تقارير وملفات إضافية

بسبب الضغوط السعودية.. هل تغادر قضية كشمير قمة كوالالمبور بعد تراجع باكستان عن الحضور؟

برز الانقسام الذي تشهده الأمة الإسلامية فيما بينها إلى الواجهة، على إثر ضغوط وجهتها السعودية إلى باكستان بالإحجام عن المشاركة في قمة كوالالمبور الإسلامية المصغرة التي انطلقت يوم الأربعاء 18 ديسمبر/كانون الأول، مدعية أن القمة من شأنها شق صفِّ «منظمة التعاون الإسلامي وإثارة قضايا متعلقة بعموم المسلمين، دون وجود بقية الدول»، بالرغم من نفي ماليزيا لذلك.

وكانت الإشارات التي أرسلتها السعودية قد لقيت كذلك دعماً من الإمارات، وهي عضو قوي آخر في «منظمة التعاون الإسلامي»، قد تسببت بتراجع عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني عن حضور القمة، ليضيع على نفسه فرصة كبيرة لإثارة ملف كشمير، بعد غض المجتمع الدولي النظر عنه.

تقول صحيفة The Economic Times الهندية: في حين أن السعودية لم تذكر قضية كشمير على وجه التحديد باعتبارها واحدة من القضايا التي تهم العالم الإسلامي، فإن الرياض كان موقفها مضرباً حيال قضية كشمير منذ 5 أغسطس/آب؛ إذ أعلنت المملكةُ دعمها للهند فيما يتعلق بقضية «الإرهاب العابر للحدود» خلال زيارة الرئيس الهندي ناريندرا مودي إلى الرياض في شهر أكتوبر/تشرين الأول. وكانت الإمارات قد وصفت قرار إلغاء المادة 370 المتعلقة بالوضع الخاص لكشمير، بأنها «مسألة داخلية تخص الهند وحدها».

وقد بلغ الأمر بالضغوط السعودية أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قام بإلغاء زيارته إلى ماليزيا في اللحظات الأخيرة بعد أن كان من المقرر أن يحضر قمة كوالالمبور، التي تمثل اجتماعاً شارك في تنظيمه. 

ولم تكتفِ باكستان بالانسحاب من القمة، بل تراجعت حتى عن بيان كانت قد أصدرته على مشارف جلسة مغلقة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان من المقرر عقدها لمناقشة قضية كشمير بناءً على طلب تقدمت به الصين. غير أن هذا البند جرى سحبه بعد ذلك من جدول الأعمال، بعد أن عارضه أربعة أعضاء دائمين في مجلس الأمن إلى جانب قلة أخرى من الأعضاء كانت معارضة له.

وفقاً لمعلومات موثوقة لصحيفة The Economic Times، فقد سعت الرياض -التي كانت قد مدت يد العون من قبل لحكومةِ حزب «حركة إنصاف» في باكستان في أيامها الأولى للحيلولة دون وقوع أزمة اقتصادية- إلى أن تبتعد إسلام أباد عن هذه الفعالية (قمة كوالالمبور).

لا تشعر السعودية والإمارات بالارتياح إزاء قمة كوالالمبور التي بدأت الأربعاء، فقد أبدت الدولتان قلقهما من أن القمة قد تسبب «انقسامَ الأمة» بالرغم من نفي مهاتير محمد لذلك، وتفضي إلى إنشاء منظمة تحت قيادة ماليزيا بالتوازي مع المنظمة الموجودة بالفعل حالياً، منظمة التعاون الإسلامي، التي كانت السعودية توجهها تقليدياً.

كانت باكستان تخطط لإثارة قضية كشمير في قمة كوالالمبور، ومن ثَم كان من الممكن أن يحظى موقفها بدعم علني من ماليزيا وتركيا. ومع ذلك، فلا يزال بإمكان ماليزيا أو تركيا استغلال الفرصة لإثارة قضية كشمير في القمة، وخصوصاً فيما يتعلق بإخلال الهند بالوضع الخاص بالإقليم المسلم.

ففي 5 أغسطس/آب الماضي، قررت الحكومة الهندية إلغاء الوضع الخاص في منطقة «جامو وكشمير» وتقسيمها إلى إقليمين، وفرضت قيوداً على التجوال والاتصالات فيهما وحجبت خدمة الإنترنت. ومنذ ذلك الحين ما زالت باكستان تناشد المجتمع الدولي في كافة المحافل للتدخل وردع الهند عن خطواتها تجاه كشمير، لكن حتى أقرب حلفائها وأكبرهم في العالم الإسلامي كالسعودية لم يقفوا بجانبها في هذه المعركة، نظراً للعلاقة القوية التي تربط محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، بناريندرا مودي رئيس وزراء الهند. لذا، فقد كانت قمة كوالالمبور فرصة عمران خان القوية وربما الأخيرة، لإثارة هذا الملف وإيجاد حلول له بدعم تركي ماليزي، ولكن يبدو أن هذه الفرصة ضاعت بسبب الضغوط السعودية الإماراتية.

وكانت باكستان إحدى أوائل الدول التي شاركها رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد خططه لعقد القمة، وذلك عندما التقى خان إلى جانب الرئيس التركي على هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي.

وفي وقت لاحق، أكد وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، يوم الأربعاء، أن «السعودية والإمارات أعربتا عن قلقهما من أن هذه الفعالية قد تثير انقساماً في الأمة، وتفضي إلى إنشاء منظمة موازية لمنظمة التعاون الإسلامي التي تهيمن السعودية عليها حالياً».

وقال قريشي إنه تقرر أن تسعى باكستان أولاً إلى «سد الفجوة بين الرياض وكوالالمبور». وقال إن «باكستان حاولت التغلب على الخلافات ونجحت ليس فقط في الحصول على دعوات للسعوديين والإماراتيين، ولكن أيضاً أقنعت مهاتير محمد بزيارة الرياض شخصياً وتوجيه دعوة مباشرة إلى الملك سلمان»، حسب تعبيره.

في الوقت نفسه، أقر مهاتير خلال حديثه إلى الصحفيين، يوم الثلاثاء، بأن العاهل السعودي يعارض أن تضطلع قمة كوالالمبور بمناقشة قضايا المسلمين على نحو عام؛ إذ يعتقد العاهل السعودي أن منظمة التعاون الإسلامي يجب أن تظل المنصة التي تُناقش تحتها مثل هذه القضايا.

«تلقى الدكتور مهاتير محمد مكالمة من عمران خان معرباً عن أسفه لعدم تمكنه من حضور قمة كوالالمبور. وقد عبَّر الدكتور مهاتير عن تقديره لاتصال رئيس الوزراء عمران خان به لإبلاغه بعدم قدرته على حضور القمة التي كان من المنتظر أن يتحدث الزعيم الباكستاني فيها ويشارك أفكاره المتعلقة بالأوضاع القائمة في العالم الإسلامي»، وفقاً لبيان الحكومة الماليزية.

وكان رئيس الوزراء الماليزي قد أوضح للملك السعودي يوم الثلاثاء أن قمة كوالالمبور 2019 لا تسعى إلى إنشاء كتلة جديدة تحل محل منظمة التعاون الإسلامي.

وإنما تتضمن أهداف المنظمة مناقشة وإيجاد حلول جديدة وعملية للمشاكل التي تواجه العالم الإسلامي، والإسهام في تحسين الأوضاع بين المسلمين والدول الإسلامية بعضها بعضاً. كذلك تتطلع إلى تشكيل شبكة من قادة ومثقفين وعلماء ومفكرين مسلمين من جميع أنحاء العالم، والسعي لإحياء الحضارة الإسلامية.

وكان من المفترض أن تجمع قمة «كوالالمبور 2019» رؤساء حكومات ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، لمعالجة وحل القضايا الملحة المتعلقة بالمسلمين، إلا أن باكستان انسحبت، وأوفدت إندونيسيا نائب الرئيس للقمة، فيما حضر الرئيس الإيراني حسن روحاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى