الأرشيفكتاب وادباء

تركيا هي العمق الستراتيجي للامن الحضاري الاسلامي فلا تخسروها ..!!

بقلم الإعلامية 
عايدة بن عمر 
عضو مؤسس فى
“منظمة اعلاميون حول العالم”
قد تكون من اهم الاخطاء التي يرتكبها اصحاب القرار من رجال السياسة  ومعهم الباحثين من رجال الفكر انهم يعالجون موضوعة تركيا استنادا الى رؤيا سياسية تنطلق من قواعد علم السياسة وومايتعلق به من مفردات الامن القومي.
اما انا فقد اسمح لنفسي ان اضيف بعدا آخر يتجاوز عناصر الامن القومي المتعارف عليه في علم السياسة فاقترح استخدام عبارة جديدة اطلق عليها (الأمن الحضاري) للامة الاسلامية،فهذه العبارة تساعد الباحث فورا على ادراك اهمية تركيا ليس كدولة ذات حدود وجغرافيا سياسية ولكن باعتبارها تمثل الهدف الاول الذي تناوشته سهام القوى الكبرى المعادية للاسلام على مدار قرنين من الزمان.
ولكن المؤسف ان البعض من الدول الاقليمية المتمثلة بمثلث ( مصر -السعودية – الامارات) جعلت من الصراع مع تركيا أولويتها القصوى طمعا بازاحة تركيا من المشهد الاقليمي وهم يتناسون حقائق التاريخ والجغرافيا التي تشير الى ان خروج تركيا من المعادلة سيترتب عليه كارثة اقرب الى التسونامي الذي يجعل الامة الاسلامية تصبح مكشوفة الظهر امام العدو .
ولكي لانبتعد كثيرا ونستغرق في التحليل الذي قد يعتبره البعض نوعا من الفنتازيا ،فاننا نستحضر ماقالته الصحف اليونانية التي خرجت علينا بعنوان واضح وصريح يختصر كل التحليلات حين قالت علنا (اوقفوا تركيا إذا أردتم أن لا ينهض المسلمون)،فقد اشارت صحيفة سيوسروس اليونانية الأسبوعية في عددها الصادر الأحد إنّ تركيا تقود دفة سفينة الإسلام المهترئة، و و هذه السفينة لازالت خطرة جدًا رغم انحطاطها ، لان الفكر الإسلامي ما زال متجذرًا في عقول المسلمين و هذا بحد ذاته خطر على الدول الغربية برمتها.

و أضافت الصحيفة:بينما تمكنت الدول الغربية من تنويم الشعوب المسلمة عبر السيطرة المطلقة على حكامها، ظهرت تركيا التي يقودها أردوغان كقوة إسلامية خارج سرب السيطرة، و حتى هذا اليوم تركيا تتجه إلى وضع أقوى ما ينذر بخطر عارم.
و رأت الصحيفة أنّ نهضة تركيا الإسلامية ستكون سببًا مباشرًا لتضرر المصالح الغربية في البقاع الإسلامية و خصوصًا في غرب آسيا و شمال إفريقيا.
و أردفت بالقول:نرى توجهًا كبيرًا من قبل المسلمين للذهاب إلى تركيا لأن ذلك يشعرهم بالقوة و الأمن و الفخر بسياسة قائدها اردوغان و كلما أتى مسلم إلى تركيا ازدادت قوتها و كلما ازدادت قوتها ازداد خطرها علينا كدول غربية فليس ثمن أكثر من الدين الإسلامي مما نخشاه.
و دعت الصحيفة الدول الغربية إلى عدم التهاون بتقدم تركيا العسكري و الاقتصادي، و حذّرت من السياسة التركية الصحيحة و المدروسة في المجال العسكري، مشيرة إلى سعي تركيا لل حصول على منظومتي الصوارخ إس-400 الروسية و باتريوت الأمريكية، حيث ستصبح بذلك الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك نظامين دفاعين مختلفين..
الغريب جدا ان ترى دولا عربية تتصدر مشهد الحرب على تركيا بذريعة الخلاف مع الاخوان المسلمين وتبرر تلك الدول وعلى راسها السعودية ومصر والامارات ،يبررون مواقفهم المناهضة لتركيا بموضوعة الخوف من الربيع العربي الذي قاد الاخوان المسلمين الى الحكم في بعض الدول،واستنادا الى ذلك يعتقد المحور الخليجي السعودي المصري ان اجهاض الدور التركي او ربما تفكيك تركيا -لاسمح الله- هم يعتقدون ان ذلك سيؤدي الى تجفيف منابع الخطر في عودة الربيع العربي الذي صار يؤرقهم ليل نهار،ولكن هذا المحور يتناسى حقيقة مركزية تتمثل في انهم انما يقدمون خدمة مجانية لليمين الاوربي المتطرف الذي جعل من العداء لتركيا عنوانا لمحاربة الاسلام.
ان الأمر الخطير الذي يغيب عن بال ساسة العرب اليوم وهم يناصبون تركيا العداء انهم لايستحضرون دروس الماضي القريب،فلم يستوعبوا درس العراق عندما جعلوا من عدائهم لصدام حسين سببا في  قيامهم بتسهيل الغزو الامريكي الذي انتهى بتسليم العراق وساهم في تفكيك الأمن القومي العربي،ولم يستوعبوا حقائق التاريخ : فقد كان موقف العرب من الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى ودعمهم للحلفاء عبر ماسمي بثورة الشريف حسين، هذا الموقف الذي كان يمثل جزءا من اسباب تفكيك الدولة العثمانية التي كان اهم نتائجها هو قيام دولة اسرائيل،واليوم وبعد مئة عام يعيد ال سعود والسيسي واولاد زايد في الامارات،يعيدون نفس السيناريو ليكون من اهم الاثار المترتبة على اضعاف تركيا هو قيام كيان كردي يمثل حليفا ستراتيجيا لاسرائيل في المنطقة .
واخيرا  اختتم هذه السطور فاقول :
اذا اراد حكام العرب وعلى راسهم ال سعود ،اذا ارادوا تجنب اثار الربيع العربي فعليهم معالجة الاسباب في داخل بلدانهم بمعنى اشاعة العدالة ومكافحة الفقر والفساد واتخاذ مواقف في السياسة الخارجية تجعلهم يستعيدون احترامهم وشرعيتهم امام شعوبهم وليس محاربة تركيا باعتبارها تمثل كابوسا يدلل على فشلهم فيتصرفون بطريقة السلوك المنحرف للطالب الفاشل الذي يتمنى ان يفشل جميع اقرانه ليتخلص من عقدة الفشل الذي تلاحقه ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى