سيدتي

تقوّي ثقة الفتيات بأنفسهن وتزيد من مشاعرهم الإيجابية.. لماذا لا يزال العالم بحاجة لقصص الأميرات؟

في عام 2016، نشرت استنتاجات صريحة إلى حد كبير
في العلوم الاجتماعية
  تناقش تأثير أميرات ديزني في القوالب النمطية، وثقة الشخص في جسمه، والسلوك الاجتماعي
الإيجابي في الأطفال، وخلصت إلى أنَّ الفتيات المنخرطات بشدة في ثقافة الأميرات
غالباً ما يتعرضن للتنميط مع مرور الوقت. وعلى الرغم من يقيني بأنَّني قد أزعج بعض
الناس بنصيحتي، التي أوضحت فيها أنَّ ثقافة الأميرات، مثلها مثل غيرها من الأشياء،
يجب التعامل معها بقدر من الاعتدال؛ تلقيت ردات فعل عنيفة على نحوٍ غير مألوف. فبعد نشر تغطية إخبارية لهذا المقال، تلقيت إهانات فظيعة، ووصفت
بأنَّني أم غير كفء، وأخبروني بأنَّه يجب إقالتي فوراً من مؤسستي.

ومع أنَّني لا أدحض نتائج عملي السابق، دفعتني تلك التعليقات إلى
التأمل، والبحث، والتفكر في نفسي، وفي ما حولي. لماذا نكن كل هذه المشاعر والآراء
الحاسمة تجاه الأميرات؟ وهل ثقافة الأميرات ضارة أم نافعة؟ وهل يمكن أن تكون
الأميرات قدوة فعالة لفتياتنا؟

عندما سألت ابنتي البالغة من العمر 12 عاماً وصديقتها عما إن كان
العالم لا يزال بحاجة إلى الأميرات، فوجئت بجواب حاسم: “نعم!” على الرغم
من أنَّهما تجاوزتا مرحلة تلك الخيالات والأحلام، لكنَّهما لم تتمكنا من توضيح
سببٍ بعينه.

هذه المقالة هي محاولة لتوضيح رأيي في الجدل المثار حول الأميرات،
بين جانب معارض يزعم بأنَّ هناك جوانب من ثقافة الأميرات تخلق توقعات غير واقعية
للفتيات، وجانب مؤيد يعتقد بأنَّ هناك قيمة حقيقية تكمن في النظر بعمق إلى ما
يعنيه أن تكون الفتاة أميرة. أنا مثلاً، اسمي سارة، وهي كلمة عبرية تعني
“أميرة”، وكان لقبي في المدرسة الثانوية هو أميرة الأناناس، لذا، وبينما
أرى بعض ما تمثله بعض جوانب هذه الثقافة من إشكاليات، فأنا أؤمن إيماناً قوياً
بتقدير الذات، والإبداع، والإمكانات التي تجسدها الأميرات.

عند النظر عن كثب، يمكننا رؤية أنَّ تلك الثقافة لا تتعلق فحسب
بأسلوب الحياة الذي تتبناه الأميرة، بقدر ما تتعلق بعمق الشخصية، فهي تذكير جميل
بالقيمة المتأصلة داخل كل فتاة سواء كانت  أميرةً أم لا. في الرواية التي
ألفتها فرانسيس هودجسون بيرنت “الأميرة الصغيرة” (A Little
Princess)، نجت
سارة كرو من مآسيها ومشاقها العديدة حين تذكرت أنَّها “أميرة. كل الفتيات
أميرات، حتى لو لم يكنّ جميلات أو ذكيات أو صغيرات في السن. ما زلن أميرات”.
وسواء كن طفلات أو سيدات بالغات، يجب على جميع الإناث الإيمان بأنَّه بغض النظر عن
ظروفهن، دائماً ما ستكون لهن قيمة؛ وأنَّ القيمة الحقيقية للنفس تتجاوز المظهر أو
البيئة، بل هي متأصلة في أعماق الإنسان. ومهما كانت صعوبة ظروفنا، تشجعنا الأميرات
على تذكر قيمتنا الحقيقية.

اقضِ وقتاً طويلاً مع فتاة تبلغ من العمر أربع سنوات في الولايات
المتحدة، وغالباً ما ستلاحظ أنَّها تمارس أحد أنواع ألعاب الأميرات، سواء كانت
ألعاب التلبيس، أو تمثيل قصص الأميرات، أو قد تراها ممسكة بلعبة تنتمي لعالم
الأميرات. هذا النوع من ألعاب التظاهر (ويُسمى التمثيل الاجتماعي الدرامي) مهم
جداً للأطفال. وجد ليندزي، وكولويل أنَّ الأطفال المنخرطين بانتظام لعامٍ واحد فقط في ألعاب التمثيل
الاجتماعي الدرامي يحملون مشاعر أكثر إيجابية تجاه أقرانهم، ويحرزون تقدماً أكبر
في الفهم العاطفي والتنظيم العاطفي. بينما تشير الأبحاث إلى أنَّ تمثيل دور الأميرات على وجه التحديد يمكنه مساعدة الأطفال
على عيش تجربة ثرية، لأنَّهن يتعمقن ويضفن أبعاداً جديدة إلى شخصيات يألفنها
(أميرات ديزني مثلاً).

ووفقاً لنظرية الاستخدامات والإشباعات، يختار المستهلكون ما يريدون مشاهدته ومتابعته بناء على الاحتياجات
التي يحاولون تلبيتها. فبالإضافة إلى رغبتهم في عيش قصة خيالية، يتوق الأطفال إلى
أي فرصة تسمح لهم بالتواصل مع بعضهم. تساعد حكايات الأميرات التي يتلقاها الأطفال
في مرحلة الطفولة على استكشاف طرق جديدة يتواصلون بها مع أقرانهم عبر ألعاب
التظاهر.

تقدم ثقافة الأميرات أيضاً أمثلة على “النساء الحاكمات“، التي تُثبت للنساء والفتيات أنَّه يمكن لكل واحدة منهن أن
تكون بطلة قصتها الخاصة، وأنَّهن قادرات على القيادة بحكمة ونضج. بعبارةٍ أخرى،
الأميرات تحفز القدرات.

غالباً ما يفكر البالغون في ثقافة الأميرات تفكيراً سلبياً، إذ يرون
أنهن ممتلئات بشعور الاستحقاق، أو مهووسات بمظهرهن، أو ثريات، أو متكبرات. لكن في
مخيلة الأطفال، تشجعهن كلمة “أميرة” على التفكير في ما يمكن أن يكن
عليه. ربما لن ينقذن العالم، لكنَّهن سيدافعن عن قيمهن. وربما لا يتمتعن بقوامٍ
مثالي، لكنهن يطورن ثقتهن بنفسهن، لينظرن إلى ما هو أعمق من الظاهر. وصف أحد
إعلانات ديزني الأميرات بالصفات التالية: أحياناً شجاعة، وأحياناً خائفة، ومخلصة،
وجديرة بالثقة، وطيبة، وسخية. ثم يختتم بالمقطع الشعري التالي:

“أنا أميرة. أؤمن بأنَّ الرأفة تجعلني قوية،

الطيبة قوة، والأسرة هي أقوى رابط على الإطلاق.

سمعت أنَّني جميلة. وأعلم أنَّني قوية.

أنا أميرة. فليدم عهدي طويلاً”.

إذا كان هذا التعريف قادراً على تشجيع الفتيات والنساء على استعادة
حبهن للأميرات، فإنَّه بذلك متجاوز لأي صور نمطية قد تشمل مجرد ارتداء فستان حفلات
رائع، أو الزواج بأمير كامل يمتطي حصاناً. أعتقد أنَّ كل طفل يحمل بداخله طابعاً
ملكياً، والقدرة على تحقيق أي شيء يريده، ما لا يتمثل فقط في أن يصبح/تصبح أميراً
أو أميرة، بل في تحقيق أي شيء عظيم. تذكر أنَّ الأميرات يمثلن إمكانات داخلية قد
يكون السبب الأقوى وراء بقائهن قريبات من القلوب إلى الآن.

لا بد لي من الاعتراف بأنَّ الأميرات لا يزلن مهمات إلى يومنا هذا.
تنشأ المشكلة في ثقافة الأميرات عندما يغلب التطرف على الاعتدال. ومع أنَّها لا
تزال قريبة مننا، فنحن بحاجة إلى الاهتمام بما تعنيه ثقافة الأميرات لنا، وأن نكون
مستعدين للتحدث مع أطفالنا حول القوة الكامنة للأميرات، التي لا تنحصر فقط في
الفساتين الجميلة البراقة. هناك الكثير من الجوانب الإشكالية في ثقافة الأميرات،
مثل أجسادهن الممشوقة أكثر من اللازم، وخصرهن النحيل على نحو غير واقعي، لكنَّ
هنالك كذلك مُثلاً إيجابية أخرى يمكننا رؤيتها إذا أمعنا النظر حقاً، مثل الحق، والخير،
والقوة. 

– هذا الموضوع مترجم عن موقع Psychology Today الأمريكي

سارة كوين هي أستاذة في التنمية البشرية بكلية الحياة العائلية بجامعة برمنغهام يونغ الأمريكية. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى