آخر الأخبار

تقنية الـVAR في الجزائر ليست لكرة القدم فقط، مواطنون يستخدمونها لكشف تناقضات مرشحي الرئاسة

تُستخدم عادة تقنية الـ «VAR» في ملاعب كرة القدم، لمساعدة حكم الساحة على حسم القرارات بشأن المواقف الجدلية على بساط الساحرة المستديرة، عبر الرجوع إلى الفيديو المُسجل للمباراة.

لكن في الجزائر يستخدم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تقنية «حكم الفيديو المساعد» بطريقة مثيرة، حيث يرصدون بها ما يقولون إنها تصريحات متناقضة، أدلى بها المرشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة، المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري. 

فمع انطلاق الحملة الانتخابية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، برزت تقنية الـ «VAR» على مواقع التواصل بأسلوب طريف وساخر، في بلد أجبرت احتجاجاته الشعبية عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة من الرئاسة (1999 – 2019)، في 2 أبريل/نيسان الماضي.

يُسلط » VAR» نشطاء شبكات التواصل مثل «فيسبوك» و «توتير» و «يوتيوب» الضوء على المرشحين الخمسة للرئاسة وشخصيات أخرى، عبر رصد التطورات في تصريحاتهم ومواقفهم.

هؤلاء المرشحون هم: عز الدين ميهوبي، الذي تولى في يوليو/تموز الماضي الأمانة العامة بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، خلفاً لرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، الذي أودع السجن بتهم فساد.

إضافة إلى رئيسي الوزراء السابقين، علي بن فليس، الأمين العام لحزب طلائع الحريات، وعبدالمجيد تبون (مستقل)، وكذلك عبدالعزيز بلعيد، رئيس «جبهة المستقبل»، وعبدالقادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني (إسلامي).

على موقع يوتيوب نشرت قناة تدعى «شروحات برو ديزاد» فيديو للمرشح «تبون» بعنوان: (شاهد فضيحة تبون مسكه VAR: تزكية فرنسا ونقد فرنسا في وقت ترشحه لرئاسيات 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري).

يظهر الفيديو تناقضاً وقع فيه «تبون» خلال بعض لقاءاته مع قنوات تلفزيونية محلية حول العلاقات مع فرنسا، المستعمر للجزائر سابقاً خلال الفترة (1830-1962).

أما قناة «عوامر تيفي» فنشرت فيديو للمرشح «بن قرينة»، رئيس حركة البناء الوطني، وهو يقول: «لم أساند الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة».

يبرز الفيديو تأكيد أحمد الدان الأمين العام للحركة أن أربعة نواب (من أعضاء الحزب) صوتوا لصالح تعديل دستوري أجراه بوتفليقة في 2016 لتعزيز سلطاته.

يحكي «بن قرينة» في فيديو آخر، نشرته قناة «جزائر المستقبل» عن استقالته، وخروجه من منظومة بوتفليقة.

كذلك تم رصد «بن قرينة» في تصريح آخر، أعلن فيه أمام وسائل الإعلام المحلية دعمه لاستمرار بوتفليقة في الحكم لولاية رئاسية خامسة.

ناشط جزائري اسمه وليد علي، كتب تدوينة على «فيسبوك» أرفقها بفيديو قائلاً: «في عصر الـVAR  والهواتف الذكية اقلب كل الموازين وافضح الجميع».

يرصد هذا الفيديو تصريحين متناقضين للمرشح «بن فليس»، أحدهما في مؤتمر صحفي، في 21 أغسطس/آب الماضي، والثاني خلال تجمع شعبي له في تلمسان في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

قال «بن فليس» في الفيديو الأول: «المانع من المشاركة في الحوار مع السلطة هو رموز النظام، والعائق الأساسي (هو) بقاء الحكومة الحالية المؤقتة، بقيادة رئيس الوزراء، نور الدين بدوي».

بينما قال حسب الفيديو الثاني: «هذه الانتخابات الرئاسية مقبولة، وستكون مثالية في قادم الاستحقاقات».

تأتي مراقبة تصريحات المرشحين، في وقت يرفض فيه قطاع من الجزائريين إجراء الانتخابات في الوقت الراهن، ويطالبون أولاً برحيل بقية رموز نظام بوتفليقة، و «إلا فإن هذه الانتخابات ستعيد إنتاج النظام نفسه»، كما يقولون.

وهذا ما ترفضه أطراف أخرى، في مقدمتها المؤسسة العسكرية، حيث تحذر من مخاطر تأجيل الانتخابات، والذهاب إلى مرحلة انتقالية.

في ظل حراك شعبي متواصل منذ 22 فبراير/شباط الماضي، اجتاحت موجة تعليقات ساخرة وهزلية منصات التواصل عقب انتشار فيديوهات عن شخصيات سياسية ونواب ومواطنين عاديين دعمّوا بوتفليقة، وأصبحوا اليوم يؤيدون إجراء الانتخابات.

قال عبدالنور بوشيباني، وهو ناشط جزائري، إن «تقنية VAR أصبحت معياراً في إسبانيا، فضحت نادي ريال مدريد، في الجزائر ستفضح كل الذين سعوا للترشح لكرسي الرئاسة، يحسبون أنفسهم أبطالاً وهم لا شيء».

من جانبه، كتب سليم ألجي وهو ناشط أيضاً: «من يفتح فمه سينشر له كل أرشيفه، سليمان بخليلي (أحد الذين سحبوا استمارات الترشح للرئاسة الرئاسية) نُشرت له كل خواتمه» في إشارة إلى برنامج مسابقات تلفزيوني كان يقدمه ويمنح فيه خاتماً من ذهب للفائز.

رأى الطيب صياد، كاتب ومدون، أنه «ما زاد الحال ارتباكاً ووضوحاً في عصر المعلومة المتوفرة والمكثفة هو وسائط التواصل الاجتماعي، وتطور تقنيات الهاتف النقال في توثيق المشاهد والصوتيات التصريحات».

أضاف صياد، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن «كل من يتصدر للمسؤولية أو ينصب نفسه في الخدمات العمومية سيجد نفسه أمام سيل جارف من النقد اللاذع، خاصة بعد ارتفاع سقف حريات التعبير منذ بدء الحراك».

رأى صياد أنه حين «قُبلت ملفات الخمسة المغضوب عليهم في رئاسيات ديسمبر/كانون الأول الجاري، وجدوا أنفسهم أمام استعادة شبه كلية لمواقفهم وتصريحاتهم قبل وخلال الحراك»، وفق تعبيره.

كما تساءل قائلاً: «هل سيواجهونها بالإنكار (؟).. هذا سيزيدهم سقوطاً وينزع عنهم الشرعية أكثر، أم أنهم سيؤولون كلامهم أم سيعترفون ويناضلون لتوبة نصوح أمام شعب غاضب (؟)».

في ظل زخم الـVAR، أطلق الفنان الجزائري جليل باليرمو، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أغنية مصورة بعنوان «جيبوا الفار» (أحضروا الـVAR)، يتناول فيها الوضع السياسي، وينتقد الموالين للسلطة وأصحاب المال في الجزائر.

يقول باليرمو، في مقدمة أغنيته، التي حققت أكثر من مليون مشاهدة: «جيبوا الفار ونعاودوا من الزيرو وتبان la faute» (أحضروا الفار، ونعيد من الصفر، ويظهر الخطأ).

قبل أيام أيضاً أطلقت «نوميديا»، قناة جزائرية، خاصة برنامجاً تلفزيونياً يتضمن فقرة بعنوان «El VAR»، ترصد فيه مواقف محرجة وقع فيها المرشحون الخمسة للرئاسة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى