الأرشيفتقارير وملفات إضافية

تمديد العقوبات على السودان”.. فضيحة بكل المقاييس لنظام السيسى ،والشارع المصرى يرفض موقف القاهرة

تشهدت العلاقات المصرية السودانية، تطورًا جديدًا إزاء مطالبة السودان رسميًا بتفسير موقفها في مجلس الأمن والداعي لإبقاء العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591، الأمر الذي يزيد من التوتر والمشاحنات السابقة حول قضايا خلافية؛ منها النزاع على مثلث حلايب الحدودي (جنوب شرق مصر)، وموقف الخرطوم الداعم لسد النهضة الإثيوبي الذي تعارضه القاهرة، مخافة تأثيره على حصتها من مياه نهر النيل.
ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية، عن وزير خارجية بلادها، إبراهيم غندور، قوله إن “السودان طلب رسميًا من مصر تفسيرًا للأمر الذي شذّ عن كل مواقف مصر السابقة طوال السنوات الماضية، حيث كان موقفها دائمًا الأكثر دعمًا للسودان في مجلس الأمن”.
وتابع: “بالنسبة لنا هذا موقف غريب، ونتمنى ألا يكون انعكاسًا لبعض الخلافات الطفيفة بين البلدين”.
نفي مصري
وفي المقابل، أوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في بيان الخميس، أن “اجتماعات لجان العقوبات الخاصة بالأوضاع في دارفور تقتصر على أعضاء مجلس الأمن فقط، ولم تناقش من قريب أو بعيد في اجتماعاتها الأخيرة (لم يحدد متى عُقدت) مسألة تمديد العقوبات على السودان”.
وألقى باللوم على السلطات السودانية، قائلًا: “كان من الأحرى أن يستقي الأشقاء السودانيون معلوماتهم بشأن المواقف المصرية من بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة بشكل مباشر، خاصة أن التنسيق بين البعثتين المصرية والسودانية قائم ومستمر بشكل دوري”.
وقال إن “مجلس الأمن قد أصدر بالفعل القرار 2340 في 8 فبراي الماضي بتمديد تلك العقوبات لمدة عام قادم، ومصر كانت من أكثر الدول التي قامت بدور فعال في اعتماد قرار متوازن يحافظ على المصالح العليا للشعب السوداني الشقيق”، في نفي “ضمني” لتأييدها تمديد العقوبات.
استفزاز الجيش السوداني
وكان وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض ابن عوف قد قال، في جلسة مغلقة بالبرلمان، الأربعاء الماضي، حول الأوضاع الأمنية في البلاد، إن “الجيش المصري يُمارس المضايقات والاستفزازت للقوات السودانية بمنطقة حلايب، ونحن نمارس ضبط النفس، في انتظار حل المشكلة سياسيًا بين الرئيسين البشير والسيسي”.
وعلى الرغم من مرور يومين على الاتهامات التي وجّهتها أرفع شخصية عسكرية في السودان إلى جيش الجارة الشمالية “الشقيقة” بأنه يمارس استفزازًا ومضايقات على الحدود، إلا أن القاهرة ما زالت تمارس تكتّمًا شديدًا حول هذا الموضوع، وترفض التعليق، سواء بنفي التهمة أو تأكيدها.
وتوجد في منطقة مثلث حلايب المتنازع عليها بين مصر والسودان، والذي يقع الآن تحت سيطرة الجانب المصري، قوّة من الجيش المصري قوامها “لواء مشاة ميكانيكي”، يضم كتيبتي “مشاة” وكتيبة “مدرعة”، كذلك توجد قاعدة جوية في منطقة “راس محمد”، القريبة، والواقعة على البحر الأحمر.
وجدّدت وزارة الخارجية السودانية، في أكتوبر الماضي، شكوى تبعية مثلث حلايب للسودان لدى مجلس الأمن الدولي.
وفي أبريل 2016 رفضت القاهرة طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول منطقة حلايب وشلاتين، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
ويتطلّب التحكيم الدولي أن تقبل الدولتان المتنازعتان باللجوء إليه، وهو الأمر الذي ترفضه مصر بشأن حلايب وشلاتين.
محاولة لإزالة الإحتقان
وفي سياق غير بعيد، أكد الوزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور في بيان، زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الخرطوم الخميس المقبل مترئسًا وفد بلاده في اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، و”اكتمال الاستعدادات من جانب السودان لهذه الاجتماعات المهمة”.
وكان شكري، قال في تصريحات الأربعاء، إنه يرتب لزيارة السودان الأسبوع المقبل؛ لعقد جولة حوار سياسي يتم خلالها إثارة جميع الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وإزالة أي “سوء فهم”.
وقال في اجتماع لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري، إنه كان يتطلّع إلى زيارة الخرطوم السبت الماضي، غير أن الظروف الجوية حالت دون ذلك، إذ ظلّ لأكثر من ساعة ينتظر وسط ركاب الطائرة قبل قرار قائد الطائرة إلغاء الرحلة، بسبب عدم وضوح الرؤية في الخرطوم، وهي أمور خارجة عن الإرادة.
ولفت إلى أنه، نظرًا لوجود ارتباطات لاحقة له ولنظيره السوداني، لم تكن هناك إمكانية لعقدها خلال اليومين التاليين لليوم الذي كان مقررًا من قبل.
اتهام قطر
وعلق السفير محمد الشاذلى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على التصعيد السودانى بقوله إنه جاء بعد تطور علاقات الخرطوم مع قطر، ويجب على مصر أن تكون لها وقفة حاسمة تجاه هذه التصريحات، ناصحًا سامح شكرى، وزير الخارجية، بعدم الذهاب إلى السودان، لأن الأخيرة تخطت كل الحدود تجاه القاهرة.
ويقول هانى رسلان، الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن التصريحات السودانية الأخيرة هى استمرار لحملة التصعيد ضد مصر، منذ فترة ليست بالقصيرة، والتى انخرط فيها مؤخرًا الرئيس السودانى بنفسه، عند افتتاحه أحد المصانع الغذائية بالمنطقة الشمالية، حيث تناول بطريقة غير مباشرة ما يتم ترويجه فى مواقع التواصل الاجتماعى من أن بعض السلع الغذائية المصدرة إلى السودان فاسدة.
ويضيف: «من اللافت للنظر أن عددا من السودانيين يتحدثون عن توغل إثيوبى فى منطقة الفشقة السودانية، التى يحتل فيها الإثيوبيون 2 مليون فدان من الأراضى الزراعية الخصبة، ولم يتحدث أحد فى الإعلام السودانى أو من خلال التصريحات الرسمية عن هذا الأمر، باستثناء الحديث عن أن هناك علاقات استراتيجية مع إثيوبيا»، موضحًا أنه من خلال ذلك يتضح أن توظيف قضية حلايب ليس إلا توظيفًا سياسيًا لتصعيد العداء مع مصر وتصويرها باعتبارها خصمًا.
الهدف إلهاء الشعب السودانى
ويرى اللواء ناجى شهود، الخبير العسكرى، أن المسؤولين السودانيين اعتادوا أن يوجهوا الشعب السودانى إلى المشاكل الخارجية ﻹلهائهم عن المشاكل الداخلية عندما يحدث قلق داخل السودان.
وانتقد الخبير العسكرى التصريحات المنسوبة لوزير الدفاع السودانى بأن مصر تمارس استفزازا للجيش السودانى على الحدود، مشيرًا إلى أن موضوع حلايب وشلاتين انتهى منذ عام 1991، ولذلك تحاول السودان إثارة المشاكل.
العقوبات الدولية
ومدد مجلس الأمن فى فبراير الماضي ولاية لجنة العقوبات الدولية بشأن إقليم دارفور لمدة عام تنتهي في 18 مارس 2018، وتجدد العقوبات سنويًا، وهي تتعلق بحظر بيع الأسلحة للسودان، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأقر مجلس الأمن عمل لجنة العقوبات المؤلفة من خبراء تابعين للأمم المتحدة، بالقرار رقم 1591 لعام 2005، ومنذ ذلك العام يمدد عملها دوريًا.
ونستعرض في ما يلي أبرز تواريخ العقوبات والإجراءات الأميركية التي طالت السودان منذ عام 1988 وحتى 2017:
1988: تعرض السودان لعقوبات أميركية بسبب تخلفه عن سداد الديون.
1993: واشنطن تدرج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ردا على استضافته زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عام 1991، قبل أن يغادر الخرطوم عام 1996، تحت وطأة ضغوط أميركية على السودان.
3 نوفمبر 1997: بقرار تنفيذي من الرئيس الأميركي بيل كلينتون، واشنطن تفرض عقوبات مالية وتجارية على السودان، تم بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية له، وألزمت الشركات الأميركية، والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع هذا البلد.
20 أغسطس 1998: سلاح الجو الأميركي وبأمر من الرئيس كلينتون يقصف ما قالت الخرطوم إنه مصنع للأدوية في العاصمة، مملوك لرجل أعمال سوداني، بحجة تصنيعه أسلحة كيميائية.
2001: عقب هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة الأميركية، طرأ تغيير في العلاقة بين البلدين، حيث أبرمت الخرطوم مع واشنطن اتفاق تعاون في محاربة الإرهاب.
غير أن الإجراءات الأميركية تواصلت ضد الخرطوم، لكن هذه المرة من خلال تشريعات أصدرها الكونغرس.
2002: صدر “قانون سلام السودان”، وربط العقوبات الأميركية بتقدم المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.
2006: فرض الكونغرس الأميركي عقوبات ضد “الأشخاص المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
– الرئيس الأميركي جورج بوش الابن يحظر ممتلكات عدد من الشركات والأفراد السودانيين، شملت 133 شركة وثلاثة أفراد.
13 أكتوبر 2006: الرئيس بوش يدعي أن سياسات حكومة السودان تهدد أمن وسلام وسياسة أميركا، خاصة سياسة السودان في مجال النفط.
نوفمبر 2012: الرئيس باراك أوباما يجدد العقوبات الأميركية المفروضة على السودان رغم إقراره بأن النظام السوداني حل خلافاته مع جنوب السودان، ويحذر من أن الصراعات في إقليم دارفور وغيره ما زالت تمثل عقبات خطيرة على طريق تطبيع العلاقات بين واشنطن والخرطوم.
17 فبراير 2015: إدارة الرئيس أوباما تعلن تخفيف العقوبات على السودان، بما يسمح للشركات الأميركية بتصدير أجهزة اتصالات شخصية، وبرمجيات تتيح للسودانيين الاتصال بالإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
نوفمبر 2016: إدارة أوباما تمدد لمدة عام عقوباتها المفروضة على الخرطوم، غير أنها أشارت إلى إمكان رفعها في حال حقق هذا البلد الأفريقي تقدما.
13يناير 2017: البيت الأبيض يعلن رفعا جزئيا لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم، ويقول إن ذلك نتيجة للتقدم الذي أحرزه السودان، لكن الإدارة الأميركية أبقت السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
يذكر أن تقارير أميركية كانت صدرت أشارت إلى تعاون السودان في مكافحة الإرهاب، منها تقرير لوزارة الخارجية عام 2006، وآخر للكونغرس عام 2009.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى