لايف ستايل

تشعر بالقلق من “عودة الحياة”؟ لست وحدك، هناك تفسير لهذا الإحساس مع تخفيف تدابير الحجر

جائحة كورونا غيَّرت حياة معظمنا، واعترى القلق عدداً كبيراً منّا مع فرض الحجر الصحي والحظر للحدِّ من انتشار كوفيد-19. هذا القلق يبدو منطقياً ومتفهماً، لكن مع عزم دول عالمية وعربية تخفيف قيود الحظر باتت فكرة عودة الحياة إلى الشكل الطبيعي السابق تثير القلق، وهو ما قد يبدو غير مفهوم لبعضنا.

لهذا، استعان موقع PopSugar الأمريكي بأخصائيين نفسيين، لنكتشف ما هو “قلق عودة الحياة” بالضبط، وهل من الطبيعي أن نشعر بالخوف بسبب إنهاء الحظر، وكيف نتكيف مع الشعور بالقلق.

“قلق ما بعد الحظر حقيقي، قد تشعر بهدوء العاصفة، لكنك تدرك أن الخطر المجهول لا يزال قائماً”، هكذا وصفه دكتور بالو بيتشيا، أخصائي الطب النفسي والمستشار العلمي لشركة Cannaray.

وتتفق معه دكتورة إلينا توروني، أخصائية الطب النفسي والمشاركة في تأسيس عيادة The Chelsea Psychology Clinic في لندن، التي أضافت: “دخلنا مرحلة الحظر ونحن متفهمون أن ذلك كان لحمايتنا من الخطر. فكان الجميع يخبروننا لفترة طويلة أن خروجنا من المنزل غير آمن، لذلك من الطبيعي أن يشعر بعض الأشخاص بالقلق عندما تنتهي حالة الحظر، ويُسمح لنا بالخروج من منازلنا”. 

بعبارة أخرى، مع كل الإجراءات السابقة التي اتخذتها الدول ونصحت بها منظمة الصحة العالمية شعر عدد كبير منا أن منازلنا أصبحت بمثابة “الفقاعة الآمنة” خلال هذه المرحلة، لذلك من الطبيعي أن نشعر بالقلق والخطر والتهديد عندما نخرج منها.

التغيير القسري على الأرجح هو السبب الأساسي للشعور بقلق العودة للحياة، إذ تقول دكتورة توروني: “نحتاج لأن ندرك أننا بحاجة إلى بعض الوقت حتى نتجاوز الرسائل الكثيرة التي كانت تُرسل لنا على شاكلة ابقوا بالمنزل، وابقوا آمنين، لذا من المفهوم جداً أن يراودنا شعور بالقلق عند مغادرة المنزل”.

فيما أوضح دكتور بيتشيا أن الأشخاص يميلون عادة إلى الروتين والتخطيط، والجداول الزمنية المحددة، ولكن هذه الأمور لم تكن ببساطة جزءاً من حياتهم خلال جائحة كوفيد-19 الحالية. وقال: “غياب اليقين بشأن المستقبل، والخوف المجهول من الفيروس، والتغيير القسري لنمط الحياة الطبيعي تسبب في حالة هائلة من التوتر والشعور بعدم السيطرة، والقلق والتهديد المستمر”. 

ثم أوضح أن حالة الحظر ربما جلبت قدراً هائلاً من الراحة لمن كانوا يُجبرون على أداء العديد من الأنشطة المسببة للقلق كل يوم خارج منازلهم، ثم أصبح عدد منا أكثر ارتياحاً في هذا الوضع “الطبيعي الجديد”، لذلك فإن التفكير فيما بعد ذلك يعتبر مثيراً للقلق، لأنه سبب خوف إضافي أيضاً من الإصابة بالفيروس بمجرد تخفيف قيود الحظر ومغادرة المنازل.

“هذا العالم الذي فرضه الوباء أثار قلق ومخاوف حقيقية لنا جميعاً. لقد عظّم مخاوفنا الصحية وتسبب في حالة من القلق المالي والمادّي بشأن المستقبل، وتفاقمت أي مخاوف سابقة بشكل أكثر سوءاً. القلق نفسه هو شعور بالتهديد أو العرضة للأذى في هذا العالم، لذا من المفهوم أن يزداد كل هذا القلق بالنظر إلى ما يحدث”، قالت دكتورة توروني لتفسير شعور القلق.

لذلك عندما نتحدث عن قلق “العودة للحياة” فإن الرسائل المتضاربة من الحكومات قد تُسهم في هذا الشعور بالقلق، وتُولّد نوعاً من غياب الثقة في الحكومات له تأثير على هذا الشعور. 

إذ قالت: “يتعلق الأمر أيضاً بالطريقة التي ننظر بها إلى المسؤولين على المستوى الشخصي، سواء كنا نؤمن أنهم يتولون حمايتنا أم أننا لا نثق بهم. إذا كنا نميل إلى عدم الثقة بالمسؤولين فسوف نميل أكثر إلى الاعتقاد بإهمال الحكومات أو اتخاذها القرارات بناء على مصلحتها الذاتية”. كما أوضحت أنك إذا كنت تشعر بالحذر المتزايد من يوم لآخر، فإنك ستكون أكثر عرضة لمستويات عالية من القلق عند عودة الحياة في مرحلة ما بعد الحظر.

وفقاً للخبراء، من غير المرجح أن يشعر الأشخاص بقلق العودة للحياة إذا لم يعانوا من القلق أو الخوف خلال فترة الحظر من الأساس.

إذ لاحظت دكتورة توروني “أن الأشخاص الذين وجدوا الحظر صعباً للغاية لم يشعروا بأنهم بحاجة إليه من الأساس لكي يشعروا بالأمان. ولذلك لن يشعروا بالقلق عند التخلي عن التدابير والقيود المفروضة عليهم والعودة للحياة، بينما الأشخاص الذين وجدوا الحظر مريحاً هم من يشعرون الآن بقلق أكبر بسبب العودة إلى الحياة”. 

فيما قالت إن المجموعة الأخيرة هم نفس الأشخاص تقريباً الذين روّجوا لفكرة “الوضع الطبيعي الجديد”، ومن ركّزوا على اكتشاف وضع طبيعي جديد يشعرون فيه بالأمان. 

بينما الأشخاص الذين لم يشعروا بالقلق من البداية والذين لا يحتاجون بالضرورة إلى وضع طبيعي جديد، سوف يشعرون أكثر بالأسف، وليس القلق، بسبب عدم عودة الأمور إلى سابق عهدها.

يضع دكتور بيتشيا بعض الاستراتيجيات البسيطة للتعامل مع الشعور بقلق العودة للحياة، وهي كالتالي: 

عند مواجهة العودة إلى “العالم الواقعي”، تشجّع دكتورة توروني الجميع على إدراك الحقائق المتعلقة بمستويات انتشار عدوى كوفيد-19 الحالية في مجتمعاتهم. 

كما تقول: “نحتاج إلى تذكير أنفسنا بانخفاض أعداد المصابين بشكل كبير في أنحاء العالم، نحتاج إلى متابعة الإحصائيات واتباع نهج تناسبي يوضح مدى تهديد الفيروس لنا ولأصدقائنا وعائلاتنا بشكل واقعي دون مبالغة. يجب أن نظل على صلة بأهدافنا وقيمنا الحياتية. وتحديد كيف نريد أن نحيا حياتنا؟ وهل يمكننا رؤية مزايا وفوائد العودة للحياة؟ وماذا ستستفيد من التواصل مجدداً مع أصدقائك وعائلتك؟”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى