سيدتي

بكاء الطفل الرضيع.. هل نسارع لطمأنته أم نساعده على تهدئة نفسه بنفسه؟

عند بكاء الطفل الرضيع، هل نتركه بعض الوقت أم نسارع لطمأنته وتعزيز الثقة والرابط بينه وبين الوالدين؟ تجدَّدَ النقاش الدائر حول رد فعل الآباء، والسبب دراسة تشير إلى أنه ليس هناك ما يُقلِق حيال ترك الأطفال يصرخون.

فنظرية التعلُّق تشير إلى أن الوالدين ينبغي أن يُسرِعوا لتهدئة أطفالهم الرُّضَّع، ويقول مؤيدو هذه النظرية إن ترك الرُّضَّع يبكون قد تكون له تداعياتٌ من بينها تدمير الرابطة بين الأبوين والطفل، بالإضافة إلى زيادة مستويات التوتر لدى الطفل.

ومع ذلك، يجادل آخرون بأن حمل الطفل كفيلٌ بترسيخ عادة البكاء، وأن الآباء يجب أن يتجاهلوا بكاء الطفل.

حالياً يقول باحثون إنهم وجدوا أن ترك الأطفال يبكون ليس له تأثير على تطورهم السلوكي أو تعلُّقهم بأمهاتهم، بل قد يساعدهم على اكتساب مهارات ضبط النفس.

ويقول البروفيسور ديتر وولكي، المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة ووريك، إن الاستنتاجات المُستخلَصة تشير إلى أن الآباء لا ينبغي أن يقلقوا كثيراً حيال الطريقة التي يتبعونها.

ويضيف لصحيفة The Guardian: “ربما نكون قد ضخَّمنا الأمر أكثر مما ينبغي”.

الرأي الآخر يحذر من كآبة الوالدين نتيجة البكاء

تقول إيمي براون، أستاذة الصحة العامة للأطفال في جامعة سوانسي، والتي لم تشارك في البحث، إنه ينبغي التعامل مع الدراسة بحذر. 

وتوضح أن قليلاً من الأمهات في الدراسة تركن أطفالهن في أوقاتٍ كثيرة “يصرخون” حتى بلغوا 18 شهراً، ولم تأخذ الدراسة في الاعتبار مدة ترك الأبوين أطفالهم يبكون أو ما إذا كانوا قد وجدوا ذلك مفيداً.

وتقول: “هذا لا يُثبت أن أسلوب (البكاء المُتَحكَّم فيه) أمرٌ مفيد”، كذلك فإن الدراسة لا “تتحدث عن مدى الكآبة التي تجدها الكثير من الأمهات عندما يبكي أطفالهن”.

وتناول باحثون من جامعة ووريك في مجلة Journal of Child Psychology and Psychiatry متابعتهم 178 طفلاً وأمهاتهم في المملكة المتحدة منذ الولادة وحتى عُمر 18 شهراً.

إذ طُلِبَ من الأمهات ملء استبياناتٍ للإفادة بشأن عدد المرات التي تركن فيها أطفالهن “يصرخون حتى يتوقفوا” في عدة نقاط زمنية: بعد فترة قصيرة من الولادة، وبعد ثلاثة أشهر، وبعد 6 أشهر وبعد 18 شهراً. 

كذلك سُئلت الأمهات عن عدد مرات ومدة بكاء أطفالهن خلال اليوم عندما كانوا حديثي الولادة وعندما كانوا في عمر 3 أشهر و18 شهراً.

في عمر 3 أشهر، دَرَسَ فريق الباحثين مدى حساسية الأمهات تجاه أطفالهن الرُّضَّع، وذلك باستخدام التعاملات بين الأمهات وأطفالهن التي جرى تسجيلها بالفيديو، وفي عمر 18 شهراً أُجري تقييم للتطور السلوكي للأطفال والتعلق بأمهاتهم.

وجد الباحثون أن الأمهات نادراً ما تركن أطفالهن يبكون عندما كانوا حديثي الولادة، لكن هذا السلوك أصبح عادياً بدرجة أكبر كلما يكبر الطفل، إذ إن قرابة ثلثي الأمهات، أحياناً أو كثيراً، يتركن أطفالهن يبكون في عمر 18 شهراً. 

يضيف الباحثون أنه من الواضح أن ذلك يعود بالنفع، مع التنويه إلى أن الأطفال الأكبر عمراً تُركوا يبكون عدة مرات، بينما بكى حديثو الولادة لفترات أقصر في عمر 18 شهراً.

وتبين أن هذه الممارسة لا تسبب ضرراً للأطفال. ولم يُلاحَظ وجود تأثير سلبي على مستوى العلاقة بين الأم والطفل، أي حساسية الأم تجاه طفلها أو التطور السلوكي للطفل في عمر 18 شهراً.

وأُجري تقييم التطور السلوكي للطفل بواسطة مجموعة من التقنيات من بينها استبيان أكملته الأم، وتقرير طبيب نفسي ومشاهدة الرضيع يلعب مع والدته.

ويكتب مؤلفو الدراسة: “لا نوصي بتجاهل الرضيع ولا نوصي كذلك بالاستجابة لبكائه فوراً”. 

قال وولكي إن الاستنتاجات أشارت إلى أن الأب والأم يعلمان بفطرتهما الطريقة المُثلى للاستجابة لبكاء أطفالهما، ويتكيّفان هما وأطفالهما مع مرور الوقت.

ولكن لا يجب تجاهل كل أنواع البكاء!

ويقول كذلك إن البحث لم يقصد أن الأب والأم يجب عليهما تجاهل بكاء الرُّضَّع، خاصةً في سن مبكرة.

ويضيف وولكي أن البكاء هو “طريقة الطفل الوحيدة للتواصل، على سبيل المثال من أجل الرضاعة والنجاة من المخاطر وما شابه ذلك”. 

لذا يجب على من يتولون رعايتهم “أن يتفاعلوا مع البكاء، ونحن نفعل ذلك تلقائياً”. وأضاف أن ترك الطفل يبكي لبضع دقائق قد يكون مفيداً، خاصة إذا لم يكن ذلك وقت الرضاعة. 

قال: “بعد ذلك يمكنهم تعلم كيف يهدِّئون أنفسهم بمفردهم”.

نقاط أغفلتها الدراسة 

هناك أوجه قصور في هذه الدراسة، منها أنها اعتمدت على تقارير الأمهات حول البكاء بدلاً من الملاحظات المباشرة. ولم تتمكَّن كذلك من التحليل بدقة، لمعرفة ما إذا كان ترك الطفل ليبكي هو سبب قصر فترات البكاء اللاحقة.

يقول وولكي إنه بسبب مواقف الآباء المتحيزة في هذا الصدد لن يكون من الممكن إجراء تجربة عشوائية مُنتظمة لبحث هذه المسألة.

وتقول الدكتورة شارلوت فيركلوث، خبيرة التربية من كلية لندن الجامعية إن هذه الدراسة الجديدة “ستكون مُطمئنةً لكثير من الآباء والأمهات الذين اتبعوا هذه الطرائق مع أطفالهم الرُّضّع، لكن كما يُشير مؤلفو الدراسة ينبغي إعطاء مزيد من المصداقية للآباء في الثقة بأنهم سيجدون نهجاً يناسبهم ويناسب أُسرهم”.

ويقول ستيفن سكوت، أستاذ صحة وسلوك الطفل في كينجز كوليدج لندن، إن عدداً من الدراسات أثبت أن الأطفال المدللين أكثر من اللازم قد يفتقرون إلى المرونة، وقد يواجهون صعوبات في وقت لاحق من الحياة.

ويضيف أن النتائج الأخيرة تبدو منطقيةً من منظورٍ تطوري. وقال سكوت: “من المستبعد للغاية في الأدغال، عندما كنا نعيش في كهوفنا ونخرج للصيد، أن يتضرَّر الطفل جراء تركه يبكي قليلاً”. 

وأضاف: “أخشى ألا يؤدي هذا إلى أنواع قادرة على التكيُّف، ومع ذلك نحن قادرون على التكيُّف بشكل مذهل”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى