آخر الأخباراقتصاد

تحية لدبلوماسية الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد لتحركها السريع ضد الوجود الإسرائيلي.

تحية للرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون

بقلم رئيس التحرير

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

على حين غرة، أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي في تموز 2021 قبول الكيان الصهيوني بصفة مراقب في الاتحاد.

على الفور تحركت الدبلوماسية الجزائرية لتطويق ذلك التغلغل رغم أن دولا عربية طبعت حديثا ساندت الاحتلال.

كانت الدبلوماسية المصرية نائمة، وهي التي من المفروض أن تتحمل العبئ الأكبر في مقاومة تغلغل الكيان في القارة السمراء، لكن يحسب لها أنها ساندت الجزائر لاحقا.

كما ساعدت الدبلوماسية الجزائرية بإيقاظ الجامعة العربية التي ساندت هي الأخرى الجزائر، ووقفت مصر وليبيا وتونس وموريتانيا وجيبوتي معها فيما وقّعت الأردن والكويت وقطر وفلسطين واليمن، على وثيقة ترفض قرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

لكن الدعم والمساندة الكبرى فقد تلقتها الجزائر من دولة جنوب أفريقيا.

لكن ورغم تجاوز قرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي لصلاحياته، إلا أنه أشر إلى مدى تغلغل الكيان الصهيوني في القارة الأفريقية، حيث لم تستطع المحاولات الأولى للجزائر وجنوب أفريقيا إثناء فكي عن قراره.

جعلت الدبلوماسية الجزائرية هذه القضية محور جهدها، وسخرت الدولة الجزائرية كل إمكانياتها السياسية والدبلوماسية في هذه المعركة، إلى أن وصلنا إلى القمة الأفريقية التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس الأحد، وكانت قضية الكيان في صلب جدول الأعمال.

استطاعت الجزائر انتزاع قرار بتعليق أو تجميد قرار رئيس مفوضية الاتحاد، وهي التي كانت تسعى لإلغاء القرار تماما، لكن أنصار الكيان الصهيوني حالوا مؤقتا دون ذلك، وخروجا للخلاف فقد عهد الأمر إلى لجنة من 7 رؤساء دول، بينهم رئيس الجزائر عبد المجيد تبون ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، لبحث مسألة انضمام الكيان الصهيوني إلى الاتحاد بصفة مراقب.

لن تتوانى الدبلوماسية الجزائرية في خوض المعركة حتى النهاية، ولا أظن أنها ستتنازل عن موقفها الحازم والصارم، ونتمنى أن يستمر الدعم العربي لها.

مخاوف الرئيس تبون من تقسيم القارة السمراء

وكانت وزارة خارجية دولة الاحتلال أعلنت في 22 يوليو/ تموز الماضي، أن سفيرها لدى إثيوبيا، أدماسو الالي، قدم أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الأفريقي، بعد قرار اتخذه رئيس المفوضية موسى فقي بدون مشاورة أعضاء الاتحاد.

وفي 25 من نفس الشهر، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، رفضها قبول إسرائيل كمراقب جديد بالاتحاد، مؤكدة أن القرار “اتخذ دون مشاورات”، وعلى إثره أبلغت 7 دول عربية وأفريقية إلى جانب الجامعة العربية في رسالة وجهت إلى الاتحاد الأفريقي عن اعتراضها على خطوة فقي.

غير أن خطوة منح صفة مراقب للكيان الصهيوني، أفرزت تكتلات داخل أروقة الاتحاد الأفريقي بين دول، تمثل الأغلبية، ترفض انضمام إسرائيل، وأخرى تدافع عن عضويتها، وهو ما أثار المخاوف من انقسامات خطيرة، وفق ما عبر عنه رئيس الدبلوماسية الجزائرية خلال اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي الأخير بقوله “إن وزراء الأغلبية الحالية أدركوا أن الأزمة المؤسسية التي نجمت عن القرار غير المسؤول لموسى فقي تنزع إلى جعل تقسيم القارة أمرا لا رجعة فيه”. وأوضح أن “وزراء الخارجية وافقوا على طرح السؤال على قمة رؤساء دول الاتحاد الأفريقي المقرر عقدها في فبراير المقبل ويحدونا الأمل أن يكون مؤتمر القمة بمثابة بداية صحية لأفريقيا جديرة بتاريخها وألا تؤدي إلى كسر لا يمكن جبره”.

وتطرح تساؤلات حول قدرة القمة الأفريقية المقبلة على الفصل نهائيا في هذا الملف دون المساس بوحدة عمل المنظمة الأفريقية. كما تطرح تساؤلات حول قدرة الدول التي تقود مبادرة طرد الكيان، وعلى رأسها الجزائر، من بلوغ هدفها، أمام وجود دول تدافع عن مصالح إسرائيل داخل الاتحاد الأفريقي.

ما وراء إستهداف الجزائر

الجزائر اليوم هي من الدول العربية القليلة، التي وضعت نفسها في موقع خارج نطاق النفوذ الإسرائيلي (كانت هناك اتصالات بداية القرن، لكنّها سرعان ما توقّفت). وهذا الموقع في حد ذاته مصدر قلق للدولة العبرية، التي حقّقت نجاحا عربيا فاق كل توقّعاتها، فهي لم تستطع فقط تحييد الدول العربية عن الصراع، بل أقامت تحالفات معها جعلت هذه الدول أقرب إليها منها إلى فلسطين. ليس فقط أن الجزائر ترفض الانضواء تحت مظلّة التطبيع العلني، ولا تمارس التطبيع المخفي، بل هي تواجه إسرائيل

الجزائر اليوم هي من الدول العربية القليلة، التي وضعت نفسها في موقع خارج نطاق النفوذ الإسرائيلي (كانت هناك اتصالات بداية القرن، لكنّها سرعان ما توقّفت). وهذا الموقع في حد ذاته مصدر قلق للدولة العبرية، التي حقّقت نجاحا عربيا فاق كل توقّعاتها، فهي لم تستطع فقط تحييد الدول العربية عن الصراع، بل أقامت تحالفات معها جعلت هذه الدول أقرب إليها منها إلى فلسطين. ليس فقط أن الجزائر ترفض الانضواء تحت مظلّة التطبيع العلني، ولا تمارس التطبيع المخفي، بل هي تواجه إسرائيل

بثلاثة أسئلة كبرى:

السؤال الأول: هو وقوف الجزائر العنيد ضد انضمام إسرائيل إلى منظمة الوحدة الافريقية، وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد قد هاجم الجزائر بسبب مساعيها لإبعاد إسرائيل عن الاتحاد الافريقي. وقد استطاعت الجزائر، حتى الآن، إقناع 13 دولة افريقية بالوقوف ضد منح إسرائيل صفة تمثيلية رسمية في منظمة الوحدة الافريقية، وهذه الدول هي: جنوب افريقيا وتونس وإريتريا والسنغال وتنزانيا والنيجر والكاميرون وغابون ونيجيريا وزمبابوي وليبريا ومالي وسيشل. والواضح أن غالبية الدول العربية الافريقية ليست ضمن القائمة، حيث تغيب عنها مصر والسودان وليبيا والمغرب وموريتانيا، إضافة إلى جيبوتي والصومال. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الأهمية المتزايدة، التي توليها إسرائيل للعلاقات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية مع الدول الافريقية، يمكن تقدير حجم وشدّة العداء الإسرائيلي للسياسة الجزائرية.

إسرائيل استشعرت خطرا مستقبليا بأن تقوم الجزائر عربيا بما تقوم به افريقياً، بالتصدّي للتغلغل الإسرائيلي في الوطن العربي

السؤال الثاني، هو الادّعاء بأن للجزائر ارتباطا قويا واستراتيجيا مع إيران، لذا ترفض الدخول في تحالفات إقليمية ضدها. هنا يجب أنّ نفرّق بين حقيقة ما تعرفه إسرائيل عن هذه العلاقة، وما تدّعيه من مبالغات، تهدف إلى استغلال التوتّر بين الجزائر والمغرب، لتأليب الأخيرة ضد إيران وتثبيتها كعضو فعّال في التحالف المعادي لإيران. إسرائيل تقوم بالتجسّس على الجزائر بشكل مباشر وعبر المشاركة في تفعيل منظومات التنصّت والرصد، إسرائيلية الصنع، وهي تعرف تماما طبيعة العلاقة الإيرانية ـ الجزائرية، وبأنّها لا تختلف جوهريا عن علاقات الجزائر مع تركيا وجنوب افريقيا ومصر، على سبيل المثال.
السؤال الثالث، هو الدعم الكامل للقضية الفلسطينية، ورفض أي حديث عن تطبيع قبل حل القضية الفلسطينية حلا عادلا. فموقف الجزائر هو من بقايا الموقف العربي التاريخي المعادي للعدوان الإسرائيلي، وهي الدولة العربية المستقرّة الوحيدة، التي لا تمارس التطبيع العلني ولا التطبيع السرّي، ولا تقف بالدور للانضمام إلى الركب الإسرائيلي. الخريطة السياسية العربية، في علاقة بالشأن الفلسطيني، تتشكّل من دول فاشلة ومنهارة لا سياسة لها، ودول تطبيع علني، ودول تطبيع سرّي، إضافة إلى دول وعدت إسرائيل بإنشاء علاقة معها، كما يردّد مسؤولون إسرائيليون ليل نهار “هناك دول أخرى على الطريق”. لو ضمنت إسرائيل أن تبقى الجزائر لوحدها في الموقف العربي التقليدي، لما همّها الأمر كثيرا، لكنّها استشعرت خطرا مستقبليا بأن تقوم الجزائر عربيا بما تقوم به افريقياً، وتقوم بالتصدّي للتغلغل الإسرائيلي في الوطن العربي. ومع كل هذا فإنّ إسرائيل ليست معنية بالدخول في صدام مع الجزائر، ولا تعتبر مواجهتها ضمن أولوياتها، لكنّها مستعدّة للقيام بالكثير ضدّها في سبيل تثبيت تعميق تحالفها مع المغرب، وتثبيت أقدامها في المغرب العربي عموما.

هجمة إسرائيلية في افريقيا وإسرائيل تستغل المملكة المغربية للجانب الإسرائيلى

قد يبدو التطبيع المغربي مع إسرائيل انسلاخا عن الأمة العربية، فالمغرب ينضم إلى الركب العربي الجديد السائر نحو تل أبيب، وهو بهذا يركب الموجة القائمة فعلا، وما يسمعه من دول عربية أخرى هو دعم وليس تنديدا. من هنا الجرأة على رفع مستوى العلاقة العلنية مع إسرائيل، التي تستغل ذلك لتحقيق مآرب في المغرب نفسه وعلى المستوى العربي والافريقي. تسعى إسرائيل في السنوات الأخيرة إلى توسيع علاقاتها ووجودها في الدول الافريقية، وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، بسلسلة من الزيارات في افريقيا، أسفرت عن قفزة في العلاقات الإسرائيلية الافريقية، وأدّت إلى زيادة كبيرة في الصادرات العسكرية ووصلت إلى القرار بضم إسرائيل كعضو مراقب في منظمة الوحدة الافريقية مع مسعى إلى رفع مستوى التمثيل. ويعتقد مهندسو استراتيجية إسرائيل الافريقية، أنّ المغرب هو مكان ثابت تقف فيه إسرائيل لتحرّك “العالم الافريقي”، كما تريد وبقدر ما تستطيع ممّا تريد. في مقال نشر مؤخّرا، قدّر الخبير الأمني الإسرائيلي داني سترينوفيتش، أن افريقيا ستكون حلبة الصراع المقبلة بين إسرائيل وإيران. وبنى تقديره، الذي في ما يبدو لم يخترعه بل سمعه من مسؤولين، على ما وصفه بالتغيير في السياسة الخارجية الإيرانية بعد انتخاب رئيسي باتجاه الاستثمار في التمدد في الشرق الأوسط وافريقيا. ودعا إلى التصدّي لما سماه أذرع إيران وحزب الله في افريقيا، واعتبرها مصدرا للقلق الأمني من جهة، وقناة لتمويل منظمات معادية لإسرائيل في مقدمتها حزب الله اللبناني من جهة أخرى.

الملك محمد السادس ملك المغرب “أمير المؤمنين”

مظاهرات شعب المغرب العظيم ضد التطبيع مع الكيان الصهيونى

يعتقد ملك المغرب ” المسمى بأمير المؤمنين أنه يستغل إسرائيل لتحقيق ما يعتقد أنه مصالحه في الصحراء الغربية والمواجهة مع الجزائر والعلاقة مع الولايات المتحدة وتطوير قدراته العسكرية والمخابراتية. ولكن لو وضعنا كل هذا، على علّاته، في الميزان فهو أقل بكثير مما تجنيه إسرائيل استراتيجيا، في الحصول على أهم إنجاز وهو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، والإبقاء على الإطار الضيّق للصراع مع الشعب الفلسطيني. إضافة إلى الغنائم الاستراتيجية المتمثّلة في تفكيك المنظومة العربية وإخضاع المغرب لمنطق الصراع مع إيران واستغلال أرضه منطلقا للنبش في الدول الافريقية المختلفة.
يقول المغرب بأنّه يسعى للمصالحة مع الجزائر، ومن المؤكّد أنّه يريد ذلك بشروطه، فعليه أن يعي أن الحلف العسكري مع إسرائيل هو سير بالاتجاه المعاكس. إسرائيل تحشر أنفها في الخلافات والصراعات العربية لبناء التطبيع، ومن مصلحتها تأجيج هذه الصراعات. ومن يريد حلّا للأزمة بين المغرب والجزائر عليه أن يبتعد عن إسرائيل.

جنوب أفريقيا تتصدَّى لإسرائيل والمغرب أكبر الداعمين

المفارقة التي تبرز عند النظر إلى الاختراق الذي تحاول إسرائيل إتمامه للساحة الأفريقية، هي أن هناك دولًا غير عربية تضغط ضد انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الأفريقي، وفي مقدِّمتها جنوب أفريقيا؛ التي وضَّحت وزيرة التعاون فيها، ناليدي باندور، أسباب اعتراض بلادها على حصول إسرائيل على مقعد في الاتحاد الأفريقي بأنه «قرار غير عادلٍ وغير مبرَّرٍ، وبدون أي استشارة للدول الأعضاء، ويتعارض مع ميثاق الاتحاد الأفريقي، خصوصًا فيما يتعلَّق بحقِّ تقرير المصير وإزالة الاستعمار، فالعالم يستمرُّ في رؤية مشاهد فظيعة للعنف والمأساة المطبَّقة ضد الفلسطينيين، الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلَّة».

فضيحة المملكة المغربية

إن المغرب، وعكس باقي الدول العربية الأفريقية، يضغط لدعم المساعي الإسرائيلية في دخول الاتحاد الأفريقي، وإن لم يكن بصورة علنيَّة؛ إلا أن صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أشارت إلى أن أكبر الداعمين لهذه المساعي الإسرائيلية هما المغرب ورواندا.

وقد شهدت السنة الماضية تعمُّقًا في العلاقات الإسرائيلية المغربية، خصوصًا وأنها شهدت زيارة نادرة لوزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، إلى المغرب في يوليو (تموز) 2021، بالإضافة إلى زيارة وزير الدفاع بيني جانتس للمغرب 25 أكتوبر 2021، وتوقيعه اتفاقية أمنية مع المغرب، ناهيك عن شروع المغرب وإسرائيل في التعاون في ميدان الصناعات العسكرية من خلال إنشاء مصنع للطائرات المسيَّرة في المغرب، وتزويد المغرب بالتكنولوجيا الإسرائيلية في القطاع العسكري.

وتتهم الجزائر المغرب بدعم حركات معارضة وانفصاليَّة، هُما حركتا «رشاد» المعارضة وحركة «الماك» الانفصالية، كما أن تقارير صحفية قد كشفت استخدام المغرب برمجيَّة «بيجاسوس» الإسرائيلية من أجل التجسُّس على قادة كبار في النظام والجيش الجزائري، وفي المقابل تدعم الجزائر «جبهة البوليساريو» المطالبة باستقلال إقليم «الصحراء الغربية» المتنازع عليه مع المغرب.

وقد صرَّح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، في سياق حديثه عن جهود بلاده لمنع إسرائيل من الحصول على مقعد في الاتحاد الأفريقي، بأن المغرب هو الذي يقود الجهود الأفريقية من أجل إدخال إسرائيل إلى الاتحاد الأفريقي.

ويحتاج قرار انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الأفريقي خلال اجتماع الجمعية العادية للاتحاد الأفريقي السبت المقبل لموافقة ثُلثي أعضاء الاتحاد البالغ عددهم 55 دولة، أي موافقة 36 دولة على الأقل على انضمامها.

وفي هذا الصدد قال بعض المحلِّلين إن 26 دولة أفريقية على الأقل سترفض انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الأفريقي بفضل جهود كلٍّ من جنوب أفريقيا والجزائر، وهو ما قد يُفشل الجهود الإسرائيلية، لكن طبيعة التصويت العلني، قد تجعل الكثير من الدول تمتنع عن دعم الموقف الإسرائيلي بصورة صريحة وعلنية تجنّبًا لردَّة فعل الرأي العام، وهو ما لن يصب في صالح الإسرائيليين.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى