تقارير وملفات إضافية

بكين تتوعد بالرد وواشنطن تحذرها.. هل يشعل التسليح الأمريكي الضخم لتايوان حرباً في بحر الصين؟

يمضي البيت الأبيض قدماً بمزيد من مبيعات المعدات العسكرية المتطورة إلى تايوان، حيث تكثف الصين الضغط على الجزيرة الديمقراطية التي تزعم أنها ملكها، وهي التي حكمها نظام مناهض لبكين منذ انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949. فما نوعية الأسلحة التي قد تقدمها واشنطن لتايوان؟ وكيف سترد الصين على ذلك؟ وما خلفية هذا الصراع وكيف يمكن أن يتطور؟

تقول مصادر أمريكية مطلعة لرويترز إن مسؤولين أبلغوا الكونغرس، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020، بأن إدارة ترامب تخطط لبيع طائرات مسيّرة من طراز MQ-9 ونظام صاروخي دفاعي ساحلي إلى تايبيه. إذ تأتي المبيعات المحتملة في أعقاب إرسال ثلاثة إخطارات أخرى إلى الكونغرس يوم الإثنين أدت إلى إثارة غضب الصين.

بحسب المصادر ذاتها فإن إجمالي المبيعات قُدرت بنحو 5 مليارات دولار. وغالباً ما تتضمن أرقام المبيعات العسكرية الخارجية للولايات المتحدة تكاليف التدريب وقطع الغيار والرسوم ، ما يجعل من الصعب تحديد القيم.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، ذكرت رويترز أن ما يصل إلى سبعة أنظمة أسلحة رئيسية كانت تشق طريقها إلى تايوان عبر عملية التصدير الأمريكية مع تكثيف إدارة ترامب الضغط على الصين في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية التي ستعقد في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويعد الإخطار المسبق إلى الكونغرس بشأن الطائرات بدون طيار MQ-9 من صنع شركة General Atomics هو الأول منذ أن مضت إدارة الرئيس دونالد ترامب قدماً في خطتها لبيع المزيد من الطائرات بدون طيار إلى المزيد من البلدان، من خلال إعادة تفسير اتفاقية دولية للحد من الأسلحة تسمى نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ (MTCR).

كان الإخطار المسبق الآخر للكونغرس يوم الثلاثاء يتعلق بصواريخ هاربون الأرضية المضادة للسفن، والتي تصنعها شركة بوينغ، لتكون بمثابة صواريخ كروز للدفاع الساحلي. وقال أحد المصادر إن قرابة 100 صاروخ كروز التي تم إخطار الكونغرس بها ستكلف حوالي ملياري دولار.

يحق للجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي ولجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مراجعة ومنع مبيعات الأسلحة بموجب عملية مراجعة غير رسمية قبل أن ترسل وزارة الخارجية إخطارها الرسمي إلى السلطة التشريعية.

وليس من المتوقع أن يعترض المشرعون الأمريكيون على مبيعات السلاح، وهم بشكل عام قلقون مما يعتبرونه عدواناً صينياً ومؤيدون لتايوان.

وقالت المصادر الأمريكية المطلعة على الوضع -دون الكشف عن هويتها- إن قادة اللجان أُبلغوا بأن مبيعات الأسلحة المخطط لها تمت الموافقة عليها من قبل وزارة الخارجية الأمريكية التي تشرف على المبيعات العسكرية الخارجية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لرويترز: “كسياسة عامة، لا تؤكد الولايات المتحدة الصفقات الدفاعية المقترحة أو عمليات النقل، ولا تعلق عليها، قبل إخطار الكونغرس رسمياً بها”.

وذكرت وكالة رويترز يوم الإثنين أنه تم بالفعل إرسال إخطارات غير رسمية إلى الكونغرس بخصوص قاذفة صواريخ قائمة على شاحنات تُعرف باسم نظام صاروخ المدفعية عالي الحركة (HIMARS)، وصواريخ جو – أرض بعيدة المدى تسمى SLAM-ER، وتقنيات استشعار خارجي لطائرات F-16 التي تسمح بنقل الصور والبيانات في الوقت الفعلي من الطائرة إلى المحطات الأرضية.

من المرجح أن تثير الخطوة، التي تأتي قبل وقت قليل من الانتخابات الأمريكية، غضب الصين التي تعتبر تايوان مقاطعة منشقة وتتعهد بإعادة توحيدها مع البر الرئيسي بالقوة إذا لزم الأمر.

وبنبرة تهديد وغضب، أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الإثنين تشاو ليجيان بياناً، قال فيه إن مبيعات السلاح الأمريكية لتايوان تمسّ سيادة الصين وتلحق الضرر الشديد بمصالحها الأمنية، وإن بلاده تحث واشنطن على الاعتراف صراحة بالضرر الذي تتسبب فيه مبيعات السلاح، وإلغائها. مضيفاً أن “الصين ستتخذ رداً شرعياً وضرورياً وفقاً لكيفية تطور الوضع”.

وتعتبر الصين تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي جزءاً من أراضيها ولا تستبعد استخدام القوة للسيطرة على الجزيرة. لكن الولايات المتحدة تعتبر تايوان حليفاً وموقعاً هاماً يحظى بالديمقراطية، ويجب تزويدها بوسائل الدفاع عن نفسها.

والسبت الماضي، قال رئيس تايوان تساي إنغ إن الحكومة ستواصل تحديث القدرات الدفاعية للجزيرة وتعزيز قدرتها على الحرب غير المتكافئة، وإنها “ستتعامل مع التوسع العسكري والاستفزاز من الجانب الآخر من مضيق تايوان”. وتعمل تايوان على تصميم الحرب غير المتكافئة لجعل أي هجوم صيني صعباً ومكلفاً، على سبيل المثال، باستخدام الألغام الذكية والصواريخ المحمولة.

تعمل بكين على تصعيد الضغط على تايوان منذ انتخاب تساي لأول مرة في عام 2016، لكنها كثفت أنشطتها منذ إعادة انتخابه في يناير/كانون الثاني الماضي.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية الأسبوع الماضي، إن الجيش التايواني أطلق حتى الآن في عام 2020 طائرات لاعتراض الطائرات الصينية، أكثر من ضعف معدل العام الماضي بأكمله. وفي تقرير إلى البرلمان، قالت وزارة الدفاع التايوانية إن القوات الجوية نفذت طلعات 4132 مرة حتى الآن هذا العام، بزيادة 129% مقارنة بعام 2019 بأكمله.

وفي ذروة تصاعد هذه الأزمة، حذر مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة  روبرت أوبراين الأسبوع الماضي، الصين، من أي محاولة لاستعادة تايوان بالقوة، قائلاً إن عمليات الإنزال البرمائية صعبة للغاية كما لا يمكن توقع رد الولايات المتحدة.

وأشار أوبراين في مؤتمر بجامعة نيفادا في لاس فيغاس، الأربعاء الماضي، إلى أن الصين تعكف على حشد قوات عسكرية بحرية ضخمة بشكل ربما لم يحدث منذ محاولة ألمانيا منافسة البحرية البريطانية قبل الحرب العالمية الأولى.

وأضاف المستشار الأمريكي: “يستهدف ذلك في جانب منه منحهم القدرة على دفعنا للخروج من غرب المحيط الهادي والسماح لهم بتنفيذ إنزال برمائي في تايوان.. المشكلة في ذلك هي أن عمليات الإنزال البرمائية صعبة للغاية”، مشيراً إلى مسافة 160 كيلومتراً بين الصين وتايوان وقلة الشواطئ الصالحة للإنزال على الجزيرة.

وأضاف في معرض ردّه على سؤال عن الخيارات الأمريكية إذا تحركت الصين لمحاولة السيطرة على تايوان: “إنها ليست مهمة سهلة، وهناك أيضاً الكثير من الغموض بشأن ما ستفعله الولايات المتحدة رداً على هجوم تشنه الصين على تايوان”.

وكان أوبراين يشير إلى سياسة أمريكية طويلة الأمد تقوم على “الغموض الاستراتيجي”، لكن الولايات المتحدة ملزمة قانوناً بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها، لكنها لم توضح ما إذا كانت ستتدخل عسكرياً في حالة وقوع هجوم صيني، وهو أمر من المرجح أن يؤدي إلى صراع أوسع بكثير مع بكين.

في يناير/كانون الثاني العام الماضي، وفي خطاب له بمناسبة “الذكرى الأربعين لبيان سياسي بشأن تايوان”، حذر الرئيس الصيني شي جين بينغ تايوان من أن بلاده لن تتخلى عن خيار استخدام القوة العسكرية لإعادة بسط سيادتها على الجزيرة التي حكمها نظام مناهض لبكين منذ انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949.

وقال جين بينغ “إن إعادة الوحدة يجب أن تجري في إطار مبدأ الصين الواحدة الذي يقر بأن تايوان جزء من الصين”، الأمر الذي رفضه أنصار استقلال تايوان.

وهدد وزير الدفاع الصيني في من ديسمبر/كانون الأول الماضي بأن “الجيش سيتحرك مهما كان الثمن لإحباط المحاولات لفصل جزيرة تايوان” التي تتمتع بحكم ذاتي وتقول بكين إنها جزءاً لا يتجزأ من الصين.

وازداد التوتر بين تايوان والصين بعد أن فرضت الولايات المتحدة، الداعمة لتايوان، عقوبات على الجيش الصيني في العام الماضي، إلى جانب الحرب التجارية بين البلدين وتعزيز تايوان والصين المتزايد لوضعيهما العسكري في بحر الصين الجنوبي.

وبعيد هذه التوترات أرسلت الولايات المتحدة سفينتين حربيتين عبر مضيق تايوان في ثاني عملية من نوعها العام الماضي.

وكثفت بكين العام الماضي من الضغوط العسكرية والدبلوماسية، ونفذت تدريبات جوية وبحرية حول الجزيرة، وأقنعت بعض الأقاليم التي تدعم تايوان بالتوقف عن ذلك.

تتمتع تايوان بحكم ذاتي على الرغم من أن بكين تعدها إقليماً متمرداً على سلطة جمهورية الصين الشعبية الكبرى و”لا يجب أن تتمتع بأي نوع من الاستقلال”. أما تايوان فترى أنها الأحق بحكم كل من تايوان وجمهورية الصين الشعبية. وكان الرئيس الصيني قد قال في خطاب سابق له إن “الطرفين -في إشارة إلى الصين وتايوان- يمثلان جزءاً من العائلة الصينية”، وإن مطالب استقلال تايوان كانت تياراً معاكساً للتاريخ لا مستقبل أمامه”.

وتقع تايوان في شرق آسيا، وتشكل جزيرة تايوان 99% من أراضيها، وكانت قبل عام 1949 جزءاً من دولة الصين الشعبية الكبرى. وكانت تايوان (الاسم الرسمي لها جمهورية الصين الوطنية) تابعة للصين الشعبية حتى عام 1859، ثم خضعت لسيطرة اليابان وفقاً لمعاهدة “سيمونسكي”، ولكن عادت للسيطرة الصينية بعد هزيمة اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1945.

وعندما زاد نفوذ الشيوعيين في الصين في خمسينيات القرن الماضي، انسحب جزء من الجيش الصيني بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى تايوان، وفرضت الصين سيطرتها عليها ثانية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى