الأرشيفتحليلات أخبارية

تصعيد إعلامي من السعودية “آل سلمان” والإمارات والبحرين يهدد قمة “كامب ديفيد” المرتقبة

تقرير اعداد
فريق التحرير
«حل الأزمة الخليجية في الرياض وليس في مكان آخر».. «أزمة قطر تافهة أي وزير عندنا (في الحكومة السعودية) يستطيع أن يحل أزمتهم».. بهذه التصريحات شهدت الأزمة الخليجية تصعيدا إعلاميا كبيرا من دول حصار قطر، خلال الأسبوعين الماضيين.
تزامن ذلك مع إذاعة فضائية «الجزيرة»، وثائقي على حلقتين بعنوان «ما خفي أعظم» يتحدث عن تدخلات دول الحصار في محاولة الانقلاب بقطر عام 1996، وتحركاتهم لإحداث تفجيرات في البلاد، مع تدشين رئيس وزراء قطر السابق الشيخ «حمد بن جاسم» حسابه على «تويتر»، وإطلاق عدة تغريدات أثارت جدلا واسعا.
هذا التصعيد ينذر أن شيئا لن يحدث في حلحلة الأزمة المتفاقمة منذ أكثر من 9 أشهر، وأن القمة الأمريكية المرتقبة في مايو/أيار المقبل برعاية الرئيس «دونالد ترامب» لن تتم.
ويعيش الخليج منذ 5 يونيو/حزيران 2017، تصعيدا دبلوماسيا لم يشهده مجلس التعاون منذ إنشائه عام 1981، حين قررت السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، متهمين الدوحة بـ«دعم الإرهاب»، وهو ما تنفيه الأخيرة بشدة.
أما أمريكا التي اتهمت بإشعال فتيل هذه الأزمة خلال زيارة «ترامب» للسعودية في مايو/أيار الماضي، فتسعى حاليا لحل الأزمة، بعدما وجدت ضالتها ونجحت في تحقيق مكاسب بالجملة من خلالها، عبر اتفاقيات اقتصادية وعسكرية، وزيادة نفوذها بالمنطقة، بعد إخفاقات عدة لـ«ترامب» في عامه الأول على المستويات الداخلية والخارجية.
بيد أن هذا الحل، والذي تمثل في المراهنة على القمة الخليجية الأمريكية السنوية في كامب ديفيد في مايو/أيار المقبل، لإنهاء أزمة طال أمدها، اصطدمت مؤخرا بتصعيد إعلامي كبير، من الطرفين، ما يهدد بالتوصل إلى حل قريب.

القرار للسعودية
ملك البحرين «حمد بن عيسى آل خليفة»، قال خلال لقائه مبعوثي «ترامب» للخليج، إن «حل أزمة قطر في الرياض»، في إشارة اعتبرها مراقبون أن القرار في الأزمة للسعودية والحل عند المملكة.
وكان «ترامب» أوفد كلا من الجنرال الأمريكي المتقاعد «أنتوني زيني»، ونائب مساعد الوزير لشؤون الخليج العربي والشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية «تيموثي لندركنغ»، لبحث الأزمة الخليجية مع قادة الدول، حيث التقوا بالمسؤولين في الخليج، دون أن يصدر عنهم تعليق.
وتساءل العاهل البحريني، قائلا: «إنه منذ بداية الأزمة، لماذا لم يذهب أمير قطر إلى الرياض لشرح موقفه، وهذا واجب من الأخ الأصغر للأخ الأكبر حسب عاداتنا وشيمنا؟، ولماذا لم يطلب قوات درع الجزيرة لحفظ الأمن، وهذا من واجباتها الأساسية المتفق عليها في مجلس التعاون بدلا من دعوته لقوات من الخارج (في إشارة إلى تركيا)؟».
بعد حديث الملك البحريني بأيام، تحدث ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» في لقاء مع إعلاميين مصريين خلال زيارته الأخيرة لمصر عن الأزمة، وقال: «لا أشغل نفسي بها، وأقل من رتبة وزير من يتولى الملف، وعدد سكانها لا يساوي شارعا في مصر، وأي وزير عندنا يستطيع أن يحل أزمتهم».
وأضاف: «من يتولى الملف القطري هو زميل عزيز في الخارجية بالمرتبة 12، إضافة للمهام الموكلة له».
واعتبر أن الدول الأربع المحاصرة لقطر تتعامل مع الأزمة بالطريقة نفسها التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع كوبا، في إشارة إلى مقاطعة طويلة الأمد.
«ما خفي أعظم»
تزامن مع ذلك، بث فضائية «الجزيرة» من قطر، عملا استقصائيا، كشف معلومات مثيرة عن دور كل من الإمارات والبحرين والسعودية ومصر بالتخطيط لانقلاب في قطر عام 1996 على أميرها في ذلك الوقت الشيخ «حمد بن خليفة آل ثاني».
وكشف أن ذلك تم بإشراف مباشر من الأمير «سلطان بن عبدالعزيز» (وزير الداخلية السعودي آنذاك)، و«محمد بن زايد» (رئيس هيئة الأركان في الإمارات آنذاك)، و«حمد بن عيسى» (ولي العهد البحريني في تلك الفترة)، ومدير المخابرات المصري الراحل «عمر سليمان».
واعتمد البرنامج في تحقيقاته على وثائق رسمية، وعلى شهادات قادة المحاولة الانقلابية، ومحققين شاركوا بالتحقيق في هذا الملف، إضافة للسفير الأمريكي في الدوحة بتلك الفترة.
كما كشف الوثائقي، تورط ملك البحرين «حمد بن عيسى»، في التحريض والتمويل لعمليات تخريبية داخل قطر، حين كان وليا للعهد، وأن الدول الداعمة للانقلاب حاولت تصفية رموز السلطة في قطر وإعادة الأمير الراحل الشيخ «خليفة بن حمد»، إلى الحكم.
وكشف التحقيق قيام السلطات السعودية بتسليم القيادي في المحاولة الانقلابية «جابر المري»، أحد قادة المخابرات القطرية آنذاك، للدوحة بعد استدراجه من الإمارات إلى الرياض بناء على صفقة سياسية.
وأثار الفيلم عاصفة قوية من ردود الأفعال تجاوزت منطقة الخليج العربي؛ لما كشفه من معلومات ظلت طي الكتمان لأكثر من 22 عاما.
وربط أكاديميون وكتاب وسياسيون، بين الحصار المفروض حاليا على قطر، وما فضحه وثائقي «الجزيرة»
«بن جاسم» و«تويتر»
وتزامن ذلك أيضا مع تدشين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق الشيخ «حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني»، حسابا على «تويتر»، وإطلاق تغريدات واسعة، رافضا «الرد على أي إساءة»، مضيفا أن «الكل يعلم أن هناك جيوشا مجيشة من كل الأطراف، وهي للأسف سخرت لهدم الكيان الخليجي وزرع الفتنة وبث الأكاذيب».
وأثارت تغريدات «بن جاسم»، ردود أفعال واسعة على الصعيد الخليجي، ما دفع المستشار بالديوان الملكي «سعود القحطاني»، للرد على كل تغريداته مهاجما قطر.
قمة مهددة
هذا التصعيد المتبادل، يرد على سؤال «لماذا لم يصدر حتى الآن أي تأكيد رسمي عن إدارة البيت الأبيض، بشأن انعقاد قمة كامب ديفيد السنوية، وأجندتها؟»، ما يعني حسب مراقبين، أن القمة مهددة بالإلغاء.
سبب آخر، لإلغاء القمة، هو ما نقله مسؤولون أمريكيون في إدارة «ترامب»، حين كشفوا أن اللقاء لن يتم إلا إذا أحرز أعضاء مجلس التعاون تقدما في حل الأزمة، وإذا كانت كل من قطر والسعودية والإمارات والبحرين على الطريق الصحيح لوضع حد للخلافات التي أسفرت عن مقاطعة الدوحة.
وحسب ما نقله المسؤولون الأمريكيون، وآخرون مطلعون على الموقف، فإنه «بالرغم من أن البيت الأبيض يعلق آمالا على القمة، فهو يبلغ دول الخليج أنه لا مغزى من عقدها طالما ظلت الدول المتناحرة بعيدة عن مسار المحادثات».
وأضاف المسؤولون أنفسهم، أن «ثمة مخاوف أيضا من أن يؤدي عقد القمة والأزمة لا تزال مستعرة إلى مأساة يكون مردودها سيئا على مضيفها ترامب».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين آخرين أيضا أن «الولايات المتحدة طرحت مقترحا يقضي بأن تنهي دول الخليج الحصار الجوي المفروض على قطر، والذي حال دون هبوط الرحلات الجوية الخليجية في مطارات باقي الدول أو استخدام مجالها الجوي».
ولا توجد أي بوادر لتحقيق هذا الاقتراح، أو التحرك نحو «الطريق الصحيح لحل الأزمة»، حسب وصف المسؤولين الأمريكيين.
الكويت البديل
ووفق مراقبين، تفضل دول الحصار، الوساطة الكويتية «المتعثرة» على وساطة الولايات المتحدة، انطلاقا من رؤية لها بأنها القناة الأمثل لحل الأزمة وإزالة أسبابها والحد من تداعياتها المستقبلية.
وتصر الرياض على أن حل الأزمة الخليجية سيكون «داخل مجلس التعاون الخليجي وداخل المنطقة العربية» بحسب ما قاله وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» ردا على سؤال لشبكة «سي إن بي سي» الأمريكية حول احتمالات مناقشة الأزمة مع قطر، خلال زيارة ولي العهد «محمد بن سلمان» المقبلة إلى واشنطن في 19 مارس/آذار الجاري، معتبرا أن «توقيت حلها يتعلق بوقف الدوحة سلوكها السلبي».
وفي 3 مارس/آذار مارس الجاري، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات «أنور قرقاش» أن «خروج قطر من أزمتها حله خليجيا، وبوابته الرياض»، مخيرا الدوحة بين «قبول العزلة أو كف الأذى».
ويبدو أن دول الحصار، التي ستحضر قمة كامب ديفيد (إن أقيمت)، تحاول استباق القمة بحملة إعلامية تشدد على أن قرار حل الأزمة الخليجية ليس في واشنطن، إنما في الرياض والعواصم الثلاث الأخرى.
في المقابل، تقول الدوحة إنها مع الوساطة الكويتية، ولكنها تعول على الوساطة الأمريكية، بحسب ما جاء على لسان وزير خارجيتها الشيخ «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني»، حين أمد عدم وجود «مساع جدية الآن سوى مساعي الولايات المتحدة، لا سيما ما يرتبط بقمة كامب ديفيد التي لم تتم الدعوة إليها بعد».
ولكن المؤكد أن الأزمة الخليجية بعيدة عن الحل في المدى المنظور من دون تدخل أمريكي «ضاغط»، وهو ما سيتضح خلال الأسابيع المقبلة، خلال لقاء «ترامب» بزعماء الخليج كل على حدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى