كتاب وادباء

برلمان ” التيس المستعار..!؟”


برلمان ” التيس المستعار..!؟”


بقلم الكاتب

السعيد الخميسى

السعيد الخميسي
* كلما سافرت وتجولت شاهدت لافتات ضخمة وكبيرة تدل على ثراء أصحابها تدعو وتحث الشعب المطحون المهزوم المنكوب بانتخابهم فى البرلمان القادم . وإذا رأيت ثم رأيت منافقين منتفعين يروجون لأصحابها . أقول لهولاء المرشحين هل تقبلون أن تترشحوا على جثث المصريين..؟ هل تقبلون أن تجلسوا على جماجم المصريين فى البرلمان..؟ هل تقبلون أن تذهبوا لبرلمان لن يتعدى دوره أكثر من أن يكون ” التيس المستعار ” بمعنى أنه سيكون مجرد قنطرة تستغلها سلطة الانقلاب لتأديب وتهذيب الشعب باسم الشعب . لن يسمح لكم أيها المرشحون إلا بالتوسط لإصلاح ماسورة مجارى فى قرية نائية..!؟. لن يسمح لكم إلا بالتصفيق والموافقة وإلا فملفاتكم جاهزة فى أجهزة الأمن . لقد انتخب الشعب المصري برلمانين ورئيسا شرعيا ودستورا مستفتى عليه وتم إلغاء كل هذا بجرة سلاح..!؟ إن البرلمان القادم سيكون مصيره هو مصير آخر برلمان لأحمد عز . فسارعوا بتمزيق اللافتات واجلسوا فى بيوتكم خير لكم من أن يكون مصيركم السجن . السياسة فى مصر ماتت ودفنت جثتها وشم الجميع رائحتها . مصر اليوم تدار بقوة السلاح والرصاص . أفلا تعقلون أيها المشتاقون لمقاعد البرلمان …!؟

* أقول لهولاء المشتاقين للبرلمان المزور القادم إن ثلاجة الموتى فى مصر لاتحتاج إلى جثث جديدة . لن يكون هناك انتخابات ولا يحزنون . بل سيكون هناك تعيينات أمنية لمن يبدى فروض الولاء والطاعة لسلطة الانقلاب ويحنى ظهره ليركبوه , ويمد عنقه ليسحبوه , ويفتح فمه ليعلفوه , ويمد قدماه إن هو خرج عن النص ليؤدبوه ويضربوه . هذا هو شكل برلمان الانقلاب القادم أيها السادة المشتاقون الملهوفون  . لن تكونوا سوى أصنام قرشية  وثنية جديدة ترصكم سلطة الانقلاب رصا كقوالب طوب وسوف يعطون لكل قالب منكم رقما ليحفظه بديلا عن اسمه لأنكم من وجهة نظرهم لاتستحقون أن ينادوا عليكم بأسمائكم بل بأرقامكم كنزلاء السجون المجرمين . سيتعاملون معكم كما كان يتعامل مدير المدرسة مع طلابه فى رواية Hard Times  أي الأوقات العصيبة لأنه كان لايعترف بالأسماء بل بالأرقام فقط لأنها تعبر من وجهة نظره عن  facts and nothing else.


* نصيحتي لكم أيها المشتاقون للجلوس على جماجم المصريين فى برلمان الإفك والتزوير القادم , نصيحتي أن يرتدى الواحد منكم أفضل زيه وأحلى حلله ثم يقف بكامل زينته أمام المرآة التي فى غرفة نومه , ثم يضع على وجهه أرقي أنواع العطور , ثم يقف معتدلا ويخاطب نفسه بصوت مسموع , يسمعه كل من فى البيت , ثم يقول لنفسه : بالله عليك يافلان , ثم يسمى نفسه باسمه , هل ترضى أن تكون تيسا مستعارا تحلل لهم ماحرم الله..؟ هل ترضى أن تكون مجرد دمية على مسرح عرائس محمود شكوكو..؟ . هل ترضى لنفسك أن تكون حذاء ينظف فيه الانقلابيون أقذارهم وأدرانهم..؟ هل ترضى أن تكون  مجرد ساعي بريد كل همه إصلاح ماسورة مياه , أو استبدال ماسورة مجارى..؟ . هل ترضى أن تكون خيال مآته تقضى الطيور حاجتها فوق رأسك..؟ سل نفسك بصراحة وأجب نفسك بصرامة وصراحة وشفافية تشفى من مرضك بإذن الله..!؟.


* أيها المشتاقون للجلوس فوق جماجم المصريين , فليسأل كل منكم نفسه , أين المزورون الذين زوروا إرادة الشعب فى البرلمانات السابقة..؟ أين النواب الذين ألبسوا الحق ثوب الباطل والباطل ثوب الحق..؟ أين المصفقون والمؤيدون والناهبون الذين سبقوكم..؟ . أين المنبطحون اللاهثون وراء مطامعهم الشخصية الرخيصة الدنيئة الرديئة التي أوردتهم سواء الجحيم..؟ . أين سرور وعز والشاذلي وشهاب والبغدادي..؟ أين هم الآن..؟ مات منهم من مات . ويعيش منهم من عاش تلاحقه لعنات الله والملائكة والناس أجمعين لأنهم لم يقفوا بجانب مظلوم يوما ما , ولم يردوا حقا لأصحابه يوما ما , ولم يقولوا كلمة حق فى وجه سلطان جائر يوما ما . بل رتعوا وهم غيرهم فى حظيرة السلطة يلحسون فضلات طعامهم ويلعقون ماعلق بأحذيتهم ابتغاء مكاسب رخيصة ومطامع خسيسة لاقيمة ولاوزن لها .

* إن المصير الأسود ينتظركم إن انتم ركبتم رؤوسكم ولم تسمعوا لنصيحتي وتأمروا أتباعكم الذين يعملون بالأجر اليومي عندكم , أن يصعدوا إلى أعالي المنازل  وناصيات الشوارع وواجهات المحلات ليمزقوا تلك اللافتات , قبل أن يأتى يوم لابيع فيه ولاخلة ولا شفاعة . سوف تعضون أناملكم من الغيظ فى وقت لن ينفع فيه الندم . سوف تتجرعون الألم جرعات , وتبلعون الآهات على فترات , وتشربون الحسرات قطرات , إن لم تعودوا إلى رشدكم وتقتنعون أنه لاسياسة ولا حرية ولا ديمقراطية ولا حقوق لأى إنسان تحت عجلات دبابات الانقلاب ومجنزرات آليات الاستبداد والاستعباد . لابد أن تعود مصر أولا وقبل كل شئ إلى أهلها , بعز عزيز أو بذل ذليل , ثم بعد ذلك لكل  مقام مقال . لاتحرثوا فى أرض بيداء لأنها لاتنبت إلا الحنظل والشوك , ولايحوم حولها إلا غربان الخراب , ولايسير فى جحورها إلا الحيات والعقارب . الوطن فى حاجة إلى تطهير جروحه من الصديد الذي فاض وسال حتى ملا السهول والوديان . ياقوم : التخلية قبل التحلية إن كنتم تعقلون…!؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى