كتاب وادباء

بين رقى الملكية ومسخرة العسكرية

بقلم الكاتب والمحلل السياسى والقانونى

حاتم غريب k

حاتم غريب

——————————–

جيلنا والاجيال اللاحقة عليه تمنت كثيرا ان تعاصر الحقبة الملكية فى مصر بعد ان ترائى لها الفرق الشاسع بينها وبين الحقبة المعاصرة وعلى جميع الاصعدة فقد كانت تلك الحقبة زاخرة بأعلام فى مجالات الفكر والفن والادب والشعر والثقافة بوجه عام اضافة الى العلم والاقتصاد والطب والهندسة والعلوم كانت مصر وقتذاك تمثل درة الدول العربية والشرق الاوسط بلا منازع بتخطيطها المعمارى من بيوت وعمران ونظافة واقتصادها الذى كان ربما يفوق اقتصاد بعض الدول الاوروبية وقتها ولاادل على ذلك من انها كانت دائنة لبريطانيا العظمى وكذا مفكريها وادبائها وفنانيها بصالونتهم الراقية التى كانوا يعقدونها من وقت لاخر فهذا صالون للديبة مى زيادة وذاك للعقاد والشعراء الذين أطلقوا على انفسهم وقتها جماعة او مدرسة ابوللو التى اسسها الشاعر الكبير احمد ذكى ابو شادى وكان من روادها ابراهيم ناجى وعلى محمود طه صاحب قصيدة الجندول وكان هناك ايضا طه حسين وامير الشعراء احمد بك شوقى وشاعر النيل حافظ ابراهيم وغيرهم كثر اثروا الحياة الثقافية بمصر وفى مجال العلم كان هناك على ابراهيم مشرفة وسميرة موسى واللذان بدءا ترسيخ اقدامهما للدخول فى مجال اكتشاف الذرة والاستفادة منها.

الملك

كان كل شىء فى مصر وقتها يسير بهدوء وبخطوات ثابته واثقة من شعب وقتها يختلف كل الاختلاف عن شعب اليوم حيث كان يتميز وقتها بحب العلم ويتمع بقدر كبير من الاخلاق والسلوكيات الحسنة التى نفتقدها فى شعب اليوم وماساعد على ذلك من حب للعلم والاخلاق هو كثرة مايسمى وقتها بالكتاتيب التى كانت تحفظ القران الكريم وتدرس علومه وكان وقتها الازهر الشريف يساهم بقدر كبير فى نشر العلوم القرانية لذلك خرجت اجيالا ارتقت بمصر وجعلتها فى مصاف الدول الجديرة بالاحترام على المستوى الاقليمى والدولى رغم انها وقتها كانت تحت الاحتلال البريطانى الا ان الشعب وقتها لم يتخلى عن عاداته وتقاليدة وقيمه ومبادئه النابعة من دينه خاصة الاسلام الذى يدين به غالبية الشعب.

لن اتحدث هنا او أتطرق للجانب الاقتصادى فقد قتل بحثا من كتاب متخصصين ولكن مايعنينى هنا هو الجانب الثقافى فى حياة المصريين وقتها ومنه مجال الفن سواء الغنائى او السينمائى والاعمال الدرامية التى كانت تقدم و تعرض وقتها على الشاشة الفضية كان يميزها دائما الحفاظ على العادات والتقاليد المجتمعية الاصيلة دون اسفاف او خروج عن القيم والاخلاق بل ان منها احيانا ماتعرض للجوانب السلبية فى حياتنا ووضع لها الحلول من خلال كتاب متميزون كانوا يتمتعون بقدر كبير من القيم الاخلاقية والدينية فى كتاباتهم ولاننسى كذلك الشعراء الذين كانوا يكتبون القصائد الشعرية والزجلية والاغانى العامية التى تغنى بها وقتها عبد الوهاب وام كلثوم ومن قبلهم عبده الحامولى وغيرهم كثر لااستطيع ذكرهم الان لكن كان وقتها كل شىء له معنى فى تلك الاغانى الكلمات واللحن وصوت المطرب الذى يتغنى بها…..هكذا كانت مصر.

ثم تأتى بعد ذلك حقبة مازلنا نعيش فيها هى حقبة من أسوأ مامر على الشعب المصرى طوال عقود مضت حقبة اهدرت القيم والمبادىء والاخلاق والدين ونشرت بديلا عنهم الرزيلة والفحش والفساد والافساد والاستبداد والظلم والقهر والاستعباد انها حقبة العسكر الذين اساؤا الى مصر وجعلوها فى مؤخرة الامم هدموا كل شىء تم بناءه فى حقبة الملكية هدموا العقل المصرى بل هدموا الانسان ذاته الذى تم بناءه على اسس سليمة اخلاقيا وعلميا ودينيا وثقافيا وجعلوا منه مجرد هيكل عظمى لاحياة فيه ولاروح قتلوا واغتالوا كل ماهو جميل فى حياتنا ونهبوا ثرواتنا واعادونا الى حقب ماقبل التاريخ فلاهم اسسوا لدولة متحضرة تواكب العصور التى تمر عليها ولاهم اهتموا بحماية الوطن والحفاظ على اراضيه وثرواته بل اضاعوا كل شىء بروعنتهم وفسادهم وجهلهم ففشلوا فى كل شىء ولم يحققوا شىء يذكر لهم فما صنعوا الا اوهاما وأضغاث احلام عاش عليها المصريين طوال ستين سنة مضت دون فائدة او جدوى.

وفى سياق اغتيالهم للعقل المصرى اهملوا مراكز البحث العلمى والمراكز الثقافية والدينية خوفا على سلطانهم فكانت النتيجة الحتمية لذلك نشر الافكار المتطرفة والثقافة المتدنية سواء فى مجال السينما والتليفزيون والمسرح والاغانى فاصطنعوا سلوكيات دنيئة انتشرت كالسوس فى المجتمع تنخر فيه نخرا فكانت الافلام الهابطة التى تدعو للرزيلة وتروج لها والاغانى التى لامعنى لها كلمات او لحن او صوت سوى الاغانى التى كانت تسبح بحمدهم ولا ادل كذلك ان يخرج فى عهدهم من يغنى للحمار كل ذلك ساهم فى اخراج جيل هش ضعيف منعدم الذوق والاخلاق والقيم والمبادىء والعلم التى تربى عليها ابائهم من قبل ……سقطوا فاسقطوا مصر معهم وسقطت بهم والان هى تغرق او تكاد توشك على الغرق فهل من منقذ

………..

حاتم غريب

  •  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى