آخر الأخبار

تدعم تحقُّق مناعة القطيع.. علماء: “الخلايا التائية” هي الحلقة المفقودة في المناعة ضد الفيروس

يتوالى ظهور الأدلة على أن الخلايا التائية، يمكنها “تذكُّر” الإصابة السابقة وقتل مسببات الأمراض إذا عاودت الظهور، ولها تأثير كبير على مدة استمرار مقاومة المرضى لكوفيد-19 إذا أصيبوا به مرة أخرى.

يبدو أن هذه الخلايا، التي تفوق الأجسام المضادة الضئيلة حجماً وتعقيداً، تؤثر أيضاً على مدى فعالية اللقاحات وحتى مستوى المناعة المطلوب في المجتمع للتصدي لموجات جديدة من المرض.

تقول مالا مايني، أستاذة علم المناعة الفيروسية بجامعة كوليدج لندن حسب تقرير صحيفة Financial Times البريطانية: “تبدو الأجسام المضادة غير مستقرة قليلاً وسرعان ما تزول من الدم، في حين توجد أدلة كثيرة على أن الخلايا التائية تدوم لفترة طويلة”.

لا تزال أجساد الأشخاص الذين تعافوا من سارس، المرض الأكثر شبهاً بكوفيد-19، عام 2003 تُظهر مناعة خلوية لفيروس كورونا المستجد بعد 17 عاماً.

تنشأ المناعة لأي مرض من تفاعل معقد بين خلايا وبروتينات مختلفة مثل الأجسام المضادة، التي تُفرَز في أنسجة بشرية مختلفة. ووظيفة بعضها التعرف على الجراثيم الدخيلة، ويتولى البعض الآخر مهمة تدميرها.

 الخلايا التائية تأتي بعدة أنواع مختلفة، منها الخلايا التائية القاتلة والخلايا التائية المعاونة والخلايا التائية الذاكرة. ثم هناك الخلايا البائية، وهي فئة أساسية أخرى من خلايا الدم البيضاء. ومن بين الأدوار الأخرى التي تؤديها الخلايا البائية هي أنها مصانع الأجسام المضادة في الجهاز المناعي.

آل إدواردز، الأستاذ المساعد في كلية الصيدلة بجامعة ريدينغ يقدم مقارنة بين الخلايا التائية والأجسام المضادة. إذ يقول: “الخلايا التائية تذوق الفيروس لكن الأجسام المضادة تشعر به. وبإمكان الخلايا التائية تعزيز استجابات الأجسام المضادة وبإمكان استجابات الأجسام المضادة تعزيز استجابة الخلايا التائية. وهذان النظامان يعملان معاً”.

وتضيف البروفيسور مالا من جامعة كاليفورنيا: “في حال غياب أجسام مضادة نشطة يمكن اكتشافها، فهذا لا يعني بالضرورة أنك لا تملك مناعة وقائية، لأنه من المحتمل أن يكون لديك خلايا الذاكرة المناعية (الخلايا البائية والتائية) التي يمكنها التحرك سريعاً لإطلاق استجابة مناعية جديدة إذا أصبت بالفيروس مجدداً. ولذا قد تكون إصابتك أقل حدة”. 

 مع توالي ظهور البيانات من التجارب السريرية للقاحات كوفيد-19 المحتملة، سيكون مدى تحفيزها لمناعة الخلايا التائية محط اهتمام.

 أحد أسباب تركيز الانتباه على الأجسام المضادة هو أنه من الأسهل بكثير قياسها في الاختبارات التشخيصية مقارنة بالخلايا التائية، التي هي أكبر بحوالي 10 آلاف مرة. إلا أن المشكلة تكمن في أن الأجسام المضادة تتلاشى سريعاً في بعض الأحيان، خاصة لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بكوفيد-19 أو يُصابون بأعراض خفيفة، مما يجعلها مؤشراً لا يُعتَمد عليه على الإصابات السابقة.

من المستبعد أن تتوفر تقنية الاختبار الشامل لمناعة الخلايا التائية في المستقبل القريب. غير أن الدراسات المعملية الأولى للاستجابة المناعية الشاملة لفيروس Sars-Cov-2 الذي يسبب كوفيد-19، بدأت في تسجيل النتائج. وفحصت إحدى هذه الدراسات، التي نُشرت في مجلة Nature Medicine وتقودها جينيفر جونو في جامعة ملبورن، 41 أسترالياً يعانون من أعراض خفيفة إلى متوسطة.

قالت: “بين المجموعة، وجدنا.. مجموعة واسعة من استجابات الأجسام المضادة. بعضها مرتفع وبعضها منخفض، ولكن استجابة الأجسام المضادة القوية كانت مرتبطة بـ.. مجموعة فرعية من من الخلايا التائية التي كانت أكثر فعالية في المساعدة على تحسين استجابة الأجسام المضادة”.

تشير العديد من الدراسات إلى أن الخلايا التائية التي تنتجها فيروسات كورونا الأخرى -التي لا تسبب سوى مرض خفيف شبيه بالبرد- قد تتعرف أيضاً على فيروس Sars-Cov-2 وتوفر بعض الحماية من كوفيد-19.

هذه الظاهرة قد تساهم في ما دعاه بعض العلماء “المادة المظلمة المناعية”، التي يمكنها جعل مناعة القطيع لفيروس Sars-Cov-2 قابلة للتحقق مع معدل إصابة منخفض يصل إلى 20%، وليس مستوى 60% الذي كثيراً ما يُشار إليه. لكن هذه الفكرة مثيرة للجدل ويلزم التوصل للمزيد من الأدلة عليها قبل أن تحظى بقبول علمي واسع النطاق.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى