اغراضها  فإنها تنتقل زمنيا وتتخذ مسارات اخرى ربما غير معقولة بمقاييس ما سبق!!
لذاك كان التكتيك الجديد  هو احتلال المركزين معا وفي وقت واحد
– مركز السلطة (الثورة المضادة )
– ومركز الثورة  الشعبية
وهذه هي العملية التي حذرنا منها في اول الحراك (شرائح ولايفات  ومداخلات تلفزيونية)
حيث تعتمد العلبة السوداء التكتيك الذكي  لتُخلِّق النظام في ثوب ثوري جديد وذلك باحتلال مركزي السلطة والثورة معا .
اذا كان ما اوردته خلال هذه الاسطر صحيحا فيمكن القول ان الامة الجزائرية قد مورس عليها اخطر انواع التدليس السياسي
وان مركز التفكير في الغرفة الدولية المضادة قد انتجت اخبث آليات إخضاع الشعوب التواقة للانعتاق والحرية
وأما ان كان هناك مشروعا قوميا كما اشار الى ذلك قائد الاركان في خطابه الاخير الاربعاء ٢٦ جوان
فالحكم سيكون على ما ينتجه مشروع الجيش
تماما كما سيكون الحكم على المنتج الذي سيشكله المخيال السياسي الجديد للامة الاجزائرية
والعبرة بالمآلات .
وطبعا من نافلة القول ان المشاريع المهددة كالفرانكوبربريزمية  والبعثية القومية والمتشيعة والمتطرقة والانجليكانية  والافريقانية كلها تبحث الان على احتلال ذات مركز الثقل كلا حسب موقعه او تأثيره
وقد نرى مستقبلا تحركات حثيثة نحو تحالفات خبيثة  بل بدأنا نراها الان
ويبقى السؤال الان
من الذي ينافس حقا الجيش حول مركز الثقل الثوري ؟
الاجابة المنطقية والواضحة  هي القوى الشعبية التي تخلقت بعد المحرقة والتي اعطاها الحراك قبلة الحياة
وما هو ثابت ايضا ان مركز الجماهير  هو المركز الاهم والاخطر لاكتمال المربع الاستراتيجي في مركز الثقل الثوري
و ما يبديه الوعي المتنامي للقوى الشعبية الحية بالذات والعدو والارض والسنن  يجعل تلكم القوى الشعبية  المرشح الاقوى لاحتلال مركز الثقل  الثوري

و قد ابرز  هذا الصراع  المعادلتين القويتين في الساحة الجزائرية (جيش +سلطة ) او (شعب+سلطة )
ولايمكن تصور المعادلة الثالثة (جيش+شعب+سلطة) الا عندما يحصل التوازن في ميزان القوة 

و يعد  مركز الجماهير اقوى مركز  لانه عليه ترتكز ممارسة السلطة

الايام المقبلة ستمتحن الجميع  ممن يتبنى القوى الثورية
ولا اتكلم عمن اظهروا العداء للهوية فهم لابد ان يبقوا خارج معادلة السلطة
الجميع سيمتحن كيف يتشبت الجميع  بانقاذ الجزائر من الانتصار للنزعة السلطوية
والجميع ايضا سيمتحن كيف تذوب خلافاتهم لتحقيق حلم الحرية في ظل الاستقلال الشامل و  السيادة الكاملة
ودمتم #احرار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى