الأرشيفتقارير وملفات

تصاعد غضب الشعوب ضد مجازر بشار الأسد في حلب ومجلس الأمن والأمم المتحدة ليس لهم وجود

تصاعدت، خلال الساعات الأخيرة، التنديدات للشعوب العربية، بتكثيف النظام السوري وحلفائه لهجماتهم على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في محافظة حلب، شمالي البلاد؛ ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بينما استنكرت المعارضة السورية ما وصفته بـ«صمت» مجلس الأمن الدولي تجاه تصاعد هذه الهجمات الدموية التي عدتها محاولة من النظام لـ«الهروب» من الاستحقاقات التي تتعلق بالانتقال السياسي، وطالبت المجلس بالتدخل لوضع حد لها.

يأتي ذلك بينما بدأت تلوح في الأفق بعض التحركات الدولية للحد من مجازر النظام السوري وحلفائه؛ إذ تحدثت وكالات الأنباء، اليوم الجمعة، عن اتفاق روسي أمريكي، تم التوصل إليه، لتطبيق ما يعرف بـ«نظام الصمت»، على بعض المناطق في سوريا، وبينها حلب.

وتحدثت أنباء أخرى أن بعض الدول في مجلس الأمن تعمل، حاليا، على إعداد مشروع قرار، من أجل طرحه للتصويت على المجلس، ويتعلق بمواجهة الهجمات العسكرية التي تستهدف المستشفيات والمنشآت الطبية، كما حدث في حلب، أمس، ولا يقتصر المشروع على سوريا فقط، بل سيشمل أيضا اليمن وجنوب السودان.

وكانت قوات النظام السوري، وحلفاؤها، صعدت، خلال الأسبوع الجاري، من قصفها للأحياء الشرقية في حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وشمل ذلك قصف تعرض له، أمس، «مستشفي القدس» في المدينة، كان يمثل مركزا رئيسيا لعلاج الأطفال؛ ما أسفر مقتل  27 شخصا على الأقل، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ومقره لندن، لكن مسعفين قدروا العدد بأكثر من ذلك.

وقال «المرصد»، اليوم الجمعة، إن الغارات الجوية، التي شنها النظام السوري وحلفاؤه على مناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في مدينة حلب، خلال الأسبوع الجاري، أسفرت عن مقتل 131 مدنيا بينهم 21 طفلا.

ليس هناك اكثر من التنديدات والاستنكارات

تصعيد النظام لهجماته على حلب، وخاصة قصف «مستشفي القدس»، لاقى تنديدات واستنكارات واسعة من جهات دولية وعربية، بينها: «منظمة أطباء بلا حدود»، و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، و«البيت الأبيض»، والخارجية الأمريكية»، والمبعوث الأممي إلى سوريا، «سيتفان دي ميستورا»، الذي أعرب عن اعتقاده بأن القصف الذي تعرض لها المستشفى «كان متعمدا»، وفق ما صرح به لقناة «العربية» السعودية، أمس.

«ستيفن أوبراين»، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، انضم، كذلك، لقائمة المنددين، بالقصف الذي تعرض له «مستشفى القدس» في حلب، وقال في كلمة له أمام مجلس الأمن، أمس، إن «على جميع الأطراف المحلية والدولية العمل على استمرار تثبيت وقف الأعمال القتالية في سوريا»، حسب وكالة «الأناضول» للأنباء.

في السياق ذاته، استنكرت الأمانة العامة لـ«هيئة كبار العلماء» في السعودية  «بشدة المجزرة التي نفذها النظام السوري وحلفاؤه ، باستهداف مستشفى القدس بحلب، ما أودى بحياة العشرات بينهم أطفال وأطباء إضافة إلى الضربات الجوية المتواصلة التي أودت بحياة الكثير، وأصبحت حلب تعاني كارثة إنسانية في ظل موت للضمير العالمي يكتفي بالتنديد ويسهم في إطالة الأزمة».

وقالت في بيان أصدرته، اليوم الجمعة، إن «استهداف المستشفى الذي لم يكن الأول من نوعه ، جريمة متكاملة في أدواتها ووسائلها وخططها وتنفيذها، في حين أن العدالة الدولية لا تتخذ أي خطوة حقيقية لمحاسبة المجرم الذي يصدر العنف والإرهاب ويشرد الملايين من البشر إلى أنحاء العالم».

ودعت الأمانة العامة دول العالم الإسلامي إلى أن «تتبنى الخطوات الفاعلة لوضع حد لهذه المآسي الإنسانية وإعادة الحق إلى مساره، ودفع المجتمع الدولي إلى أن يتعامل مع قضايانا بجدية ومسؤولية وعدالة».

قصف مسجد ومستوصف في حلب

وتأتي هذه الإدانات في وقت لا تغيب فيه الطائرات الروسية وطائرات النظام السوري عن سماء حلب، تحصد قنابلها وصواريخها في إثر كل غارة المزيد من أرواح السوريين المدنيين.

وفي هذا الصدد، قال ناشطون سوريون، في تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن الطيران الروسي قصف، خلال الساعات القليلة الماضية، «مسجد أويس القرني» و«مستوصف المرجة» في حي السكري بحلب، وبثوا صورا للقصف، دون أن يذكروا اعداد الضحايا جراء هذا القصف.

رسالة من المعارضة السورية لمجلس الأمن

المعارضة السورية صعت من جانبها تحركاتها الدولية في سياق سعيها لوقف التصعيد صد المدنيين في حلب من قبل نظام «الأسد» وحلفائه.

وفي هذا السياق، بعث «رياض حجاب»، المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات»، التي تمثل المعارضة السورية في المفاوضات مع النظام السوري، التي جرت خلال الأيام الماضية في مدينة جنيف السويسرية، رسالة إلى رئيس «مجلس الأمن» الدولي المندوب الصيني الدائم،«ليو جيه يى»، أمس، قال فيها إن الهيئة «تعبر عن قلقها الشديد حيال انتهاكات نظام الأسد وحلفائه المتصاعدة لاتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا (دخل حيز التنفيذ في 27 فبراير/شباط الماضي)، ويقلقها كذلك صمت مجلس الأمن الذي يشجع نظام الأسد على التمادي في القتل والتدمير كما ونوعا، وارتكاب المجازر المروعة يوميا تحت غطاء روسيا الاتحادية، وبدعم من إيران والميلشيات الطائفية المتحالفة مع النظام».

وأضاف «حجاب»، فر رسالته، التي حصلت «الخليج الجديد» على نسخة منه، إن الهجمات العشوائية ضد المدنيين التي يرتكبها نظام الأسد وحلفاؤه تستحق من مجلس الأمن الإدانة بأشد العبارات، وكذلك التنديد بسياسة نظام الأسد وحلفائه المتعمدة لمنع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى الملايين من المدنيين في أنحاء البلاد».

وتابع أن «هذه الانتهاكات الممنهجة، التي تصل إلى مستوى جرائم حرب تكلف السوريين أرواحهم، وتعرض مفاوضات السلام في جنيف للخطر؛ مما يستوجب أن تٌواجه هذه الانتهاكات برد قوي وواضح من مجلس الأمن، المسؤول عن المحافظة عن الأمن والسلم الدوليين».

ولفت المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» في رسالته، أيضا، إلى أن «نظام الأسد وحلفائه صعدوا من هجماتهم العشوائية ضد المدنيين الأبرياء في الأسابيع الأخيرة؛ حيث قتل منذ بدء اتفاق وقف الأعمال العدائية أكثر من 810 مدنيين؛ وهذا يعني مقتل أكثر من 100 مدني أسبوعيا، وتتركز الهجمات بشكل خاص في حلب».

ومضى قائلا: «بالإضافة إلى الهجمات الوحشية، واصل نظام الأسد وحلفاؤه اتباع سياسة الحصار والتجويع للمدن والبلدات والقري، بل زادوا منها؛ حيث يعيش أكثر من مليون شخص تحت هذا الحصار».

وأكد أن «استهداف نظام الأسد وحلفائه للمدنيين من خلال الهجمات العشوائية وضرب الحصار على المدن والبلدات هو انتهاك مباشر لقرارات مجلس الأمن رقم 2268 (2016) و2258 (2015) 2254 (2015) و2139 (2014)؛ الأمر الذي يضع عقبات كبيرة أمام استئناف المفاوضات في جنيف، ويعرضها للخطر، ويجعل التوصل إلى حل مستدام للنزاع السوري أمرا مستحيلا».

وبناءً على ما سبق، طالب «حجاب»، عبر رسالته، مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بـ«حماية المدنيين من الهجمات العشوائية لنظام الأسد وحلفائه؛ إما عن طريق خطوات ملموسة لردع هذه الهجمات، أو عن طريق تزويد السوريين بالموارد اللازمة للدفاع عن أنفسهم».

كما طالبهم بـ«فك الحصار عن كل المدن والبلدات السورية، وتزويد الإغاثة الفورية لكل من يحتاجها، عن طريق الإنزال الجوي، وكافة الوسائل الممكنة الأخرى»، و«الإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيا في أنحاء سوريا».

حلب3

أيضا، طالب «حجاب» «مجلس الأمن» والدول الأعضاء في «الأمم المتحدة» بـ«وضع حد للإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب من خلال وضع عقوبات واضحة لأي انتهاك لاتفاق وقف الأعمال العدائية، وإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية».

هروب من استحقاقات الانتقال السياسي

من جهته، اعتبر رئيس «الائتلاف السوري» المعارض، «أنس العبدة»، أن التصعيد العسكري من قبل النظام في حلب،  ومناطق أخرى في سوريا، يأتي «هروباً من استحقاقات تتعلق بالانتقال السياسي»، حسب ما صرح لوكالة «الأناضول» أمس.

«العبدة» قال موضحا: «ربما بات النظام يعتقد أن هناك استحقاقات كبرى فيما يتعلق بالانتقال السياسي، وهو غير قادر عليها؛ لذا يقوم بعملية التفاف حول هذه الاستحقاقات، وبدعم من شريكين أساسيين هما روسيا وإيران».

وأضاف: “هذا جزء من سياسة النظام في السنوات الخمس الماضية، ولكن الغريب أنه يحصل في ظل ما يتحدث عنه المجتمع الدولي عن خطة لوقف إطلاق النار».

وكانت «الهيئة العليا للمفاوضات» أعلنت، يوم 18 أبريل/نيسان الجاري، تأجيل مشاركتها في جلسات المفاوضات غير المباشرة التي بدأت في 13 من الشهر نفسه بجنيف؛ احتجاجاً على التصعيد العسكري الذي تقوم به قوات «الأسد»، وتعرض الهدنة لخروقات، وعدم إحراز تقدم في ملف المعتقلين، وعدم الاستجابة لجوهر القرارات الدولية، مؤكدةً عدم العودة إلى جنيف في حال لم تحدث تغييرات على الأرض فيما يخص هذه الأمور.

نظام الصمت العالمى

وفي سياق الجهود الدولية لتحجيم تصاعد القتال في سوريا، وخاصة في حلب، على ما يبدو، نقلت وكالة «نوفوستي» الرسوية للأنباء عن مصدر دبلوماسي قوله إن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على تطبيق ما يٌعرف بـ«نظام الصمت» في سوريا اعتبارا من منتصف ليل الجمعة السبت.

المصدر أوضح أن النظام، الذي يعني وقفا شاملا للقتال، سيطبق لمدة 72 ساعة في اللاذقية والمناطق المحيطة بها، و24 ساعة في دمشق، وسيطبق في حلب، أيضا، (دون أن يوضح مدة تطبيقه). ونقلت الوكالة عن المصدر ذاته إن موسكو وواشنطن ستكونان ضامنتين للاتفاق، دون أن يوضح تفاصيل أخرى بشأنه.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، «بان كي مون، دعا، أمس، روسيا والولايات المتحدة إلى ممارسة الضغط على الأطراف المتحاربة في سوريا؛ لوقف القتال، وضمان إجراء تحقيق موثوق في الضربات الجوية التي دمرت مستشفى في حلب.

وقال «ستيفان دوغريك»، المتحدث باسم «كي مون»، في بيان، «بدلا من قصف المناطق المدنية على جميع الأطراف السورية توجيه تركيزها مجددا إلى العملية السياسية»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

الغوطة2

مشروع قرار لمجلس الأمن لمواجهة قصف المستشفيات

وفي تطور آخر متصل، قال مندوب نيوزيلندا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير «جيراراد فان بوهيمن»، إن «بلاده واليابان وأورغواي ومصر يعملون حاليًا على مشروع قرار لطرحه للتصويت في مجلس الأمن الدولي، الأسبوع المقبل، حول الهجمات العسكرية والغارات الجوية، التي تستهدف المستشفيات والمنشآت الطبية في سوريا واليمن وجنوب السودان»، حسب وكالة «الأناضول».

وأضاف السفير النيوزيلندي، في تصريحات للصحفيين، أمس الخميس، أمام قاعة مجلس الأمن بنيويورك: «نحن متفائلون بإمكانية التصويت على مشروع القرار الأسبوع المقبل، وهو مشروع قرار عام لا يتعلق فقط بالغارة الجوية الكارثية التي استهدفت إحدى المستشفيات في حلب (أمس)، وإنما محاولة لتسليط الضوء على قضية استهداف المنشآت الطبية خلال العمليات العسكرية».

وردًا على أسئلة الصحفيين بشأن موقف روسيا (التي تملك حق النقض في مجلس الأمن) لمشروع القرار، جدد فان «بوهيمن» تفاؤله قائلًا: «نحن متفائلون من التصويت، وصدور القرار الأسبوع المقبل، بإجماع أعضاء المجلس».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى